أمتي
أنعي إليك بدرك العظيم ..نعم ..
وفي
الليلة الظلماء يفتقد البدر
د.
منير محمد الغضبان*
أي والله يا أبا بدر تغادرنا ونحن
بأمس الحاجة إليك , وتمضي إلى
جوار ربك مؤثراً تلبية النداء
في اللحظة المناسبة والأجل
المحتوم الذي لا يقدم
ولايؤخر " فإذا جاء اجلهم
فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
" تطوي صفحة العمل الزاخر
بالخير إن شاء الله لتلقى وجه
ربك حيث الجزاء ولا عمل , عمر
مديد انتهى لا نملك بعد انتهائه
إلا تأدية الشهادة فيه ,
والمؤمنون شهود الله في أرضه .
وحين ندعى إلى الشهادة في الدنيا
, فلن تكون ابن وطنك الصغير
الكويت , إنما كنت ابن الوطن
الإسلامي كله .فكانت مجلة
المجتمع هي وجهك الآخر , فمن
اراد ان يعرفك فيكفي أن يتناول
عدداً – أي عدد من اعداد هذه
المجلة – ليرى فيها صورة العالم
الإسلامي كله من أقصاه إلى
اقصاه . وعلى سبيل المثال :
هذا عدد يحمل رقم 1377/15-21 شعبان عام
1999 السننة 30 ..
ماذا اقرأ على غلافه : المجتمع :
مجلة كل المسلمين في العالم
الإستراتيجية الأمريكية في
الشمال الأفريقي , قراءة جديدة
في كتاب التشريع الجنائي في
الإسلام , الدخول السياسي الأول
لملك المغرب , المجتمع ترصد
التطورات بعد 6 أسابيع من
الانقلاب , باكستان .
ونقرأ في هذا العدد : أحداث آتشيه
ومستقبل أندنو سيامي , الكنيسة
البروتستانتية بالنمسا تبدأ في
عقد الزيجات الشاذة , فوز
انتخابي كبير لحماس في الضفة ,
دمشق , متى يشرق وجهك الإسلامي ,
باحثون أمريكيون : الصلاة
والدعاء يساعدان على الشفاء
وحين ندخل في ثتايا العدد :
الرابطة تطالب البرلمان
الأوروبي بالاعتراف بالإسلام ,
الزلزال يعفي 100 ألف تركي من
التجنيد , الروس يدمرون المساجد
بعد دخول جود يرميس , أيها
الشيشانيون ليكن اعتمادكم على
الله .
هذا في السياسة أما في الفكر :
قضية القدس : شعر , الحداثيون لا
يبتغون تجديدا في الأشكال
والتجارب , الزم طريقك أيها
الداعية , الإيمان والمثل
العليا في حياة طالب الشهادة ,
خيرية المرأة تتحقق بست صفات ,
حقوق الطفل تبدأ قبل ولادته ,
قراءة في حصاد الفكر , حرية
الرأي والتفكير والتعبير , فقه
الاعتراض .
هاأنت ياسيدي أبا بدر أراك بعد
رحيلك تطل كل أسبوع منذ أربعين
عاماً تقريبا تحمل الأمة كلها
فكراً وسياسة وجهاداً على عاتقك
. فيحيا معك المسلمون في كل بقاع
الأرض فأنت إذن هي في نفوس الأمة
المسلمة كلها , منذ لحظة وفائك ,
أحسوا بك وعرفوا من أنت , حين
قالوا : ننعي إلى المسلمين
أبابدر .
ألا يحق لي أن أقول :أنك كنت بدر
الأمة , في هذه الأربعين سنة تطل
عليهم كل أسبوع , وتوقظ فيهم
عقيدة الإسلام , وعظمة الإسلام ,
وهموم المسلمين , وكما علمنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا مات المسلم انقطع عمله إلا
من ثلاث : صدقة جارية , أو علم
ينتفع به , أو ولد صالح يدعوا له .
وأنت
أغنى أغنياء الأرض في هذه
الثلاث بعد موتك , لن تغادرنا
لحظة واحدة إلا بجسدك , أما أنت
ففي (المجتمع) . الصدقة الجارية
التي لن تنقطع إن شاء الله ,
وأولادك الصالحين الذين نرفع
لهم أحر العزاء لآل أبي بدر
زوجاً وولداً وأهلاً ورحماً ,
وهؤلاء هم أصغر أسرة لأبي بدر .
لكن
المسلمين عامة , والدعاة خاصة هم
أبناؤك وأهلك وولدك , لقد كنت
لهم جميعاً , فلدى معظم الدعاة
على وجه البسيطة قصة معك , من
أقطار الأرض كلها يسمعون بأبي
بدر الكويت , وبأبي بدر المجتمع ,
وبأبي بدر الأمة , قد لايعرفون
اسمك , وهل البدر يحتاج إلى اسم
ليعرف ؟؟!
الأمة كلها ياسيدي أبابدر قد
فجعت قلوبها بوفاتك , فلم تكن
يوماً لنفسك ولم تكن يوماً
لذاتك , كنت لقومك إذا ادلهم
الخطب بقلبك ومالك وروحك
ومشاريعك , والأمة اليوم كلها
تدرك فقيدها العظيم , والأمة
اليوم كلها تعرف راحلها الخالد
بمآثره وأعماله , ما أظن أبدا من
يعرف مآثرك إلا الله جل جلاله ,
فكل من أوليته معروفاً علمه بما
يخصه , وكل الأسر الموزعة في
الأرض التي تتناول من مجرى نهرك
العظيم المتدفق لا تعرف بعضها
بعضا , ولكن تعرفك فقط , وكل
مشاريع الخير الموزعة ,تَوزُّع
مجلة المجتمع في القارات الخمس
تعرفك , ولا يعرفها أحد غيرك ,
ماذا أقول عنك ياعثمان اليوم ؟
إذا كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم المؤيد بالوحي يملك أن
يقول : ماضر عثمان مافعل بعد
اليوم , فنحن كل مانملك أن نقوله
: اللهم اجز عبدك أبا بدر
ماجازيت عبد عثمان ذي النورين ,
وإذا كان الأربعون من المسلمين
الصادقين يشفعون للعبد الصالح و
فعندك الملايين التي تلهج
بالثناء والدعاء لك بالمغفرة
والمثوبة وجوار الحبيب المصطفى
عليه الصلاة والسلام .
إنني يا سيدي أبا بدر , واحد من
ملايين الشهود , الذين يعرفون
جانباً ضئيلاً من جهاد المال
وجهاد النفس وجهاد الجاه الذي
قدمته لأمتك عامة , وقدمته
لإخوانك السوريين خاصة الذين
يحفظون لك أعظم الجميل في عنقهم
, وتعرضت حياتك للخطر , وتمت
محاولة تفجير مجلة المجتمع من
الحاقدين الموتورين أزلام
وأذناب الطغاة , فما لانت قناتك ,
ولا وهنت عزيمتك , ولا انثنى
جوادك , وبقيت تدعو إلى الله على
بصيرة .
وبقيت تمثل من خلال ربيبتك
المجتمع , الفكر المعتدل الناضج
الناصح الصارخ بالأمة : أنا
النذير العريان.
عن أي شيء أتحدث من جوانب شخصيتك
؟ عن فكرك وعقلك ؟ عن كرمك وجودك
؟ عن تواضعك وحسن خلقك ؟ عن
تفقدك لإخوانك ورعايتك لذي
الحاجة الملهوف ؟ ومالي اذكر
غيضا من فيض من جوانب شخصيتك
ومجالي عطمتك, وربك أعلم بك ,
وأنت قادم على رؤوف رحيم يقبل
التوبة عن عباده ويعفو عن
السيئات, ويقر عين عباده بقوله :
ط إن الله لا يظلم مثقال ذرة
وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من
لدنه أجراً عظيما"
اللهم اغفر لعبدك عبد الله بن علي
المطوع , وتقبله عندك في عليين
مع الأبرار والأنبياء
والصالحين , وحسن أولئك رفيقا ,
وأسبغ عليه شآبيب رحمتك إنك على
كل شيء قدير وبالإجابة جدير..والحمد
لله رب العالمين
*باحث
ثقافي إسلامي
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|