ومن
تكون أمك يا ميشيل ، عند رعاة
البقر ؟
د .
هشام الشامي
عزيزي الأستاذ
ميشيل كيلو فك الله أسره و أسر
جميع سجناء الرأي من سجون
مغتصبي وطني الحبيب شامستان ،،،
تحياتي ، و عزائي لك
- بداية - بوفاة والدتك الراحلة
000
استنكر الكثيرون
منع أجهزة الرعب و الخوف ( التي
تدعى سفاحاً بأجهزة الأمن ) في
أسدستان ، حضورك لجنازة والدتك
الراحلة التي شيّعتها مدينتك
التي أحببتها و أحبتك – عروس
الساحل السوري
لاذقية العرب - ، و لكني أظنك
مثلي لم تستغرب و لم تندهش و لم
تتفاجأ بمثل هذا التصرف العادي
جداً ، و الطبيعي جداً ، و
المنطقي جداً ، و الذي يتسق مع
تصرفات تلك الطغمة الحاكمة التي
ابتلينا بها نحن الشعب السوري
بكافة طوائفه و أعراقه و أجناسه
، فهذه الطغمة التي أسودت
قلوبها و ماتت عواطفها و لا
تتعامل مع البشر إلا بالحقد و
اللؤم و الكراهية و الدونية و
الظلم و الطغيان لا نأمل منها أن
تتصرف كالبشر بالتراحم و الأنس
و العاطفة أبداً ، فمن رضي أن
يعمل مع هكذا نظام يجب أن يميت
قلبه ، و يدفن إنسانيته ، و يئد
وجدانه ، و يقتل عواطفه ، و يهين
كرامته ، و يسحق شهامته ، و يحرق
نخوته ، و يدوس على شاربه و
رجولته ، و يضع قفاه على وجنته ؛
هكذا تاريخهم ، و حاضرهم و سائر
أحوالهم 0
إنهم ذئاب بأشكال
البشر ، يتلذذون بعذابات الناس
، ساديون و مرضى بكل أمراض النفس
الخبيثة ، لا يُأمل منهم خير ،و
لا يُرتجى منهم حسن ، و لم نعهد
منهم إلا المصائب و الشرور،
هدموا المدن فوق رؤوس ساكنيها ،
و قتّلوا البشر ، و شردوا
الملايين من أوطانهم ، و سجنوا و
عذبوا و أعدموا عشرات الآلاف ، و
قتلوا الأطفال أمام أبويهم ، و
الرضع على صدور أمهاتهم ، و
الأجنة في أحشائهن ، و مثلوا
بالمرضى و قطعوا أوصالهم و
دهسوهم بالدبابات و المجنزرات ،
و وضعوا رؤوس السجناء في ( ملازم
) الحديد و شدوا عليها حتى
تداخلت عظام الجماجم ، و خرجت
أدمغتهم خارجها و هم أحياء ، و
قطعوا أيادي و آذان الحرائر
ليحصلوا على المصاغ و المجوهرات
، و شقوا بطون الحوامل و حمّلوا
الأمهات أجنتهن بأيديهن ، ماذا
أقول لك يا سيدي ؟ ، و أنت تعرفهم
أكثر مني ، و قد خبرتهم بنفسك ، و
دخلت سجونهم المظلمة أيام المحن
و المآسي ( أيام ملك الغابة
المقبور) ، و ها أنت تُمتحن
ثانية ( أيام ملك الغابة الموتور
) 0
أسر لي أحدهم ، و هو
ممن خضعوا أوائل الثمانينات
لدورة المظليين ، من أجل أن
يستفيد منها و تفتح له أبواب
فروع الجامعات ، فيختار منها ما
يشاء و يحلو له ، و يسرق فرصة
مواطن شريف يستحق هذا المكان
بجهده و عرقه ، ( و كما كان يقال
في أوائل الثمانينات : أصبح دخول
كلية الطب ليس من أبوابها و إنما
بالسقوط عليها بالمظلات ) ، أسر
لي هذا الرفيق كيف كانوا
يربونهم ؟هناك في معسكرات ( و
التسمية الحق عصابات ) سرايا
الدفاع ، و مما قاله لي هذه
القصة القصيرة التي تبين كيف
كانوا يُميتون عواطف الشباب
تجاه أهلهم و شعبهم و وطنهم ، و
يجعلونهم عبيداً ليس إلا في
مزرعة آل الأسد و كهنة في معبدهم
0 قال لي هذا الرفيق المظلي :
أثناء اجتماعنا مع الرائد –
قائد السرية – استأذن أحد
الطلبة المظليين ، فلما أذن له
الرائد بالكلام ، خرج إليه من
بين الصفوف ، و أدى له التحية
العسكرية ، و وقف أمامه بحزن و
انكسار ، و طلب منه إجازة ليحضر
جنازة أمه في إحدى قرى اللاذقية
، التي وافتها المنية هذا
الصباح و قد أتصل أهله و أخبروه
بالفاجعة و طلبوا منه الحضور ، و
أبلغوه بأنهم سوف يرسلون برقية
رسمية لإبلاغ قيادة المعسكر حسب
الأصول المتبعة 0 ماذا كان جواب
الرفيق الرائد ؟ 0 يتابع زميلي
المظلي فيقول : فبينما نحن
متعاطفون مع رفيقنا المفجوع ، و
ننتظر من الرائد أن يتعاطف معه و
يسمح له بحضور جنازة والدته ،
فإذا به ما إن انتهى رفيقنا
المظلي من الكلام ، حتى صفعه
صفعة رأينا شررها يتطاير من
وجهه ، و هو يوجه له أبشع و أقذع
و أفحش كلام سمعناه في حياتنا ،
و لم يترك كلمة نابية و سيئة إلا
و وصف بها رفيقنا المظلي ، و مما
قال له ( بعد الفلترة طبعاً ) : يا
حقير يا كلب يا منيـ00 يا 00 يا 00
من هذه أمك ؟ إنشاء الله بيموت
أبوك و عيلتك كلها ، يا واطي 00
أبوك حافظ ، و أمك رفعت ، و ربك
رفعت ( و العياذ بالله ) و نبيك
رفعت ، وأهلك رفعت ، و وطنك رفعت
، مين ما مات يموت ، ما لازم تزعل
على أحد ولآ ، خلي قلبك حديد ، ما
لنا حد غير الرئيس و القائد ، ما
منعرف حد غير بو سليمان و بو
دريد ، ما بدي أسمع كلام حريم
تاني مره ، و الله استحوا البنات
المعكن يحكوا هيك حكي ، قرد
والله انقلع الله يقطعك من شجرة
، انقلع قبل ما امسح فيك أرض
المعسكر ، حاجي نغوجه ولاه ،
الله يلعنكن لسعكن أولاد ، و
الله لتصيروا رجال غصب عنكن 0
فعاد رفيقنا و هو
يبكي منهاراً ، فناداه الرائد :
تعال هون ولاه 0 فلم يسمعه ، فطلب
من مظليين أن يحضراه ، فأحضراه ،
فصرخ به : عاري الصدر ولاه ،
بالشورت يا منـ00 ، فلم يرد و وقف
أمامه حانياً رأسه و ظهره و بدا
عليه الانهيار ، فطلب من
رفيقتين مظليتين أن يخلعا
ملابسه ، فخلعتاها عنه ، ثم طلب
منهما أن يحضرا ماء و يصبانه فوق
رأسه ، ثم أمره : منبطحاً ولاه ،
فلم يرد ، فدفعه بيده بلؤم ،
فسقط على الأرض ، فداس على رأسه
بقوة ، و كان الرائد ضخماً
كالبغل ، فخرج الدم من أنفه و
وجنته ، ثم أمر زملائه أن يأخذوه
إلى الحلاق فيحلقوا له شعر رأسه
( رغم أنه قصير ) ثم يذهبوا به إلى
السجن 000
هذه قصة حقيقية من
قصص أسدستان ، و ليست من خيال
مخرجي أفلام هوليود و لا من قصص
المافيا ، و من يعرف سرايا
الدفاع ، و أشباههم من كلاب
السلطة الأسدية ، و يعرف نشأتهم
المشبوهة – كالأستاذ ميشيل
كيلو - لا يستغرب هذا الكلام ، و
لا تصرفاتهم الحيوانية البعيدة
عن كل ما يمت للإنسانية بصلة0
و قصة نشأة سرايا
الدفاع معروفة للجميع ، و خاصة
لأهلنا في جبال الساحل الطيبة ،
عندما كان القائد رفعت!! ، يرسل
عصاباته فيخطفون كل من تقع
أيديهم عليه في تلك القرى من
الأطفال و الفتية ، من عمر تسع
أو عشر سنوات إلى عمر عشرين سنة
، يخطفونهم دون علم أهلهم و
موافقتهم ، و يذهبون بهم
مخفورين إلى معسكرات السرايا
حول دمشق الحبيبة ، و يعزلونهم
عن أهلهم و جميع البشر ، و
يبدؤون بتدريبهم و غسل أدمغتهم
، و يربونهم على عبادة رفعت و
أخيه ، و عندما يتيقنون أنهم
أصبحوا عبيداً لسيدهم رفعت ، و
لم يعد لهم مكاناً خارج السرايا
، و أرتبط مصيرهم بها ، و
انخلعوا من أهلهم و قراهم و
مدارسهم ، عندها فقط يسمح لهم
بزيارة أهلهم إذا شاءوا ، و ربما
لم يعودوا بحاجة إلى أهلهم بعد
أن أصبحوا خارج نطاق الإنسانية
و البشرية 0
هذا فيض من غيض
جرائم العصابات التي ابتلانا
الله بها ، و أستاذي العزيز
ميشيل يعرف أكثر من هذا بكثير ،
و لذلك لم يكن غريباً عليهم أن
يمنعوه من نظرة وداع لأمه
الراحلة ، بعد أن منعوا حتى
الهواء عن أمته و وطنه 0
نعم عزيزي ميشيل :
لا يلام الذئب في عدوانه ** إن
يكُ الراعي عدو الغنمِ
و كما قال شوقي
أيضاً :
مخطئ من ظن يوماً ** أنّ للثعلب
دينا 0
و أخيراً ، كم نحن
بحاجة إلى (أطنان) رجال من
أمثالك يا أستاذي العزيز ( كيلو )
؟، و تقبل وافر تحياتي ،،
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|