ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 09/09/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

في حالتنا السورية:

مازالت البوصلة مفقودة من جانب النظام وبعض أطراف المعارضة

بقلم : دلبرين العفريني

لقد  أريد للحرب اللبنانية ـ الصهيونية التي استمرت ثلاثة وثلاثين يوماً،ولم تُحسَمْ لصالح أيِّ طرف خاضها، أن تخلط الأوراق في منطقة الشرق الأوسط وتقلب التوازنات والأولويات،وتطوي ملفات وتفتح أخرى،ولكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث،ففور انتهاء تلك الحرب قفزت إلى الواجهة مرةً أخرى قضيةُ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري واللجنة الدولية التي تشكّلت للتحقيق في الجريمة وتقديم الجناة للعدالة،هذه القضية التي يُرجَّح أن تطيح بنظام طالما جلس لأكثر من ربع قرن على صدر لبنان وكتم أنفاسه،وهو المتّهم الوحيد حتى الآن بارتكاب جريمة الاغتيال  وصاحب المصلحة في ذلك، ولأنه يملك رصيداً ضخماً من هذه الأعمال وصاحب سوابق تفوق الحصر،وينتظر أن يسفر التحقيق عن تقديم رؤوس سورية كبيرةٍ بدْءاً من بشّار "الأسد الصغير" مروراً بآصف شوكت وجامع جامع ورستم غزالة وانتهاءً بأزلام أو أدوات صغار،وتجعل مصير سورية "على كفّ عفريت"،أو في مهبِّ الريح ـ لاسمح الله تعالى.

بالرغم من ذلك كلِّه فإنَّ الســــياســـــات الخرقاء وتجاهل المطلب الشعبي في ضرورة الإصلاح وتقوية الجبهة الداخلية والضرب بيدٍ من حديد على الفساد وأهله...سيّدة الموقف لدى الفئة الحاكمة في سورية،بل مازال انعدامُ الحسّ الــديني والوطني،  والافتقار إلى بُعد النظر، وموتُ الضمير وفقدانُ الشـعور بالمسـؤولية القومية والتاريخية وإضاعةُ البوصلة التي تحدد الاتجاهات وطريق الســير،هي التي تحكم السياسات الداخلية للنظام الحاكم في دمشق.

إنّ كلّ العقلاء من السوريين عرباً وكرداً وغيرهم مجمِعون على أن سـفينة الوطن السوريِّ الآنَ في وسط بحر عميق تتقاذفها الأمواج العاتية من كل جانب ، وتتهددها الأعاصــير والعواصـــف الهــوج من كل ناحــية وفي كل لحظة ، وتتربص أســـماك القرش بركاب الســفينة،لكنّ ربّان السفينة مازال " راكباً رأسه" ، متجاهلاً دعوات الـتـحــذيـر التي يطلقها المخلصـون بضرورة أن لا يحدِث هذا الربان المستبدّ غير المقدِّر لعواقب الأمور الخرقَ في السفينة أو يوسع الخرقَ الموجود فيها لكنْ دون جدوى!!بل يطالبونه لاترامياً منهم على أعتابه، ولاضعفاً وخَوَراً منهم، بل شعوراً بالمسؤولية التاريخية الملقاة على كواهلهم،يطالبونه بضـرورة إصــلاح البيت السوري من الداخل وإعادة ترتيبه بما يتناســب ومتطلبات المرحلة واسـتحقاقاتها والظروف الـمـحلية والإقــلــيمية والدولية المحيطة بها،وإلا هل ثمة عاقل يشك في أحقية المواطن السوري في التمتّع بالحرية والديمقراطية والأمن والأمان وفي أن يسود القانون العادل، وينتهي الحكم بقانون الطوارىء والأحكام العرفية، وأن تبيّض السجون والمعتقلات ويكشف عن مصير آلاف المفقودين منذ عقود في أقبيتها،من المواطنين السوريين واللبنانيين والفلسطينيين والأردنيين وغيرهم،وأن يعود الحق الذي سلبه نظام البعث من المواطنين الكرد السوريين إليهم، فيتمتّعوا بحقوق المواطنة الكاملة، في ظل قانون يضمن العدل والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع ،وينهي هيمنة حزب أو طائفة على مقدرات البلد بأكملها،ويضمن كذلك الحرية السياسية والتعددية والانتقال السلميّ للسلطة والخضوع لما تفرزه صناديق الاقتراع في جوٍّ حرٍّ ديمقراطيٍّ نزيه،لا أثر فيه للإرهاب المنظم والظلم وكتم الأنفاس والنظر إلى العالم الفسيح بمنظار الحزبية الضيقة أو الطائفية المرفوضة بكل أشكالها وصورها.

وسط هذه الأجواء التي لاتبعث على التفاؤل أو استجابة الربان للأصوات المخلصة مازال ركاب في جدلهم البيزنطي العقيم،  بل وصل  التفكير ببعضهم إلى تفجير الســفينة طالما أن المصير مجهول والربان على عناده واســـتبداده وتفرّده باتخاذ الـقرارات المفصلية ، فلعل الحياة بين أسنان القرش وفي جوفه تكون أفضل وأرغد!!!

هذه السياسات الرعناء الخرقاء من طرف النظام الحاكم  تقابلها سياساتٌ مثلُها من قبل بعض المتضررين منها ، على وفق مبدأ " لكل فعلٍ ردُّ فعلٍ يكافؤه في القوة و يعاكسه قي الاتجـاه " .

    نسوق هذه المقدمة بين يدي نفر من أبناء شعبنا الذين يطبّلون هذه الأيام ويزمّرون لأنباء تتحدّث عن إمكانية التغيير في الوضع السوري بتدخّل خارجيٍّ على غرار ما جرى في العراق،وإنْ يزعم أصحابُ هذا الرأي أنّ "تحرير سورية يجب أن يكون سلميّاً،أي أن يصار إلى تحاشي الأخطاء التي وقعت في العراق.كيف؟ لا نعلم!!من يضمن التحكّم في الزلزال ـ إن وقع ـ أو في انهيار السدّ ـ إن حصل ؟لا أحد يزعم أنه يملك الإجابة.إذن لمَ التطبيل والتزمير؟

          أيها السادة المحترمون:

أولا : إن الإدارة الأمريكية لها أجندتها الخاصة بها في سـورية وعموم منطقة الشرق الأوسط تختلف عن أجندة شـعوب هذه المنطقة ودولها ، وهي عندما تقرر تغيير نظام الحكم في دمشـق ، أو غيرها ، لا تنتظر طلباً بذلك ولارأياً من أحد كائناً من كان،  و إذا اتصلت هذه الإدارة بأشخاص أو هيئات فمن باب اتِّخاذهم أدوات أو أحجاراً على رقعة الشـطرنج السوريِّ في يد اللاعب الأمريكي ؟ فهل هذاما يريدونه ؟ وهل هذا تشريف وتكريم لهم ؟.

      ثانيا : إن الشـــعب السوريَّ المغلوب على أمره لا ينسى أن أمريكا هي التي ثبّتت أركان نظام حافظ أسد وابنه بشار،لقاء الخدمات الجلّى التي قدّماها لها، من تسليم الجولان للعدو الصهيونيّ واستخدام العنف الثوريّ ضد المعارضة السورية بكل أطيافها، وتصفية الحركة الوطنية اللبنانية و المنظمات الفلسطينية في لبنان،وتزويد المخابرات المركزية الأمريكية بأكثر من 35ألف وثيقة،زعم بشار أنها لمنظمات إرهابية كالقاعدة وغيرها،وقد تبين للأمريكان أنها للمعارضة السورية،أو لأشخاص قد قضوا في أقبية السجون الأسدية منذ زمن بعيد،وأيضاً كان عرض بشارالمتكرر خبرته على الإدارة الأمريكية في مكافحة الإرهاب،دون أن يلقى عرضه الآذان الصاغية، لأن من يعرض بشار خدماته عليهم يعرفونه أنه راعي الإرهاب الأول بامتياز،وآخر جرائمه الإرهابية اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق،والشيخ الكردي السوري المعتدل معشوق الخزنوي،وجبران التويني وسمير القصير وغيرهم وغيرهم.

ثالثاً : أما الشعب الكرديُّ بصفة عامة، وبضمنه الشعب الكردي في سورية،فإنّ له تجارب سـابقة طويلة ومريرة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة؛ أليسـت أمريكا وكيســنجرها هي المسـؤولة عن انهيار ثورة البارزاني أواسط سبعينيات القرن العشرين ؟ أليست أمريكا هي المسؤولة عن اعتقال عبدالله أوج آلان الزعيم الكردي البارز،بغض النظر عن رأينا في أسلوب عمله ؟ أليسـت أمريكا هي المســؤولة عن الحصار المزدوج الذي كان مفروضا على كردســــــتان العراق طوال الفترة الممتدة بين 1991 و 2003 ؛ حصار صدام حسين من جهة ، وحصار أمريكا المغلَّف بالشرعية الدولية من جهة ثانية ، وقد قاسى الكرد الأمرّين من جرائه ؟ ألسـيت أمريكا هي التي زودت نظام صدام بالســلاح الكيماوي الذي اســتخدمه ضد كرد العراق، ولم تثِرْ ضـده هـــذه القضية إلا بعد أن استنفدت أغراضَها منه  ؟ أليس هؤلاء الكرد إخوانكم ،والظروف التي يعيشونها لا تقلّ مأساوية عن ظروف إخوانهم في سورية ؟ كم من اللدغات يجب أن ينالها الشعب الكردي ـ من الجُحْر الأمريكي يا تُرى ليتّعظ؟ وكم من الـطعــنات يجب أن تصـــيبه في الكبد بالخنجر الأمريكي الغادر ليحسّ من يتصدّر الزعامة فيه ويزعم أنه الناطق باسمه؟.

      رابعاً : إن التعـايش بين أبناء هذه المنطقة مسلمين ونصارى قدر محتوم ،كرداً وعرباً وتركاً وفرســـاً وقومياتٍ أخرى ، فلماذا هذا الســعيُ المحمومُ نحو حفر خنادق عميقة عريضة بين هذه الشعوب ، بحيث يصعـب رَدْمُها مســـتقبلاً بهذه التصـرفات المفتقرة إلى الشعور بالمسؤولية، ودون الالتفات إلى حكم التاريخ والأجيال عليها بالصواب أو الخطأ القاتل ؟

       إن المســلمين,كرداً وعرباً وتركاً وفرسـاً وغـيرهم,يمكن أن يتفهّمــوا معاناة الكرد ومـطالبهم العادلة في ضرورة تمتّعهم بحقوقهم السياسية والثقافية والاجتماعية وغيرها فيتعاطفوا معها , وينضموا إلى المطالبين بها تحت مظلّة الوطنية ووحدة البلاد, ولكنهم غيرُ قادرين -  والحق معهم- أن يفهموا استبشار بعض العرب أو الكرد في اســتقدام الاسـتعمار الأمريكي والغربي إلى بلادنا !! فلمصلحة مَن اتباعُ سياسةِ حرق المراكب، أو "أنا ومن بعدي الطوفان "؟ ألا يعلمون أن الطوفان- إنْ حدث لا سمح الله - سيكونون أولى ضحاياه , لأنهم أضعفُ الحلقات ؟ هل يظنـون  أن حياتنا أو حياتهم مع أمريكا التي تبعد عنهم آلاف الأميال ـ وهي في طريقها إلى الزوال ـ أم مع شـعـوب المنطقة  التي نشترك  مـعـها في السّرّاء والضّرّاء والدين والتاريخ المشترك والعادات والآمال والآلام ؟

    ألا فلْيعلَمْ أولئك الذين يطبِّلون ويزمّرون لمجيء أمريكا أو غيرها من دول الاستعمار إلى هذه البلاد أنَّ ما يزرعونه اليوم سيحصده أبناوهم غداً ، فليزرعوا العنبَ ليحصدوه ، هل يعجبهم أن يحصدوا العداوة والبغضاء والانتقام المضـادّ ؟ ما ذنبهم ليدفعوا ضريبة سياسات آبائهم غير الحكيمة ؟.

      خامساً : ونحن إذ نبدي ملاحظاتنا هذه فإن قـلـوبنا تعتصـر ألـماً وحُـرقـةً ِلما آلت إليه أوضاعُ الكرد والعرب والمواطنين بعامّة في ســورية . ويزداد ألمُنا عندما نرى فــئــةً لا تُعــدّ على أصابـع اليد الواحدة  تتصدَّر الأحداث والمنابر ، وتســمح لنفســها بأن تنطق باســم الملايين وتقرر مستقبلها وحياة أجيالها ، وأي حياة ؟ حياة المســتجــيـر من الرمضاء بالنار  ، والملايين صـــامــتة لا تعرف ما يدور في الكواليس ، ولا رأيَ لها فيما يُبحَث خلف الستور الكثيفة والأبواب المغلقة .

       إننا إذ نقول كلَّ هذا ، فإننا في الوقت نفــســـه  لا ننسى الســبب الأساس الذي دفع بهؤلاء إلى الارتماء في أحضان أولئك ، ذلك السبب المتمثلُ في العقلية الشوفينية العنصرية الإلغائية التي تحكم تصرفاتِ الفئةَ الحاكمةَ في دمشـــق ، تجاه مواطنيها بعامّةٍ والكردِ بخاصّة ، منذ ما يزيد على أربعة عقود ،  ويحكم بالإعدام على مجرد الانتماء السـياسي والفكري منذ عام 1980 ، ويحرم المواطنين الكرد من حق التعليم والتوظيف والتملك والســـفر والحصول على الوثائــق وبـــيانات الولادة ، كما يحرّم عليهم اســـتخدام لغتهم في التعلم والإعلام والتخاطب والمراســـلة ...الخ .أي صنف من البشر هذه الفئةُ الحاكمة ؟ إن الكردي البسـيط الذي يعيش وسط هذه المأساة العامة المزمِنة يرى نفسه مدفوعاً  للتحالف مع (الشــيطان) الذي لن يكون أســوأ من هذه الـطغمة!!. وبالرغم من ذلك كله فإننا لا نعـذر أولئك الذين يعملون للاستعانة  بالخارج ويحرِّضونه لإعادة ترتيب البيت السوري ،فإن الجراح العميقة التي ســـتخلّفها مثلُ هذه الأفعال لن تندمِل بسهولة ، وربما لن تنمحي من ذاكرة الوطن والشـعـب قبل مُضِيِّ قرون ، فما زال الـناس يـذكرون ابنَ الـعـلـقـمِـيِّ باللـعـنــات كـلما ذكروا الغـزوَ المغـوليَّ لــبغـداد .فهل فكّر المهللون والمطبِّلون للتدخل الخارجي بهذه التداعيات والنتائج، وهم يَسْتجْدون العم سام وعصاه الغليظة ؟ وهل تعود هذه الفئة إلى رشدها وتستعين بالبوصلة الوطنية لتحديد اتجاه سيرها ؟ إنّ الوقتَ لم يَفُتْ ، وإنّ الوطنَ مازال ينتظر عودةَ أبنائه البررة إلى أحضانه.وإنّ المخلصين المؤمنين بضرورة أن يكون التغيير بيد السوريين يمدّون أيديهم بإخلاص إلى كل من يوافقهم الرأي،والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ