المشروع
الوطني السوري..
في
مواجهة المشروعات الإمبراطورية
المتنافسة.
عبد
الله القحطاني
1-
المشروع السوري المقصود هنا ،
هو مشروع المعارضة السورية
تحديداً ( فقد انحاز النظام
الحاكم في سورية إلى المشروع
الإيراني الفارسي، وصار جزءاً
منه ، وأداة من أدواته في
المنطقة العربية ! فلم ييقَ
للنظام السوري مشروع قائم بنفسه
ـ هذا إذا كان له في الأصل ،
مشروع وطني عامّ ـ وليس مشتركاً
مع شعبه في مشروع وطني محدّد).
2- المشروع الوطني السوري هو
مشروع (جبهة الخلاص الوطني)
المتقاطع مع مشروع (إعلان دمشق)
والمتمّم له،والذي يهدف إلى
تغيير الحكم القمعي العائلي
الفاسد.
3-
المشروع الصهيوأمريكي ، هو
المشروع الاستعماري المعروف ،
الرامي إلى إخضاع المنطقة
العربية برمّتها ، للهيمنة
الإسرائيلية . وقد فُصّـلت له
أسماء عدّة مثل : ( الشرق الأوسط
الجديد .. الشرق الأوسط الكبير!).
4- المشروع الإيراني الفارسي ـ
وقد بدأت أبعاده بالتبلور
والوضوح ـ هو مشروع يتناقض مع
المشروع الصهيوأمريكي ـ في
الظاهرـ ويتصارع معه في الهيمنة
على المنطقة العربية ، ويتقاطع
معه في السعي إلى طمس معالم
الأمة العربية، وحضارتها
وثقافتها، وكل ما يمكن أن تطرحه
لنفسها من مشروعات .. حاضراً
ومستقبلاً !
5- لكل مشروع من هذه المشروعات
وسائله وأساليبه وأنصاره.
6- موازين القوى تختلف بين هذه
المشروعات :
· المشروع
الصهيوأمريكي ، يملك قوى مادية
هائلة ، وقوة نفوذ واسع في
المنطقة ، وفي العالم .
· المشروع الإيراني
الفارسي ، يملك قوة دولة غنية ،
ذات طموح إمبراطوري عنيف ،
يتّخذ من التمدّد المذهبي وسيلة
فعالة في توسعه وهيمنته . ويَعدّ
كلّ فرد مؤمن بالمذهب ، جندياً
عاملاً، في خدمة المشروع
الإمبراطوري الفارسي ، في أية
بقعة من العالم، ولاسيما في
المنطقة العربية والإسلامية!
·
المشروع الوطني السوري ، هو
مشروع شعبي معارض في بلاده
للمشروعين السابقين . وهو يعوّل
في حركته أساساً ،على أبناء
الشعب السوري . ولا يملك من
القوى المادية ، الداخلية
والخارجية، إلاّ ما يمكن أن
يقدمه له شعبه ، والقوى الحيّة
من الدول والشعوب التي تخشى على
نفسها من تهديد المشروعين
السابقين . إذ هو المجسّد الوحيد
في سورية، لمشروع النهضة
العربية ، بمفهومها العريق
الأصيل، وحضارتها السامية ،
وآفاقها الرحبة. وهو بالتالي،
يتقاطع مع كل مشروع عربي
أصيل ، لأيّة دولة عربية تريد
المحافظة على سيادتها
واستقلالها ونموّها وازدهارها.كما
يتقاطع مع كل مشروع يطرحه أي حزب
عربي ، يطمح إلى سيادة أمته
وحريتها ونهضتها واستقلالها.
7- السباق بين المشروعات الثلاثة في سورية
، قائم على قدم وساق . فسقوطها
التامّ في براثن أحد المشروعين
الإمبراطوريين ، يعني انهيار
جدار آخر من جدران البيت العربي
الأصيل العريق ، ويمهد لانهيار
جدران جديدة ، تحت ضربات أحد
المشروعين التوسعيّين الغريبين
.. ولاسيّما أن النظام الحاكم في
دمشق ، أباح سورية كلها ، لسدَنة
المشروع الإيراني ، ويأتي في
مقدّمة ذلك ، التمدّد المذهبي
الفارسي، وبناء المؤسسات التي
تخدمه ، في كل محافظة من محافظات
البلاد..! ( مع التذكير بأن
التنوع المذهبي ، هو سمة بارزة
من سمات المجتمع السوري ، ضمن
الإطار الوطني . والمذهبية
الوطنية مصونة في المجتمع
السوري التعددي . إنما الشاذّ
الخطير، المرفوض بشكل قاطع ، هو
المذهبية الوافدة ، المفروضة
بقوة النظام الطائفي الحاكم،
والتي تهدد الدولة برمّتها ،
والمجتمع بأسره ، بالانهيار
التام ، نتيجة
للصراعات الشاذة المدمّرة ،
التي لا تبقي ولا تذر، إذا استمر
هذا العبث الرهيب ، بعقائد
الناس وأفكارهم ، ومصائر
أجيالهم ، في سورية الأبيّة
المبتلاة الصابرة ! ولا يغيب عن
ذهن عاقل ، أن ما يجري في العراق
اليوم، من ويلات ومآسٍ طائفية ،
لم يكن إلاّ بسبب المذهبية
الوافدة التي فُرضت عليه فرضاً
، بعد أن عاشت المذاهب فيه قرابة
ألف وثلاثمئة عام ، دون أن يحصل
فيه شيء ممّا هو حاصل اليوم ، من
استباحة للدماء وهدر للحياة
الإنسانية !) . هذا، مع أن
المشروع الصهيوأمريكي، ما يزال
يرى في النظام السوري الحالي ،
أفضل منفّذ لمخططاته ، داخل
سورية وفي المنطقة كلها ! لذا
يصرّح قادة إسرائيل علناً ، بأن
النظام الحاكم في سورية ، هو
عنصر ضروري للأمن القومي
الإسرائيلي ! وذلك برغم كل ما
يرفعه هذا النظام ، من شعارات
الصمود والتصدّي والممانعة ، في
وجه المخططات الإسرائيلية !
وهنا تقاطَع المشروعان:
الإيراني والصهيوأمريكي ، في
دعم النظام السوري وحمايته..!
ولم يَبق من يتصدّى للمشروعين
معاً داخل سورية ، سوى المشروع
الوطني السوري الذي تحمله
المعارضة ، التي تمثل اليوم ،
الحارس الوحيد في سورية ،
لمستقبل سورية ، الذي هو جزء من
مستقبل الأمة العربية ..
حتى يأذن الله لهذه الأمة،
حكاماً وشعوباً ، بأن تعِدّ
لنفسها مشروعاً نهضوياً حياً
طموحاً، تتجاوز فيه (نصاب
البقاء!) ، إلى مستوى المبادرة
الجريئة الفاعلة ، المكافئة
لقدْر الأمة ، وحجمها ، وقواها
الهائلة الكامنة في أعماقها(البشرية
، والثقافية ، والمادية ،
والجغرافية، والحضارية)! فإنها
بعد حفظ (نصاب البقاء) ، ليس
أمامها سوى أحد طريقين :
المبادرة القوية الجريئة ،
لإثبات وجودها بين الأمم الحيّة
! أو الخضوع لسنّة الاستبدال ،
كما قال الله عزّ وجلّ ( وإنْ
تتولّوا يَستبدلْ قوماً غيركمْ
ثمّ لا يكونوا أمثالَكمْ ).
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|