ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 11/09/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ القضية الكردية

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

كثير من العلويين بريء من نظام الأسـد

الدكتور : خالد الأحمــد*

في سوريا عدة اسطوانات يصعب نفيها الآن  أمام العامـة، منها أن الإخوان المسلمين عصابة قتل وسفك دماء ، ومنها أن الطائفة العلوية مكنت لحكم حافظ الأسد ، ومازالت تربط مصيرها بمصير الحكم الأسدي  ، والاسطوانتان غير صحيحتين ، وبالبحث المنطقي يتضح خطأ كل منهما ...

 

كتبت كثيراً ، وحاولت البرهنة على خطأ الاسطوانة الأولى ، والشواهد كثيرة على أن جماعة الإخوان جماعة تربوية سياسية يشهد لها عقد الأربعينات والخمسينات ، وآخر مجلس نيابي قبل ثورة آذار (1963) . وأن مجموعة قليلة من شباب الجماعة الذين انشقوا عنها حملوا السلاح بعد أن أجبرهم النظام الأسدي على ذلك ، دفاعاً عن دينهم ودمهم وعرضهم ومالهم ...

 

وكتبت أيضاً أن الطائفة العلوية ( ككل ) لاتحمل أوزار النظام الأسدي ، والعلويون مواطنون سوريون مثل غيرهم ، فيهم المواطن الشريف [ صالح العلي ، وعارف دليلة ، وآل نيوف ، وجاموس ، عبد العزيز الخير ...وكثير غيرهم ] ، وفيهم الانتهازي كما يكثر وجود الانتهازيين بين من ينتمي إلى طائفة السـنة ، وفيهم الجاهل ، وفيهم المثقف ، وفيهم أنصاف المثقفين ، وهم شريحة سورية ، ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها من الشرائح السورية من إيجابيات وسلبيات ...

 

وقد رفس حافظ الأسـد الطائفة العلوية أكبر سـلّم استخدمه للصعود إلى عرشـه الشخصي ، وإلى تحقيق ماكلفه به أسياده الذين زرعو ا جده بين الطائفة العلوية ، ثم مكنوا لولده علي بعد أن علموه ( أين ومتى !!!؟؟؟ ) المهم يؤكد باترك سيل أنه كان متعلماً ، وتصله مجلة بالبريد إلى القرداحة  وفي بيتـه خارطة يشرح للناس عليها مجرى الحرب العالمية الثانية ، ثم تولوا حافظ مذ دخل الثانوية فساعدوه حتى صار رئيس الاتحاد الوطني لطلبة سوريا ، ثم تابعوا معه حتى صار ملكاً لسوريا ، نفذ لهم كل ما أرادوه من ضرب الحركة الاسلامية في بلاد الشام ، وضرب الأمة العربية ، وممارسة الطائفية حتى صارت اسطوانة تكرر كل يوم ، وفي كل بيت من سوريا ،  وقتل عشرات الألوف من الفلسطينين ، ووقف مع الفرس ضد العراقيين ، ثم مع أمريكا ضد العراقيين .....ولايفوتنا ضربه وتمزيقـه لحزب البعث وإخراجه من دائرة السعي من أجل الوحدة والحرية  .....إلخ . كل ذلك لمصلحة أسياده الذين زرعوا جده بين العلويين ، ثم مكنوا له حتى نفذ لهم ما أرادوا ...

 

صعد حافظ الأسد على جماجم الطائفة العلوية حتى (طوّب ) سوريا عند كاتب السجل العقاري ملكاً شخصياً لـه، يرثها أولاده من بعده كأي عقارات غيرها ، ثم رفـس الطائفة العلوية كما رفس حزب البعث وغيرهم . عندما يتضح ذلك نعرف أن الطائفة العلويـة مظلومـة إذا حملناها أوزارحافظ الأسـد التي تـئن الجبال من حملها ، ويعرف العلويون أيضاً حقيقـة أمرهم فيقفون كتلة واحدة مع المعارضة السورية ، مع الشعب ضـد النظام الفردي الأسـدي .

 

حـافظ الأسـد ليـس علـويـاً :

 يتضح من كتاب باترك سيل أن جـد حافظ الأسد ، والذي يسمى سليمان ، جاء وافداً إلى القرداحة ، وليس من أهل القرداحة ، وينسب باترك سيل أسـرة الأسد إلى عشيرة الكلبية([1]  [ وعجب هذا التناقض من سل ، كيف لايعرف لقب سليمان ، وكيف ينسبه إلى قبيلة علوية مشهورة وهي الكلبية ]، بينما ينسبه فان دام إلى المتـاورة ([2]). وهذا التناقض لـه معنى ، وهو أن انتساب سليمان إلى الطائفة العلوية مشكوك فيـه ، بل المؤكد أن سليمان هذا وافد إلى المنطقة ، وليس من الطائفة العلوية ، وإلا ما وقع الخلاف في انتسابه إلى المتاورة أو الكلبية . والذي أراه مؤكداً أن سليمان ( الذي لانعرف لقبه سوى الوحش الذي حصل عليه من حلبة المصارعة ([3]) ) جاء إلى القرداحة ، و هو لاينتمي إلى الطائفة العلوية أصلاً .

ويعرف أبناء الريف أن ( الأجير ) الذي يعمل لدى الأسر الغنية في الريف ، والذي جاء من منطقة بعيدة ، ينادى باسمه الشخصي ، ولايفكر أحد من أهل القرية في معرفة اسم أبيه أو لقبـه ، لأن أحداً من أهل القريـة لايفكر يوماً في مصاهرته ، لأنه ( أجير ) يشبه ( العبد المملوك ) فيما مضى ، ولذلك أعرف من هذا النوع من عاش في قريتنا أكثر من عشرين سنة ، ولانعرف غير الاسم الأول لـه ، دون معرفة اسم أبيه أو لقبـه ، وأريد من هذا أن سليمان الوحش كان وافداً على القرداحة ...

 

بل كان وافداً على المنطقة ، ولم يكن معروفاً لدى الجمهور ، لذلك لم يعرفوا له لقباً ، فلقبوه ب (الوحش ) لأنه كان قوي البنية جداً ، حتى غلب ذلك المصارع التركي الذي لم يكن يقهر قبل ذلك .

  وسكن سليمان الوحش عند مدخل القرداحة ، وكان معروفاً أنه ليس من أهل القرداحة ، وسميت أسـرته ببيت (الحسنة )  أي الصدقة ، لأن أهل القرداحة كانوا يتصدقون عليهم ، لأنهم أفقر سكان القرية ، حيث لا أرض لهم ([4]).

( وكان سليمان رجلاً ذا قوة وبسالة خارقتين ، وقد أكسبته هاتان الصفتان في القرية مكانـة جعلته وأسرته في مصاف الأسـر القويـة البارزة ، وبمـرور الزمن أصبح يمارس السـلطة التي كسبها بقوتـه الجسديـة ، فصار ( وسـيطاً ) للمصالحـة بين المتخاصمين  ) ([5]) .

 

حـافـظ الأسـد يحرك غيره في الخفـاء حتى (1970)

  ولابد من التذكير بأن حافظ الأسد هو العنصر المحرك في الخفاء ، الذي شكل اللجنة العسكرية  في الخمسينات ، ويحركها بحذر من وراء سـتار ، وبقيت اللجنة العسكرية تحقق لـه مخططه وأهدافه ، ولما وصل قضى على رفاقـه ( العلويين وغيرهم ) أعضاء اللجنة العسكرية واحداً بعد الآخر  . وهذا الأسلوب ( التحريك في الخفاء ، وعدم الظهور على الساحة ) يؤكد لنا أن حافظ الأسد جاء وافداً إلى المنطقة .

 

حافظ الأسـد يبعـد عمـران ثم يغتالـه :

ومحمد عمران ضابط علوي ( بالنسب والفكر ) ،من محافظة حمص ومن قرية (المخرم ) شرقي حمص ، ومن أعضاء اللجنة العسكرية :

يقول باترك سيل (ص 158 ) : ( .... لم يكن لدى عمران ميل للقسوة ، فقد كان يريد المصالحة مع الناصريين ، وعارض استعمال الدبابات في حماة (1964) ، وكان صلاح جديد يؤمن بأنه لابد من استعمال القوة ، وكان الأسد ينصت إلى الشجار بين عمران وجديد ،  ووقف فترة متردداً، وأخيراً انحاز إلى صف جديد ، ويقول حافظ : هذا الانحيـاز لجديـد كان إلهـامـاً من علم الغيب ([6])!!! . وهذه الجمل تبين أن حافظ الأسد ليس له ناقة ولاجمل في خلاف جديد وعمران ، سوى أن يضرب أحدهما الآخر ليزيله من طريق حافظ الأسد نحو تنفيذ مخططه ... ومن مصلحته أن يقف مع القوي ، كان متردداً ( أي لامبدأ عنده ) ، ثم وقف مع القوي وهو جديد ..

وعندما شعر عمران بالعزلة داخل اللجنة العسكرية اتجه إلى القيادة القومية،  وباح لعفلق وجماعته القديمة بسر اللجنة العسكرية ، فجُرد من صلاحياته ، وعين سفيراً في اسبانيا ... وكانت التهمة الموجهة له هي التحريض الطائفي داخل الجيش .

وانتقلت قيادة القوة الصغيرة التي شكلت لحماية الحزب والثورة بقيادة عمران ، انتقلت قيادتها إلى الشاب رفعت الأسـد . وكانت هذه نواة سرايا الدفاع .  ثم أعادت القيادة القومية التي حلت القيادة القطرية ، وحاولت الإمساك بزمام الأمور ، أعادت عمران وعين وزيراً للدفاع ، وبعد حركة (23 شباط 1966) خرج عمران إلى لبنان ، وهناك تم اغتياله بأوامر من حافظ الأسـد .

 

حافظ الأسـد يتخلص من أكبر كتلة علوية بقيادة صلاح جديد :

كان اللواء صلاح جديد  علوياً بعثياً يسارياً حتى العظم ، وبعد شباط (1966) انغمس جديد في تسيير شئون البلد ، وأعطى الأسـد مجالاً واسعاً لإدارة القوات المسلحة ، كان صلاح جديد مهذباً، يفضل ارتداء الثياب المدنية،ولم يكن يهتم بالثروة ولا الراحة والتنعم، فكان يعيش في شـقة لايزيد ثمن أثـاثها عن مائة جنيه استرليني ، وكان جديد يسارياً ( يؤمن بالفكر ويهتم بـه ، أي صاحب عقيدة مهما كانت ) ،أكثر من حافظ الأسـد ، وعين من أنصاره اليساريين مثل محمد رباح الطويل ، وعبدالكريم الجندي ، ويوسف زعين ، وابراهيم ماخوس ، ونور الدين الأتاسي ..... إلخ . وبالطبع ( يقول باترك سيل ) : صلاح جديد وفريقه على وجه العموم كانوا شرفاء ([7]) ( يقصد لم يكونوا لصوصاً  مثل غيرهم  رفعت ، وغازي كنعان و...) الذين صاروا من أغنياء العالم ) .

 

ثم  قـرر حافظ الأسـد أن يتخلص من صلاح جديد ( العلوي والبعثي المثالي ، المتشبع بمبدأ العمل الجماعي ، والانتماء للحزب ، ومشاركة الرفاق في الضراء والسراء ) ، وكل هذه الأفكار لاتناسب حافظ الأسـد الذي يريـد بنـاء مملكة شخصية لـه ، وليست للحزب ، ولا للطائفة العلوية ،  بل لـه ولأولاده من بعـده . وليحقق مهمـة أوكلت إليه وقد ظهر عليه التفاني من أجل تنفيذها ، وقد نفذ معظمها قبل موتـه ، ومن معالم هذه المهمة تحويل الشعب السوري خاصة وبلاد الشام عامة إلى غثـاء كغثـاء السيل ، يبحثون عن الطعام والشراب ، بعد أن كانوا قبل حافظ الأسد يبحثون عن الوحدة والحرية والاشتراكية ( العدالة ) . ومن معالم هذه المهمة تحويل المنطقة إلى دويلات متحاربة فيما بينها ، ليسهل على إسرائيل العظمى قيادة المنطقة ثم العالم كله حسب مخططات حكماء صهيون .

 

يقول باترك سيل ص (266) :

(... دعا جديـد في (30/10/1970) القيادة القومية إلى مؤتمر استثنائي ([8]) . وأول قرار للقيادة أن يوقف الأسد نقل الضباط خلال مدة المؤتمر ، ولكن الأسد لم يتقيد بقرار القيادة القومية ([9]) . وخلال اثني عشر يوماً من المجادلات اتهموا فيها حـافظ الأسـد بأنه قبل التسويات الاستسلامية ورضخ للامبرياليين ، وانتهى المؤتمر بقرار يقضي بضرورة تخلي حافظ الأسد عن وزارة الدفاع ، وكذلك تخلي مصطفى طلاس عن رئاسة الأركان .

إلا أن الأسـد كان قد نشـر قواتـه حول قـاعـة المـؤتمـر ، وفي يوم (12 /11 /1970 ) انتهى المؤتمر ، وفي يوم (13) اعتقل حافظ الأسـد صلاح جديد وأعضاء القيادة القومية ، وتمكن بعضهم من الفرار مثل إبراهيم ماخوس الذي وصل الجزائر ، وعاش فيها طبيباً جراحاً في مستشفى مصطفى باشا في العاصمة ، ووضع صلاح جديد ، ونور الدين الأتاسي ، وزعين ، وغيرهم في سجن المـزة ، ولم يخرجوا منـه إلا وهم على فراش المـوت ) ..

 

حافظ الأسـد يتخلص من شقيقه رفعـت وأتبـاعـه :

بنى رفعت الأسد سرايا الدفاع ، التي وصل عددها إلى (000ر55) مقاتل ، ( 95 % ) منها من الطائفة العلوية ، وتم تسليحها بأفضل الأسلحة ، وخاصة الحوامات الحديثة ، ومنذ (1966) صار حافظ الأسد يعتمد بشكل أولي على شقيقه رفعت ، وخاصة في الحركة التصحيحية (1970) .

يقول فان دام  ص  (188) :  ( ... في نهاية التسعينات ([10])كان الكثير من السوريين يعتقدون أن باسل الأسد يجهز لخلافة والده ـ واتضح الأمر طبعاً بعد إقصاء رفعت وطرده من سوريا ـ وفي (1990) أشـير لحافظ الأسد بأبي باسل للمرة الأولى ، وكان يكنى ( أبـا سليمان ) وهذا لغز أيضاً .

وهذا هو السبب الحقيقي الذي جعل حافظ الأسد يقصي شقيقه رفعت :

وقعت مهمة (احتواء رفعت ) على عاتق الجنرالات ومعظمهم من العلويين وهم (علي دوبا ، ومحمد الخولي ، وفؤاد عبسي ، ومحمد ناصيف ( وهو من القليلين الذين يتصلون هاتفيـاً بحافظ الأسد ) .

وبشكل عام كان منافسو رفعت بالإضافة لمن ذكر : علي حيدر قائد الوحدات الخاصة ، وعدنان مخلوف من قادة الحرس الجمهوري ، وعدنان الأسد ( ابن عم حافظ ) قائد سرايا الصراع ، والجنرال شفيق فياض ، والجنرال إبراهيم صافي ، والجنرال علي أصلان .

 

 ( وهكذا استمر الضغط على رفعت من أواخر عام (1983) وحتى آذار (1984) حيث تم نقل واعتقال العديدين من أنصاره الموالين لهم ،وقيل أعدم بعضهم . وهذا هو محل الشاهد ، فهؤلاء كلهم من العلويين طبعاً ، أعدم بعضهم ، وسجن آخرون ، وشرد بعض آخر .

يقول باترك سل :

وفي حفلة عشاء صنعها رفعت لحوالي خمسمائة من رابطة الخريجين التي حلها حافظ الأسد قال رفعت  :  ( إن أخي لم يعد يحبني ، وعندما يراني يكشر ، وأنا لست عميلاً أمريكياً !!!) [ هل يتهم رفعت أخاه بعمالة أمريكا وهو الأدرى منا جميعاً !!]

 

 حافظ الأسـد يقصي أخاه جميـل :

يقول فان دام ص 179 : (وفي أعقاب الصراع بين رفعت وحافظ سُـلب أيضاً جميل الأسد شقيق الرئيس حافظ ، الأصغر منه مباشرة ، ( مواليد (1933) ، وبناء على أوامر الرئيس حلت ( جمعية المرتضى ) العلويـة في ديسمبر (1983) ، التي أسـسها جميل عام (1981) ، وهي تجمع سياسي وراء واجهة دينيـة ، قامت بتعبئة جزء من المجتمع العلوي  عن طريق قنوات فضائية بحتـة تختلف عن حزب البعث بل تناقضه أحياناً ) .

ويقول محمود صادق([11]) : ( حاولت جمعية المرتضى تغيير عقيدة البدو في الجزيرة السورية والبادية ، التابعة  لحمص وحماة ، ونشر المذهب العلوي الشيعي بينهم ، بحجة أنهم شيعة ولكن الأتراك جعلوهم سـنّة بالضغط والإكراه ، وأحياناً يتم تسليح أفراد جمعية المرتضى من سرايا الدفاع ، التابعة لرفعت الأسد . )

والشاهد هنا ـ مع أني ضد نشاط جمعية المرتضى ـ لكن واقع الأمر كان جميل يقوم بنشاط لصالح الطائفة العلوية ، ولكن حافظ الأسد خوفاً على كرسيه ومركزه منع ذلك النشاط وأقصى أخاه وولده فـواز جميل الأسد عن المسرح السياسي .  

 

حافظ الأسـد يقصي كبار الجنرالات العلويين المعارضين لخلافة بشار

وهذا هو الفصل الأخير من محاربة الأسد للطائفة العلوية ، التي ثبتت حكمه ودولته ، وبنى عرشـه من جماجم الطائفة العلوية خاصة وجماجم الشعب السوري عامة ، إذ أنه عندما قرر نقل الخلافة لولده بشار بدرت بعض الانتقادات من كبار الجنرالات الذين ساعدوه على شقيقه رفعت مثل اللواء علي حيدر قائد القوات الخاصة ، الذي قتل آلافاً من الحمويين ليثبت كرسي حافظ الأسد ، والذي واجه سرايا الدفاع ليقصي رفعت الأسد عن سوريا ، ولما سمع حافظ الأسد أن اللواء علي حيدر غير مسرور بخلافة بشار أقصاه ، وجلس في قريته ( حورات عمورين ) التابعة لمحافظة حماة ، في السفوح الشرقية لجبال العلويين ، وذكر لي أكثر من شاهد عيان أنه لم يترك لـه سوى سيارة واحدة مع سائق وهو حارس بنفس الوقت ، في حين أضناه مرض السكر .

يقول (فان دام ، ص 185 ) : ( ...أن أسلوب بشار كشخصية قيادية كان موضع انتقاد وتساؤل من قبل البعض ، ومن بينهم اللواء  العلوي علي حيدر الذي اعتقل هو وآخرون لفترة ما في صيف (1994) لهذا السبب ) .  

وكذلك أخرج اللواء علي دوبـا ، واللواء شفيق فياض لنفس السبب ، وهؤلاء علي حيدر وعلي دوبا وشفيق فياض  ممن ساعد حافظ كثيراً ضد صلاح جديد ، وضد رفعت الأسد ، ثم أقصاهم حافظ الأسد ليمهد الطريق لولده بشـار .

وكل الأسماء اللامعة في التسعينات ثم غابت عن الساحة عند موت حافظ الأسد ، أقصاها من أجل التمهيد لخلافة ولده بشار .

 

حافـظ الأسـد يخاف من العلويـين :

ومن أقوى الأدلـة عندي ، حيث ضغط حافظ الأسد على الطائفة العلوية قبيل موتـه، لأنه يعرف أن المنافس الوحيد لولده هم العلويون ، ولا أحد غيرهم ، حيث لم يبق في الجيش من الضباط الكبار غيرهم ، لذلك أقصى مجموعات كبيرة من الضباط العلويين الكبار قادة الألوية والأفواج والكتائب ، ولذلك اضطر حافظ الأسد إلى البحث في ثلاجة الجيش السوري ، أقصد الأركان ، يبحث عن ضابط يوليه قيادة بعض الألوية أو الأفواج بدلاً من قادتها العلويين الذين كان يخاف منهم على خلافة ولـده بشـار . واستدعى ثلاثة من الضباط السـنّة ، وقد وضعوا في الأركان ينتظرون التقاعد ، استدعاهم بعد دراسة ملفاتهم ، وعرف أنهم لايمكن أن يفكروا بغير استلام رواتبهم والتمتع بالمزايا التي سيحصلون عليها ، وكانوا في الأركان يعطون كل عميد ثلث سيارة ، وبعبارة أخرى يعطون كل ثلاثة عمداء سيارة واحدة ، لكل منهم يومان في الأسبوع ، واليوم السابع عطلة السائق . أما قائد اللواء فيعطى خمس سيارات ،  استدعى ثلاثة ممن يعرفهم كثير من الناس ، وبالتأكيد استدعى غيرهم أيضاً ، وكلهم من السنّة بعد أن زاد خـوفه من الضباط العلويين فأقصاهم ، استدعى هؤلاء الضباط من السنّة وسلم اثنين منهم قيادة ألوية ، والثالث رئيساً لأركان لواء .

 

لماذا يبحث حافظ الأسد في الأركان عن ضباط يسلمهم قيادة ألوية ، الجواب الوحيد والأكيد أنه لم يعـد يثـق بأبناء الطائفة العلويـة ، بعـد أن أقصى كثيراً منهم ، وقتل بعضهم ، وشرد الآخرين . فلما أسـاء لهم صار يخاف منهم .

 

هل صدقتم أن حافظ الأسـد رفـس الطائفـة العلويـة ورماها كما نرمي قارورة الماء الفارغة بعد أن نشربها ، كما رفـس سـائر السلالم التي صعد إليها إلى كرسي العرش في مملكة سوريا الجمهورية الأسـدية  !!!؟؟؟.

ولماذا رفـس حافظ الأسد الطائفة العلوية ، كما سبق أن رفس الحزب حزب البعث ، ثم هاهو يرفـس أخويه رفعت وجميل ...لماذا !!!؟ لأنه لايستطيع أن يبوح لأحد بـسره وبالمهمة التي كلف بها ، وأمضى عمره من أجل تنفيذها ، وهي ضرب الحركة الإسلامية خاصة ، والمسلمين والعرب عامة . وقد خرجت فلتة لسان منه في عام (1973) عند أحداث الدستور ، عندما اعتقل قادة الإخوان في حماة وحمص واللاذقية ، وذهب الشيخ محمود الشقفة يتشفع بالمعلمين من أهل حماة الذين تضررت أسرهم كثيراً باعتقالهم لأن رواتبهم أوقفت وساءت أحوال أطفالهم كثيراً ، فغضب حافظ الأسد على الشيخ الشقفة لماذا يتشفع بهؤلاء ، وكلمه بقسـوة ومما قاله : لأقطعن اليد التي لم يستطع عبد الناصر أن يقطعها ... لقد سمعت هذه المقالة منذ ذلك الزمن ورسخت في ذاكرتي وفهمت فحواها .

ولكن فاته أن عبد الناصر هلك وبقيت الحركة الإسلامية ، ولم يفطن حافظ الأسد إلى أنه سيهلك وستبقى الحركة الإسلامية ، لأن ماكان لله بقي واستمر ، وماكان خدمة لأعداء  الله هلك وفطس ...

*كاتب سوري في المنفى


[1]  ـ باترك سيل ، الصراع على الشرق الأوسط ، ( ص 022) . وينتمي العلويون إلى أربع قبائل رئيسية هي اتحاد الحدادين ، واتحاد الخياطين ، والمتـاورة  ، والكلبيـة .

[2] ـ فان دام ، الصراع على السلطة في سوريا ،  ص 59 ، يقول في الهامش : وينتمي حافظ الأسد لشق النميلاتية من المتاورة ، بينما ينتمي جديد إلى الحدادين .

[3] ـ يذكر باترك سيل في أول صفحة من كتابه أن مصارعاً تركياً يأتي إلى القرداحـة ويتحدى الجميع ، وكلما تقدم إليه أحد الرجال صرعه ، وفجأة خرج له رجل طويل القامة وعريض المنكبين يسمى سليمان ، هجم على المصارع التركي ، وحمله في الهواء عالياً ثم رماه على الأرض ، فهتف الحاضرون وصاحوا : هذا وحـش ، ومن يومها صار اسمه : سليمان الوحش .

[4] ـ هذه المعلومة قالتها لي الدكتورة سلمى بنت الشيخ عبدالرحمن الخير ، من كبار أسر القرداحة ،  في الجزائر (1975م) .

[5]  ـ باترك سيل ، ص 14 .

[6]  ـ بالطبع مثل حافظ الأسد يقف مع الأقوى دائماً ، ولو وقف مع الأضعف ، انتهى مع الأضعف ، أما عندما يقف مع الأقوى ، يبقى ثم يتصارع مع هذا الأقوى نفسـه ، وكان حافظ الأسد كان متردداً ، يقف مع عمران أم مع جديد ، ولم يكن متأكداً من سينتصر ، ومن عادته أنه حذر جداً ولايغامر ، ويعمل في السياسة بعقلية الطيار ، ويبدو أنه في تلك المرة وقف مع جديـد ضـد عمران ولم يكن متأكداً (100 % ) أن جـديـد هو المنتصر ... ولما انتصر جديد على عمران يقول حافظ أن وقوفه معه كان من علم الغيب ..ولم يكن له مبدأ يقف معه ...بل يقف مع المنتصر ليتخلص من إحدى العقبات أمام هدفه الأخير .

[7] ـ باترك سيل ، ص 179 .

[8]  ـ يتضح أن جديد رجل حزبي ، يؤمن بالعمل الجماعي ، لذلك دعا القيادة القومية لتحل المشكلة .

[9]  ـ لأنه ليس حزبياً ، ولايؤمن بالعمل الجماعي ، بل فردي وديكتاتوري دائماً . ومن مهمته إخراج حزب البعث من ساحة العمل القومي العربي  .

[10] ـ أما في (1983) لم يخطر في أذهان كبار الضباط السوريين أن حافظ سيورث مملكة سوريا الجمهورية لأولاده .

[11]  ـ محمود صادق ، حوار حول سوريا ، ص 79 ، نقل عنه فان دام في الهامش .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ