أميركا
وسياسة التعالي:
ديمقراطية
الإستحقار والإخضاع والإذلال!!!
بقلم:
نضال القادري / كنـدا
تتعامل
الولايات المتحدة الأمريكية
بمعيارين عند اتخاذ المواقف من
التجاوزات التي تحصل على الصعيد الدولي،
وبخاصة في مجال حقوق الإنسان،
حيث تعتبر التي تحمل لواء
عالمية الإنسان من أكبر الدول التي يمارس فيها العنف وبخاصة
ضد المرأة، وذلك بحسب تقارير
منظمة العفو
الدولية، ولم
تكف يوما عن القيام بإدعاءاتها
بأنها تمتلك حقا حصريا لقيادة
العالم وتصدير ثقافة العالم
الحر. أما في حقيقة الأمر، فلا
يعدو ذلك إلا لغوا وعلكا
لمفاهيم مطاطية تفسر بحسب
الموضوعية الأميركية بغير
إتجاهها الأصولي، أما في نظر
المقهورين التي تطالهم هذه
الممارسات البشعة فلا تعدو إلا
كونها تدخلا سافرا وغير مبرر في
شؤونها الداخلية والخارجية،
وبالتالي في سيادتها
واستقلالها. إن بعض هذه الدول
تساير لأسباب شتى يدخل فيها كل
شيء وتختلط على الناظر كل
الأمور فلا تستطيع أن تضع على
رأس القائمة إلا معيار القوة
الذي بات مغلفا بخطرين: أولهما
العولمة، وثانيهما القضاء على
المنابت الأصولية للإرهاب،
وذلك يتم بحسب المعاينة
الإعتباطية من دون النظر بتعريف
واضح وصريح للإرهاب أو
للمقاومة، سواء أكان الإرهاب
والمقاومة بحسب القانون
والشرعة الدولية أم بخلافه.
كيف
لأمريكا الحق في القيام بإصدار
تقارير عن الدول حول ممارسات حقوق الإنسان سنويا ًأو
فصليا، متهمة البلدان الأخرى
بكثير من المخالفات التي تصفها
بالجرمية، دون أن تقر بما يجري
في داخلها من تمييز في اللون
والعرق والدين، وتقاسم للنفوذ
وللمؤسسات الإعلامية
والأكاديمية والوظائف المهمة
وحتى غير المهمة. إن الإحصاءات
والحقائق الدامغة تجرم
الولايات المتحدة في أبسط أمور
الحياة وفي النظر إلى حرياتها
الأولى، كما تجرمها في نظرتها
إلى الإستراتيجيات القريبة
والبعيدة. هاكم بعض الحقائق
المذلة التي يتوجب على كل مواطن
أمريكي التفكير بها مليا كل
يوم، هذا إذا أخذنا بمقولة أنهم
قد ارتقوا إلى درجة أصبحوا فيها
من النوعية، وربما من أصحاب
الدم الألوهي الأزرق الذين وجب
عليهم إنقاذ وإيقاظ الضمير
العالمي النائم على موسيقي "الجاز"
الحرة:
-إن عدد السود في السجون أكبر من
عدد السود في الجامعات على
أراضيها، في الوقت الذي تغمض
عينيها عن الانتهاكات الخطيرة
لحقوق الإنسان على أراضيها وتتذكر ما يجري عند
غيرها. وتشير دراسة أعدت في "معهد
سياسة القضاءالأميريكي" بأن 1
من 5 أشخاص سود يدخل السجن لفترة
من الزمن في حياته.
-إن ما شهدناه من عرقلة الإدارة
الأمريكية لفترة طويلة ضد إقرار
نظام محكمة الجزاء الدولية لهو
دليل دامغ على إفلاسها الأخلاقي
والأدبي، وطالبت بأن تشمل
صلاحيات المحكمة كل بقاع الكون
بإستثناء الجنود الأميركيين،
ذلك لأن في ذلك تعارضا جليا
لطموحاتها الإستعمارية، ولأنها
لا تتفق وسياساتها العدوانية
الإستيطانية، بالرغم من أنها
تأتي تحت ذرائع واهية ولا أساس
لمشاكلها في الواقع، ويؤكد ذلك
قولا التعاطي الإجرامي
اللاإنساني فيما يختص بمجزرة
الفلوجة التي راح ضحيتها في
اليوم الأول من المعارك 600 شخصا،
وكانت حصيلة اليوم الثاني 800
شخصا، وكان مجموع المجزرة في
أسبوعين قد قارب 5500 شخصا.
- لم توقع الولايات المتحدة الأمريكية على
اتفاقية حظر الألغام البشرية،
فهل لأن ذلك يتعارض مع مقدمات
ونتائج العالم الحر؟! إن العالم
الحر الذي تفرضه علينا قد
أشبعنا ألغاما من مختلف الأصناف
الوقحة.
-إحتجزت
الكثيرين في سجون خارج الولايات
المتحدة، وخاصة في قطر والعراق
وكوبا، وأشهرها سجني "غوانتانامو"
في كوبا و"أبو غريب" في
العراق.
-إن
الولايات المتحدة إنتهكت حقوق
المحتجزين في أن يلقوا
معاملة إنسانية وأن يستعين كل
منهم بمحام، وأن يتمكنوا من
الطعن في الشرعية القانونية لعمليات التوقيف
والمحاكمة التي هي أبسط حقوق
الدفاع، علما أن القانون
الأميركي لا يطبق في هذه
المحاكمات، بل تلجأ العبقرية
العدوانية بأن تشملهم بقانون
الطوارىء العسكري، علما بأنها
لا زالت تطلب من الجمهورية
العربية السورية بإلحاح وضغط
شديدين بأن تقوم بعمل تشريعي
يلغي القانون المذكور على
أراضيها لمخالفتة حقا من حقوق
الإنسان. وهنا جاء ذكر
الجمهورية العربية السورية ليس
دفاعا عنها على الإطلاق، بل
إدانة للولايات المتحدة
الإمريكية لنؤكد بأن فاقد الشيء
لا يعطيه، وبأن الحرية هي حاجة
للشعوب وليسب طلبا إنما مطلبا
ترتقي الشعوب لتلاقي أطراف مجده.
-إن
العراقيات، والأفغانيات، كما
نساء كوسوفو أو الصومال وغيرهم
ممن خضعوا لبطش سلطاتهم، لسن
بأفضل حال تحت الإحتلال
الأمريكي منه تحت حكام "الدكتاتوريات"
المذكورة حيث ازداد وضعهن سوءا
جراء التعذيب والتوقيف
الإعتباطي الذي لم يوفرهن أثناء
الحمل والولادة وحتى على أرض
المعركة .لقد تعرضن للإغتصاب والعنف والإذلال على
أيدي القوات الأمريكية، وفى
حالة انعدام الأمن وتعميم
الفوضى الأمنية تعرضت الفتيات
للخطف والتنكيل، وكما هو بمعروف
بأن الحفاظ على الحالة الأمنية
إبان الإحتلالات هو مسؤولية تقع
على المحتل، وليس على عاتق
السكان أو تهمة تلصق بميليشيا
أو بنظام مدني أو عسكري قد سقط.
-قاموا بإطلاق النار على أشخاص باللباس
المدني في العراق كما في غيره،
وأجهزوا على جرحى، كما أنهم
تركوا جنودا عراقيين يحتضرون في ساحة
المعركة، أو محاصرين في المراكز
الطبية والمستشفيات من
دون الحاجات الضرورية لإسعافهم.
-إستعمال
حق النقض (الفيتو) بما يتناسب مع
مصالحها، ومع مصالح "إسرائيل"
حليفتها على أرض فلسطين المحتلة
بما يخالف شرعة حقوق الإنسان
الأساسية وبنود القانون الدولي
وخلافا لقرارات مجلس الأمن
الدولي، وحتى خلافا للقوانين
الوضعية أو الطبيعية.
إن
هذا ليس أخر كلام سنقوله في
إرهابهم الماضي، ولا في بطشهم
حاضرا ومستقبلا.. فأن تكف
الولايات المتحدة عن سياسة
التعالي واستحقار الشعوب
وإذلالها وإخضاعها لمفاهيم لا
تستمد من حياتهم وتراثهم
وثقافتهم الوطنية، لهو أجدى
وأنفع من حروب طاحنة تقضي على كل
شيء بما فيه حياة الإنسان وقيم
العالم الحر التي يتبجح بها. إن
مساويء الإصلاح الديمقراطي
المفروض أكثر من محاسنه،
وإن سلبياته أكثر من إيجابياته،
وإن الخسائر الفادحة البشرية والاقتصادية
والإنسانية لن تعوض العالم تحت
ثوب ديمقراطي، مهما كان لونه أو
أصله أو جنسية صانعيه، إن هذا
الثوب ربما لا يتسع لارتدائه
بالقوة مما يؤدي إلى عملية
تمزيق للثوب وللصانع وللمستهلك.
إن الولايات المتحدة، التي
تفتخر بأنها نموذج الديمقراطية،
تحاول بكل قوة أن تبيع العالم
نمطها في الديمقراطية وشكلها
ولونها وجنسها. أما في واقع الأمر، إن الديمقراطية الأمريكية كانت
دائماً ديمقراطية للأغنياء
ولعدد قليل من السكان، فهي ديمقراطية البيض على
حساب السود، وديمقراطية
المسيحيين على حساب المسلمين،
وهي كذلك ضمنا ديمقراطية
الميسحية الصهيونية على
المسيحية المشرقية الحقة، وهي
كذلك ديمقراطية كل اليهود
المقيمين "بشكل مؤقت" على
الأراضي الأمريكية، رغم حصولهم
على جنسيتها، على سائر بني
البشر، وبالمحصلة هي ديمقراطية
المقيمين بالتفاضل على
الوافدين منهم.. وإلى يوم نلتقي
فيه على ديمقراطية
تناسب أقانيم الخير والحق
والجمال، سنقول: إلى اللقاء
القريب.. وإننا سنبقى نعمل
للحياة كما أصر المفكر أنطون
سعادة عندما قال:"سواء
أفهمونا أم أساؤوا فهمنا، فإننا
نعمل للحياة ولن نتخلى عنها".
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|