الإصلاح
و الحكام !..
عدنان
برجي*
عقود
طويلة مرت ، والشعب العربي
يطالب حكامه بالإصلاح على الصعد
كافة ، وهيئات المجتمع المني
تجهد في تقديم الاقتراحات
والبرامج ومشاريع القوانين ،
غير أن كل ذلك لم يبلغ آذان
الحكام ... وفجأة، بعد مشروع
الشرق الأوسط الكبير ، الذي
قدمته الإدارة الاميركية
الحالية ، والتي سوقته مع
مجموعة الدول الثماني ومع
الاتحاد الأوروبي ، أخذ بعض
الحكام ، ومعهم جوقة من
المرتزقة تهلل للإصلاح القادم
اميركيا ، معتبرين أن أميركا لا
يرد لها طلب ، وان إدارتها لا
تنام حتى تجد الديمقراطية وقد
تعممت في المنطقة العربية ،
والتنمية قد شملت الريف ،
والتعليم قد عم ولم تبقى فتاة
دون مدرسة ...
السؤال
: لماذا يرفض الحكام صوت الشعب
ويخضعون لأوامر وتوجهات
الاميركيين ؟ فهل يصدقون ان
الشعب يتآمر عليهم فيما
الاميركيين يساندونهم للبقاء
حيث هم ؟ وهل يصدقون أن الإدارة
الاميركية جادة في طرحها
للاصلاح ، وهل هي مخلصة لهذا
الطرح ؟...
التجارب
تدل أن الإدارة الأمريكية
المتعاقبة لم تقف يوما إلى جانب
الإصلاحيين العرب سواء كانوا
حكاما أو محكومين ، ولم تقدم مرة
واحدة ما يساعد على الإنماء .
فيوم قام عبد الناصر بمشروع
السد العالي الذي يؤمن الماء
للري والكهرباء للصناعة
والإنماء وقفت أميركا ضده ما
اضطره إلى للذهاب إلى المعسكر
الاشتراكي آنذاك ، وكل دعوة
إصلاحية او مشروع إصلاحي عربي
كان يواجه اميركيا بوصفه مشروعا
شيوعيا يخدم الاتحاد السوفياتي
وليس الشعب العربي . وفي مجالات
التعليم بقيت الجامعات
الاميركية الأكثر ارتفاعا في
الأقساط مما يعني اقتصار
التعليم على أبناء الأغنياء .
وفي
مجال التنمية يبقى أن نقارن بين
عهدي عبد الناصر غير المنفتح
على الاميركيين ، وبين عهد
الانفتاح الذي دشنه أنور
السادات واستمر مع الرئيس حسني
مبارك حتى اليوم . ففي عام 1973 ،
ورغم الحرب العربية
الإسرائيلية بقيادة مصر وسوريا
فقد بلغ حجم النمو في مصر 6% في
حين بلغ عام 1999 صفر بالمئة ..
أما
في مجال الديمقراطية فيكفي أن
نقول أن لا ديمقراطية في ظل
الاحتلال والاغتصاب، وهذا ابسط
ما يعرفه أي مواطن . فكيف
لأميركا أن تكون مع الديمقراطية
العربية وهي التي تدعم
الاستيطان الصهيوني بكل قوتها .
وهي التي باشرت إلى الاحتلال
الاميركي للعراق مباشرة ، وهي
تنكل بالشعب العراقي يوميا .
وفي
حقوق الإنسان يكفي أن نشير إلى
ما جرى ويجري في "أبو غريب"
لندرك مدى انعدام تطابق
الشعارات مع الممارسة . أن
الإصلاح ضرورة شريطة أن ينبع من
الداخل ، وليس أصدق من الشعوب في
توقها إلى الإصلاح ، والشعوب لا
تتطلع إلى مراكز السلطة إلا
لكونها أداة لتنفيذ السياسات
الصحيحة ..
إن
الشعب لا يتطلع إلى الحاكم ليحل
محله فيما الاميركيين يسعون
لابتزاز الحكام كل لحظة ،
والشعب صاحب المصلحة الحقيقية
في الإنماء والتطوير ، والإدارة
الاميركية حريصة على التخلف
حرصها على التجزئة المفروضة
نتيجة اغتصاب فلسطين علي يدي
الصهاينة حلفاء كل ادارة
اميركية ...
ألا
فليسمع الحكام صوت شعوبهم ففي
ذلك مصلحة للحاكم والمواطن ...
*
مدير المركز الوطني للدراسات -
لبنان
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|