ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 23/02/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الأنظمة الشمولية و مهزلة الاستقرار السياسي

- النموذج السوري-

  أنس فاعور

  لا نكاد نستمع إلى إذاعة أو فضائية تابعة أو محسوبة على هذا النظام أو ذاك أو نكتب استقرار سياسي في محركات البحث على شبكة الانترنيت إلا و نجد و نرى آيات الاستقرار السياسي في ديار العربان رغم انتشار الأمية و الفقر و البطالة و التخلف. و أذكر عندما كنت في جامعة دمشق منذ سنوات قالت لنا بثينة شعبان التي تشغل الآن وزيرة المغتربين في النظام السوري في إحدى اللقاءات إن سورية أفضل من إيطالية لان سورية مستقرة سياسيا في حين إيطالية في ذلك الوقت كادت تبقى بلا حكومة حتى شكلت حكومة الخبراء لإدارة البلاد و لكن ذهل الجميع من محاضرتها كما يذهل القراء من مقالاتها فكيف تكون ايطاليا البلد السادس في العالم ذو 1, 1 تريليليون دولار ناتج قومي و معدل أعمار سكان 42 سنة و متوسط دخل فرد 25000 دولار أسوء من سورية ذات 17 مليار دولار ناتج قومي و معدل أعمار 20 سنة و متوسط دخل فرد 950 دولار و فوق كل ذلك يكون نظام شمولي أفضل من نظام ديمقراطي.

و مشكلة الأنظمة الشمولية و أجهزة إعلامها و من والاها من جلاوزة القلم و وطاويط المعرفة أنهم يأتونك بأشباه حقائق و أنصاف مفاهيم ليستروا عورات هذه الأنظمة و يبرروا جرائمها و عدم شرعيتها فنرى الخلط بين الاستقرار السياسي و الديمقراطية و التطور و الأمن و التنمية في مختبرات الأجهزة القمعية الرهيبة و في محاولة لاستغباء العقول بترهات تافهة تضع الدول العربية كسورية تقع في مواقع متقدمة في التطور العالمي من حيث الاستقرار و لعلنا نجد اليوم من يقول لك أن صدام حسين بنى استقرارا في العراق قل نظيره يحن إليه العراقيون حتى الآن..... فكيف يكون الاستقرار السياسي و ما هي حقيقة الاستقرار السياسي الذي تبنيه الأنظمة الشمولية ؟

إذا عرفنا أن الديمقراطية هي مشاركة الشعب في الحكم و السلطة باختيار ممثليه في مؤسسات هذه السلطة لإيصال صوته و متطلباته إليها و من هنا نعرف ما لذلك من أهمية لحضور تأثير الشعب في صنع القرار و لكن هذا التأثير يحتاج إلى حالة من الأمن و الاستقرار تجعل المواطن واثق من نفسه مطمئن عندما يبدي حقه السياسي و إبداء رأيه و على ذلك يكون هذا المجلس أو تلك المؤسسة الديمقراطية تجسيدا للمشاركة الشعبية فالاستقرار إذن هو استقرار سياسي اجتماعي يضمن للجميع التأثير السياسي و المشاركة الديمقراطية و لكن الاستقرار السياسي كثير ما يكون خادع و لا يعبر عن أي مشاركة شعبية و الأمثلة التاريخية توضح ذلك   :

ـ في ألمانية النازية كان الاستقرار السياسي سيد اللعبة حيث كان كل الألمان يؤيدون الأفكار النازية التي تقوم على أفضلية العرق الآري و ضرورة سيادته على الغير بينما نجد الديمقراطية ضعيفة إن لم تكن معدومة.

ـ في الأنظمة الشمولية التي بناها حزب البعث السوري و العراقي نجد حالة من الاستقرار السياسي لم يعرف له التاريخ مثيل كما يقول المثل الشعبي رن الإبرة ترن فالكل مؤمن بعث الأمة العربية وألوهية الأب القائد المناضل المجاهد و كما كان يقول حافظ الأسد ـ أنتم كلكم بعثيون ـ أو كما كان يقول صدام حسين ـ العراقي الجيد هو البعثي الجيد ـ.  

ـ و في تشيكوسلوفاكيا السابقة وضح فاسلاف هافل في رسالة وجها إلى رئيسه السابق غوستاف هوساك هذا الاستقرار المزعوم عندما خاطبه متسائلا ـ لماذا يسلك الناس كما تسلكون ؟ لماذا يعملون كل ما من شأنه أن يوحي إجمالا بهذا الشعور الغالب بأن مجتمعنا متحد تماما و يؤيد حكومته تأييدا تاما ؟ ـ ثم يعود فيخاطبه قائلا ـ إن الجواب واضح لكل مراقب نزيه ذلك لما يعتريهم من خوف.

فمتى يتحقق الاستقرار السياسي ؟ في الحقيقة إن للاستقرار السياسي مقومات أساسية لابد من تحقيقها حتى نتمكن من الحديث عن استقرار سياسي حقيقي وكيف شوهت النظم الشمولية هذه المقومات  :

أولا ـ مجموعة المثل العليا التي تكون العقد الاجتماعي فالتقاء الأفراد ضمن مجموعات و المجموعات مكونة مجتمعا لابد أن تستند إلى مجموعة من المثل المشتركة العقلية أو النقلية تشكل شبكة تربط بنيان المجتمع بعضه البعض و تربطه بالمجتمعات البشرية الأخرى و هنا أسست النظم الشمولية قيم سياسية و اجتماعية غريبة أو مستوردة بلبوس وطني مثل تفوق العرق الآري و بعث الأمة العربية و نبوغ الرفيق القائد و ديمقراطية اللجان الشعبية و فرضتها على المجتمع.

ثانيا ـالانتقال من هذه القيم و القواسم المشتركة نحو بناء سلطة القانون و المؤسسات كضمانة أساسية لتحقيق العدالة و المساواة و الحد ما أمكن من التجاوزات و بمقدار ما تستند هذه السلطة إلى المثل و القواسم المشتركة لتكوين الأمة و بمقدار ما يتم تلافي التجاوزات عن هذا القانون و هذه المؤسسات نحو تحقيق درجة أعلى من العدالة بمقدار ما تقترب هذه السلطة من المشروعية السياسية و الاجتماعية و بمقدار ما ابتعدت عنه فقدت مشروعيتها و احترامها و درجة قبولها شعبيا و الواضح أن الأنظمة الشمولية استعاضت عن دولة القانون و المؤسسات بالسلطة الأمنية و تجيير القانون لمصلحة النخب السلطوية و إشاعة أجواء التخويف و الترهيب عبر وسائل التعذيب الرهيبة و الاعتقالات الاعتباطية و المجازر و المقابر الجماعية و اعتقدت بان مشروعيتها يمكن أن تحقق من الاعتراف الدولي الذي نادرا ما تدخل لرفع الظلم عن الشعوب المقهورة بل على العكس كانت الأطراف الدولية و خاصة الغربية تبتز الأنظمة الشمولية مقابل تنازلات عن الحقوق الوطنية مستغلة غياب تأثير الشعوب صاحبة هذه الحقوق.

ثالثا ـ ضرورة وجود آلية تضمن سير الحياة الاجتماعية و السياسية القائمة على الحركة في ظل القانون و المؤسسات و الحركة أصلا عبارة عن تفاعل و تناقض و تنازع و لولا ذلك لما كان هناك شيء اسمه مجتمع أو حضارة و هذا يتطلب وجود ديمقراطية حقيقية قائمة على التداول السلمي للسلطة و هذا التنازع و التفاعل و التداول هو أساس تطبيق العدل و هنا لابد من القول من أن العدل صيرورة اجتماعية لا يمكن تطبيقه بالمطلق و لكنه بفعل الحركة الاجتماعية السياسية يقترب من درجة مرضية للأغلبية الساحقة و هذا يتطلب وجود أحزاب معارضة عشية كل استحقاق و وجود صحافة حرة و حضور مؤسسات المجتمع المدني و المنظمات اللاحكومية لتشكل جبهة واسعة مطلبية تسهل الوصول إلى اكبر قسط ممكن من العدالة و لكن و بالمقابل و كما قال مونتيسكيو ـ عندما لا تشم رائحة لمعارضة فلا وجود لديموقراطية ـ و في الحقيقة هذه مقولة توضح سياسة الأنظمة الشمولية فهي حجبت التفاعل و التنازع بانتصار قوة وحيدة بفعل القوة الغاشمة و دفعتها غطرسة القوة إلى دمج السلطة التنفيذية و التشريعية و القضائية بيدها و إخضاع و تزييف و تجيير مؤسسات الصحافة و المجتمع المدني و ما حصل لهذه المؤسسات في سورية في مطلع الثمانينات خير دليل على ذلك و بذلك توقفت الحركة و خرجت سورية من التاريخ البشري و أصبحت تدعى جمهورية الخوف مملكة الخوف بسبب شللها التام و كأنها مقبرة لا حياة فيها.

رابعا ـ المنفعة المشتركة و المصلحة العامة فالإنسان مهما قدمت له إن لم تقدم له عمل و دخل و مستوى معيشة كريمة لا تكون قد أعطيته أي شيء و سيبقى ساخط على النظام العام و الحقيقة بان ما يربط المجتمعات ببعضها البعض هو تبادل المصالح الاقتصادية و تتعزز العلاقات التضامنية بتعدد ضروب المصالح النفعية المتبادلة و كلما ازدادت الحاجة بين أفراد المجتمع لتبادل المصالح فيما بينهم لتحقيق المنفعة المتبادلة كلما ازداد الحرص على تعزيز أواصر تلك العلاقة ما يؤسس لحالة التضامن و الاستقرار الاجتماعي انطلاقا من المصلحة الذاتية المرتبطة بشبكة المصالح العامة و ما تحققه من تبادل المنفعة أما في النظم التوتالية فقد اختصرت المصلحة قسريا في مصالح النخب السلطوية فنشأت طبقة طفيلية سادت المجتمع ذو العلاقات المشوهة مكونة من البيروقراطية الرأسمالية و الرأسمالية البيروقراطية فتراجع الأداء الاقتصادي و تراجع معه الحس بالمسؤولية بسبب انتشار الشعور بالتهميش فنتج عن ذلك في سورية استشراء الفساد في جميع مفاصل المجتمع إضافة إلى فقدان الإنسان لأي شعور بآدميته و من ناحية أخرى تزايد ت الهجرة أو التهجير إن جاز التعبير سواء على مستوى الأيدي العاملة أو الأدمغة أو رؤوس الأموال فوصل عدد المغتربين أو المغربين إلى أكثر من ستة ملايين و الأموال الوطنية في الخارج إلى 75 ـ 125 مليار دولار.

و فوق كل ذلك تصل الأحوال العامة في النظم التوتالية الشمولية إلى درجة غريبة لا تقنع حتى الأطفال في ظل ألوهية الرفيق القائد فرغم المآسي و الانتكاسات الاجتماعية و الاقتصادية يبقى هو البطل الملهم....الخ و من هزلية هذا الواقع و لنفهمه جيدا نذكر أن السوريين و خاصة في الثمانينات و التسعينات بدأوا يتداولوا فيما بينهم نوادر مضحكة مبكية لما ألت أمورهم في ظل النظام الشمولي الجاثم على صدورهم منذ عقود و إحدى هذه النوادر تقول أنه يحكى أن مؤتمرا لإدارات الأرصاد الجوية و التنبوءات المناخية عقدته يوما الأمم المتحدة حضرته سورية بوفد كبير العدد و كل أعضاءه من الأجهزة الأمنية ـ ممثل عن كل فرع ـو خبير وحيد ـ أو شبه خبير أو خبيير ـ و أعطيت الكلمة للوفد السوري فبدأ الخبير أو شبه الخبير أو الخبيير بالكلمة قائلا ـ تعاني سورية من جفاف منذ سنوات ترافقت مع نقص الهطولات المطرية....ـ عندها بدأ باقي أعضاء الوفد ـ أحم أحم ..احم ..ـ فاستدرك الخبير أو الخبيير أو شبه الخبير بالقول ـ و لكن بعد الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها السيد الرئيس الرفيق المناضل باني سورية الحديثة...الخ من الصفات التسع و تسعون نجحت الثورة في زيادة نسب الهطول المطري بما يتناسب مع المصالح القومية العليا للأمة العربية و أعادت للغيوم وجهها البعثي الأصيل و تم استبعاد الغيوم الانعزالية التي تهدد مستقبل الأمة و نضالها الدائب من أجل إقامة المجتمع العربي الاشتراكي الموحد....ـ .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ