فوائد
التصفيق .. للرئيس الرفيق
د:عثمان قدري
مكانسي
لا شك أننا سعدنا ، وارتاحت
نفوسنا ، وبشت عيوننا ونحن نرى
ممثلي الشعب يقومون قومة رجل
واحد في مجلسهم الموقر جداً ،
يصفقون بانتظام يدل على الأدب
الشديد والأخلاق الحميدة ، مع
انحناءة الظهور الدالة على
انحناء النفوس – وهم يصفقون
معاً . ثم يتوقفون عن التصفيق في
لحظة واحدة . فقد أدَّوْا دورات
طويلة على طوابير الولاء حتى
وصلوا إلى هذا الصف المتقدم في
الدولة ، الصف الذي وصلوه ببذل
الأعناق وخفض الجباه ، والتملق
الطويل لولي النعمة الذي أوصلهم
إلى مجلسهم
الرفيع !!!
أعرف
أن أي رئيس قبل أن يفرض
قراره يعرضه على مجلس الشعب
أو مجلس الأمة أو البرلمان .. سمه
ما شئت .. ثم يناقشه مندوبو الشعب
، فيصوبون أو يقبلون أو يرفضون
هذا القرار الذي قرر اتخاذه .
إلا أن مجلس الشعب في سورية
ينعقد ليسمع ما يقرره الحاكم
راضياً بكل ما يأمر به ، موافقا
على كل ما يفرضه . وهو لا يملك
غير هذا ... ولم أكن أتصور وأنا
أتابع هذه المهزلة أن يتكلم
النواب إلا بأيديهم !!! أي
بالتصفيق المنظم . فيقومون ، ثم
ينحنون ، ثم يمدون أيديهم ، ثم
يدفعون مؤخراتهم للخلف .. ثم
يبدأ دوي التصفيق الصفيق !! ، ثم
ينتهي بحركة من رئيس المجلس ، ثم
بحركة أخرى يأخذون أماكنهم ، ثم
يجلسون على مؤخراتهم المستعدة
للهبوط السريع " بالبراشوت
" الذي
غذّوه بأموال الأمة فانتفخ ..
ترى لو
كان ما سمعوه
من الرئيس قوله " سوف نبقى
في لبنان مهما كلف هذا من تضحيات
" سيصفقون له كما لو قال "
سنخرج من لبنان سريعاً وأنوفنا
راغمة " ؟!! .... وعلام يصفقون ؟
ألخيبة الحاكم في لبنان بعد
أكثر من عقدين في البلد الشقيق
الذي نكب بالنظام الدكتاتوري
كما نكبنا به نحن معشر السوريين
؟ أم لخروجه دون كرامة ؟ أم لأنه
يذل نفسه للعدو ويستقوي على
شعبه؟! أم لأنه يعلن بصفاقة أنه
يستجيب لأمر العدو الذي يخافه
لكنه يستعلي على شعبه ؟
وكان أولى به لو فقه وفهم أن
يستقوي بشعبه على الدنيا كلها ؟
ولكن
رحم الله الشاعر القديم حين فهم
نفسية المنافقين في في أحد
البرلمانات في القرن الماضي
فقال :
وطن تحيّـرت العبيـد لـذلـه
وأذل منـه رئيسـه
والمجلـس
جاد المفوّض بالعليق فحمحموا
وثنا عليهم بالشكـيم فأسلسـوا
في كـل كـرسي تسنّد نائـب
متكتف، أعمى، أصـمٌ، أخرس
وللتصفيق فوائد كثيرة منها :
ـ النفاق الذي يوصل صاحبه إلى
رضاء المتنفذين فيغدقون عليهم ،
فـ" يتبحترون " بهذه النعمة
المغموسة بدم " المقهورين "
فتزداد لعنة الله عليهم ؟
ـ نفخ الرئيس فيزداد تألّها
وتكبراً وبطشاً بالعباد وظلماً
للمواطنين فتزداد النقمة عليه
فيلجأ إلى هؤلاء لينفخوا فيه من
خستهم ما يزيده سوءاً وصلافة .
ـ بقاؤهم في مناصبهم " الرفيعة
" فتنتفخ
خلفياتهم " الثقافية "
التي يريحونها على مقاعد المجلس
فتزداد " انتفاجاً " مثل
" شل القطن "
ـ وبما أن الدنيا برد "
والمازوت سعره يزداد ارتفاعاً
" فالتصفيق
يرفع درجات الحرارة، وينشر
الدفء في أوصالهم ، فيخففون
المصروف .
ـ وكثرة التصفيق بقوة
- بسبب وبغير سبب-
المصاحب للقيام والقعود "
المبرمج " يدل على استمرار
الولاء المؤدي إلى استمرار
المنافع .
ـ كما أن " بالروح بالدم "
هذه الأسطوانة الخرقاء تزيد
أوار التصفيق ، فيزدهي صاحب
الرأس الفارغة ، ويصدق أن أهل
النفاق سيفدونه بالغالي
والرخيص . أمل إبليس في الجنة .
فحين تأزف الآزفة لا يجد منهم
سوى الصد والبراءة ، وسيكونون
أول من ينقلب عليه ، فهذا دأب
المنافقين في كل زمان ومكان .
ـ وأخيراً فالتصفيق الصفيق عنوان
صفاقة صاحبه . فهنيئاً للمطبلين
المزمرين الذين باعوا دينهم
وضمائرهم في سوق النخاسة ، فما
عادوا يشعرون بوخز أو حياء أو
انتماء للوطن
وقد قلت في هؤلاء المنافقين :
يامن ملكـتـم أمرنـا
فرعونُ أُغرق
مكفهِـرّا
هـامانُ لم ينفعـه إنّ
بطانـة الإفساد تَعـرى
فـولاؤها للظـالمـيـ
ن يعـود تشريداً
وخُسرا
وبطانـةُ الإفسـاد مـا
كانت لباغي الشـر
إزرا
كلاّ..ولا ستًـرتْ لـه
عِرضاً ولا دعَمَتْه ظهرا
بل سارَعَتْ نهشَ الكلا
ب كطالـبٍ حقـاً
وثأرا
ومشت لسيـّدها الجديـ
دِ بهالـة
التقديس بشرا
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|