القدس:
خطوات
متسارعة ومنوعة للتهويد
القدس - ناهض منصور
تسارعت الخطى الإسرائيلية خلال
الشهور القليلة الماضية لجعل
القدس مدينة يهودية صرفة. وتشهد
المدينة جراء ذلك وضعا
استثنائيا، فالمواطنون
الفلسطينيون ما انفكوا يجاهدون
في البقاء في خضم إجراءات تهدف
لإرغامهم على الرحيل.
وتتخذ التدابير الإسرائيلية بحق
هؤلاء أشكال مختلفة، فمن أزمة
المياه في بعض الأحياء، إلى هدم
منازلهم ومصادرة بطاقات
الفلسطينيين وعزل القدس عن
محيطها تماما وصولا إلى
المحاولات الجدية لتدمير
المسجد الأقصى، تتعدد الأسباب
والوسائل والهدف واحد في عرف
المراقبين: تهويد المدينة.
ويتبع الإسرائيليون طرقا أخرى في
إفراغ المدينة من العنصر العربي
الفلسطيني، عبر مصادرة بطاقات
الفلسطينيين. وقد صودرت بين
عامي 1967-2000، 6386 بطاقة هوية منها
207 في العام 2000 قبل وأثناء
اندلاع انتفاضة الأقصى.
تبلغ المساحة الإجمالية للقدس
الشرقية والغربية 126 كم 2، يشكل
الجزء الشرقي منها ما يقدر بـ 72
كم 2، يقطنها من السكان العرب 250
ألف عربي مقابل 180 ألف يهودي، مع
العلم أن النسبة في عام 1967 كانت
70 ألف عربي دون وجود يهودي في
القدس الشرقية.
وبلغ عدد المنازل المهدمة بواسطة
الاحتلال في 2003 في القدس في
منطقة J1 157 منزلاً يقيم فيها 897 فرداً. ويتعرض المسجد
الأقصى بدوره لهجمات شرسة من
قبل الإسرائيليين الذين حاولوا
سابقا حرقه، ويحاولون حفر خنادق
تحته حاليا.
فيما ألتهم جدار الفصل الذي تسعى
إسرائيل لاستكمال مراحله أراض
فلسطينية في القدس تقدر مساحتها
بـ 7946 دونماً مجبرا 130 أسرة على
الهجرة.
ويعمد الإسرائيليون إلى سرقة
المياه الفلسطينية فيما يتوقع
أن يضاعف الجدار الفاصل هذه
المعاناة في الجانب الفلسطيني.
فقد حذر مواطنون ومؤسسات
وفعاليات في المدينة وفي قرى
شمال غرب القدس الشريف، من
كارثة بيئية وصحية ستحل نتيجة
أزمة المياه الخانقة التي
يعانون منها.
البطالة..
ضغط من نوع آخر
ومنذ عام 1967 قامت إسرائيل بتوسيع
حدود القدس، بحيث ضمت أراضي 28
قرية عربية وهي: كفر عقب ورام
الله ورافات وقلنديا وحزما
وعناتا وبيت لحم ةبيت جالا وبيت
ساحور وأبوديس والعيزرية
بالإضافة إلى قرى داخل الحدود.
ولا
تزال هناك أراضي مهددة بالجدار
مثل: أراضي الرام وبيت حنينا
وكفر عقب ورافات وعناتا وحزما
والطور والعيزرية وأبوديس
والسواحرة وصور باهر وبيت جالا
وبيت لحم وبيت ساحور.
ويبذل الإسرائيليون قصارى جهدهم
في القضاء على التفوق الفلسطيني
الديمغرافي. فالقدس التي يبلغ
تعداد سكانها 402.900 نسمة، حسب
الجهاز المركزي للإحصاء
الفلسطيني استنادا إلى تعداد
أجري عام 2003، بنسبة 10.8% من مجموع
سكان فلسطين، تبلغ نسبة البطالة
بين مواطنيها الفلسطينيين فوق 15
عاما 22،3%، فيما بلغت نسبة
العاملين في إسرائيل (داخل الخط
الأخضر) وفي المستوطنات 36.3% من
إجمالي العاملين في المدينة،
وذلك حسب معايير منظمة العمل
الدولية. ويتوزع 254.099 من السكان
في منطقة J1 و148.801 في منطقة J2.
ومع التحذير من كارثة شمال غرب
القدس جراء أزمة نقص المياه
الخانقة شرعت قوات الاحتلال
الإسرائيلي في 9 يونيو في بناء
قواعد إسمنتية خاصة على الخط
الفاصل بين اتجاهي شارع رام
الله- القدس العام، جنوب حاجز
قلنديا العسكري استكمالاً
لبناء الجدار حول المدينة.
وكانت الآليات الثقيلة قد انتهت
من تسوية الأرض في المكان،
وتجريف الشارع القديم من جهته
الغربية، تمهيداً لإعادة
تعبيده ليصبح عبوره مقتصراً على
حملة البطاقة الإسرائيلية
الزرقاء فقط في تزامن مع جلب
الشاحنات الإسرائيلية المزيد
من القطع الإسمنتية الضخمة
بارتفاع تسعة أمتار، تمهيداً
لإقامة الجدار وعزل بلدتي الرام
وضاحية البريد وقرى وبلدات شمال
غربي القدس المحتلة عن بعضها
البعض من جهة، وعن المدينة
المقدسة من جهة أخرى.
جدار
الفصل .. آثار
وخيمة
ويترك الجدار الفاصل آثارا واضحة
على حياة الفلسطينيين
وعلاقاتهم الاجتماعية فضلا عن
أوضاعهم الاقتصادية، ويشير
المواطن مراد مبارك من رام الله
في حديث لـ"العربية.نت" إلى
التأثير النفسي الذي حل بالناس
من جراء الجدار قائلا "إقامة
الجدار أدت إلى منع الهواء وحجب
الرؤية عن عطاروت، حيث كنت
أراها من مكان عملي، مما خلق
حالة نفسية سيئة، وكأن الواحد
منا يعيش في سجن" وتحدث عن
الأثر الاجتماعي والاقتصادي
للجدار قائلاً: "لي أخوة في
الخليل وفي بيت لحم لا أستطيع أن
أذهب إليهم، وقبل الجدار كنا
نعمل ولو قليلاً، أما الآن
فالعمل شبه معدوم والنتيجة
إحباط نفسي واقتصادي".
يقيم الإسرائيليون "غلاف
القدس" كمشروع استيطاني
يتكون من جدارين شمالي وشرقي،
وفصل القدس الشرقية عن الغربية
بجدار طوله 11 كم. بدأ العمل في
الجدار الشمالي في أغسطس/ آب 2002،
أي بعد مرور شهرين من البدء في
بناء "المرحلة الأولى" من
الجدار في منطقة الشمال، ويتم
بناؤه بمحاذاة حاجز قلنديا.
ويهدف المشروع أيضا إلى توسيع
حدود بلدية القدس المحتلة
وجعلها تسيطر على نحو18% من مساحة
الضفة الغربية، وإكمال الطوق
الاستيطاني حول المدينة بدءاً
من مستوطنة "هارحوماه"
مروراً بمستوطنة "معاليه
أدوميم" ثم مستوطنة "جبعات
زئيف" في الشمال.
وكانت لجنة التخطيط المدني
التابعة لحكومة الاحتلال
الإسرائيلي في القدس المحتلة
بدأت بإعداد مخطط لإقامة
مستوطنة جديدة على أراضي قرية
الولجة الفلسطينية القريبة من
القدس المحتلة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية
متعددة أن المستوطنة المذكورة
ستفصل القدس المحتلة عن محيطها
بشكل كامل، وأنها ستقوم على
مساحة ألفي دونم وسيشمل بناء 13
ألفاً و500 وحدة سكنية تتسع لـ 55
ألف مستوطن.
ولا يقتصر الأمر على الأراضي
والقرى، فمؤسسات مثل البنك
الدولي وممثليات النرويج
ومؤسسات أخرى في الرام يهددها
الجدار أيضا. أما فيما يتعلق
بالمدارس المهددة بفعل الجدار
فقد أفادت مصادر صحفية أن مدرسة
القبطية ومدرسة راهبات الوردية
إضافة إلى كل مدارس الأوقاف
الإسلامية أكبرها مدرسة الأمة
مهددة.
وفي الحصيلة سيصنع الجدار
العنصري أربع معازل، الأول في
شمال غرب القدس ويشمل بيت إزة
وبيت دقة وبيت لقيا وبدو
والقبابة وبيت عنان وقطنة وبيت
سوريك. أما المعزل الثاني فيشمل
جديرة وقلنديا وبيرنبالا وبيت
حنينا القديمة والجيب. ويتم وضع
المعزل الثالث في شمال القدس
ويشمل ضاحية البريد والرام.
أما المعزل الأخير هو شرق القدس
ويشمل ضاحية السلام وعناتا
ومخيم شعفاط.
وكانت المحكمة العليا
الإسرائيلية اعتبرت أن 30
كيلومتراً من أصل 40 كيلومتراً
يتألف منها الجدار المحيط
بالقدس، غير قانونية وتمس بحياة
السكان الفلسطينيين، وجاء هذا
القرار المبدئي بعد التماس تقدم
به أكثر من 32000 مواطن مقدسي حول
المدينة المحتلة.
|