حالة
فصام..
أيمن
الدقر
اليوم،
وقد كان خيار سوريا الدخول في
اقتصاد السوق، مما يعني أن
الأمر قد حُسم (حسب تصريحات
المسؤولين) وأن اتفاق الشراكة
السورية الأوروبية أصبح واقعاً
وافقت عليه جميع الجهات بعد أن
استغرقت المناقشات والحوارات
بين المفاوضين (السوريين
والأوروبيين) حوالي عشر سنوات
مرت خلالها أحداث سياسية
متسارعة أثرت بشكل أو بآخر بتلك
المفاوضات ونتائجها..
اليوم
وبعد أن حسم الأمر أصبحت الكثير
من الأمور الأخرى بحاجة إلى حسم
سريع خاصة وأن الاتفاقية لم
تتحدث بخطوطها العريضة عن طبيعة
النظم السياسية أو نوعيتها، إذ
إن الخطوط العريضة تتناول عادة
الغاية والأهداف، لكنها من خلال
تفصيلاتها تفرض واقعاً مغايراً
لما هو عليه الواقع السوري
الحالي، من حيث الأنظمة
والقوانين المعمول بها، فسوريا
ومنذ ثورة الثامن من آذار
اختارت الخط الاشتراكي
لسياساتها الاجتماعية
والاقتصادية، وأكدت على ذلك في
دستورها الذي طرح للاستفتاء بعد
الحركة التصحيحية بأن البعث
العربي الاشتراكي( قائداً
للدولة والمجتمع) وبناء عليه
فإن معظم العمل في التجارة
الحرة قد يكون كافياً للاتهام
بمعاداة النظام الاشتراكي
والخروج على إرادة الجماهير
التي اختارت الاشتراكية طريقاً
لها.
إن
اتفاقية الشراكة (السورية –
الأوروبية) في تفاصيلها تعني
فتح الباب للمنافسة التجارية
الحرة وفتح الأسواق وإزالة
الحواجز الجمركية وغيرها إلى
آخر ما هنالك من مفاهيم للعمل
التجاري وفقاً لقوانين اقتصاد
السوق الحر، وهذا يعني (كتحصيل
حاصل) استغناء الدولة عن دورها
في السيطرة على الاقتصاد وإدارة
دفتة،
وذلك دون أن يصدر قرار سياسي حيث
كانت الدولة في السابق منتجاً
وتاجراً ومصدّراً ومستورداً
ومستهلكاً، فغدت الآن تعمل
بجدية للانفتاح على دول العالم،
فالظروف الدولية والإقليمية قد
فرضت نفسها على جميع دول العالم
مهما كانت طبيعة النظم السياسية
فيها، فكان من الطبيعي أن تصبح
الكرة في ملعب القطاع الخاص
والمشترك والعام الاقتصادي.
إذن
فاتفاق الشراكة (السورية
الأوروبية) فرض حالة (فصام سورية)
بدأت بالظهور بين (طبيعة النظام
الاشتراكي وطبيعة اقتصاد السوق)
إذ يبدو التناقض واضحاً فيما
بين الطبيعتين، وحالة الفصام
هذه بتصورنا تحتاج إلى قرار
سياسي يتخذه البعث لإيجاد حل
لها، فكيف سيتحرك رجال الأعمال
وأصحاب الفعاليات الاقتصادية
ضمن هذا التناقض؟ فأغلب الأعمال
التجارية حسب (اقتصاد السوق)
تبدو مخالفة للأنظمة
الاشتراكية، ويمكن إحالة أي
صناعي أو تاجر أو صاحب أي نشاط
اقتصادي إلى المحاكم السورية
بسبب مخالفته (للنظام الاشتراكي)
في حين أن ما قام به هو من صلب
أصول العمل في اقتصاد السوق
الذي اختارته الحكومة وحسمت
الأمر اتجاهه!.
نحن
لسنا بصدد الوقوف مع أو ضد أي من
النظامين، ولكن يبدو أن حلاً
سريعاً نحن بحاجة إليه لإلغاء
التناقضات التي فرضت نفسها على
السياسة والاقتصاد، وجعلت كل
واحدة منهما في واد، في حين أن
العلاقة بينهما جدلية لا يمكن
فصل إحداهما عن الأخرى.
إن
الحل المطلوب هو قوننة التحول
التدريجي باتجاه اقتصاد السوق.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|