ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/10/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حصان طروادة يسير على طريق

( بيروت – دمشق – بغداد )

عبد الحميد حاج خضر* – ألمانيا

على محور بيروت _ دمشق _ بغداد تتسارع الأحداث ، وتتشابك الوقائع ، وتتناقض المصالح ، وتزداد فرص المغامرة والوثوب  الانقضاض .  من بديهيات ومسلمات التحليل ، لأي ظاهرة كونية أو إجتماعية أو إقتصادية أو سياسية ، التعرف على مفرداتها ووجوه الاتفاق أو التناقض بين هذه المفردات . سوريا تحكم بنظام شمولي منذ مارس ( آذار ) عام 1963 ، ومع أن هذا النظام الشمولي يقوم على مرتكزين فقط ( العصبية والإديولوجية ) - دون العدل ؛ المرتكز الثالث لضرورة الاستقرار ،  للأجرام والملك . إلا  أن النظام استمر أكثر من أربعين عاماً مترهلاً على سرير السلطة ، ولعل الدور الوظيفي الأمني لحساب الهيمنة الأمريكية  هو سر ذلك الاستقرار المترهل ، ونقطة الارتكاز الثالثة التي تعوزه . إن الدور الوظيفي الأمني الذي اضطلع به النظام منذ 16 أكتوبر ( تشرين الأول ) عام 1970 وتجلى بعد دخول القوات السورية إلى لبنان الذي تم بإعاز أمريكي ، وموافقة إسرائيلة ، وقبول من المارونية السياسية ، كان الرئيس حافظ الأسد شديد الحرص عليها ، وتمويل عربي ، وتسليح سوفيتي . كل الأطراف التي " باركت " هذا الدور الوظيفي وصلت اليوم على مفترق الطرق بعد أن أقروا ضمناً وتلميحاً بأن الدور الوظيفي أنجز بشكل مرضي . إسرائيل حققت أمنيتها بتصفية الوجود المقاوم على أرض لبنان ، دون أن تضطر لتقديم الشكر " للمعلم " . الدول العربية التي مولت دخول القوات السورية أصبح لها هم آخر أكبر وأعظم من الهم اللبناني وهو العراق . المارونية السياسية تريد العودة إلى حجمها المنشود بعد أن حجم دورها المعهود ، ولا ترى داعياً للاعتراف بفضل الدور الوظيفي السوري ، الذي ألقى إليها طوق النجاة في اللحظة المناسبة . أما الاتحاد السوفيتي فقد أصبح أثر بعد عين ، وقام على أنقاضه اتحاد الجمهوريات الروسية الذي يعمل بأليات السوق . المشكلة فعلاً كامنة في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة  . يبدوا أن أمريكا لم تلغي  نهائياً ، سياسة الهيمنة عبر منح دور إقليمي لبعض الدول ، كإيران في عهد الشاه ، لأنها قد تضطر إليه ، ولكن طورت أو عولمت هذا الدور ، أطلقنا على الصيغة الجديدة للهيمنة عبر وسيط  ( الدور الوظيفي ) . ولسياسة الدور الوظيفي أتباع وأنصار  ، وخاصة في الخارجيتة الأمريكية والمخابرات والعسكر والعديد من الشركات الصناعية . أما الجناح الصهيوني والمحافظين الجدد ، الذين يعلنون على الملأ نهاية هذه السياسة ويعتبرونها من مخلفات الحرب الباردة ، ويريدونها حرباً لا تبقي ولا تذر ، ويعتبرون الفوضي والاقتتال أمراً " طبيعياً " ومطلوب للتخلص من آثام المثالية ، المسيحية والاشتراكية والأنسنة والأديان ، التي لا تخلق ، حسب فلسفتهم ، إلا أفواه تبلع وأرحام تدفع . إن نقطة الانطلاق هي : كسر شوكة الإسلام ووصمه بالإرهاب . التي يسوقونها في محافلهم المظلمة  كسياسة عقلانية . من بعض نتائجها ، القضاء على شبح الإنفجار السكاني المخيف الذي يقض مضاجع معظم ساسة الغرب . إن تعثر مشروع تدمير العراق ، واتخاذ أشلاءه قواعد انطلاق للهيمنة على العالم بقضه وقضيضه ، أحيا سياسة الهيمنة عبر الدور الوظيفي ، واستبشر رواده بدور جديد ، في الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية وزبائنهم في بعض النظم السياسية  . ماهي معالم هذا الدور على محور بيروت – دمشق – بغداد . يجب أن نعرف أن القيادة السورية ليست على قلب رجل واحد ولم تكن كذلك في يوم من الأيام ، ولكن التناقضات لم تبرز إلى الخارج لأسباب معروفة . سورية تحكم بباطنية سياسية شديدة التكتم ، وكانت الأمور تسير بشكل مرضي لأطراف السلطة وحتى صيف عام 1991. بعد لقاء جيمس بيكر بالريس حافظ الأسد وإفهامه أن العالم قد تغير وعليه أن يقبل بسحب بعض الأوراق من يده كعربون لمراجعة موضوعية للدور السوري ، تبدأ بسحب الورقة الفلسطنية  والحضور طائعاً أو مكرهاً إلى مؤتمر مدريد وكان له ذلك ، ولكن كان الريس حافظ الأسد ذو حظ عظيم ، فسقط بوش الأب وجاء كلينتون إلى البيت الأبيض ، وظل النظام في سورية يحظى ببعض الرعاية دون جعالة أو منح . الاتحاد السوفيتي لم يعد موجوداً وهذا يعني أن المنح المجانية ، التي كان يرشي بها أهل الصغائر قد انتهت ، وصفقات الأسلحة المجانية ، والتي يحول ثمنها الأسمي ، المدفوع من دول الخليج ، إلى حسابات أهل السلطة في البنوك الغربية قد انتهت ، بل إن دول الخليج أصبحت تراكم الديون نتيجة سياسة النهب والسلب لشركات السلاح وعقود الإكراه ، كما أن أسعار النفط المتدنية 13 دولار للبرميل حعل الأعطيات زهيدة  وزاد الطين بلة . ببساطة : ماكو فلوس . التناقضات في المؤسسة الحاكمة السورية كانت تسخن على نار هادئة . إن التواجد السوري على أرض لبنان خلق طبقة طفيلية نهمة وشرسة في قلب المؤسسة الحاكمة السورية وهي متمسكت " بمكتسباتها " العينية من أتاوات وأرزاق ومعاملات مشبوهة ، ولها رديف لبناني يشد من أزرها ويشركها في أمرها . تتقاطع مصالح هذه الفئة مع رؤى وإديولوجية  وتطلعات الصهيونية واليمن المسيحي المتصهين ، الذي يرى في هذه الفئة الجشعة والمستميتة في سبيل أنانيتها خير حليف لأسوء سيناريو يمكن أن يحدث في سورية ولبنان والعراق ، ففيهم من أمثال العلاوي والجلبي والبرزاني والطلباني وبحر العلوم والفنون ما يكفي لخلط الحابل بالنابل . الجناح الآخر في السلطة وهو الذي ورث الدور الوظيفي صاغر عن صاغر وتمرس في إدرارة متطلباته ، كما يملك الوسيلة والدبلماسية " الرفيعة " وشرعية القمع والإذلال . ومع أنه احتفظ بخط الرجعة عن طريق الحسابات السرية في البنوك الغربية . إلا أنه المسؤول ، في أعين الشعب والمعارضة اللبنانية والسورية عن التردي الاقتصادي والاجتماعي والسيلسي وانتشار الفساد . تعول الخارجية الأمريكية وأجهزة المخابرات والعسكر الأمريكي على هذا الجناح ، وبين الفريقين حب وتناغم قديم . لقد أقدمت الرياسة وأهل السلطة في سورية والأجهزة المرتبطة بها بجس النبض عند الطرف الآخر الأمريكي وتقربت إليه بالنوافل الكثيرة ، كالملفات الأمنية التي سلمت إلى أمريكا ، واستضافت شيوخ القبائل العراقية ومزيد من رموز المعارضة العراقية المناوئة للإحتلال ، إسلامية وعربية ، بقصد رصدها واخترقها أمنياً . تماماً كما فعلت مع الفئات اللبنانية قبل دخول القوات السورية علم 1976 . أي جمعت من الأوراق ما يمكنها من لعب الدور الوضيفي الأمني المناط بها. كل هذا جرى ويجري على مرأى ومسمع الإدارة الأمريكية المتصهينة والرصد الإسرائيلي الدقيق لكل هذه النشاطات . يجب أن لا يفهم  هذا التقسيم أنه حدي وصارم ، بل هناك متسع لتغير الولاءات والمواقع . عندما قررت القيادة السورية فرض التمديد للرئيس لحود و "استفتزاز " من يجب استفزازه . لم يكن عن سذاجة وعدم دراية أو خبط عشواء ، وإنما لستعجال التكليف والسير في طريق التنفيذ . الردود من الأطراف الأمريكية ، طبعاً لا يوجد طرف واحد ، كانت إلى حد ما  منسجمة مع بعضها ومتأثرة بالواقع على أرض العراق الذي أضعف خصومهم في البنتاغون . إصدار القرار 1559 ثم تقرير الأمين العام كوفي عنان كان تعبير عن رؤية من يقول ويسعى للتوظيف سوأً في دمشق أو في واشنطن  ، وموضع " ترحيب " من الرياسة السورية ووسام استحقاق  للدبلماسية السورية  . أما قرار الكنغرس الشديد اللهجة والتصريحات لبعض رموز التيار المحافظ تصب في خانة من يقول بعدم جدوى التوظيف . انطلق كل فريق ليخلق واقع محسوس يغزز موقعه . الجانب الرسمي السوري مرر التمديد وجمع أكثر من ثلثي أصوات النواب على تعديل المادة 49 من الدستور اللبناني أعقبها زيارة وفد أمريكي يضم خبراء أمن وتخطيط عسكري يقودهم وليم برنز ، ليقوم بمهمة دبلماسية التضليل ، وإطلاق التصريحات البونابرتية الضرورية والقاسية لتبرير سياسة الانصياع السوري . بنفس الوقت يبحث الخبراء من كلا الطرفين ، السوري والأمريكي ، آليات ضبط الحدود ( السورية – العراقية ) بكل تفاصيها . قبول تام وتعاون ملزم لصاحب الوظيفة ( سورية ) ووعود أمريكية بتأمين متطلبات الوظيفة من جعالة عربية وتسويق حسن للخطة عربياً وأمريكيأً  ، وفعلاً سافر وليم برنز إلى القاهرة لهذا الغرض ، وقام الرئيس حسني مبارك ، رغم مرضه العضال ، بزيارة خاطفة إلى سوريا لطمأنة زميله في دمشق على القيام بما يطلب منه في إطار هذه الخطة . تجنب السيد وليم بيرنز زيارة المملكة العربية السعودية ، رغم حرص النظام في سورية على موافقة السعودية ، صاحبة المال عصب التأمر والحرب ، وذلك للتعقيدات الشديدة التي تكتنف الموضوع . قام وفد عسكري من القيادة الوسطى الأمريكية ودول التحالف بزيارة لدمشق لوضع النقاط على الحروف . المعلن هو : تسير دوريات مشتركة سورية – أمريكية – عراقية لضبط الحدود المشتركة ( السورية – العراقية ) والتي يبلغ طولها 605 كم ، وتزويد سورية بمعدات الكترونية لهذا الغرض . عودتنا الباطنية السياسية أن نجهد أنفسنا لمعرفة غير المعلن . يكاد أن يكون إجماعاً عند أهل الخبرة والاختصاص أن المعلن من هذه السياسة هو لتغطية تجميع قوات سورية ما بين 30- 40 ألف على الحدود المشتركة تمهيداً لسوقها إلى داخل العراق ، لتتمركز لاحقاً في المواقع التي كانت مقررة لتمركز القوات التركية مع بداية الاجتياح . ( اقرأ مقال تعريب الاحتلال في القدس العربي - مدارات بتاريخ 20/9 ) وهذا يستدعي سحب معظم القوات السورية من لبنان ، فليس من المعقول الحرب على جبهتين ، وقد بدأت سوريه بسحب بعض قواتها من لبنان . المدمن ، مثلي ، على رؤية الأخبار عبر الفضائيات العربية والعالمية ، لاحظ البهجة والسرور تعلو ملامح رئيس الدبلماسية السورية ، فارووق الشرع ، وهو يصغي إلى السيد بيرنز في القصر الجمهوري  أو يقف مع السيد باول أمام عدسات التلفاز في مبني الأمم المتحدة  . كانت الفرحة تشبه فرحة بائس فقير  حصل للتو على وظيفة أو فرصة عمل . لم يخف السيد الشرع امتعاضه من التصريحات الإسرائلية التي تحرض وتشكك بالدور الوظيفي السوري ، وقال إن إسرائيل غير مرتاحة للتفاهم السوري – الأمريكي . إن دخول القوات السورية إلى العراق ، ولعب دور أمني في المنطقة التي أطلق عليها " المثلث السني " استنتاج منطقي ومضارعة حصيفة للدور الذي لعبته الباطنية السياسية السورية في المنطقة وفي لبنان خاصة ، ولكن يجب أن نعترف أن هذا الاستنتاج ينقصه الدليل الحسي المادي البصائري ، وعند توفر الدليل المادي سيصبح الجاهل والعالم  والنابه والخامل ، على مستوى واحد من المعرفة والعلم والدراية  . ما هو موقف حلفاء سورية في المنطقة من هذه الخطة الجهنمية ؟ ، ولنبدأ بإيران : إيران دولة قومية بعباءة وعمامة دينية ؛ وانطلاقاً من اهتمامتها الأمنية فلا تري في الخطة ما يهدد مصالحها الأمنية بل على العكس ترى في الخطة ما يصرف عنها بعض الشرور الإسرائيلية . حزب الله : سيقبل ، ربما على كره ، بهذه الخطة لأنه يعتبر نفسه حليف استراتيجي صغير لدولتين هما سوريه وإيران . سوريه أعطت حزب الله الغطاء السياسي والحزب أعطى للسلطة في سورية ، وخاصة عائلة الأسد ،  دعماً مادياً ومعنوياً بإبعاد شبهة الهرطقة والزندقة عنها . أما إيران فقد أعطت حزب الله دعماً مادياً وتقنيات ضرورية في عمليات الضبط والربط . كما أعطى الحزب لإيران غطاء عربياً هي بأمس الحاجة إليه . مصر تنظر بحسرة وغيرة وحسد إلى هذا الدور الدور السوري المنتظر ولم تستبعد مصر من هذا الدور إلا لكونها دولة غير مجاورة جغرافياً ، ولأن معاهدة ( كامب ديفيد ) اللعينة ، يحرمها من أي دور في المنطقة العربية ولو كان وظيفياً لصالح أمريكا ، حتى في دافور لم يسمح لها إرسال قوات لحفظ الأمن كبقية الدول الإفريقية  . السعودية : لديها تحفظات معتبرة ، لأن الخطة لم تحظى بموافقة آل بوش النهائية ، ومرفوضة من المحافظين الجدد الذين رتبوا الأولويات منذ 11 من سبتمبر بشكل يلغي الدور الإقليمي لأى دولة في المنطقة ، ويحصر بل يحتكر أي دور إقليمي  في المنطقة  بدولة العدوان " إسرائيل " كما أن المعاهدات السرية والعلنية بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية  لا تقرأ إلا بهذا بهذه الصيغة . سربت بعض الجهات الأمنية في سورية معلومات توحي بأن الرئيس بشار الأسد يسعى إلى إصلاحات في بنية السلطة عن طريق إحالة أعداد معتبرة من كبار الضباط إلى المعاش وعدم تمديد الخدمة للضباط بعد بلوغ سن اليأس ، عفواً سن التقاعد ، ليفسح المجال للعناصر " الشابة " فرصة المشاركة بالقرار وبسط الإصلاحات المتعثرة . التغير الوزاري هو مجرد بالون اختبار واستفزاز وفرز من يجب فرزه ، ولكن الشريحة التي يراد التخلص منها كانت مستنفرة ، وبعثت برسائلها إلى من يهمه الأمر . الرسالة الأولى : اغتيال الشهيد عزالدين خليل من كوادر حماس . الرسالة الثانية : محاولة اغتيار الوزير اللبناني الدكتور مروان حماده . الرسالة الثالثة : القبض على مجموعة من الشباب المسلم واتهامها بالانتماء إلى تنظيم القاعدة وتعذيب الشهيد اسماعيل الخطيب حتى الموت لنتزاع اعتراف منه يؤكد صحة الادعاء . الرسالة الرابعة : الصدامات المسلحة بين حزب الله وحركة أمل والتراشق بأسلحة آ ر ب ج وتدخل الجيش اللبناني . كل هذه الرسائل جاءت من جهة أو جهات تسعى  للإبقاء على مصالحها الأنانية ولو أدى إلى إغراق البلاد في حرب أهلية ولن تتواني عن العمل على إسقاط النظام في سوريا وتبوء سدة القرار بدعم من المحافظين الجدد وإسرائيل والتغني بالديمقراطية ، وأعتقد أن فرص هذا الفريق المغامر كبيرة في حالة نجاح الرئيس بوش . من هم أطراف هذا الفريق ؟ حركة أمل الشيعية أو كما وصفها باحث ألماني ( الشيعة بلا شريعة ) السياسة والدين عندهم عصبية واتباع رجل ، من أجل دنيا يصيبونها أو رياسة ينالونها  . هناك من أثرى ، بفضل التواجد السوري في لبنان ، ويريد مزيد من الثراء والمال الحرام ولا يرى سبيلاً غير الحفاظ على الفساد لمزيد من الإفساد . في المؤسسة الحاكمة في سوريا فريق غير قليل من المغامرين الذين يرون أن دولة الأسد قد أنتهت وجاءت دور دولتهم ، وهناك سباق محموم بين الفرقين ولكل سنده من الخارج ، ولكن وبكل تأكيد لا يوجد للفريقين أي سند حقيقي من الداخل . لقد أصبح سجلات الحزب أشبه بسجلات الموتى والمفقودين . أما رموز الجبهة التقدمية ، فأشبه ما تكون بدار للعجزة المتناحرين على فضلات الموائد . هذا حصاد الاستبداد ، ولن تجد لسنة الله تبديلاً . يتسأل من بقيت فيه بقية من نخوة ومرؤة كيف استطاعت السلطة أن تمرر على الشعب في سورية والأمة مشروع الذل والعار . عندما هرولت إلى أمريكا وحكومة العمالة في بغداد لتسير معهما دوريات مشتركة لحماية الاحتلال من أهل المرؤة والنخوة والإيمان ؟ إن تونس وتحت حكم بورقيبه ، الذي يوصف في أدبيات البعث بالخائن ، فتحت حدودها للمجاهدين الجزائرين وجعلت من أرض تونس ملاذاً آمناً لهم من المحتل الفرنسي . والمغرب العربي تحت قيادة الملك محمد الخامس ، رحمه الله ، والذي يوصف بأدبيات البعث بالرجعي ، جعل من مدن المغرب وجده وبركان وغيرها من مدن المغرب ، أدام الله عمرانها ، مراكز تدريب للمجاهدين الجزائرين . لفد ضاقت دمشق ، بما رحبت ، أن تأوي أهل الرباط والجهاد من أبناء فلسطين والعراق ، بل تمتد يد الصهاينة أو العملاء ، لا يهم كلاهما شر ، وتنال منهم في قلب دمشق الفيحاء التي تعج برجال " الأمن " والمخابرات . وكما قال كمال ناصر : لو كنت من مازن لم يستبح وطني   بنو اللقيطة من صرافة الذهب . أو : بنو اللقيطة ولكن عقني نسبي - كما أنشد الشاعر الجاهلي وكلاهما أصاب . هذه القرأة هي دعوة أولاَ إلى الحذر والترقب الشديد لكل أبناء المنطقة ، لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين . وثانياً دعوة إلى رفض الدور الوظيفي أو الأمني للجيش والقوات المسلحة . إن الموقع الطبيعي لهذا الجيش هو الجولان وليس الحدود العراقية-السورية ، فالشعب السوري لم يدفع بفلذات أكباده إلى الخدمة العسكرية ويقتطع من لقمة عيشه لتمويل هذا الجيش لحماية الاحتلال أو تسهيل مهامه . إذا كانت كل شعوب العالم ترفض إرسال قولتها المسلحة إلى العراق ، فكيف تسمح الشعوب العربية وخاصة الشعب السوري بدور قذر كهذا . إن عقيدة الجيش والقوات المسلحة السورية هي : النضال من أجل استرداد الحقوق العربية المغتصبة وليس تبديدها أو المساعدة على هضمها .

*باحث في الفقه السياسي الإسلامي المعاصر

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ