سينيت
دوغاني تحلق شعرها احتجاجا
أمير
أوغلو / الدانمارك
قامت طالبة فرنسية في الخامسة
عشرة من عمرها بحلق شعر رأسها
بالكامل احتجاجا على قانون منع
الحجاب في فرنسا بعد أن منعتها
المدرسة حتى من وضع الحجاب بشكل
الباندا أي ما يشبه الطاقية
المربوطة إلى الخلف .
إن هذا التشدد الذي تمارسه
المدارس وإداراتها في تطبيق
القانون مع الفتيات المسلمات لا
يعكس فقط الحقد على كل ماهو غريب
في فرنسا , ولكن يعكس أيضا الضعف
الشديد الذي وصل إليه المسلمون
في الغرب نتيجة عدم وقوف أية
دولة إسلامية
ورائهم وعدم مساندة قضاياهم
من أي جهة مسؤولة في أي بلد
إسلامي أو منظمة إسلامية كبيرة ,
ونتيجة اختلافهم الشديد
وعدم إمكانية إيجاد أرضية
للحوار المشترك بين طوائفهم
ومراكزهم وجماعاتهم ومساجدهم .
لماذا يجب أن تتصرف فرنسا باحترام
مع المسلمين المتواجدين
على إراضيها إذا كانت دولهم
أصلا تجردهم من معظم حقوقهم
وتحتقرهم وتسجنهم وتطاردهم
أينما حلوا وأينما رحلوا ؟
ولماذا يجب على فرنسا أن تحترم
المسلمين على أرضها إذا كانت
بلدانهم أصلا تشجع الدول
الغربية على عدم احترامهم بل
تطالبها أحيانا بعدم إعطائهم
الكثير من الحقوق حتى لا
يتمردوا في المستقبل على الظلم
الموجود في بلادهم ؟
ولماذا يجب على فرنسا أن تحترم
حجاب المسلمات إذا كانت حكومات
الإسلام تخلع حجاب الفتيات في
شوارع المدن الإسلامية ؟ وإذا
كان ممثلوهم في فرنسا وأوروبا
لا يمانعون من خلع الحجاب ؟
ولماذا لا تهين فرنسا المسلمين
على أرضها إذا كانت دولهم تهين
مواطنيها وتحتقرهم وتعتبرهم
عبيدا لديها وليسوا مواطنين
أصلا ؟
لقد رأيت صورة الفتاة على الشبكة
وهي بدون شعر والدموع تملآ
عينيها فتذكرت صور الحرب
العالمية الثانية وما أدت إليه
المعتقلات الجماعية آنذاك ,
شعرت بألم كبير وتسائلت هل على
المسلمين أن يمروا بما مر به
اليهود في أوروبا بعد كل هذه
التجارب القاسية ؟ ألم تتعلم
أوروبا من الحرب ومآسيها شيئا ؟
أم هي سنة الكون أن يظلم القوي
الضعيف ؟ متى ستصل الإنسانية
إلى مرحلة ما بعد العبودية
والتي مازالت تعاني منها منذ
آلاف السنين ولكن بأشكال مختلفة
؟ إن إلقاء المسؤولية على
المسلمين المتطرفين تسطيح كبير
وظالم للمشكلة فلو لم يكن عند
أوروبا والغرب الإستعداد
المسبق والمخطط المبيت لهذا
الذي يحدث لما وصلنا إلى ما نحن
فيه الآن برغم كل ما بدر من
جماعات إسلامية متطرفة أساءت
لنفسها ولدينها ولمجتمعاتها
بتصرفات تحتاج إلى الكثير من
الدراسة والحوار لا إلى المزيد
من العنف والعنف المضاد . لو لم
يكن عند أوروبا الإستعداد
النفسي والفكري لهذا التطور
الخطير لما حصل . لقد أساء
المتطرفون لدينهم ولبلدانهم
ولكن أوروبا بقوانينها الجديدة
التي تقنن الظلم أساءت أيضا إلى
دينها ومبادئها فمن المستفيد ؟
ومن سيجني ثمار العنف القادم ؟
كل من رأى صورة هذه الفتاة البريئة
الحائرة لم يتمالك نفسه من
إظهار الحزن والانفعال , فهل رأى
رؤساء الدول الإسلامية هذه
الصورة ؟ وهل رأي علماء الإسلام
هذه الصورة وهل رأي ممثلوا
الهيئات الإسلامية هذه الصورة ؟
وهل رأى نواب الدول الإسلامية
في الرابطة الإسلامية وهم في
غرف فنادق الدرجة الأولى هذه
الصورة ؟ هل رأى هذه الصورة من
قلبوا الدنيا على رأسها ونووا
الإعتصام والصيام من أجل
الرهينتين الفرنسيين ؟ وهل رأى
العاملون في جامعة الدول
العربية هذه الصورة ؟ ( عفوا على
هذا السؤال فالجامعة العربية
ليست مختصة بمشاكل المسلمين بل
بمشاكل العرب فقط ) وهل رأى هذه
الصورة من يطالب المسلم أن يموت
وهو يبتسم أمام كمرات التلفاز
حتى لا يزعج مشاعر الناس في
الغرب ؟
لماذا لا تتصرف فرنسا بهذا التعنت
وهذا التكبر بعد أن صرحت فاطمة
الزهوي رئيسة الرابطة الفرنسية
للنساء لـ"إسلام أون لاين.نت"
السبت: " لا نرغب في أن يصل
الأمر إلى هذا الشكل من
الاحتجاج "المتطرف نوعا ما"
(حلق التلميذة المسلمة لشعرها)"
، يعني أن ما فعلته سينيت تطرف
ما كان يجب أن تقوم به هذه
الفتاة المتطرفة ونحمد الله أن
السيدة الزهوي لم تسم الفتاة
إرهابية وإنما اكتفت بوصفها
بالمتطرفة نوعا ما , ولم تطالب
بنقلها إلى غوانتنامو مثلا !!!
بنظر السيدة الزهوي كان يجب على
الطالبة ذات الخمسة عشر ربيعا
أن تفهم أنها مجرد أمَةٍ في
فرنسا لا يحق لها حتى الإحتجاج
على قانون ظالم ولا يحق لها حتى
أن تحلق رأسها الذي هو ملك لها
بل المفروض أن تدخل المدرسة وهي تسبح بحمد
القانون الفرنسي العادل وباسم
الديمقراطية الفرنسية وباسم
حقوق الإنسان الأبيض غير المسلم
وباسم مديرة او مدير المدرسة
الذي منعها من لبس حتى الباندا !
كان على الطالبة أن
تحتج بطريقة حضارية لا تثير
غضب الفرنسي المسؤول ولا غضب
الفرنسي غير المسؤول كان يجب
عليها أن تحتج بصمت وكان يجب
عليها أن تحتج سرا في غرفتها دون
أن يطلع عليها أحد فهذه هي منتهى
الحرية الفردية التي يريد الغرب
أن يعلمنا إياها .
كان على الفتاة أيضا ألا تبكي وهي
تدخل المدرسة لآن بكاءها أزعج
الفرنسيين الحساسين ذوي
المشاعر المتقدة والعواطف
المتأججة , كان عليها أن ترسم
على وجهها ابتسامة عريضة وهي
تدخل المدرسة بدون حجابها وبدون
شعرها , ابتسامة رضى وشكر لفرنسا
أم الحريات وأم الديمقراطيات
وأم حقوق الإنسان .
كان يجب على الطالبة الصغيرة أن
تخنع وتخضع كما يخنع العبيد من
الكبار وخاصة المسؤولين في
المنظمات الإسلامية والذين
يقيسون المصالح ويوازنون بين
المكاسب والخسائر وبين المناصب
والرتب وبين الطاعة والمعصية
بغض النظر عما يقوله الله تعالى
أو يقوله رسوله فهم لهم فهمهم
الحضاري للإسلام والذي يفرض على
المسلم فقه الموازنة وفقه
الأقليات تماما كما يزن التاجر
بضاعته ويقدر ثمنها ويقارنها
بغيرها فما معنى أن
تحلق هذه المتهورة المتطرفة
شعرها أمام وقوف كبار المسؤولين
المسلمين والمدافعين عن حقوق
المسلمين أمام شيراك أو أمام
وزير داخليته أو أمام وزير
خارجيته أو حتى أمام الفراش
المسؤول عن قصر الإيليزيه ؟ وهل
يستحق الحجاب كل هذا العناء
والتعب ؟ إن مقابلة أحد
المسؤولين الفرنسيين لأحدهم
تساوي أن تتخلى مئات الآلاف من
النساء عن حجابهن وحتى عن دينهن
كله لأن المكاسب القادمة عن
طريقهم وبذكائهم ودهائهم
الخارق أكبر بكثير من الحجاب
ومن الإسلام ذاته .
كان يجب على الطالبة المتهورة أن
تعرف أنها قادمة من بلاد العبيد
, وأنها لا تمتلك من الحقوق
كبقية البشر الفرنسيين أو
الألمان أو الأمريكان حتى لو
امتلكت البطاقة الفرنسية أو
الجنسية الفرنسية فهذه الجنسية
لا تنفي عنها أصلها وكونها من
بلد غير فرنسا وأن دينها لا
يناسب دين فرنسا وأن شكلها لا
يعجب فرنسا .
أختاه , لا أملك إلا أن أدعو لك أن
يثبتك على دينك وأن يمنحك الصبر
والمصابرة ولا أملك إلا أن أقول
لك افعلي ما ترينه مناسبا ولا
تنتظري من احد من المسلمين في
هذه الأرض العون والمساندة ,
أنشئي مع صديقاتك جمعية
للمطالبة بتحرير العبيد بدءا من
الدول الإسلامية مرورا بأوروبا
وانتهاء بأمريكا فلربما
عادت لنا حقوقنا البشرية عن
طريقك وطريق أخواتك المسلمات
واعتمدي على الله وحده وعلى
نفسك فقط , فالإسلام عاد غريبا
كما بدأ وطوبى للغرباء .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|