أولوية
الإصلاح تتقدم على ترميم
خلافات
الطبقة السياسية الحاكمة
رياض
خالد*
تستند ثورة بعض عناصر الطبقة
السياسية ضد التمديد للرئيس
اميل لحود، الى خلفية تقوم على
مخاوف جادة من إزاحتها عن
المعادلة السياسية القائمة،
فرئيس الحكومة وحلفاؤه داخل هذه
الطبقة يعلمون ما جنت أيديهم في
مجال الاقتصاد وفي ميادين
الفساد. إنهم يخشون على مكاسبهم
غيرالمشروعة، يخشون على مصالح
قامت على الإستغلال غير المشروع
للدولة، لذلك فإنهم لم يوفروا
جهداً محلياً أو إقليمياً أو
دولياً إلاّ وبذلوه من أجل
تمديد حكمهم ومنع أي إصلاح جاد
يتسلل إلى الدولة ودوائرها.
ومهما قيل عن الرئيس اميل لحود،
فإنه حاول بكل الطرق منع توسيع
الفساد والوقوف ضد عقد الصفقات
المشبوهة في الخلوي وغير الخلوي.
فحينما غرق الآخرون، شركاء
الحكم، إلى ذقونهم في مصالحهم
الخاصة، كان الرئيس لحود يفتش
عن مصلحة الدولة ويشعر بالمرارة
على ضحايا الطبقة الفاسدة
ويحاول الإصلاح في ظل تعقد
الظروف الخارجية وحواجز مراكز
القوى الداخلية.
إن الزوابع التي تثار ضد التمديد
وتعتمد الديمقراطية شعاراً
لها، ليس لها مصداقية في الشارع
الوطني، فهؤلاء الذين أبدوا
ارتياحهم للقرار الدولي ضد
مصالح لبنان وسوريا، ومنهم من
سعى بكل طاقته لاستصدار قرار
يؤشر على تدويل لبنان وإخراجه
من المظلة العربية، هم أول من
انقلب على اتفاق الطائف. فأين
كانت أصواتهم حينما تجاوزوا
إنشاء مجلس شيوخ نصّ على تشكيله
اتفاق الطائف؟
أين كانوا حينما دمجوا بين
السلطات التشريعية والتنفيذية
والقضائية، وحولّوا الحكم إلى
حزب واحد متعدد الرؤوس قاتل
للديمقراطية التي نص عليها
اتفاق الطائف ومنها فصل
السلطات؟
أين كانوا حينما استعانوا بكل
الوسائل التضليلية
والديكتاتورية في الانتخابات
النيابية ليظلّوا في حالة
استيلاء على السلطة والثروة في
البلاد؟
إذاً ليست الديمقراطية هي الدافع
وراء معظم الطبقة السياسية
الحاكمة في معارضة التمديد، بل
إنهم يعارضون التمديد للرئيس
ويريدون التمديد لأنفسهم
ولتركيبة الفساد التي أكلت
الأخضر واليابس في الصناديق
والمجالس التي لا تخضع حتى الآن
لرقابة مؤسسات الرقابة.
من يصدّق أن هؤلاء يريدون
التغيير؟ من يصدق هؤلاء حينما
يطالبون باحترام الدستور الذي
انقلبوا عليه واستهتروا بكل
القوانين، والشاهد على ذلك
إحراقهم لتقارير التفتيش
المركزي وديوان المحاسبة وكل
هيئات الرقابة الرسمية وتقرير
الأمم المتحدة عن الفساد في
لبنان للعام 2001، والتي تفضحهم
وتعرّيهم؟
إن تكتيك الطبقة الفاسدة يقوم على
التهويل والتهديد بعظائم
الأمور ضد التمديد، وهم في واقع
الأمر يريدون ضمانات لاستمرار
فسادهم ونهبهم المتواصل للشعب
ولموارد الدولة، لذلك يبعثون
للقائمين على الأوضاع برسائل
ليحصلوا على الاطمئنان، وعلى
الضمانات باستمرار مشاركتهم في
النهب المنظم للدولة، ولسان
حالهم يقول: ان موافقتنا على
التمديد للرئيس مشروطة
بالتمديد لنا. وهكذا تروّج
وسائل إعلامهم لحكومة مصالحة
وطنية، حكومة وفاق وطني، حكومة
استرضاء كل المعارضين للتمديد،
فإذا تمّت هذه الصفقة فإن كارثة
حقيقية تكون وقعت في لبنان.
إن بعض هؤلاء يقول للقائمين على
الأوضاع: إما أن نستمر في الحكم
أو نواصل مساعينا الدولية
لتكثيف الضغوط والشروط
والتهديدات على سوريا ولبنان.
ولكن الحقيقة تشير الى أن بقاءهم
في السلطة هو بمثابة حصان
طروادة تدويلي أخطر من بقائهم
خارج السلطة.
وفي المعطيات الدولية، فإن أمريكا
المستنزفة في العراق والتي تفتش
عن مخارج مقبولة للانسحاب منه،
غير قادرة على التدخل العسكري
المباشر في سوريا ولبنان، فلا
وضعها العسكري يسمح ولا وضعها
الاقتصادي يسمح، ولا الجو
الدولي الصيني الألماني الروسي
العالمي يسمح. حتى الفرنسيون،
وإن كانوا ناشطين في استصدار
القرار الدولي، إلاّ أنهم حتى
الآن يرفضون استخدام القوة
العسكرية ضد سوريا ولبنان. وعلى
المستوى العربي، صحيح أن مجلس
وزراء الجامعة العربية لم يصدر
قراراً ضد قرار مجلس الأمن
الدولي، إنما ساند لبنان وسوريا
ضد أي تدخل أجنبي.
إن استقواء معظم الطبقة السياسية
المعادية للتمديد بالغرب لم ولن
يجدي نفعاً، فالكل يعلم أن
المخطط التخريبي الأمريكي
يتجوّل في المنطقة حسب
أولوياته، ولن ينجو أحد من
استهدافاته ما عدا البعض القصير
النظر منهم!
إن الشعب غير معني بالتعقيدات
السياسية وغير معني بمصالحات
تقوم بين أركان الطبقة الحاكمة.
إن الشعب بأغلبيته الساحقة يريد
تغيير هذه الطبقة، يريد
ديمقراطية صحيحة تؤدي إلى وصول
من يمثله حقاً في الندوة
النيابية، يريد قضاءً نزيهاً
مستقلاً من وصاية السلطويين،
يريد انتعاشاً اقتصادياً
بإنعاش الصناعة والزراعة وكل
قوى الانتاج الوطني. يريد
ضمانات صحية واجتماعية
وتعليماً رسمياً متقدماً
وضماناً صحياً يشمل كل
المحتاجين تحت مظلّته. وهذا لن
يتحقق مع طبقة سياسية أدمنت
النهب والفساد وعبدت مصالحها
على حساب مصالح كل المواطنين.
ومجدداً نقول: إن الإصلاح لا ينتظر
نتائج مصالحات الطبقة الحاكمة،
إن الإصلاح لا يستقيم ولا يتحقق
مع وجود هذه الطبقة. وإن أية
صفقات تبرم من وراء ظهر الشعب لن
يعترف بها الشعب ولا بنتائجها.
فالمطلوب حل مجلس النواب الذي
شرّع الضرائب الجهنمية ضد
الناس، وطرح قانون انتخابات
نيابية عادل.
ولتكن الانتخابات نزيهة وحرّة
ليأتي أصحاب الأيادي النظيفة،
وليعقد مؤتمر وطني، وليتم
الإستماع إلى الناس بعيداً عن
الغرف المغلقة، والإصغاء إلى
المرارة والمعاناة وخيبات
الأمل من هذه الطبقة الحارقة
لآمال الناس.
آن الأوان ليسمع المعنيون صوت
الشعب الحقيقي التواق للخلاص من
طبقة الفساد، فمال الشعب للشعب
وليس للطبقة الحارمة، وحقوق
الشعب ينبغي أن تسترد كلها من
الغاصبين.
لقد آن الأوان لاحترام إرادة
المواطن وحقوقه السياسية
والاقتصادية والاجتماعية. آن
الأوان للتغيير، للإصلاح،
للحرية الحقيقية، فالإصلاح
أولاً... الإصلاح أولاً...
والإصلاح أولاً.. وآن الأوان
للالتزام بمصالح الوطن أولاً.
*عضوالمؤتمر
الشعبي اللبناني
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|