ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 28/03/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإخوان المسلمون الرقم الصعب في سورية ...

لمصلحة من يهمشون؟

طاهر إبراهيم*

هذا العنوان الذي اخترت لمقالي، لابد أن يثير أسئلة كثيرة وعاصفة هوجاء من الاعتراضات من أكثر من جهة. وأول المعترضين لا بد وأن يكونوا شركاءَ الإخوان في المعارضة السورية، والداخلية منها على وجه الخصوص.لكني سأؤجل الإجابة على هذه الأسئلة وتلك الاعتراضات، فقد تتكفل ثنايا الحديث في المقال على ذلك.

أول من يدرك الموقع الذي يتبوأه الإخوان المسلمون في سورية خصمهم اللدود النظام السوري نفسه، وإن حاول جاهدا أن لا يظهر هذا الاهتمام على الملأ. لكنه في قرارة نفوس قادته كان يعرف أن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين يشكل تهديدا أكيدا لاستمرار النظام في حكم سورية. وإحساس النظام بهذا التهديد لم يبدأ مع المواجهات الدموية في بداية ثمانينيات القرن العشرين، وإنما ابتدأ منذ اليوم الأول لاستلام حزب البعث للسلطة في سورية.

وقد كتبت مقالا نشرته النهار ومواقع إلكترونية أخرى في حزيران من العام 2004، ذكرت فيه بأن الطرفين –الإخوان والنظام- كانا يتجنبان الاصطدام كل لحساباته الخاصة. الإخوان لأنهم كانوا مشغولين بضبط كوادرهم الطلابية ،التي كانت تملأ الجامعات، في أسر تنظيمية بعيدا عن أي احتكاك غير محسوب مع أجهزة الأمن. وأركان نظام حزب البعث كانوا ( منشغلين بإخراج الأضعف منهم خارج لعبة الحكم، حتى آل الأمر إلى الرئيس حافظ الأسد الذي وطد نظام حكمه بعد أن أزاح ،من طريقه، خصمه العنيد اللواء صلاح جديد في انقلاب الحركة التصحيحية في تشرين الثاني من عام 1970 ) ( من مقالنا في النهار 23 حزيران 2004 ).

ولئن كانت أعداد المنظمين فعليا ليست من الكثرة التي يمكن أن يقال أنها تستقطب الشارع كله، ولكن جماعة الإخوان المسلمين كانت تتمتع برصيد من الثقة الشعبي، بحيث لم يكن قادتها ،في يوم من الأيام، متهمين أمام الفعاليات الشعبية بأنهم يسعون –كغيرهم من معظم قيادات الأحزاب السياسية الأخرى على الساحة السياسية-إلى مكاسب شخصية. ولقد تبدت هذه الشعبية الضخمة في مظاهرات حلب التي هدرت كالسيول الجارفة في شوارعها في الأسبوع الأول من آذار من عام 1980، مطالبة بإطلاق سراح الإسلاميين الذين كانوا يملئون السجون الأمنية. ولمن لا يعرف، فقد وقفت النقابات المهنية ،في ذلك التاريخ، ضد ممارسات النظام وهددوا بإضراب عام في يوم 31 آذار من ذلك العام فتم اعتقال قيادات هذه النقابات وفيهم النصراني والعلوي والسني 

والدرزي، بل ولم يكن فيها إلا العدد القليل من الإخوان المسلمين.

وبعد أن انقشع غبار صدامات بداية ثمانينيات القرن العشرين عن تحطيم الهياكل التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، خصوصا بعد أحداث "حماة" في شباط من عام 1982، التي خلفت مابين عشرة آلاف (تقدير باترك سيل) وعشرين ألف قتيل ( تقدير روبرت فيسك)، آثرت جماعة الإخوان المسلمين سحب من بقي من كوادرها إلى خارج سورية، بعد أن أصبح بقاؤهم فيها يشكل خطرا جسيما على حياتهم.

ورغم هذه الهزيمة العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين، فقد بقيت القيادة السياسية لنظام حزب البعث تعيش هاجس الرصيد الشعبي لهذه الجماعة. ولتبديد هذا الرصيد فقد وضع النظام خطة متشعبة الأهداف. فعمل الإعلام البعثي على تشويه صورة الإخوان المضيئة إعلاميا من خلال عرض بعض الأفراد على شاشة التلفزيون ،بعد تحطيمهم نفسيا، لينقلوا للمشاهد وقائع مفبركة عن أخلاقيات الإخوان. وقامت أجهزة الأمن باعتقال من يتعاطف مع معتقليهم لإشاعة الإرهاب في النفوس.وتمت مصادرة الأموال التي كان تأتي من خارج القطر كمساعدات لأسر المعتقلين، مع تهديد من كانت ترسل لهم تلك الأموال.كما قامت أجهزة الأمن بإغراء بعض الأفراد لتسوية أوضاعهم والنزول إلى سورية من خلال "البوابة الأمنية".

وبموازاة هذه الممارسات اتبعت قيادة النظام السوري أسلوبا آخر، تمثل بعقد جولات مفاوضات عديدة مع قيادة الإخوان، كانت الغاية منها تفتيت الصف الإخواني: بين مؤيد لتلك المفاوضات ومندد بها. وقد كان آخرها نزول الشيخ "عبد الفتاح أبو غدة" إلى سورية في عام 1996 . وقد رفض مقابلة القيادات الأمنية لإدراكه أنها كانت مراوغة، وأكد أنه جاء لمقابلة الرئيس حافظ الأسد وإلا فلا لقاء.

ومع أن جماعة الإخوان المسلمين كانت قدأعلنت منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين أنها تتبنى الحل الديموقراطي كأسلوب للوصول إلى السلطة، وأن أسلوب العنف الذي تم استدراج سورية إليه لا يأتي بخير، فقد رفض النظام الوصول إلى قواسم مشتركة مع هذه الجماعة.

ومع رحيل الرئيس حافظ الأسد وتولي الرئيس بشار الأسد السلطة في تموز "يوليو" من عام 2000،توقع الجميع في سورية تغيرا في المعادلة الناظمة للعلاقة المتوترة بين النظام وجماعة الإخوان ،بعد أن أعلنت الجماعة على لسان مراقبها العام المحامي "على صدر الدين البيانوني" أنها لا تحمّل عهد الرئيس بشار تبعات عهد أبيه، ولم يرد النظام التحية بأحسن منها أو مثلها.

وقد خطت جماعة الإخوان المسلمين السورية خطوات نوعية على الصعيد السياسي. فأعلنت في أيار من عام 2001ميثاق الشرف الذي بينت فيه الخطوط العريضة لخطتها في التحرك الوطني على الصعيد السوري. ودعت بعده إلى مؤتمر عقد في لندن أواخر آب من عام 2002 اجتمعت فيه قيادات للمعارضة السورية، ما كان يظن أنها يمكن أن تجتمع في يوم من الأيام تحت سقف واحد. وكان فيهم إخوان مسلمون،ويساريون وشيوعيون وبعثيون وقوميون. وفي ختام المؤتمر  أصدر المؤتمرون "ميثاق الشرف الوطني" الذي أعلنوا فيه عن رغبتهم بقيام نظام تعددي تداولي في سورية من خلال صناديق الاقتراع.

ولقد كان لمقولة المؤتمر "إن الاستقواء بالأجنبي ضد الوطن، لا يفعله إلا من هانت عليه نفسه" –في إشارة إلى الضغوط التي كانت تمارسها أمريكا ضد سورية- الأثر الطيب عند فعاليات المجتمع المدني في سورية. ومرة أخرى لم يرد النظام التحية بأحسن منها أو مثلها. 

وقد كان لإعلان مشروع "سورية المستقبل... رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية " الذي أعلنته الجماعة في مؤتمر صحفي عقد في "لندن" منتصف ديسمبر من العام الماضي وقع طيب لدى معظم أحزاب المعارضة وقيادات الفكر في سورية، وإن عارضه البعض ممن يريد أن يقولب الأمور حسب قالبه الخاص.

ويقف المراقب السياسي مندهشا من حصاد الهشيم الذي قوبلت به جماعة الإخوان المسلمين في سورية خلال مسيرتها التي استعرضناها في هذا السرد الموجز، وليتساءل عن السبب الذي يقف عائقا أمام هذه الجماعة لكي تأخذ دورها على الساحة السورية؟. ولماذا يصر النظام السوري على استبعادها وهي التي تتمتع برصيد كبير عند الشعب السوري يجعل أمريكا تعد للعشرة قبل أن تفكر في استهداف سورية؟ .

ولعل السؤال الأهم الذي تجده حاضرا على كل شفة ولسان في سورية: أما ضجر نظام حزب البعث من الغربة التي أحاط بها نفسه من خلال المادة (8) في الدستور السوري التي تحتكر القيادة في الدولة والمجتمع لصالح حزب البعث وتجعلها حصرا عليه، ما جعل حزب البعث في وادٍ، وباقي الشعب السوري كله في واد.

وهل سيبقى النظام الحالي يعيش أوهام العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، حيث جعل من نفسه لاعبا إقليميا يستفيد من تناقضات الحرب الباردة. بل وكثيرا ما كان يدفع من الرصيد الوطني والقومي ليحافظ على مصالح ضيقة في تثبيت حكمه. وقد تأكد له أخيرا في أزمته مع أمريكا في لبنان، أن هذا الدفع لم يعد يرضي من كان يأخذ. 

وإذا كان من مصلحة أمريكا أن تعمل على تهميش الحركات الإسلامية والقومية في الأقطار العربية، وفي سورية على وجه الخصوص. فما مصلحة النظام السوري والشعب السوري في تهميش تلك الحركات؟ 

*كاتب سوري يعيش في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ