الخلافات
الأمريكية الأوروبية ..
على
ماذا ؟
تيسير
خروب / الأردن
taimoor1232002@yahoo.com
عام 1972 زار الرئيس الامريكي
ريتشارد نيكسون الصين حيث كان
العالم آنذاك يشهد حالة من
القلق والغليان والترقب لما
يحدث على الساحه الفيتناميه
والتورط الامريكي هناك والحرب
البارده وازمة الصواريخ بين
روسيا وامريكا0وكان نيكسون
مشهورا كشخصيه رئاسيه معاديه
للشيوعيه واحد
ابرز صقور الحرب 0وكانت الصين في
هذا الوقت في اوج ثورتها
الثقافيه والاصلاحات والصراع
بين جيلين مختلفين0ورغم تبادل
الانخاب بين الزعيمين الامريكي
والصيني واقامة الولائم في بكين
الا ان الكره وعدم الوفاق بين
الزعيمين كان باديا على الطرفين
من خلال التصريحات التي اطلقت
والسياسات التي اتبعت ومورست
بعد هذه الزياره.
واليوم نرى المشهد نفسه بعد 33سنه
قد اعيد تمثيله من خلال زيارة
الرئيس الامريكي بوش الى اوروبا
حيث قوبل بالرفض علانية من خلال
خروج المظاهرات المعارضه
للزياره في شوارع بروكسل وحمل
لافتات مندده بالزياره ولا ترحب
بها0 فبوش اليوم مثل نيكسون
بالامس يمتلك سجلا حافلا من
الكراهيه المتبادله بينه وبين
دول اوروبا الغربيه والشرقيه
حيث تعود جذور هذا العداء
المستتر بين الولايات المتحده
الامريكيه واوروبا الى فترة
ولايته الاولى اثر تردد فرنسا
والمانيا في دخول الحرب لخلع
صدام حسين عن السلطه واحتلال
العراق.
في هذا الوقت بالذات تمر اوروبا
نفسها مثل الصين عام 1972 بتغيير
جذري نحو السياسه الامريكيه
المتعاليه والمتسلطه00فمنذ تفكك
الاتحاد السوفييتي وسقوطه اخذ
الاوروبيون يقللون من اعتمادهم
على سياسات الولايات المتحده
الامريكيه والوثوق بها فيما
يتعلق بأمنهم ومصالحهم الاقتصاديه
وامتيازاتهم في عقود العمل
والانشاء في مختلف مناطق العالم
خصوصا العالم الثالث ومنطقة
الشرق الادنى في الوقت الذي
بداء فيه العداء الاوروبي
لاسرائيل اكثر وضوحا وصل احيانا
الى حد اثارة مسالة العداء
للساميه على الاقل من وجهة نظر
اسرائيل والولايات المتحده
الامريكيه .
وقد شعرت امريكا بهذا التغيير
لذلك سعت جاهدة لطمأنة
الاوربيين من خلال زيارة الرئيس
الامريكي بوش لبعض العواصم
الاوربيه واعقبتها زيارة وزيرة
الخارجيه الامريكيه كونزاليزا
رايس لاتباع سياسة التقارب
والمصالحه بين الجانبين
واكتساب الثقه التي ما عادت
موجودة اصلا بين الطرفين منذ
زمن بعيد0 لكن رغم هذا التناغم
واطلاق التصريحات المتفائله
فأن هذا المزاج الهاديء في
ظاهره يخفي وراءه خلافات رئيسيه
من ابرزها احتلال الولايات
المتحده الامريكيه للعارق في ضل
تردد ومعارضه من الجانب
الاوروبي .. فالمانيا وفرنسا
المعارضتين للحرب منذ البدايه ما زالتا ترفضان السماح
لاي من العاملين في الجيش
بالدخول الى المستنقع العراقي
العكر مما دفع امريكا الى اتخاذ
اجراءات تأديبيه بحق بعض الدول
المعارضه خاصة فرنسا بعدم
اعطاءها عقود استثماريه في
اعادة اعمار العراق واحتكرت
لنفسها ولشركاتها تلك العقود
والتي ابرم بعضها قبل الاحتلال
مما يدلل على نية الاداره
الامريكيه بغزو العراق مهما
كانت التنازلات العراقيه حتى لو
تخلى صدام عن السلطه لانه يجب
عليها ان تدمر وتخرب حتى يكون
هناك تجار الاعمار واعادة
البناء ...
القضيه الثانيه هي ايران0
فالولايات المتحده الاميكيه
ترتاب بشده بالاتفاق الاوروبي
الذي حصل على وعود من ايران بوقف
تخصيب اليورانيوم مقابل تلقي
المساعده في المشاريع النوويه
لاغراض سلميه غير عسكريه وتجلى
ذلك التقارب في تصريح وزير
الدفاع الالماني عن ايران انها
سوف تتخلى عن طموحاتها النوويه
فقط في حال حصولها على حمياة
مصالحها الامنيه
والحيويه وهذا الامر لم
تقبله الاداره الامريكيه لانه
يأخذ المبادره منها ويفشل
مخططاتها وسياساتها المعده
مسبقا والتي تريد تنفيذها على
مراحل بعد بغداد من خلال تحضير
الراي العام بالتهديد لتوجيه
ضربات جويه للمنشآت النوويه
الايرانيه.
ثالثا: ارهاب سوريا ولبنان للضغط
على حزب الله والمقاومه
اللبنانيه لتفكيك خلاياها
المسلحه واجبار سوريا على ترحيل
عناصر المقاومه العراقيه التي
تدعي امريكا انهم يتلقون العون
والتدريب في سوريا من جهه ومن
جهة اخرى لترحيل العناصر
الفلسطينيه خارج سوريا لسحب
ورقة الضغط على اسرائيل للتفاوض
من اجل عملية السلام المقبله
وكلنا يعرف كيف نجحت الاداره
الامريكيه من خلال تدبير
واستغلال مقتل الرئيس اللبناني
السابق الحريري وتنفيذ القار 1559
بانسحاب القوات السوريه من
لبنان وما سيتبعه من تغيرات على
الساحه السياسيه وهذه القضيه
تخص اسرائيل وتفيد منها وحدها لكنها
افتعلت ومورست بيد امريكيه
ومنها تم تجييرها لاسرائيل .
رابعا: هناك المصدر الاكبر للتوتر
الذي له علاقه بالصين مره اخرى
فالاوروبيون يخططون لرفع الحظر
عن تصدير الاسلحه للصين والذي
تم فرضه عام 1989 بعد احداث
تيانانمن فالامريكيون يعارضون
هذاوبشده لكن معارضتهم هي دليل
على شكوك اعمق مما تخطط له
اوروبا في آسيا واخذ الدور
الامريكي هناك فيما يتعلق
بالنقد والسيوله الماليه0فالاستهلاك
الامريكي والسياسه الخارجيه
تتم تغطيتها بشكل كبير بقروض
ذات فائده منخفضه تقدمها آسيا0
لكن الصين الان تخطو باتجاه
اوروبا التي تعتبر سوقا اكبر من
السوق الامريكيه بالنسبة
للبضائع الصينيه وهي مقبلة على التعاون باليورو وحدة النقد
الاوروبيه التي يتضح يوما بعد
آخر انها عملة الاحتياط البديله
عن الدولار الامريكي.
فاليوم كما في العام 1972 يتخذ
النظام العالمي الجديد شكل
رباعي الابعاد في ذلك الحين اي
عام 72 حيث تفوقت الولايات
المتحده الامريكيه على الاتحاد
السوفييتي اثناء الحرب البارده
والسباق على التسلح التي انهكت
الخزانه الروسيه وكانت من اهم
اسباب تفككه بعد توريطه في افغانستان
وانسحابها منه حيث وصل الامر
بالحكومه الروسيه الى عجزها في
ذلك الوقت من دفع مرتبات الجيش
بانتظام اثناء تواجدهم في
الاراضي الافغانيه وتقديم عروض
للصين لعزلها عن الشيوعيه الام
وعدم التقارب فيما بينهم حتى لا
تشكل روسيا والصين قوة ردع
جباره بوجه امريكا.
فهل جاء الان دور اوروبا لتقصي
الولايات المتحده الامريكيه عن
دورها التاريخي الذي لعبته منذ
انتهاء الحرب العالميه الثانيه
في ايجاد موطيء قدم لها في مناطق
الصراع والتنافس العالمي خاصة
بعد التقارب الاوروبي الروسي
لتقليص دور الاداره الامريكيه
فيما يحدث على الساحه العربيه
مستقبلا حيث قال الرئيس الفرنسي
جاك شيراك في احدى مقابلاته :ان
باريس ووارسو يجب ان تنحيا
جانبا الخلافات التي اثارتها
حرب العراق وان تتعلما كيفية
العمل معا في اطار الاتحاد
الاوروبي الموسع مع التركيز على
مصالحهما المشتركه 0وكان شيراك
قد انتقد من قبل بولندا ودولا
اخرى في اوروبا الشرقيه
لانحيازها مع الولايات المتحده
الامريكيه بشأن الحرب على
العراق واضاف قائلا : لا بد ان
نقيم علاقة مستقره بين الاتحاد
وروسيا محذرا في الوقت نفسه
كأوروبي من اي شيء قد يؤدي الى
سؤ فهم تفاهم بين روسيا
والاتحاد الاوروبي ... مشددا على
انه من الضروري بالنسبة لاوروبا
وبالنسبة لروسيا كذلك ان تكون
العلاقه بينهما ممتازه.
فهل ستنجح دول اوروبا فيما نجحت به
الولايات المتحده سابقا ويكون
القرن الحالي قرن اوروبا
هذا ما سنشهده على الساحه الدوليه
وما يتخلل ذلك من صراعات
وتغييرات في السياسه وتبادل
المصالح وتغير المواقف.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|