النظام
السوري والإصلاح –
المعارضة
والجري وراء السراب
طريف
السيد عيسى
ان أقسى حياة
يعيشها الانسان هي حياة يقضيها
تحت سيف القهر والظلم
والاستبداد .
وكمدخل حول عملية
الاصلاح الوهمية التي أطلقها
النظام السوري والتي مازال هناك
من يسوقها المنتفعين وبطانة
السوء ,فلابد لنا من وقفة مع
القائد الضرورة والمعجزة ( حافظ
الأسد ) الذي أعلن زواجا كنسيا
لكل أشكال الطغيان والاستبداد
فكان الوليد هو نظام مشوه فكريا
غير قادر على تقديم أي عملية
اصلاحية ومعلوم أن فاقد الشئ
لايعطيه .
وكيف لهذا النظام
أن يقدم برامج اصلاحية وهو
يعاني من أمراض مزمنة عصية على
العلاج حتى لو توفر لذلك طاقم
طبي متميز وحتى لو توفرت كافة
المستلزمات والعقاقير , لأن هذا
النظام ليس نظاما سويا منضبطا
كما أن هناك مصلحة للعديد من
الأطراف في بقاء النظام على هذه
الحالة لأنه لايهمها مصلحة
البلد والشعب بل الأولوية
مصلحتها وبعدها ليكن الطوفان .
وان هذه الأطراف
سوف تقف بوجه كل من يقدم نصحا أو
حلا لحالة النظام الميؤوس منها
أصلا .
وكيف يمكن لهذا
النظام أن يقدم اصلاحا وهو
مازال يقود البلد بنفس العقلية
التي قادته منذ أكثر من أربعة
عقود وهو أيضا مازال يصر على أن
حزب البعث هو القائد للدولة
والمجتمع وهذا الحزب هو من رسخ
كل معاني الاستبداد والاقصاء من
خلال نظامه الداخلي الذي يقول
فيه ( ان مبدأ الحزب القائد أصبح
أمرا تقتضيه الضرورة المرحلية
لوجود سلطة مركزية ثابتة تقود
عملية البناء الاشتراكي ) وهو
نفس الحزب الذي تقول أدبياته (
الممارسة العملية للديمقراطية
تقتضي نبذ مبدأ ابعاد الجيش عن
السياسة ) وهذا الحزب مازال مصرا
على بقاء حالة الطوارئ التي
فرضها على البلاد والعباد منذ
أكثر من اربعة عقود , وهذا الحزب
هو من ضخم أجهزة الأمن
والمخابرات وأساليبها في قهر
المواطن حتى غدت هذه الأجهزة
مكان ترحيب من قبل المخابرات
المركزية الأمريكية حيث
اعتبرتها من الأجهزة المهمة
بالنسبة لها حسب ما أعترف به أحد
ضباطها وهو
( روبرت باير )
الذي قال أن المعتقلين الذين
لايمكن الحصول منهم على
الاعترافات فيتم نقلهم الى
سورية لأنها تملك أجهزة مخابرات
محترفة بالتعذيب , وجاء هذا
الاعتراف على قناة (البي بي سي )
بتاريخ ( 4-10-2003).
فكيف لهذا النظام
أن يقدم اصلاحا وهو يحمل تلك
العقلية وهذه السلوكية ؟
وقد يأتي من يتهم
ويجردنا من حبنا للوطن وبأننا
الطابور الخامس وأننا أبواق
الصهيو أمريكان والى ماهنالك من
هذه الأسطوانة المشروخة التي
لايتقن سماعها الا بقايا البعث
الذي لم يقدم لنا الا الخزي
والعار والشنار ,فبفضله ضاعت
الجولان وبفضله خسرنا أكثر من
(26) قرية في حرب تشرين وبفضله
أصبح المواطن غنمة وخروفا في
مزرعة الاستبداد وبعهده فقدت
قيمة الانسان وانتهكت حقوقه
وبفضل شعاراته الجبارة ( أمة
عربية واحدة
ذات رسالة خالدة ) ( وحدة
حرية اشتراكية ) ولا أدري كيف
يرفع هذه الشعارات وهو من وقع
على وثيقة الانفصال أيام الوحدة
مع مصر وهو من وقف في حفر الباطن
مع قوات التحالف ضد بلد عربي
يحمل نفس مبادئ البعث وهو من وقف
ثمان سنوات مع ايران ضد هذا
البلد وهو من حشد جيشه على
الحدود الأردنية سنة (1980) وهو من
فجر بعض المحلات التجارية في
الكويت وهو من حاول تفجير مقر
جريدة السياسة الكويتية وهو من
دخل لبنان للقضاء على
الفلسطينيين ورغم كل ذلك يصر
على رفع هذه الشعارات ثم يدعي
أنه يدعو للاصلاح انه العهر
السياسي بعينه .
اذا كان هذا
النظام جادا بالاصلاح فعلا
لاقولا فما عليه الا توسيع
دائرة المواطنة عبر المشاركة
الشعبية وفتح أبواب الحرية
واعادة القيمة الانسانية لكل
مواطن والغاء كل القوانين
والتعليمات والأجراءات
الاستثنائية وقص أظافر أجهزة
الأمن والمخابرات وتحديد
صلاحياتها وابعاد الجيش عن
السياسة , واذا كان جادا فعلا
بعملية الاصلاح فاننا نريد منه
وطنا معافى يعيش فيه المواطن
انسان لاخروف وغنمة لان وطنا
يساس بعقلية حزب البعث وقانون
الطوارئ ليس له الا الرمي في
المزبلة لانه نظام مكون من
أطعمة فاسدة انتهت مدة صلاحيتها
فهي ماعادت تصلح للاستخدام
البشري.
ان وطنا يساس بهذه
العقلية فلا يوجد به مواطن بل
قطيع يساق بسيف الاستبداد لان
الوطن يعرف بمواطنيه ولايعرف
بأجهزته الأمنية , والمواطن
الذي حوله البعث الى غنمة وخروف
سوف يستسلم سريعا لأنه لم يتم
اعداده للدفاع عن الوطن بل فقط
من أجل التصفيق والهتاف بحياة
القائد الرمز والقائد الضرورة
والقائد المعجزة .
نريد وطنا نهرب
اليه لانهرب منه وطنا يجسد كل
معاني المواطنة على جسد كل
مواطن .
ان أنظمة
الاستبداد تعتقد أن الامور تمام
التمام حتى الربع ساعة الأخيرة
من عمرها عندها تدرك أنه لاتوجد
قوة على وجه الأرض قادرة على وأد
الافكار وكم هو فرق كبير بين من
يبادر الى عملية اصلاحية جذرية
خير له من أن تفرض عليه أو أن
تأتي العملية الاصلاحية بالقوة
العسكرية الخارجية .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|