ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 18/09/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لبنان

الثاني من آب (أغسطس)

 عام 1990 والثاني من أيلول عام 2004

عبد الحميد حاج خضر* – ألمانيا

لعله من فضول القول ؛ أن نذكر أنفسنا بما حفظته ذاكرة الأيام ؛ وهو ماحدث في 2/8/1990 ، عندما زحفت القوات العراقية لتقدم العون "الأخوي" إلى الضابط  "الغيور" الذي أطاح بالعائلة الحاكمة في الكويت "الشقيق"، وليعيده لاحقاً إلى الوطن الأم . لقد كان الرأي السائد آنذاك يقول : لولا الضوء الأخضر الذي أعطته الولايات المتحدة الأمريكية لصدام حسين لما انطلق صدام نحو الكويت . وفعلاً فقد تبين فيما بعد أن السيدة أبريل April ، سفيرة الولايات المتحدة في العراق آنذاك ، أفهمت السيد الرئيس تصريحاً لا تلميحاً أن المسألة الكويتية شأن عربي لا دخل لبلادها فيه ، سيما وإن الكويت لا تربطه ببلادها أي معاهدات ملزمة . هذا التصريح يعد أقصى ما تسمح به اللغة الدبلوماسية  . إذن كانت النخب العربية على حق في مسألة الضوء الأخضر . ولكن مع ذلك فهي نصف الحقيقة على أحسن تقدير . النصف الثاني يكمن في كنه وطبيعة السياسة الغربية بشكل عام وقيادة المعسكر الغربي بشكل خاص .اصطلح على تسمية هذه السياسة : الاستراتيجية المزدوجة Double Strategy ، التي اضطلعت السفيرة أبريل بشقها الأول ، وتولى فريق أخر ، مختلف تماما ، شقها الثاني منادياً بالشرعية الدولية والمحافظة على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها ، وواجب المجتمع الدولي في رد العدوان وفق المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة ، التي لم تطبق إلا على الدول العربية والإسلامية . المتتبع للعلاقات الدولية يصل ، بدون عناء شديد ، إلى أن علاقات الدول العربية ، بدون استثناء وفي أحسن الحالات ، مع الدول العظمى هي مع طرف واحد من أطراف أصحاب القرار السياسي في الدول صاحبة القرار في المنطقة ، وتجهل أو تتجاهل أو تتوهم أنها تتعامل مع قرار دولة لن تنكث بما وعدت وتعهدت به . ولعل هذا القصور الذاتي يعود بالدرجة الأولى إلى طبيعة النظم الشمولية والاستبدادية التي تنتظم الدول العربية ، حتى السلطة الفلسطينية تبني استراتيجيتها "السلمية" على مكرمات رابين وحزب العمل . من دواعي الحيرة أن  الرئيس صدام ظل حتى اللحظة الأخيرة متمسك ، وبعناد عجيب ، بعدم سحب قواته من الكويت رغم حشد بلغ 600 ألف جندي استعداداً لتدمير العراق . لم يعدم الرئيس صدام من النصح الصادق والمشورة الحصيفة من الغيورين على العراق والأمة . فقد وصل إلى العراق ، في نهاية تشرين الأول ، وفد يضم قادة الحركات الإسلامية والعربية إلى بغداد ورجوه وألحوا عليه بالرجاء أن ينسحب من الكويت ، وينقذ ما يمكن إنقاذه ، وكان الشيخ الترابي ، فك الله أسره ، الأصرح والأعلى صوتا في طلب الانسحاب من الكويت . ليس في أمر عناد الرئيس سراً أو أنه مجبول على العناد ، كما يفسر البعض ، ولكن حملة الأسرار في الدول الغربية يمتازون بعقلية الانجاز ، فمهمة التضليل التي بدأتها السفيرة أبريل اضطلعت بها شياطين المخابرات  من الذين حظوا بالمصداقية عند الرئيس وأعوانه . تلك الحظوة  بدأ التأسيس لها منذ وقت طويل ، خاصة عندما قدمت للقيادة العراقية صور ومعلومات بمنتهى الدقة عن تمركز القوات الإيرانية في شبه جزيرة الفاو، مكنت الجيش العراقي من تحرير الفاو بأقل الخسائر الممكنة . فرنسا هي الأخرى قامت بتأجير طائراتها الاستراتيجية لضرب الأهداف البعيدة جداً ، بل قامت ببناء المفاعل الذري في العراق ، ولكن كانت أيضاً من المشاركين في تدمير العراق مع التحالف المشؤوم . كل هذا يجعلنا نستنتج أن فريق كان موضع ثقة عند الرئيس يقول له تمسك بالكويت ، وهي لك خاصة ، وإن كل هذه الحشود ما هي إلا سحابة صيف ستنجلي ،  وفريق يقول له أخرج منها وإلا أخرجناك منها مذموماً مدحورا . ووقعت الكارثة أو كما يقول العراقيون : بين حانه ومانه ضيعنا الحانا . وبقيت "العنجهيات التي ما قتلت ذبابة" ، كما قال المرحوم نزار القباني بعد حرب الأيام الستة عام 1967 . هذا هو درس التاريخ يا أهل السلطة في دمشق وبيروت ، وبناء عليه يرى المثقفون من المعارضة  في سورية ولبنان أن ماحدث في 2 من أيلول في أروقة الأمم المتحدة عندما أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1559ماهي إلا السيناريو العراقي يكرر بطريقة أخرى مع تجنب أخطاء الماضي ، واهتبال فرص الضعف المشين الذي تعاني منها الأنظمة العربية وخاصة النظام في سورية . كما يرى هؤلاء المثقفون أن تصريحات السيد فاروق الشرع وكذلك السيد فيصل مقداد مندوب سوريا في الأمم المتحدة الذي اعتبر القرار نصراً للدبلوماسية السورية ، خداعاً للنفس وتصنيع للانتصارات الكاذبة ، حيث يعتبران عدم ذكر سوريا بالاسم ، وعدم إدراج القرار تحت المادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة ، وتعدل القرار عدة مرات للحصول على الصوت التاسع يفقد القرار قوة الفعل الملزم . تنسى الدبلوماسية السورية  أن القرار قدم رسمياً باسم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا . الدولتان اللتان تمثلان الثقل الأوربي والأمريكي بل أهم دولتين تضطلعان بالشأن اللبناني والمنطقة .بكلمة مختصر ترى المعارضة في سوريا ولبنان أن السلطة في سورية وحلفائها في لبنان دخلت ورطة قاتلة وكما يقول المثل : جنت على نفسها براقش . سؤالان يجب الإجابة عليهما قبل الدخول في تقيم تطلعات المعارضة السورية واللبنانية التي عبرت عنه الوثيقة التي وقع عليها 100 من المثقفين اللبنانيين والسوريين . 1- ماهي الدوافع الحقيقية التي دفعت بالسلطة في سوريا وأنصارها في لبنان لتحدي السياسة المعلنة للإدارة الأمريكية والفرنسية في مسألة التعديل والتمديد ؟ 2- لماذا اصطفت الدبلوماسية الفرنسية وراء النهج الأمريكي في تدويل القضية وانتزاع قرار من مجلس الأمن سيفرض ويفسر حسب الإرادة الأمريكية على سورية .

حسابات سوريا في هذا الموضوع كانت من نوع حسابات الرئيس حافظ الأسد بعد حرب " تحرير الكويت " حيث شاركت سوريا بقوات معتبرة في حفر الباطن واستطاعت القيادة السياسية والعسكرية في سورية أن تزج بقوات كانت عقيدتها العسكرية " التصدي والكفاح ضد الصهيونية والامبريالية لاستعادة الحقوق المغتصبة ومحو آثار العدوان " وإذا بها تنضوي تحت راية وقيادة رأس الامبريالية ، لتنزاع الكويت من أيدي "الرفاق" وتعيده إلى عائلة آل الصباح "الرجعية". بعد أن وضعت الحرب أوزارها وعاد الكويت إلى آل الصباح ، ودمر العراق ، وعقد مؤتمر الثمانية في دمشق . بدأت القيادة السورية تمني نفسها بأجر مجزي على "المجهود الحربي" الذي بذلته في تحرير الكويت وتتحين الفرص لبث شكواها إلى راعي عملية "التحرير"  عن المعاملة المالية المجحفة من أهل العطاء  . في صيف 1991 زار وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية ( جيمس بيكر ) سوريا والتقى بالرئيس حافظ الأسد على انفراد ، وكانت مترجمة الرئيس آنذاك الدكتوره بثينه شعبان ، وهي في أوج تألقها . وحسب ما أوردته جريدة فرنكفورته الجمانيه تسيتونغ FAZ  ونويه تزورخ تسيتونغ NZZ و آ ب ث ABC الإسبانية : بدأ الرئيس أسد الحديث مع وزير الخارجية الأمريكي فقال له : يا سعادة الوزير إن الأموال التي وصلتنا من جلالة وسمو الملوك والأمراء لم تصل إلى 2% مما تلقيناه بعد حرب 1973التي خسرنا فيها عدد من القرى ،  ولكن كسبنا 19 سنه من السلم والأمن مع تعويضات مالية معتبرة من أصحاب الجلالة والسمو بعد ارتفاع أسعار النفط إلى أربع أضعاف ، كما رسم السيد كيسنجر . وللحقيقة يقال أن السيد كيسنجر بذل جهود طيبة في هذا المجال . أما ما وصلنا الآن لا يكاد يسدد زيادة الرواتب في المهمات الطارئة والتلف في المعدات والذخيرة التي استعملت . الاتحاد السوفيتي لم يعد يرسل لنا السلاح إلا إذا دفعنا له المال نقداً ، ولا يقدم لنا قروض إلا إذا سددنا بعض قروضنا السابقة ، والبلد  يعيش ضائقة إقتصادية لا نحسد عليها . لقد قبلنا حضور مؤتمر مدريد ونحن غير مقتنعون بجدواه تكيفاً مع توجهات السيد الرئيس جورج بوش . وعندما شعر السيد الرئيس حافظ الأسد بتثاقل سعادة الوزير من الحديث والتفصيل الممل ، التفت إلى السيدة شعبان قائلاً : ابذلي جهداً لإيصال هذه الرسالة بلباقة وحذر . وقال مخاطباً بيكر : ياسعادة الوزير لا تستغرب عند زيارتك القادمة إلى دمشق ، إنشاء الله ، أن تراني بلحية أو ربما بلحية وعمامة . كان السيد بيكر Cool كوول أي بالعربي بارد الأعصاب فقال للسيد الرئيس : ياسيادة الرئيس أما بشأن المال فسأنقل حديثكم إلى السيد الرئيس مع اعتقادي أن السيد الرئيس لديه إهتممات أخرى في الوقت الحالى ، وداعب الرئيس " أنتم العرب أقدر منا في إقناع بعضكم بشؤون كهذه . أما الاتحاد السوفيتي فلم يعد له وجود فعلي واعتقد أن تغيرات سياسية مهمة ستحدث قريباً . أما السيد هنري كيسنجر فهو شغوف اليوم في كتابة مذكراته وتنظيراته الاستراتيجة التي لا نرتاح لها كثيراً . العراق الذي خف لإسنادكم في حرب 1973لم يعد يشكل خطراً يذكر ، بفضل جهودكم طبعاً ، وهو يحتاج إلى المساعدة . لا أعتقد أن الملالي سيخفون إلى مساعدتكم لأن إيران دولة قومية بالدرجة الأولى ، ويتدخلون بالقدر الذي يرونه في خدمة أمنهم القومي . وكما تعرف ياسيادة الرئيس لدينا مع إسرائيل معاهدات استراتيجية ملزمة لأي حكومة أمريكية ونحن سنفي بكل التزاماتنا ومنها قرض مقداره 10 مليار دولار لتمويل الإعمار واستيعاب المهاجرين من الاتحاد السوفيتي . السيد شامير يسعى للحصول على القرض قبل الانتخابات القادمة ، وأرى أن يصرف القرض بسرعة حتى نمرر مؤتمر مدريد من جهة ونضمن دعم أو تحييد اللوبي اليهودي . ابتسم السيد بيكر ابتسامة صفراء فرد السيد الرئيس حافظ الأسد بابتسامة مجاملة غريبة وانفض الاجتماع  . انتقد الصحافة الألمانية تصرفات جمس بيكر المتعجرفة ووصفته بأنه لا يحسن التصرف مع قادة شمولين . في الفترة ما بين لقاء الرئيس أسد مع جيمس بيكر وحتى فوز كلينتون على جورج بوش الأب ، مرت السلطة في سوريا في مرحلة حرجة جدأ ، حيث استضافت السلطات الأمنية السورية كل ما هب ودب ، المعارضة الكردية برزانية وطلبانية من العراق وكذلك أكراد تركيا ممثلين بحزب العمال الكردي PPK وقيادة اوجلان وحركات واحزاب شيعية يكفي لمعرفة توجهاتها و ولآتها السياسة إلقاء نظرة إلى الحكومة ومجلس الحكم بعد الاطاحة بصدام . لقد كانت ستة أشهر عجاف على النظام في سورية . عندما سقط بوش الأب وجاءت الانتخابات بكلينتون إلى الإدارة ، أطلق صدام حسين عدة عيارات نارية في الهواء احتفالاً بالحدث . علقت مجلة ديرشبجل الألمانية على فرحة صدام وسقوط بوش بالقول : إن سقوط بوش أفرح الصديق قبل العدو . لقد كانت فرحة الرئيس أسد " الصديق " بسقوط بوش أعظم من فرحة صطدام العدو . هل كان نجاح كلينتون طوق النجاة للنظام في سورية ؟ ربما ولكن بكل تأكيد بدأت معالم جديدة للسياسة الأمربكية اتجاه سورية تترجمها شحة المساعدات المالية الخليجية وإحكام الطوق على امدادات الأسلحة والمعدات الحربية الأخرى . بكلمة موجزة ؛ الانتقال من دور "الشراكة" إلى مرحلة الانبطاح للإملاءات الأمريكية . استصدرت الادارة الامريكية من الكنغرس " قانون " العقوبات وطالبت سورية بخطوات فاعلة على صعيد مكافحة الارهاب ، وقد استجاب النظام وخاصة الاجهزة "الأمنية" بسخاء مع المطالب الأمريكية وكأن لسان حال النظام يقول " إنني أعطيت ما استبقيت شيئاً " ماهو المطلوب من النظام في سورية إذاً ؟ حسب تحليلات زملاء المان مهتمين بالشأن العربي والإسلامي في الشرق الأوسط منذ السبعنيات يرون ؛ أن قائمة المطالب الصهيونية والأمريكية من النظام طويلة جداً . في صدارة هذه المطالب : الكشف التام عن حجم وحركة الودائع المالية لرجال السلطة  في البنوك الأوربية وخاصة في البنوك السويسرية ، التي تسعى إسرائيل منذ سنوات إلى رفع مبدأ السرية المعمول به في تلك البنوك . أضيف إلية في الآونة الأخيرة الكشف عن التحويلات المالية الأخيرة إلى تركيا . رغم العلاقة الحميمة بين النظام في سوريه والنظام في إيران إلا إن كلا النظامين لايثق أحدهما بالآخر في القضايا المالية . ربما يطلب من النظام نقل هذه الودائع ، التي تبلغ عشرات الملياردات ، إلى البنوك الامريكية كرهان مقبوض . في صدارة المطالب الأمريكية أيضاً أن يوافق النظام على إرسال قوات مسلحة سورية إلى العراق لتحتل المواقع التي كان من المفرض أن تحتلها القوات التركية حسب خطة احتلال العراق الأولى . نفس هذا الطلب قدم إلى المملكة الهاشمية . ويعتقد الأمريكان أن هذه الخطة تطمئن سلطة الاحتلال في إسرائيل . المطالب الأخرى ستكون تحصيل حاصل . هذه نقطة الخلاف بين النظام في سورية والولايات المتحدة . عملية تعديل الدستور اللبناني والتمديد للعماد لحود ثلاث سنوات ، بعد أن استبعد التجديد لولاية ثانية ، لم تكن نزوة آنية . لقد أعد لها منذ ثلاث أشهر على الأقل ، ولم تعارض أمريكا هذا التوجه ، ولكن عندما اتخذت القيادة السورية  عملية التمديد كخطه للهروب إلى الأمام من المطالب الامريكية التي تجرد أهل السلطة من أخص خصوصياتهم . حملت الإدارة الأمريكية العصى الغليظة . لو وافق النظام السوري على المطالب ، وهذا يبدوا مستحيل ، لعملت أمريكا على " دمقرطة " النظام الاستبدادي وتسويقه على أنه " النموذج الديقراطي الشرق أوسطي الجديد " بدلاً من العراق أو مصر . رد فعل المعارضة اللبنانية على قرار التمديد وتعديل الدستور كان غير معهوداً وبكلمات ظاهرها الحزم والقوة والرفض المطلق ، وكأنما كورت السماء . أما الحقيقة فتشرحها الحتوتة التالية : فجأةً تلقى المرحوم الرئيس شارل الحلو من المرحوم الزعيم كمال جنبلاط ، والد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ، قائمة من المطالب الملحة على رأس المطالبة بفك ارتباط لبنان بالمعسكر الغربي ، والاعتراف بجمهورية المانيا الشرقية ، وإقامة علاقات استراتيجية مع المعسكر الشرقي ( حلف وارسو ) ووو.....وفي نهاية قائمة المطالب ؛ ترفيع العميد فلان إلى رتبة لواء . استولى على المرحوم شارل الحلو الخوف والهلع " انقطع قلبه " فاستدعى مستشاره في القصر الجمهوري ووضع أمامه قائمة المطالب طالباً المشورة . ابتسم السيد المستشار وقال له يافخامة الرئيس عليك أن تقرأ قائمة المطالب من الأسفل إلى الأعلى وستجد الحل. ستجري بعد بضعة شهور انتخابات نيابية في لبنان ، والمعارضة والذين صوتوا على التمديد عليهم خوضها . فهل يعقل أن تخوض المعارضة هذه الانتخابات وجعبتها فارغة ؟ أليس الديموقراطية تعني في بعض تجلياتها سوفسطائية وزخرف قول وبعد عن العمل الفاعل . كما أن القول أن التمديد للعماد لحود يخدم اللحمة الوطنية ويعززموقف المقامة ويفشل محاولة فك الارتباط بين المسار السوري واللبناني مغالات تصل إلى درجة التوثين . متى كانت السياسة الرشيدة والعمل الصالح هي اتباع رجل أيّن كان هذا الرجل . إن تجيّر المقاومة والعمل الوطني لحساب الاستبداد والطغيان قد يدمر روح المقامة نفسها . ليس هيننأً عند الله وعند الناس أن تطلق يد المخابرات وأجهزة القمع الأخرى كعصابات الجنجويد تروع وتفسد الذمم وتنتهك الكرامة . الشئ الايجابي في كل هذه الزوبعة ما أقدم عليه 100 من المثقفين اللبنانين والسوريين عندما رفعوا صوتهم أمام عقلية الوصاية واحتكار السلطة وطالبوا برفع الوصاية عن الشعب في سورية ولبنان التي فرضت بحجة الضروف الاستثنائية المتواثة من الاستثناء الأساس الذي بدأ بانقلاب الثامن من آذار ( مارس ) عام 1963وكان عليهم كمثقفين أن تكون مطالبهم صميمية ودقيقة وفي مقدمتها 1- إنهاء اغتصاب الشرعية بقضها وقضيضها وآليتها من دستور وأجهزة قمعية وقوانين استثنائية . 2- العمل بدستور عام 1950 للجمهورية العربية السورية غير الوراثية . 3- إجراء انتخابات عامة في البلاد وفق قانون انتخابي نسبي يؤكد التعددية السياسية ويستبعد كل أشكال الإقصاء ويعطي كل ذو حق حقه . إن وهم إصلاح السلطة القائمة هو إقرار بشرعية السلطة . الشعب وحده هو صاحب الأمر والقرار عبر صناديق الاقتراع .

السؤال الذي لم يستطيع أحد الإجابة عليه وبشكل مقنع هو : لماذا اصطفت فرنسا خلف الولايات المتحدة وتقدمتا إلى مجلس الأمن بالقرار الذي أخذ الرقم 1559 ونال موافقة 9 أعضاء منها المانيا ؟ نعم كان لفرنسا موقف مغاير من الحرب على العراق ، وكذلك من القضية الفلسطينية ، وسياسة الهيمنة على صناعة النفط والغاز في العالم . الموقف الفرنسي النابع أصلاً وأولاً من المصلحة الفرنسية مر بمراحل يمكن تتبعها بسهولة . السياسة الفرنسية تبدأ تقليدياً بلا كبيرة وتنتهي بنعم خجولة لصالح الجانب المهيمن ، وفي هذه الحالة أمريكا . الطبقة السياسية الفرنسية تتعلم منذ نعومة أظافرها السياسية ؛ سياسة ( العدو الحميم ) أي عندما تشترك ، وتفضل دائماً سياسة المشاركة عن قناعة أو غير قناعة ، لتتمكن من التأثير على مجرى الأحداث وصناعة القرار . سياسة أمريكا في غزو العراق لم تفسح للفرنسين إلا بموقع التابع غير المشارك ، مما استفز العنجهية الفرنسية البونابرتية . دعم هذا الموقف بموقف ألماني رافض للحرب ، وتصلب الموقف الفرنسي بعدما تعثر المشروع الأمريكي في البداية . ازداد صلابة مع عدم وضوح أبعاد مشروع الدمار المقصود للعراق . بدأت تتفاوت صلابة  الموقف الفرنسي عن الموقف الألماني والروسي بالدرجة والنوع نتيجةً  للموقف العربي الرسمي المساير أو المشارك للإحتلال مما أفقد الفرنسيين معين الصبر ، وأحيا من جديد في الطبقة السياسية الفرنسية سياسة ( العدو الحميم ) يضاف إلى هذا أن حظ المستشار الألماني ، الحليف الفرنسي ، في إعادة انتخابه مرة ثالثة تتضائل يوماً بعد يوم ، ليس بسبب رفضه للحرب وإنما بسبب السياسة الاقتصادية المتعثرة . انتهزت الحكومة الفرنسية رغبة الإدارة الأمريكية في إخضاع سورية الكامل للمشروع الصهيوأمريكي بدون قيد أو شرط فسارعت للعودة إلى سياستها القديمة . السلطة في سورية تقف اليوم مكشوفة الظهر بعد أن تخلى عنها  كل من سوقته السلطة على أنه الحليف الإستراتيجي لسورية . بعد تصريح السيد محمد خاتمي ، رئيس الجمهورية الإيرانية الإسلامية ، في 28/8/2008 في مؤتمر صحافي نقلت الجزيرة وقائعه عبر مراسلها هناك البحراني قال فيه : لولا الموقف الإيجابي الإيراني لما تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق ما حققته في أفغانستان والعراق . نطرح السؤال التالي . كيف سيكون عليه الموقف الإيراني عندما تبدأ أمريكا تنفيذ سياساتها العدوانية في دمشق ؟. لقد ضربت السلطة في سورية عرض الحائط كل الجهود والعروض لتعزيز الجبهة الداخلية وهي اليوم تحصد ما زرعت ، أو كما قالت العرب يداك أوكتا وفيك نفخ .

*باحث في الفقه السياسي الإسلامي المعاصر

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ