دعوة
إلى الحوار والعمل
بالقواسم
المشتركة
خالد
الأحمد*
هذا
العنوان مأخوذ من المشروع
السياسي لسوريا المستقبل ، رؤية
جماعة الإخوان المسلمين في
سوريا ، وهو
عنوان فرعي من الباب الثامن ،
وللعلم فقد أقر مجلس شورى جماعة
الإخوان المسلمين هذا المشروع
السياسي في جلسته الأخيرة في
الصيف الماضي . وسوف يطبع ويوزع
قريباً ليقرأه السوريون داخل
سوريا وخارجها .
وهذا
المنطلق ليس تطوراً في فكر
الجماعة ، بل مبدأ ثابت خطه
الإمـام البنـا يرحمه الله
عندما كان يكرر المقولة [
فلنتعاون على مااتفقنا عليه ،
وليعذر بعضنا بعضاً فيما
اختلفتا فيه ] ، وجسدها عملياً
الشيخ مصطفى السباعي يرحمه الله
المراقب العام الأول
لجماعةالإخوان المسلمين في
سوريا ، عندما صار نائباً في
المجلس النيابي السوري في عقد
الخمسينات ، وكان لـه الباع
الأول في وضع الدستور السوري ،
وكان ( هو ونواب الإخوان وغيرهم
من الإسلاميين المستقلين ) ؛
يتحالفون مع الاشتراكيين
أحياناً ضد أعداء الوطن ، حتى
سمي تحالفهم ( الكتلة
الاشتراكية الإسلامية ) ، وجسد
الإخوان المسلمون في سوريا هذا
المبدأ مرات كثيرة منها أيضاً ،
قبول مرشح مسيحي في قائمة
الإخوان المسلمين في حماة عام
(1962م) وهو الأستاذ أديب نصور
، مما دفع الاشتراكيين (
منافسي الإخوان يومذاك ) إلى
إطلاق لقب ( الحاج أديب نصور ) ،
للتندر على الإخوان والتشنيع
عليهم .
واليوم
تعلن الجماعة وتؤكد أنها ضـد
الاسـتقواء بالأحنبي ، بـل
تبيـن الآن لعامـة الناس أن
الحركة الإسلامية هي العدو
الحقيقي للصهيونية
والامبريالية ، وهي المدافع
والمجاهد لحماية الوطن من
أطماعهم وعدوانهم ، وماحصل في
الفلوجة ، وكما يحصل في فلسطين ،
وسائل إيضاح للناس بطيئي الفهم
، تؤكد أن الحركة الإسلامية هي (
أم الولد ) ، وغيرها يدعي ذلك
ليحقق مكاسب شخصية وفئويـة
دنيويـة زائـلة .
وجاء
تحت هذا العنوان : ( تدعو
الجماعة كل الفرقاء على الساحة
السورية للسير في الحوار باتجاه
البحث عن نقاط التوافق لما فيه
مصلحة الأمة والوطن ، والحوار
الذي ندعو إليه يبحث عن القواسم
المشتركة التي يمكن الاتفاق
عليها مع بقاء جملة من
الاختلافات ، ولايعني ذلك
التخلي عن العقيدة أو التوجهات
الفكرية والسياسية لأي فريق من
الفرقاء ، أو التخلي عن الدعوة
إلى تلك التوجهات ، يقول
المودودي يرحمه الله
في كتابه ( نظرية الإسلام
وهديه في السياسة والقانون
والدستور ) ص 361 : ( سيكون لغير
المسلمين في الدولة الإسلامية
من حرية الخطابة والكتابة
والرأي والتفكير والاجتماع ،
ماهو للمسلمين سواء بسواء ...) .
ومن هنا
جاء طرح الجماعة لميثاق الشرف
الوطني على كافة الفعاليات
الفكرية والسياسية في سوريا في
العام (2001) ؛ وكان هذا الميثاق لب
المؤتمر الوطني الأول للمعارضة
السورية في لندن صيف العام (2002) ،
ودعوة صريحة للحوار والتعاون في
تحقيق أهداف مشتركة خدمة
لمستقبل سوريا ورفعة شأنها .
والجماعة
تدعو للعمل بالقواسم المشتركة
التالية :
1 ـ
ممارسة قيم التسامح والتعايش
المشترك واحترام حقوق الإنسان .
2 ـ
الاعتراف بالتعدد ، وحق الآخر
المختلف في اختيار العقيدة التي
يشاء وحقه في التعبير عنها في
إطار الضوابط الدستورية . وهذا
الاعتراف بالتعدد ليس موقفاً
تكتيكياً ( مرحلياً ) تبنته
الجماعة الآن ، بل هو من صلب
قرآننا ، يقول تبارك وتعالى ] لا
إكراه في الدين [ ، وعاش
اليهود في المدينة مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وعاش أهل
الكتاب ( يهود ونصارى ، ويلحق
بعض العلماء جميع غير المسلمين
في الدولة المسلمة بأهل الكتاب
؛ من حيث الحقوق والواجبات ) ،
عاش أهل الكتاب في الدولة
المسلمة أيام الخلفاء الراشدين
، وفي الدولة الأموية والعباسية
والأموية في الأندلس
والعثمانية ، عاشوا حياة كريمة
، حريتهم مصونة ، وأملاكهم
محفوظة ، وكنائسهم متوفرة ،
ويكفي حديث رسول الله صلى الله
عليه وسلم [ من عادى ذمياً فأنا
خصيمه يوم القيامة ] ، ومصطلح (
ذمي ) مأخود من ( الذمـة ) أي أن
أهل الكتاب في ذمـة الدولة
المسلمة ، وفي المعجم الوسيط (ص315)
: { الـذِّمـَّة : العهد والأمان
والكفالة . وفي الحديث "
المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى
بذمتهم أدناهم " ، والذمة :
الحق والحرمة وفي الحديث "
فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمداً
فقد برئت منه ذمة الله " ،
والذمة عند الفقهاء : معنى يصير
الإنسان به أهلاً لوجوب الحق له
أوعليه . ويقال : في ذمتي لك كذا ،
وجمعها ( ذمم ) ، والذمة :
المعاهدون من أهل الكتاب ومن
جرى مجراهم ، والذمي : المعاهد
الذي أُعطيَ عهداً يأمن به على
ماله وعرضه ودينه . وهي ذمية } ـ
انتهى قول القاموس ـ ولايوجد في
كلمة (ذمي ) أي معنى لايليق
بالمواطن الحر كما يروج لـه
أعداء الإسلام .
3 ـ
اعتماد المساواة أمام القانون
لجميع المواطنين ، واحترام حقوق
المرأة .
4 ـ رفض
العــنـف أداة للتغيير ،
واعتماد الحوار في مجالات الفكر
والثقافة والسياسة . وقد يقول
أحدهم وماذا عن عقد الثمانينات
، وجوابي الآن باختصار أن
النظام الحاكم ـ كما قال
الأستاذ رياض الترك ـ أجبر
الشباب المسلم الذي عرف باسم
الطليعة المقاتلة ، أجبرهم
النظام على الدفاع عن أنفسهم ،
واختاروا الموت في ميدان
المعركة على الموت في أقبية
التعذيب والمخابرات ، وسأبين
هذا في مقال منفصل إن شاء الله
تعالى .أما جماعة الإخوان
المسلمون فقد شـهد لها حافظ
الأسد نفسـه يوم (8/3/1980 ) في خطابه
المنقول بالإذاعة والتلفزة فقد
جاء فيه ( .... أنا أعرف أنه في
جماعة الإخوان المسلمين عقلاء
لا يوافقون على القتل ، وهؤلاء
يريدون الدعوة إلى الإسلام ،
هؤلاء أنا معهم .... ) ، وقد أثبت (فان
دام ) هذا الكلام في كتابه الهام
( الصراع على السلطة في سوريا ، ص
142ـ الطبعة الثانية
)
5 ـ رفض
الديكتاتورية وتسلط الحزب
الواحد ، وإثبات حق الشعب في
اختيار نظامه السياسي .
6 ـ
الاحتكام في العمل السياسي
لصناديق الاقتراع ، واعتماد
آليات العمل الديموقراطي .
7 ـ
الانطلاق من الوحدة الوطنية ،
وتقديم المصلحة الوطنية على
المصالح الخاصة والذاتية .
8 ـ
الانتماء للمنظومة العربية ،
والمرجعية الحضارية الإسلامية .
9 ـ
التصدي للمشروع الصهيوني .
وإلى
لقاء قريب مع موضوع آخر يكشف لنا
الحقائق التي غيبت عمداً وقصداً
عن المثقف العربي عامة والسوري
خاصة .
والحمد
لله رب العالمين
*
كاتب سوري في المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|