أمة
تتسامى على جراحها لن تموت
د
. آدم الحرييص
بلغت الهجمة الصهيونية
الصليبية على الأمة العربية
الإسلامية حدا لم تصل إليه من
قبل . وبدأ أعداء الأمة يعتقدون
أن تصعيد هذه الهجمة الشرسة
سينال منها ويجعلها تتهاوى أمام
العدو وتستسلم . وضن العديد من
الحكام الخانعين من عرب ومسلمين
أن الوقت قد حان لرفع الراية
البيضاء والتسليم حفاظا على ما
يمكن الحفاظ عليه من مقدرات
الأمة .
لكن الأمة العربية الإسلامية
التي قاومت بحزم وقوة مكائد
الصهاينة في المدينة المنورة ،
في بداية الدعوة الإسلامية ،
ونجحت في طردهم منها ، وتسامحت
مع من جنح للسلم منهم .
ثم قاومت حركات الزندقة
والفرق الدينية المدسوسة على
الإسلام ، واستطاعت أن تنفضها
من على جسدها كما تنفض الأسد
الوحل . وفتحت العالم شرقا وغربا
بقوة الحق وصدق الإيمان . فبزغ
فجر الإسلام مشعشعا ينير الدنيا
، وينقل الإنسان على سطح الأرض
من ظلم الجهل ونير العبودية
وظلام العقائد الفاسدة ، إلى
نور العلم ورحابة الحرية وحلاوة
الإيمان . فانتشر العدل
والمساواة وعم السلام ربوع
الكوكب الذي نعيش عليه . فلا أحد
يماريْ اليوم في أن العصر
العربي الإسلامي كان أكثر عصور
الدنيا سلاما وعدلا وأمنا لجميع
الشعوب .
وقاومت جحافل الصليبيين
الحاقدين المتتالية ، فهزمتها
جميعا ، وردت كيدها إلى نحرها .
وخرجت من الحروب الصليبية قوية
منتصرة . لقد هب الشباب العربي
المسلم عندما بلغ الأمر حدا ضن
أثناءه الأعداء أنهم انتصروا
وحققوا مآربهم ، ليذودوا عن
حياض الأمة وليقوضوا مملك
الصليبيين التي بنوها على أرضنا
الطيبة في بلاد الشام .
ثم قاومت الحملات
الاستعمارية الضارية ، عندما هب
المجاهدون في كل مكان ، وانتشرت
حركات الجهاد في جميع بلاد
المسلمين تقارع المستعمرين
وتلقنهم ألوانا مختلفة من دروس
الجهاد والفداء وحب الوطن .
وتعلمت جميع أمم الأرض من
المسلمين فنون القتال والجهاد
والتضحية في سبيل الوطن .
فاشتعلت النار تحت أقدام
الصليبيين في كل مكان وتحولت
الأرض إلى جحيم .
وفي ذات اللحظة التي ضن فيها
الصليبيون أن الأرض قد دانت لهم
، وبدءوا يستعدون لقطف ثمار
سيطرتهم على العالم ، بعث الله
الخلاف والفرقة في صفوفهم
فأستحالوا يقتتلون في حربين
عالميتين دمرتا الجزء الأعظم من
قوتهم ، وجعلتا قبضتهم على
المستعمرات تتراخى لينال
المجاهدون حريتهم .
وها هي ذات الأمة ، وها هم ذات
الشهداء الذين قاوموا وجاهدوا
عبر السنين في بدر وحطين
والقادسية وذات السلاسل وشمال
أفريقيا والأندلس .. وغيرها ،
يهبون من جديد ليجاهدوا ويذودوا
على شرف وعزة وكرامة الأمة ،
يمثلهم أحفادهم الجيل الجديد
الذين ملأ الغضب نفوسهم
والإيمان قلوبهم ، ورائحة الجنة
تقودهم إلى حيث يقبع جنود العدو
يرتعدون خوفا .
لقد هب أولئك المجاهدون
الشجعان في مرحلة من أحلك
المراحل في تاريخ هذه الأمة .
مرحلة بلغ اليأس فيها حدا جعل
الكثيرين يعتقدون أنها النهاية
، وضن الخانعون من حكام هذه
الأمة أن النجاة لن تكون إلا
بالاستسلام والخضوع والدخول في
صفوف العدو، وضن العالم أن
الحرب قد انتهت لصالح الصليبيين
.
لكن هذه الأمة المؤمنة بالله
المتوكلة عليه ، تعتقد بإيمان
راسخ أن الله معها وأن قضيتها
عادلة ، وأن أحفاد الشهداء لن
يبخلوا بدمائهم الزكية لري شجرة
الحرية.
فها قد قيض الله لها شبابا
مؤمنا يدافع عنها ويعيد إليها
اعتبارها. وهم اليوم في جميع
بقاع العالم على استعداد لأن
يتحولوا إلى إستشهاديين
بالملايين يدافعون على الأمة
ويردون كيد أعداءها إلى نحورهم
، ويثبتوا للعالم أجمع أن أمة
الإسلام لن تركع ولن يكون سهلا
قتلها .
إن أمة تتسامى على جراحها
البليغة النازفة ، وتنهض على
أقدامها واقفة وقد قيض الله لها
شبابا مؤمنا واعيا ، ورجالا
يدركون معنى العزة والكرامة ،
يجاهدون في سبيل الله جميعا صفا
واحدا ، لن تموت . بل ستبقى شامخة
في وجه العواصف ، قوية في وجه
الأعداء. لأنها خير أمة أخرجت
للناس .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|