ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 06/09/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المعارضة السورية

العلاقة الأمريكية السورية – مواكلة حسنة أم " عبد مأمور "

عبد الحميد حاج خضر* / المانيا- بوخوم

كتب الأستاذ الطاهر ابراهيم على صحيفة القدس العربي لعدد 4737 مقالاً بعنوان " العلاقة الأمريكية السورية : غموض بناء أم مواجة مؤجلة " . أستميح الأستاذ الكريم عذراً لأقول له : العلاقة الأمريكية السورية لا هذا ولا ذاك ، بل  هي تتأرجح اليوم بين المواكة الحسنة ، كما كانت في عهد الرئيس الأب حافظ الأسد ،  والانبطاح الكامل كماهو مطلوب الآن من الرئس الأبن . بدأ العد التنازلي من منصة " المواكة الحسنة " بعد انتهاء الحرب الخليجية الثانية وانعقاد مؤتمر الثمانية في دمشق ، والآمال العريضة التي كانت تدغدغ صناع القرار السياسي في دمشق لقطف أرباح مجزية " للمجهود الحربي " الذي بذلته المؤسسة السياسية والعسكرية ، لتتجاوز خط الحياء والعفة والنقاء الثوري ، والزج بالجيش السوري في حفر الباطن لسترجاع الكويت السليب من "الرفاق" ورده إلى عائلة آل الصباح الشريدة الطريدة في فنادق لندن وباريس وجدة  الفاخرة . لا أدري أي حنكة ودراية سياسية مكنت القيادة السورية أن تزج بثلاثين ألف جندي وضابط ، كانت عقيدتهم القتالية ؛ النضال من أجل استرجاع الحق السليب من الصهيونية والامبريالية حصراً . في صيف عام 1991 زار وزير خارجية الرئيس الأب جورج بوش دمشق ، وكان آنذاك جيمس بيكر، وفي اجتماع مغلق مع الرئيس الأب حافظ ، ومعية المترجمة المتألق والمتطلعة إلى منصب أرفع السيده الدكتورة بثينة شعبان . استفاظ حافظ في الكلام والشكوى من الأجر الزهيد ، الذي لا يكاد أن يسدد تكاليف السلاح الباهظة الثمن ، وأن الاتحاد السوفيتي لايرسل السلاح إلا إذا دفع الثمن نقداً . المبلغ الذي أرسله " طويل العمر " وزملائه لا يصل إلى 1% مما تلقيناه بعد حرب تشرين ، كما تحدث حافظ عن الصعوبات الاقتصادية ، وضرورة الوفاء بالعهد والوعد وخاصة فيما يتعلق بالجولان ، كما هدد وتوعد من طرف خفي فقال : لا تستغرب يا سعادة الوزير إذا رأيتني بلحية أو لحية وعمامة في زيارتك القادمه إلى دمشق . جيمس بيكر كان Cool أي بارد ، وقال له بعد أن أفرغ الرئيس كل ما في جعبته : ياسيادة الرئيس وكما أشرت ، إن الاتحاد السوفيتي لم يعد موجود فعلاً ، والعراق الذي حفظ ماء وجهكم في حرب تشرين أصبح الآن ، وبجهودكم طبعاً ، يحتاج إلى العون . أما ولي نعمتكم السيد كيسنجر فهو يكتب مذكراته وتنظيراته التي لا نرتاح لها . ولا تظن أن الملالي في طهران بوسعهم مساعدكم وأنت تعرف طبيعة المعاهدات التي تربطنا باسرائيل ونحن ملتزمون بها . ابتسم السيد بيكر فرد الرئيس بابتسامة صفراء يشق علينا وصفها ونفظ الاجتماع . هذه الروايات ذكرت في صحف محترمة مثل فرانكفورته الجمانيه الألمانية Frakfurter Allgemeiner Zeitung و نويه تسورشه تسايتنغ Neuer Zuericher Zeitung ، جمعتها في حينها ووضعتها بالارشيف واليوم جاء دورها . يجمع الساسة الألمان أن جيمس بيكر كان متعجرفاً ولا يحسن التعامل مع الساسة الذين يملكون جسماً أو هيئة سياسية تستميت من أجل الحفاظ على مكاسبها في السلطه ، وحافظ الأسد يملك هذه الميزه . ولذلك تبددت كل هذه العنجهيات وذلك الصلف مع فوز كلينتون في الرياسة ، بعد ستة أشهر من لقاء بيكر مع حافظ الأسد ، فعلقت بعض الصحف الألمانية وجريدة ABC الأسبانية ، على فرح الرئيس صدام حسين ، بسقوط بوش الأب في الانتخابات ، وإطلاق صدام عدة طلقات من مسدسه في الهواء ابتهاهجاً بالحدث : " إن من سخريات القدر أن يفرح العدو والصديق بسقوط بوش ، ولعل فرحة الرئيس السوري الصديق ، تفوق فرحة الرئيس العدو صدام حسين  " . حافظ الأسد رجل جلد وصبور ومراوغ ولهذا قام الرجل بجمع كل ما هب ودب لتقوية موقعه في المعادلة الدولية . لقد عزز علاقته بالجمهورية الإسلامية ، وزاد دعمه لحزب العمال الكردي المعرف ب PPK  وجمع حوله المعارضة العراقية الكردية الطلبانية والبرزانية وكذالك غلاة الشيعية والشيوعية وكل  من يحسن الزحف على بطنه ليصل إلى السلطة . كانت دمشق والقرداحة الميرة السياسية  التي تنطلق منهما الوفود والحشود إلى وكالات المخابرات العالمية . بل سمح للمنظمات الجهادية ببعض العمل الإعلامي وأكثر من هذا لمح ولوح بالصلح مع الإخوان المسلمين ، بل سير الرسل  والوفود لدعوة ، الخوجه أربكان رئس وزراء تركيا ، لزيارة دمشق  . قد يقول البعض هذه شطارة ولكن أهل الخبرة والدراية يرون غير ذلك . إنه عمل مخابراتي لا أكثر من جهة ، وسمسرة يختلط فيها الحابل بالنابل لإخفاء حقيقة لا يراد لهل أن ترى النور أبداً . السطة في سوريا كما هي في مصر تستندان  إلى جسم سياسي أوعصبية سياسية ، حسب ابن خلدون أو سمها ماشئت ، المهم هو التوصيف الدقيق وتحدد الوظيفة وآليات الضبط والربط في هذا الجهاز . في مصر مثلاً : قامت سلطات الاحتلال الانكليز بإنشاء البوليس السياسي بإيعاز من الجنرال كرومر ، في نهاية الثلاثينات ، وتم تدريب عناصر هذا الجهاز على يد ضباط من المخابرات الانكليزية وكانت الرياسة الرسمية لهذا الجهاز أول الأمر لغير المصرين ، فلما أبدت شخصيات من العاملين في هذا الجهاز من المصرين " نضوجاً " في خيانة الأمة وتزلفت بالنوافل إلى المحتل ممثلة بالسفارة البريطانية في القاهرة أسندت الرياسة الرسمية للمصريين ، فبذ هؤلاء " المصريين " أسلافهم الأجانب في التسلط الاجرامي على الشرفاء من أبناء جلدتم ، وكأن مخزون الاستبد والطغيان والهمجية التي تراكمت عبر قرون قد حلت واتحدت بهم ، هذه الظاهرة العجيبة قد أذهلت سادتهم الانكليز أنفسهم ، تماماً كما يذهل كل مواطن شريف من فجور ووقاحة وعنف اللبرالين الجدد أو العملاء والمرتزقة الذين يحملون السلاح ضد المقاومة العراقية والفلسطسنية ، ممن جندتهم الاحزاب والنحل الذين كانت المخابرات السورية تستضيفهم . كل واحد من هؤلاء كان مشرع استبدا وقتل . بلغت ميزانية البوليس السياسي في الشهر الواحد عام 1944 حوالي 200 ألف جنيه . لمعرفة قيمة هذا المبلغ علينا أن نعرف أن راتب معلم المدرسة لا يصل إلى 2 جنيه. هذا الجهاز الخبيث أو تلك البؤرة الفاسدة بقي قائماً حتى بعد قيام الثورة في 23/7 عام 1952 العدو الأول للحركة الوطنية ولإسلامية والاشتركية . لا يوجد لدينا أي وثيقة تثبت أن هذا الجهاز الخبيث قد حل بعد الثورة  . وللمقانة فقط :  لقد رفضت الحكومة الألمانية قبول أي رجل أو إمرأة في الوظائف العامة أو ممارسة السياسة كان على صلة وثيقة أو عابرة بأجهزة الأمن في المانيا الاشتراكية وللمقارنة أيضاً : قامت أمريكا المنتصرة على النازية بتجنيد آلاف الرجال الذين كانوا يعملون مع الجستابو النازي في أجهزتها الأمنية مستفيدة من " خبراتهم " الإجرامية  . نفس الشئ حدث في مصر بعد الثورة ، فإن معظم رجال الثورة تعاونوا بل وعقدوا صفقات مع رؤساء البوليس السياسي، وكل رؤساء هذا الجهاز عملاء ومعدومي الضمير وقتله بدم بارد . قام هذا الجهاز بتصفية الخصوم السياسين بوسائل تقشعر لها الأبدان ، كما شوه سمعة الكثير من الوطنين الشرفاء . لا وجود للمحرمات في قاموس هؤلاء القوم . وكان الجهاز وغرف العمليات فيه تدقن المناورة والإيقاع  بالخصوم كما تدقن اختراق صفوف الأحزاب والمنظمات وتبث الشائعات وتروج البطولات الكاذبة والعبقريات المزعومة للرئيس والقائد . كل هذه الخبرات القمعية تركها المستعمر لمن يتم المسيرة من بعده . العدو الأول لهذا الجهاز الملعون هو الحرية ، وقد صادرتها الثورة ، إنها أي الحرية هي التي تعري وتحاصر هذا الجهاز في أضيق الزوايا ، كما نلاحظ في الدول الغربية . ليس الشعب هو الذي جعل السياسة والعمل العام أو الدين اتباع رجل وتوثين زعيم إنهم " المثقفون " والكتبة النافخون بأبواق الإعلام سم الاستبداد وقيح الطغيان ، الذين يأكلون بأقلامهم ويزنون بأفواهم . وتمر الأيام والشهور والسنون والأمة تلعق جراحها الدامية التي نهشها الاستبداد والقهر والعدوان . وعلى المنصة دعي جبان من صنع الليئام يحدث الناس عن نصر وفتح قريب، فهذا يبيع الجولان بمأفون وذاك يبحلق مع صديقه كيسنجر إلى هز البطون الذي أدهش الضيف الصهيوتي بجنسيته المفرطة ،  والصور بثت في حينها أجهزة الإعلام المرئية . وسقط هبل مضرجاً  بدمائه وخلف من بعده خلف أضاعوا الكرامة وتصنعوا البلادة والسقامة . وعلى العرش الفرعوني حية أفعى صنع على عين القتلة وحلت وا تحدت به خسة أبناء الأفاعي والخنازير وكما يقول ابن الرومي : في قبح قرد وفي استكبار هامان . وتحسب فكيه إذا اختلفا عند التنغم كفكي بغل طحاني . إني أوكد أن هذا الجهاز هو الذي حكم مصر منذ عام 1944 ويحكم حتى كتابة هذه السطور ، وهو المسؤل عن الهزائم النكراء والجرائم القذرة التي ارتكبت وترتكب يومياً وحتى هذه الساعة ، إن وزراء ومحافظين المدن والنواحي وحتى عمدة القريه ، الذين يزجون بالمواطنين لنتخاب الرئيس المقترح أو التجديد له، على صلة وثيقة  بقيادة الجهاز  ، هم رجال ذوي ماض وحاضر أسود في بئرة الفساد تلك . لقد صدّرت مصر هذه السلعة " النقيسة " سلعة الطغيان والقمع إلى معظم الدول العربية . لقد أحسنت المقاومة العراقية عندما هددت بالتصدي " للمنحة السخية " التي قدمتها الحكومة المصرية لحفظ الأمن  وتدريب الأجهزة " الأمنية " .  لأهلنا في العراق أقول أوقفوا كل اتصال مع الجهات الرسمية السورية والمصرية والأردنية والسعودية لا تكرروا أخطاء إخوانكم في المعارضة السورية أو حركة التحرير الفلسطينية لا تستعجلوا نصر الله فهو قريب ،  فالمستجير بهؤلاء القوم كالمستجير من الرمضاء بالنار ، ولن يزيدوكم إلا خبالاً .

إن تجربة الشعب السوري ، مع البوليس السياسي اللعين ، الذي غير اسمه بعد الثورة وأصبح يطلق عليه المباحث العامة أو الخاصة ، خلال فترة الوحدة من 1958 – 1961،  كانت مريرة لخصها شاعر دمشق ببيت من الشعر من قصيد عصماء يقول شفيق جبري : أنّ التفت رمى الجاسوس مسمعه /// كأن ظلك جاسوس ونمام . لم تكن الاخطاء عفوية من هذا الجهاز الخبيث ، بل إنها مقصودة ومحددة الاهداف ، والجهاز نشأ أصلاً ، لخدمة أسياده من الصهاينة والامريكان الذين ورثوا تركت الامبراطورية العجوز الشمطاء ، ومع ذلك لم يفرط الشعب السوري بالوحدة وأفضل توصيف لموقف الشعب السوري من الوحدة ما صاغه شاعر سوريا العظيم بدوي الجبل في قصيدة غزلية رقيقة يصف حبه وهيامه بحبيبته ، ولكن فحوى البيت ينطبق تماماً على حب الشعب السوري للوحدة يقول بدوي الجبل : أعطي بذلة محروم فيالهفي /// لسائل يغدق النعماء منهوري . ونجح الجهاز في إقناع القيادة السياسية المصرية بالكف عن العمل الجاد من أجل الوحدة بعد أن تم فصل الوحدة مع مصر في 28/9  1961"  مافيش فايده الشعب السوري صفر عالشمال " وكان هذا الموقف بمثابة الضوء الأخضر للعناصر المتأمرة والمغامرة أن تنفذ جريمتها وتكرس الانفصال بدون وجل أو خيفة . الصحافة والإعلام وحتى المظاهرات  كله كلام بكلام . بعد أن اطمأن المتأمرون والمغامرون إلى الجو العام وتفرسوا في المعادلة الدولية نفذوا جريمتهم . وأبد القصة من البداية وأقدم معلومة يجهلها الكثير . قام انقلاب 8 من شباط (فبراير) عام 1963 في العراق والحكومة السورية برئاسة السيد خالد العظم تحتضر . في 25 من رمضان أي 15 من شباط 1963 وبعد بضعة أيام فقط من الانقلاب في بغداد حدث التالي : قام فئة من الضباط تمثل اللبرالية الدمشقية بحتلال الأركان العامة ومحطة الإذاعة والتلفزيون وقامت باستدعاء السيد عصام العطار ، المراقب العام بالنيابة لجماعة الأخوان المسلمون ، ورئيس تجمع برلماني عرف بالكتلة النيابية الاسلامية في المجلس النيابي السوري المنحل ، وطلب العسكر منه أن يشكل حكومة للبلاد بعد عجز حكومة السيد خالد العظم  بطمأنة الشعب السوري ، الذي عصفت به رياح الخوف والقلق . أشارت القيادة الانقلابية على أن الجانب الامريكي يطب فقط أن تضمن الحكومة وقبادة الجيش الهدوء على الجبهة السورية . اعتذر الأستاذ عصام العطار عن هذا التكليف ، وطلب من الحضور المحافظة على الأمن وتمكين الشعب السوري من انتخابات عامة ونزية . انفظ اللقاء دون أي اتفاق وعاد الانقلابيون إلى مواقهم بعد أن كشف أمرهم . هذا الرفض يحسب في سجل الرجل السياسي وحرصه على الاحتكام إلى إرادة الشعب . بعد 13 يوماً ، وأهل الغرب يتطيرون من الرقم 13، وقعت الكارثة . زياد الحرير راشد  قطيني لؤي الاتاسي ومحمد الصوفي  وضباط من حزب البعث أقل رتبة ومكانة يقلبون الطاولة على رؤوس أصحابها ويعلنون استيلائهم على السلطة ، وفي البلاغ الثاني للمغامرين أعلنت حالة الطوارئ والأحكام العرفية . وتعطيل الدستور ، الذي لا يحيز حالة الطوارئ ، كان تحصيل حاصل . استطاعت حكومة الانفصال بتبنيها دستور عام 1950 أن تعطل دور المباحث العامة وتحصرها في أضيق الزوابا وتجعل منها عيون على العدو فقط، حيث قامت بإنجازات معتبرة في هذا المجال . الحفاظ على الأمن العام كانت مهمة جهاز الشرطة ، الذي استعاد دوره بشكل محترم وخضع كلياً للسلطة القضائية . كلا الفريقين المتصارعين على السلطة ، الناصريون الذين يطالبون بالوحدة الفورية مع عبد الناصر لأن السياسة والمبادئ عندهم اتباع رجل أو قائد . والبعثيون الذين اتبعوا سياسة التسويف والتأويل لتجميع أهل المصلحة وطلاب الغنيمة ، بنفس الوقت كانت قائمة الضباط من أهل الاختصاص يطردون من الخدمة العسكرية ويحالون إلى الوظائف الادارية الهامشية أو المعاش براتب ذليل . من 8 آذار(مارس) وحتى نهاية أيار ( ماي) 1963 طرد من الخدمة حوالي 480 ضابط من رتبة لواء  إلى رائد . أما طرد الضباط من ذوي الرتب الصغيرة فحدث ولا حرج ، حتى طلاب الكلية العسكرية في حمص طالهم قلم التسريح والطرد - ألا يذكركم ذلك بما فعلعه الاحتلال بعد غزو العراق ؟ . أبو أسامة ، صلاح جديد ، مدير شؤون الضباط يعد القوائم وأبو عبدو أمين الحافظ وعصابة السكارى بخمرة البعث في القيادة القطرية  واللجنة العسكرية تبصم عليها بصماً . لقد أوكلت الإعمال القذرة إلى العناصر السنية في الحزب والجيش ، فقامت بتجيش الهمجية والرعونة والأذى وأقامت بتشكيل كتائب الحرس القومي من كل  سفيه وشريد وطريد يقول الشاعر الشعبي في تلك الهمجية : رب مليس إذا اختال بها /// خلته أركان حرب أو عميد . أما هندسة السلطة الجديدة فقد كانت من اختصاص أهل السلطة الحقبقبن من أبناء النحل والفرق . استبدل أهل الاختصاص والخبرة بالمعلمين ووكلاء المعلمين الذين أدوا الخدمة الإلزامية كضباط احتياط وكانوا من الرفاق أو ممن رأوا الغنيمة فالتحقوا بقافلتها رغبة أو رهبة أو لحاجة في نفس يعقوب . كان الكثير تنقصهم اللياقة البدنية الشرط الازم وربما الكافي للحصول على فرصة في الكلية العسكرية  . وذاكرة الأيام تحفظ لنا سباق محموم على السلطة ذالك الوثن اللأثيم ، الذي أفسد كل فضيلة وأنبت كل رذيلة . عند الاستراتيجن الوصول إلى الهدف الاستراتجي لايسير بخط مستقيم بل في الغالب يأخذ منحاً متعرجا يصعب تتبع مراحله ، وربما ضرورة الصنعة تقتضي سلوك أكثر الطرق تعرجاً . في شباط (فبراير) عام 1966 انفض الجيش السوري الباسل واحتل عاصمة بلاده ، هذه العبارة للأمانة العلمية ، وردت من إذاعة العدو " اسراثيل " . وجلس أبو عبدو ، كالأرنب عندما تهاجمه حية الكبرى ، ينتظر الهجوم الذي كان معروف التوقيت والرجال . هكذا وصف السيد أحمد أبو صالح  حالة الرئيس قبل الانقلاب . وقاتل الرجل بشجاعة عن عائلته ، حيث أصيب بعض أبنائه إصابات غير قاتله . (ماكو أوامر) من القيادة القومية باعتقال المتأمرين ، متأمرون ليس على السلطة فحسب ولكن على الدولة والمجتمع والوطن . هزيمة حزيران معروفة للجميع ولمزيد من الدقة  والتمحيص ، أنصح بالرجوع إلى كتاب السيد خليل مصطفى ضابط استخبارات الجولان " سقوط الجولان " ، ومع أن الرجل استعمل إسماً مستعاراً إلا أن المخابرات السورية تمكنت من اعتقاله قي لبنان ، وعاش أكثر من 20 سنة في سجون الطغيان ، ولا أعرف هل هو حي يرزق أم نبت العشب على قبره . لفد أحسن الرجل للأمة عندما وثق لهذه الفترة من وجهة نظره العسكرية . 

في ربيع 1969 بدأت الشائعات تكثر في الشارع السوري عن إمكانية حدوث إنقلاب يزيح حكومة يوسف زعين ونور الدين الأتاسي التي جاءت بعد انقلاب 23/2/1966 ، وكانت سورية آنذك ولا تزال   تعيش على الشائعات ، رغم عصر الانترنت والفضائيات ، التي لا يحظى بنعمتها إلا ذو حظ عظيم . هذه الشائعات كانت موضع تشكك عند عامة الشعب ، لسبب بسيط ، لأن اللواء صلاح جديد ، الذي تخلى عن موقعه في اللجنة العسكرية وإدارة شؤون الضباط طوعاً ، ليصبح الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي ، كان له نفوذه معتبر جداً داخل المؤسسة العسكرية ،  من خلال أنصاره الذين وزعهم على القطعات  ، ولأن خصمه البديل ، اللواء حافظ الأسد ، عرف في الأوساط العسكرية والمدنية أنه مسؤول أكثر من غيره عن سقوط الجولان وتسيلم القنيطرة للصهاينة ، وهو الذي أعلن سقوط القنيطرة قبل سقوطها الفعلي بحوالي 20 ساعة  . لذالك ليس من المعقول أن يكون البديل شخص من هذا النوع ، خاصة  أن الحزب والجيش العقائدي يعيش على الوهج الاديولوجي والطهر الثوري . عادت الشائعات إلى الظهور مرة أخرى في مطلع 1970 بعد أن جدد الحزب طرح مقولة الحرب الشعبية التي طرحها في مطلع 1968، وعززها بحفر الحفر الصغيرة حسب المواصفات الفيتنامية في شواع دمشق وبعض المدن الأخرى ، علماً أن قامة المقاتل السوري أكبر من قامة المقاتل الفيتنامي الآسيوي . هكذا كانت تسير الأمور . الاتحاد السوفيتي الحليف الاستراتجي كما كان يعرف آنذاك للنظام في سوريا ، كان قد نشط دبلماسياً وسياسياً لحمل النظام في سوريا لقبول قرار مجلس الأمن 242 الذي لقي موافقة الاتحاد السوفيتي ومصر ، وكان رفض سوريا للقرار مجرد مناورة ومزايدة رخيصة على سياسة مصر ، لضمان العذرية الثورية ، وإن كان الرفض من حيث المبدأ قرار سليم . وراء التحرك السوفيتي الذي كان يقوده الرئيس السوفيتي كوسيجن ماهو أكبر من قبول القرار . الاوساط الصهيونية عرضت على أطراف محددة من أصحاب القرا ر في سورية ، وعبر أوساط تكاد تكون معروفة عند أهل الدراية ببواطن الأمور ، الاحتفاظ  بهضبة الجولان لمد 30 سنه لقاء هدوء وانضباط محكم على الجبهة السورية ومن الطرفين . القليل  من أعضاء القيادة القطرية ، السلطة السياسية العليا في البلاد ، كان على علم بهذا العرض وكان حافظ الأسد أول  العارفين بهذا العرض . القيادة القطرية لحزب البعث اجتمعت لتناقش طلب الاتحاد السفوفيتي ، الحليف الاستراتيجي ،  القبول بالقرار 242 والتحرك من خلال " الشرعية الدولية " لستعادة الأراضي العربية المحتلة وإزالة آثار العدوان .  القيادة القطرية رفضت بالإجماع طلب كوسيجن ، وشذ عن هذا الإجماع " الرفيق " حافظ الأسد ، وحسب معلومات سربها بعض أعضاء   القيادة القطرية منهم رباح الطويل من خلال السجن ، وقد سجن حتى الموت،  تقول : أن الرفيق اللواء حافظ الأسد سافر سراً إلى لبنان حيث أبلغ الوسطاء قبوله الصفقة بدون قيد أو شرط وطلب من الطرف الثاني الالتزام بتعهداتهم ، غير المكتوبة ،  . لم يفاجئ الوسطاد هذا القبول غير المشرط فعلياً، وهم الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف  . وعاد الرفيق إلى دمشق ليتصل بالفرقاء والأنصار الذين يتوقع منهم الموافقة على إزاححة النظام اليساري " المتطرف " وما عرف آنذك بحكومة المراهقين . طبعا كان أول المرحبين بهذا التوجه  أصحاب الفاعليات الاقتصادية التي أصابها ما أصابها من سياسات التطرف اليساري ، ويقال أن الشيخ أحمد كفتارو الكردي وأنصاره كانوا من جوقة المرحبين غير المجوقلة ، ومن المشيدين بحكمة الرفيق . كانت ثلة المتعاونين من الضباط والمدنين لا يسمح لها إلا برؤية  قمة جبل الجليد التي تطفو على سطح الماء ، وبنسب متفاوتة حسب تقيم الرفيق نفسه لمقدار الولاء والثقة به شخصياً . وكان عدد المتعاونين غير قليل لأسباب موضوعية . لقد أدرك حافظ الأسد زيف ووهم مقولة الجيش العقائدي وهو العارف ببواطن الأمور وسريرة معظم الضباط صغار أو كباراً ، فهم لم ينتسبوا  للكلية العسكرية رغبة في حياة الشقاء والجهاد ، وإنما كان الانتساب للكلية العسكرية هو أقصر الطرق للحصول على جعالة تلحقهم بشريحة الطبقة متوسطة الدخل وللفت أنظار المرهقات وطلبات المتعة ، وخاصة في سن الشباب . في غاليبتهم ينطبق عليهم شعر أبو نواس الماجن : خفاف الأوادي يبتغى لهم خمر . ينقل الراوي عن الرفيق قبل " الحركة التصحيحية " ما معناه : ماذا يريد الشعب السوري ؟ زوجة ينكحها  وشقة يسكنها ، وسيارة يستقلها. أما القلة  المشاكسة فلدينا سجون تتسعهم جميعاً . هذا التصور البراغماتي كان بنفس الوقت السياسة التي انتهجها في لملمة الأنصار . إذن هي حرب الأنصار بأزواجهم وشققهم وسيارتم ضد الشعب السوري بعماله وفلاحيه ومثقفيه . لفهم ماهية الرجل وسريرته نعود قليلاً إلى الوراء . الأستاذ أحمد أبو صالح ، الوزير السابق في عهد الرئيس أمين الحافظ وعضو القيادة القطرية روى حادثة على رؤوس الأشهاد وكنت منهم ؛ أستوقفتني دلالاتها فأكثرت السؤال عن تفاصيلها ، يقول الأستاذ أحمد أبوصالح : لبت القيادة القطرية للحزب دعوة نادي السعد في حلب ، وأرسلت عدد من الرفاق أذكر منهم سليمان دهمش وأحمد عنتر وحيدر رفعت وعضوان من القيادة القطرية أنا والرفيق حافظ الأسد ،  والنادي ملتقي  الشخصيات الفكرية والفعاليات الاقتصادية من الطائفة الأرمنية ( الطاشناق) ، وقد قامت إدارة النادي بإعداد هدايا رمزية ثمنية لتوزيعها على ضيوف الشرف من أعضاء القيادة القطرية ومرافقيهم في نهاية الحفل . ولما كان تقديم الهدايا إلى " مستحقيها " وبعضهم أعضاء في أعلى سلطة سياسية في البلد ربما يفسر على أنه نوع من الرشوة ، لهذا رتبوا توزيع الهدايا على طريقة ما يعرف في سورية "  اليانصيب " أو الحظ السعيد بحيث تصل الهدية المناسبة للرجل المناسب ، وفعلاً دار دولاب الحظ وفق الخطة ، ونال كل عضو في القيادة القطرية حظه المعلوم من الهدايا ، وكذلك مرافقيم ، ولما كانت اللعبة مكشوفة والكثير لا يزال يعيش رومنسيات الطهر الثوري ، رفض الجميع الهدايا واقترحت ، أحمد أبو صالح ، أن يعاد إهداؤها للنادي ، لدفع شبة الرشوة عنا . ولما تأكد الرفيق اللواء حافظ الأسد جدية الرفض وزهد الآخرين في الهدايا ، اهتبل الفرصة وانقض على الهديا يجمعها بكلتا يديه ويسرع بها إلى سيارته . خيم الوجوم على على وجوه الحضور من هذا العمل الذي لايليق بضابط برتبة لواء وعضواً في القيادة القطرية . لعل هذه الحادثة تلقي بعض الضوء على نفسية حاكم سورية لثلاث عقود عجاف . تحفظ لنا ذاكرة التاريخ ، قبيل أن ينقض حافظ الأسد على السلطة ،  في " الحركة التصحيحية" ، أحداث جسام منه قبول الرئيس عبد الناصر المفاحئ لماعرف بمبادرة روجرز William Rogers في نهاية صيف عام 1970 ، وروجر وزير الخارجية الخامس والخمسون للولايات المتحدة الأمريكية .  في أيلول ، من نفس العام ، اندلع القتال بين المملكة الهاشمية بقيادة المللك حسين والفصائل الفلسطينية . قامت الحكومة السورية بدعم الفصائل الفلسطينة بكتيبة مدرعات وبعض القطعات المجوقلة ، وعندما اندفعت القوات السورية داخل الأراضي الاردنية ، تصدت لها الطائرات الاردنية ودمرت مقدمة الزحف . الرفيق اللواء حافظ الأسد وزير الدفاع آنذاك ، وآمر سلاح الطيران ، امتنع عن تقديم غطاء جوي للدبابات السورية ، فعادت القوات السورية مدحورة بعد إن دمر قسم منها . تمكنت القوات الاردنية من سحق المقاومة الفلسطينة دون أن تتمكن الوساطة العربية ، وخاصة الرئيس جمال عبد الناصر من وقف حمام الدم ، وضطرت بقية قوات  المقاومة الفلسطينة من الانسحاب إلى لبنان ، بعد أن خسرت أهم موقع يمكن أن تنال منه من العدو الاسرائيلي . هذا الحدث الأليم دخل التاريخ تحت أسم أيلول الأسود . في نهاية سبتمبر ( أيلول ) توفي الرئيس عبد الناصر فجأة فأبن الشعب المصري ومعه الأمة الريس بما يليق به  من احترام وتقدير . لابد من كلمة تقيم للفترة التى حكم بها عبد الناصر مصر ، وقاد التيار العربي الذي عرف في حياته وبعد وفاته بالتيار الناصري . لقد كان عبد الناصر يملك كل مؤهلات القيادة الجماهرية ولكن مهادنته وتعاونه مع عناصر البوليس السياسي الخبيث المنشأ وعدو الشعب أفسد المسيرة الناصرية ولوثها بالجرائم والمنكرات التي ندفع ثمنها حتى اليوم . هذا الجهاز الشيطاني هو الذي زين لعبد الناصر الانفراد بالسطة وخلق الخصومات والعداوات والبغضاء  ودفع الشعب المصري خيرة أبنائه ثمناً لها ، لقد خلق فتنة كادت ولاتزال تحاول الفتك بالأمة . إن عدم حل هذا الجهاز الخبيث بعد الثورة مباشرة كان الخطأ القاتل ، حتى الإخوان المسلمون الذين ، أصبحوا خصماً لعبد الناصر ، وكذلك الشرائح اللبرالية الوطنية ، لم تتنبه لهذا الداء العضال . عندما تسرب البوليس السري إلى المؤسسة العسكرية أفسدها حتى النخاع ، وما هزيمة حزيران عام 1967 إلا أحد موبقات هذا الجهاز . سبقها تحريم الحياة الحزبية والدعوية والسياسية وحصرها بالمنافيق وأحلاس المناصب والوضائف . مصادرة الحريات العامة ، تأميم الصحافة ، قتل المواطنة الحقة والعمل النقابي ، إفساد الوحدة بالمباحث والمخابرات ، مما ألب المواطنين على الوحدة ، إرساء  قواعد النظم الشمولية من المحيط إلى الخليج . ومن أعمال هذا الجهاز الخبيث أنه سعر الحرب في اليمن مما دفع  مصر أن تزج بحوالي 65 ألف جندي ، تعتبر رأس الحربة للقوات العربية المصرية ، في حرب قذرة ، وبقيت تلك القوات مرابطة في اليمن حتى وقعت كارثة حزيران 1967. سجل هذا الجهاز الخبيث طويل . وقد يقال اليوم : ألم يكن بإمكان الرئيس ، وهو الذي كان يملك تلك الشعبية العظيمة ، أن يجنب البلاد والعباد موبقات هذا الجهاز وربما يتهم البعض بتورية مقصودة ؛ إن كنت لا أدري فتلك مصيبتي وإن كنت أدري فالمصيبة أعظم . إن الذي يقول مثل هذا الكلام لم يقرأ إلا القيل عن هذه الأفاعي السامة التي تلتف حول السياسة وصناع القرار وتجعل منهم أداة طيعة لمأربها القذرة . الحل كان دائماً ؛ أن تعمل الطبقة السياسية والعاملين بالشأن العام على تحصين نفسها بشعب لا يساوم على مبدأ الحرية والمواطنة وأن تكون عفيفة اليد والسان وتلتزم قول الله بترك التحسس والتجسس . أعجبني تصريح للمستشار الألماني الأسبق هلموت شميت  عندما قال معلقاً علي التقاير التي كانت ترد عليه من أجهزة الأمن والمخايرات ،  لتضعه على حقيقة الوضع الأمني للأمة الألمانية . قال مرة للموظف الذي يقدم له التقاير : أرجوك أن تبلغ رؤسائك أن التقارير التي تقدم لي اليوم هي ماقرأته قبل غداً في الصحف اليومية . كل ماتقوم به أجهزة الأمن ، وخاصة ما يتعلق بالوضع الداخلي ، هي من فضول الأعمال التي لا طائل منها ومعظمها من صنع الخيال المغرض لتدلل على أهمية عملها وخطورة الاستغناء عنها ، أي لاتزيد السياسي إلا خبالاً . السؤال ماهو الجسم السياسي الذي استند عليه حافظ الأسد لحكم البلاد ، وكأنها مزعة أبيه لمدة 30 سنة وورث المزعة بقضها وقضيها إلى ابنه الشغوف بلعبة " النتندو" ، التي تستهوي المراهقين ، كما نشرت بعض الصحف الألمانية  ؟ السؤال عند الاستراتجين ماهو الجسم السياسي الذي يرسم السياسة بالحروف الأولى ، خاصة في النظم الشمولية ؟ . هو بيت القصيد . هكذا يفكر الاستراتيحون الألمان في شأن السلطة ، وقد طرحوا نفس السؤال في مطلع الستينات لمعرفة الجسم السياسي الذي مكن الجنرال المخمور ، مصطفى كمال أتاتورك ، من تقويض بنية الدولة العثمانية ، فخرجوا بنتائج مذهلة حقاً . لقد تعلمت هذه الصنعة منهم لذلك أطرح هذا السؤال . هل هو حزب البعث المسكين الذي طردت قيادته القومية ومنظريه شر طردة بل لقد اختيل أحد رموزها ، الأستاذ صلاح البيطار ،  في باريس من قبل المخابرات السورية . أم قيادته القطرية التي سجن معظمها حتى الموت لعلمهم أو التشكك بعلمهم  ببعض خيوط الاتفاق الذي عقده الرفيق حافظ مع الوسطاء كما أشرنا . هل كان الجسم السياسي هو مجموعة الزعانف المستوزرين أو أحلاس الوظائف ، الذين يحدثون زوجاتهم وأبنائهم وأحفادهم اليوم عن العز الذي ولى ؟ . وبصراحة ، على طريقة حسننين هيكل ، هل هي الطائفة العلوية بقضها وقضيها ؟ أجيب بلا تردد بلا كبيرة . الجسم السياسي الذي حكم سورية ويتصرف بمقدراتها إلى يومنا هذا هو ذلك اللفيف المغامر المتواطئ مع المشروع الأمبريالى في المنطقة ، الذي بدأت مراحله المتقدمة تنفذ مع احتلال العراق . هذا الجهاز متورط بكل الموبقات التى ارتكبت وسترتكب في حق الأمة . آليات الضبط والربط هي الموبقات نفسها . تصفية المعارضة جسدياً كما حدث في تدمر وفي أقبية المخابرات ، سحق الانتفاضات الشعبية كما وقع في حماة وطرابس ، تجارة المخدرات ، تجارت السيارات المسرقة وغير المسروقة ، نهب المال العام وخاصة واردات النفط والمساعدات العنية والنقدية ، توجيه الإعلام ، افتعال الفتن والتصدي لها ، تفريغ البلاد من رأس المال وإيداع المال الحرام في البنوك الأجنية كرهان مقبوض لدى الدول التي نساند النظام ....الخ . كل هذه الآليات معروفة ومطبقة في جميع الدول التي تخضع للهيمنة الأمريكية ، خاصة في أمريكا الجنوبية . العراق اليوم يخضع لنفس الآليات ، لهذا يتبارى الجلبي مع العلاوي مع الشعلان .... الخ  لنيل ود الإدارة الأمريكية بالنوافل والأنفال لعتمادهم حكاماً للعراق . إنهم يقلدون فقط من سبقهم في هذه الصنعة .  إن مجرد السكوت عن هذه الموبقات وتجنب ذكرها ممن يملكون معلومات موثقة يعد تواطؤ وذنب في حق الأمة . الشعب في سورية لن يتحرك إلا إذا كانت سياسة المعارضة حسية من نوع المعانات الحسية التي يعيشها يومياً . تعترض اليوم الخارجية الأمريكية رسمياً على تدخل الرياسة في سورية بعملية التجديد للرئيس لحود التى تقتضي تعديل الدستور ، نفس الخارجية وبشخص وزيرة الخارجية اولبرايت تتوج بشار الأسد رئيس على سوريا وتطنش وتطنفش عن تعديل الدستور في خمس دقائق عند ترشيحه لرئاسة البلاد . ماهو المطلوب من الجسم السياسي الذي يحكم سوريا أن يفعله ليبقى في السلطة ؟ لقد قدمت سوريا الأرشيف " الأمني " أو صورة عنه إلى وكالة المخابرات الأمريكية ، وهو مبوب على طريقة مخابرات المانيا الشرقية ، ولكن باللغة العربية ويحتاج دراسته بضع سنوات . وأمريكا تحتاج إلى معلومات حسية وسريعة توظفها دعائياً . النظام أغلق كل الحوانيت الدعائية للمقاومة الفلسطينية . النظام حجر على حزب الله أمنياً ودعائياً . النظام استقبل علاوي بالأحضان ووعده بمزيد من الأمن والأمان . لسان حال النظام يقول إني أعطيت ما استبقيت شيء . لقد عذبت نيابة عنهم وربما قتلت كل من أرسل إلي منهم . ليس هذا هو المطلوب من النظام في سوريا هذا كله مجرد عربون . المطلوب من سوريا أن يكشف كل المسؤلين عن حساباتهم السرية في البنوك السويسرية والفرنسية أو أي بلد آخر بدقة وفق سياسة محاربة الارهاب .  وربما طلبت منهم  نقلها إلى البنوك الأمريكية كرهان مقبوض وعربون على "حسن " النية . المطلوب من النظام أن يرسل 30 ألف جندي لتأخذ المواقع التي كان من المفروض أن تأخذها القوات التركية ، لطمأنة شارون من جهة والفتك بالمقاومة والشعب العراقي من جهة أخرى ، خاصة أن الجيش السوري لديه خبرة في تدمير المدن على رؤوس أهلها ، وشارك في حفر الباطن . نعم كل هذا مطلوب فهل تنقذ الانتخابات الامريكية ونجاح كيري النظام السوري من الورطة الكبرى كما أنقذ نجاح كلنتون  والد الرئيس  ومد من عمر سلطته عشر سنوات عجاف أخرى . الوقت من قنابل ، أو كما قالت العرب ، الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك .

*باحث في الفقه السياسي الإسلامي

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ