ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 21/05/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حافظ الأسد مع أمريكـا

ضد العراق

خالد الأحمـد*

نحن جيل الاستقلال ، ولدنا في العقد الخامس من هذا القرن ، وفي منتصف الخمسينات كنا في أواخر المرحلة الابتدائية وأوائل المتوسـطة ، وفي الستينات كنا في المرحلة الثانوية والجامعية . قـدرنا أن تملأ عقولنا بالشعور العربي القومي ، وننشأ عليه صباح مساء في البيت والمدرسة والشارع ووسائل الإعلام ، وكلنا يحفظ الأغاني القومية التي كانت تقرع مسامعنا صباح مساء ، مثل :  نحن شعب عربي واحد ، ضمه في حومة البعث طريق ، ..... بغداد ياقلعة الصمود ، وغيرها مثل : مية مليون تحية ياشعب العراق ياشعب العراق ... وطني حبيبي الوطن الأكبر ...  وفلسطين ندت فلبوا الندا ... أخي جاوز الظالمون المدى ... ومازالت هذه الكلمات تهز مشاعرنا نحن جيل الاستقلال ، لأننا نشأنا على هذه القيم وهذه المعاني ، فأصبحت جزءاً من كياننا العقلي والنفسي .

ومما نشأنا عليه أن الامبريالية ( ورأسها الولايات المتحدة الأمريكية ) عدوة الشعوب ، ومصاصـة الدمـاء ، والذراع الأول والقوي للصهيونية ، وحامية إسرائيل ... وصار من البدهيات أن نسمع قادة البعث يشتمون الامبريالية كلما تحدثوا في الإذاعة أو التلفزة أو أمام الجماهير ، وكان نظام الأسـد يجبر تلاميذ المدار س على أن يرددوا كل صباح خلال عقد الثمانينات : [تسقط الامبريالية والصهيونية وعميلتهم عصابة الإخوان المسلمين ] . والامبريالية هي أمريكا ، ويعرف البعثيون أن جيل الاستقلال يكره أمريكا والصهيونية ولايفرق بينهما ؛ لذلك ربطوا الإخوان المسلمين بأمريكا والصهيونية ليكرههم الشعب ، وشاء الله أن تنكشف الحقيقة أمام كل مبصر وسامع وهي أن العدو الحقيقي لأمريكا هي الحركة الإسلامية ، وأن الإسلاميين أعلنوا بوضوح وجلاء أنهم لايستقوون بالأجنبي على الحاكم المستبد الذي اضطهدهم وقتل منهم عشرات الألوف ، وشردهم في أرض الله الواسعة ، وحرمهم وثيقة الانتساب إلى الوطن ، بعد ذلك كله يعلن الإخوان المسلمون أنهم لايستقوون بأمريكا على الوطـن .

وفي (1989م) بعد أن قبلت إيران الخميني وقف القتال بينها وبين العراق ، وكان نصراً للعراق الذي كان يعرض وقف إطلاق النار منذ بضع سنوات ويصر الخميني على استمرار القتال . وخرج العراق منتصراً بعد حرب دامت ثمان سنوات ، خـزن خلالها العراق مستودعات كثيرة من الأسلحة ، بأموال دول الخليج ومساعدة أمريكا نفسها ، عندئذ أرادت الولايات المتحدة تحطيم الجـيش العراقـي الذي نما بشكل أخاف إسرائيل خلال حربه مع إيران ، بعد أن حطم الجيش الإيراني ، وبسبب أموال الخليج السخية التي كانت تجري باتجاه العراق خلال ثماني سنوات من الحرب مع إيران ؛ امتلك العراق كميات كبيرة من الأسلحة التقليدية ، واستطاع أن يطور عدداً من الصواريخ يرد بها على الصواريخ الإيرانية التي كانت تضرب عاصمته بغداد، وبعد انتهاء الحرب مع إيران بانتصار العراق حيث قبلت إيران وقف القتال دون أن تحقق ماكانت تصبو إليه ، ارتفعت معنويات الجيش العراقي كثيراً ، وصارت الصحف العالمية تكتب عن القوة العسكرية الخامسة في العالم ، والأولى عند المسلمين ، واتضح أن العراق قادر على توجيه الضربات المخيفة لإسرائيل، لذلك قررت الولايات المتحدة ( باع إسرائيل القوي ) ضرب العراق جيشاً وشـعباً وحضارة، فورطت العراق في احتلال الكويت ، لتتمكن من ضربه وسحق الشعب العراقي ، وتدمير البنية التحتية للعراق باسم الشرعية الدولية، وانطلت اللعبة على بعث العراق ، وعلى حاكمه الديكتاتور ، واحتل الكويت ، وشـرد أهلها ، ونهب أموالها ، وفعل ما خططت لـه الامبريالية منذ زمن ( منذ 1973) عندما أنشأت الولايات المتحدة قوات التدخل السريع لاحتلال منابع النفط في الشرق الأوسط ، كي لايأتي حاكم آخر يفعل مثل الملك فيصل يرحمه الله ويقطع النفط عنهم ، وراحت تنتظر الفرصة المواتية ، وأغرت سفيرة الولايات المتحدة صدام الديكتاتور بذلك ، فاحتل الكويت وكانت مصيبة العالم الإسلامي والعربي الكبرى . عندما حزّبت الولايات المتحدة ثلاثاً وثلاثين دولة ضد العراق ثم دمرته ومزقته شـر مـمزق .

وربما برر بعضهم وقوف حافظ الأسد مع إيران تبريراً دينياً طائفياً ، أماوقوفه مع الولايات المتحدة ضد العراق ، فلم يجد السياسيون له تبريراً سوى سياسة المكيافيللية التي آمن بهاحافظ الأسد ، وفسر بعضهم ذلك بأن الولايات المتحدة وعدته بأنها ستضغط على إسرائيل للانسحاب من الجولان ، واتضح في عام ( 1996م ) أنهالم تف بوعدها أولم تستطع ذلك .

وأرسل حافظ الأســد قواته ( الجيش العقائدي البعثي العربي القومي ) لتقاتل جنباً إلى جنب مع القوات الأمريكية والفرنسية والبريطانية ( الأمبرياليةكلها ) ، هذه الدول التي يسميها حافظ الأسد الإمبريالية، وكم شتمها وعلمنا أن نشتمها، وحذرنا من مكرها وخداعها ، واتهم بعض العرب بأنهم عملاء لها ، وكان يلصق تهمة التعامل معها بكل من يعاديه ، وأولهم الإخوان المسلمون ، حيث كان يجبر تلاميذ المدارس في كل صباح خلال عقد الثمانينات على ترديد مايلي :(يسقط الاستعمار والإمبريالية والصهيونية وعميلتهم عصابة الإخوان المسلمين)، ثم هاهو يقف إلى جانب الصهيونية والإمبريـاليـة والاسـتعمار، ضد دولـة عربيـة ، يحكمها نفس الحزب وهو حزب البعث الذي أوصله إلى السلطة في سوريا.

جـاء في كتاب [مقاتل من الصحراء ]عن عاصفة الصحراء : (ص 268) :

بعد غزو العراق للكويت ، أوفد الرئيس حافظ الأسد العماد علي أصلان ليناقش معي مايمكن أن تقدمه سوريا ، ويعرف عن الرئيس السوري بغضه الشديد لصدام حسين أكثر من بغضنا له بكثير ، كما أيقنت أنه ليس من السهل على سوريا بصفتها حاملة راية القومية العربية أن تضم قواتها إلى قوات أمريكا في شن حرب على دولة عربية أخرى ، وكان شـوارتـزكـوف ينظر إلى السوريين بعين الحذر ، ولم يتصل بهم طوال المدة ، وقال لي العماد أصلان : إن القوات السورية تفضل أن لاتعمل بالقرب من القوات الأمريكية ....،

 

الطائرات الأمريكية تحمي القوات السورية من الصهاينة !!؟؟:

 

  ويتابع الكاتب قوله : ثم أبحرت القوات السورية تحت الحماية الجوية الأمريكية !!أي حماية الطائرات الأميركية التي تقلع من حملة الطائرات في البحر الأبيض المتوسط ، [وهي الطائرات التي ساهمت في تدمير الطائرات العربية المصرية يوم (5/6/1967م) ، وهذه الطائرات الفانتوم نفس الطائرات عند الكيان الصهيوني ، والطيار الإسرائيلي هو طيار أمريكي أيضاً لأن كثيرين منهم يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية ].

 يتابع كاتب  مقاتل من الصحراء :  ولفت نظري قدرة دولتين لم تكونا على وفاق من قبل على التعاون بشكل فعال لمواجهة خطر مشترك !! واستقبلت القوات السورية في ينبع وأصبت بخيبة أمل عندما عرفت أنهم أحضروا دبابات (ت 62) فقط ولم يحضروا (ت 72 )وعذرتهم لأنني أدرك أن عليهم حشد فرقتين على الحدود العراقية لمواجهة صدام !!! . وضعت السوريين غرب مشاة البحرية الأمريكية ، ثم عرفت أن الأمريكيين لايحبذون ذلك لأن دبابات السوريين تشبه دبابات العراقيين وخافوا من التباس الأمر عليهم ، لذلك استبدلت السوريين بالمصريين ، وسحبت الفرقة السورية إلى الخلف لتشكل احتياطي القوات المشتركة في المنطقة الشمالية ....

 

أطقم السيطرة الجويـة الأمريكية مقبولة عند الضباط الكبار السوريين فقط :

 

ويتابع الكاتب : وسارت عمليات التنسيق بين أطقم السيطرة الجوية الأمريكية والقوات المشتركة على مايرام ، وكانت العقبة الوحيدة هي أن السوريين لم يتحمسوا كثيراً للعمل مع هذه الأطقم الأمريكية ، ولست ألومهم على ذلك ، وبدا الضيق على شوارتزكوف وقال : سوف اسحبها فوراً ، قلت له : إننا بحاجة لها ، أرجوا أن تطلب من رجالك التحلي بالصبر ، وألا ترسلهم إلى السوريين الآن ، وفي اجتماع مع اللواء علي حبيب (قائد الفرقة السورية ) قلت له : أرجوك أن تخبرني إذا كان لديكم أوامر تمنعكم من العمل مع أطقم السيطرة الجوية الأمريكية ( وهي وحدات تميز الطيران وتتفاهم معـه ) ، فأنا أقدر موقفكم وسأدافع عنه ، أجاب : أبداً بل العكس ، ليس لدينا أية مشكلة معها ، نرحب بوجود هذه الأطقم معنا ، وأخبرني فيما بعد المقدم طيار عايض ثواب الجعيد أن السوريين في المستويات الدنيا رفضوا قبول الأطقم الأمريكية من قبل ، بينما كانت مقبولة من الضباط الكبار فقط ،  واستغرقت تسوية المشكلة أياماً عدة ، ثم وافق السوريون على العمل مع الأمريكيين، كما أنهم عاملوهم معاملة طيبة وأكرموا وفادتهم ، وعندما ذهبت لزيارة القوات السورية ، تناولت الغداء مع الضباط السوريين في حضور أطقم السيطرة الجوية الأمريكية أيضاً ، وسارت الأمور بين الجانبين على نحو أفضل مما كنت أتوقع .    

 

   هكذا لم يكن يتوقع الكاتب أن يتفاهم البعثيون مع الامبرياليين ، والكاتب معذور لأن كل إنسان عاقل لايستطيع أن يفهم ذلك ، لأنـه مخالف للمنطق والمألوف ، فلماذا نغمـز على اليسـار ثم نذهب إلى اليميـن !!!؟ لماذا نربـي أجيالنا على مدى بضع عقود على كـره الامبريالية ، ثم نتعـاون معها على محاربة اشـقائنا البعثيين في العراق .

هذه هي الراديكالية الأسـدية ، وكما قلت سابقاً ، ينتصر في الحرب من يأتي بجديد لم يخطر في ذهن أحـد ، أما أن يكون مخالفاُ للعقيدة أو التراث أو الشرف ، أو العهود ، فقد مهـد مكيافللي الطريق لتلاميذه ، وبرر لهم كل مايفعلونه من أجل الحفاظ على كرسي الحكم ، وهكذا فعل حافظ الأسـد .

* كاتب سوري في المنفـى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ