النموذج
الأمريكي
والعداء
للحضارة الإنسانية
محمود
العالم
في
ظل ما يشهده العالم من تقلبات
وما مرت به البشرية من معاناة
عبر مراحل تاريخها الطويل تبدو
الديمقراطية مفهوما نسبيا يصعب
تحديده او الوصول الى أغواره
بالإجماع الشامل حاله حال
المفاهيم الإنسانية الاخرى
التي ظلت وستظل محل جدل وخلاف ما
دامت البشرية لازالت بعيدة عن
اعتناق رؤيا موحدة للحياة
وكيفية الوجود .. هذه البديهية
التى أمامنا تجعلنا نصطدم
مباشرة مع الدعوى التى تقودها
أمريكا والهادفة إلى فرض
نموذجها الديمقراطي ورؤيتها
للعدالة وحقوق الإنسان هذا
النموذج الذي ينبثق عن ثقافة
الاستهلاك للمجتمع الأمريكي
وكل ما يحمله من مظاهر العنف
والجريمة المنظمة التى تعتبر
مظهرا من مظاهر الديمقراطية فى
المجتمع الأمريكي والغربي .
وكل
ما افرزته التجربة الحضارية
الامريكية والغربية وما أنتجته
الكنيسة المسيحية من تعاليم
وتوجيهات تقود فى مجملها الى
عدائية مع بقية التجارب
الحضارية الاخرى وفرض
ديمقراطية النيابة والتمثيل
التى لا تعبر حقيقة الا عن رؤية
الكنيسة التى تضع وسيطا او
مفوضا فى العلاقة بين السماء
ومعتنق المسيحية ، وبالتالى
تفصيل الرداء الديمقراطى
ومحاولة فرضه على الآخرين
وإلزامهم بتغيير جلدهم الحضارى
وارثهم التاريخى بما يتلاءم
وقميص الديمقراطية الامريكية
المنتظرة ..
لقد
شعرت الادارة الامريكية خصوصا
بعد سقوط الاتحاد السوفييتى
ومنظومته الاشتراكية وذوبان
حلف وارسو انها القوة الوحيدة
فى العالم التى من حقها إعادة
هيكلة النظام العالمى وبنائه
بما يتوافق وأهداف سياستها
الخارجية واعطت لنفسها الحق فى
تسويق المفاهيم الامريكية
للعالم ، وهو أمر غير مقبول
ومرفوض خصوصا فى المنطقة
العربية التى يتشكل نسيجها
الاجتماعى ويرتكز على مفاهيم
تختلف عن المجتعات الغربية
روحيا وسلوكيا .. فالمجتمعات
العربية فى مجملها هى مجتمعات
قبلية متناسقة لها عقيدتها
ومفاهيمها الانسانية ورؤيتها
الحضارية المعتمدة على تاريخها
الاسلامى والذى يتجاوز عمر
أمريكا الزمنى والوجودى على
الخارطة الدولية .. وينتمون الى
عقيدة سماوية أهم مرتكزاتها
العدل والمساواة واحترام حقوق
الانسان وتعطى مبدأ المشاركة
السياسية حيزا كبيرا فى
تعاليمها بل تجعل من الشورى
امرا أساسيا لتسيير شؤون الحياة
..
فبأى
حق يمكن ان تفرض امريكا نموذجها
الديمقراطى المزعوم .؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|