ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 01/06/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


نظرتنا إلى الغرب

 بين الشعوب والحكام ...!

د . فواز القاسم / سورية

عندما يتكلّم خطباؤنا ، أو ينشر كتَّابنا ، عن الغرب ، فإنهم غالباً ما يتناولون الجوانب السلبية في العقلية الغربية ، مثل : النزعة الاستعمارية ، والروح الاستعلائية والعدائية للعرب والمسلمين ، والرغبة في الهيمنة العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية  …إلخ

وهذا كلام صحيح بالنسبة إلى الحكام ، الذين غالباً ما يخضعون لقوى الضغط الصهيونية التي أوصلتهم إلى الحكم ، وبالتالي فهم مدينون لها بمناصرة قضيتها حتى لو كانت بالضد من مصالح الغرب نفسه ، فضلاً عن مصالح الشعوب الأخرى الصديقة في العالم .

ونادراً ما تجد من يتكلّم عن الجوانب الإيجابية ، أو من يشخّص مواطن القوة ، في تلك المجتمعات ، وهذا في تقديري منهج خاطيء في النظر والتحليل ، لأنه لا توجد أمة بدون إيجابيات ، والواجب أن ننظر إلى الغرب نظرة موضوعية ومتوازنة ، نبين جوانب الصحّ والخطأ لديهم ، ونتعرَّف على جوانب القوة والضعف عندهم ، وندرس الجوانب الإيجابية والسلبية في مجتمعاتهم ، ونتعامل معهم على أساس الواقع ، لا على أساس الأحلام والأماني ، بدون أية زيادة أو نقصان ، وبدون أي إفراط أو تفريط ..

هذا المنهج في التعامل مع الآخرين ، يعلمنا إياه سيد الخلق ، وإمام المرسلين ، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما يقول : (( فارس نطحة أو نطحتان ، ثم لا فارس بعد هذا ، والروم ذات القرون ، كلّما هلك قرن خلفه قرن ، هم أهل صبر ، وأهله أهل لآخر الدهر ، هم أصحابكم ما دام في العيش خير )).

وفي حديث آخر رواه موسى بن علي ، عن أبيه قال : قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص ( رض): سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( تقوم الساعة والروم أكثر الناس )).

فقال عمرو : أبصر ما تقول .! قال : أقول ما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلّم .

قال ( والكلام لعمرو بن العاص رضي الله عنه ) : لئن قلت ذلك ، إنَّ فيهم لخصالاً خمسة :

1_ إنهم أحلم الناس عند فتنة .

2_ وأسرعهم إفاقة من مصيبة .

3_ وأوشكهم كرَّةً بعد فرَّة .

4_وخيرهم لمسكين ، ويتيم ، وضعيف .

5_ وخامسة حسنة جميلة ، وأمنعهم من ظلم الملوك .

( الحديث ورد في كنز العمال ، ج12 ، ص303 ، رقم 35127 )

فالغرب من خلال هذا الحديث النبوي المعجز ، يمثِّل التحدي الأكبر للعرب والمسلمين عبر تاريخهم الطويل،  وهو تحد عنيد ومستمر ، وكلّما هلك جيل منهم ( هلك قرن) خلفه جيل آخر  ذو صبر على متطلّبات المواجهة وتكاليفها . والأمثلة لهذا العناد الغربي كثيرة ومتكرِّرة ، ابتداءً من صدر الإسلام ، ومروراً بالحروب الصليبية المتكرِّرة ، وحروب الأندلس وصقلية وشرق أوربا ، وانتهاء بالحروب الاستعمارية الظالمة في هذا القرن ، والتي كان احتلال العراق  آخر حلقة من حلقاتها ، والتي لا تزال مستمرّة حتى هذه اللحظة . بينما الخطر الشرقي الذي تمثِّله فارس ، كان قد انهار من نطحة أو نطحتين .

نطحة في القادسية ، ونطحة في نهاوند ، ثم لا فارس .

أما الشعوب التي تلي فارس من جهة الشرق ، مثل الصين ومنغوليا ، وغيرها ، فلم تكن في يوم من الأيام ذات خطر حقيقي ، على العرب والمسلمين . والهجمات التي قامت بها جماعات المغول والتتار على العالم العربي والإسلامي ، كانت هجمات بدائية ، جذبتها روائح الخلافة الميتة والمتهرِّئة ، فقاموا بدور دابة الأرض التي أكلت مِنْسَأةَ سليمان الميت سلفاً، وأسقطت جثَّته على الأرض ، ليس إلا …

وثمة أمر آخر في التوجيه النبوي الكريم ، وهو إيجابية النظر في تحدي الغرب ، رغم عناده واستمراره .

فهم (( أصحابكم ما دام في العيش خير )). ولعلَّ العيش المقصود هنا : هو أسلوب الحياة ، ودرجة العزَّة والمناعة في الأمة . فما دام في هذه الأمة من يلتزم بالمنهج القويم ، وينشد العيش بعزَّة وكرامة ، ويسعى لتوفير أسباب العزَّة والمنعة والقوة  فسوف يجد في الغرب من يقدّره ، ويحترمه ، ويتعاطف معه ، ويسعى لمصاحبته.

أما الذين ينتكس هذا المنهج في حياتهم ، ويرضون لأنفسهم الذلة ، والمهانة ، والصَّغار .. فسوف ينظر الغرب إليهم نظرة استخفاف واحتقار ، ويعاملونهم بما يستحقون من الإهانة والإعراض .

وعلى هذا فإن صراعنا مع الغرب يجب أن يقوم على ركيزتين أساسيتين :

الأولى : إعداد ما نستطيع من أسباب القوة ، ومن رباط الخيل ، فهي الضمان الحقيقي لمنع الغرب من استسهال مهاجمتنا والاعتداء علينا .

والثانية : حسن عرض قضيّتنا العادلة أمام شعوبهم ، وهو ما ينسجم مع مستوى التفكير الغربي ، الذي يتمتع بالكثير من الخصائص الإيجابية في هذا المجال ، فهم كما يقول الحديث الشريف ، ويصدَّقه الواقع :

من أحلم الناس في مواجهة المشكلات ، وأسرعهم نهوضاً بعد النكسات ، وأوشكهم كرّة بعد هزيمة ، بالإضافة لحبِّهم  للحرية والديمقراطية ، ومناعتهم ضد استبداد الملوك والرؤساء والحكام .

ولعلَّ في المواقف الإنسانية الباهرة ، التي يقفها اليوم بعض رجالات الغرب الشرفاء ، من أمثال النائب العمالي البريطاني ، جورج غالوي ، ووزير العدل الأمريكي الأسبق ، رامزي كلارك ، والمفكر الفرنسي المبدع ، روجيه غارودي ، وغيرهم .. من قضايا العرب والمسلمين العادلة ، وفي مقدِّمتها وعلى رأسها قضية الإحتلال الصهيوني لفلسطين ، والاحتلال الأمريكي الصهيوني البريطاني للعراق ، لخير دليل على ما نقول ، وهي مواقف حضاريّة ، وحقيقية ، ومشرِّفة ، وهي متقدّمة على مواقف كل العرب والمسلمين ، فنحن لم نسمع أن دولة عربية ، أو جماعة إسلامية ، أو منظمة حزبية أو جماهيرية ، قامت بما قام به النائب العمالي الشريف البطل المتحضِّر البريطاني الكاثوليكي جورج غالوي ، لأن الذي يخترق أوربا ببحارها ، وجبالها ، وسهولها ، ووديانها ، وهو يركب حافلة ، لا تزيد سرعتها على ستين كيلو متر في الساعة ، ليصل إلى أفريقيا ، ومنها إلى آسيا ، وصولاً إلى بغداد ، ليعلن تضامنه معها ، ورفضه للظلم الواقع عليها ، متحدِّياً دهاقنة الكفر والشرِّ في العالم ، من أصحاب البطش والإجرام ، من الذين ركعت لهم دول عملاقة ، وخضعت لسطوتهم امبراطوريات جبّارة … إن مثل هذا الشخص ، بطل ، وشريف ، وشجاع ، ومتحضّر ، ويستحق كل تقدير واحترام من جماهير الأمة الوفية ، فألف تحية ، وألف مرحى ، لجورج غالوي ، ورمزي كلارك ، وروجيه غارودي ، وغيرهم من الأبطال والشرفاء في أوربا والعالم .

وإلى المزيد من التواصل والحوار والتعاون مع أمثال هؤلاء الشرفاء في أوربا ، دعماً لقيم الحق والعدل والفضيلة ، التي لا بد أن تنتصر في النهاية على قوى الظلم والقهر والعدوان ...

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ