ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/11/2004


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 الإصلاح أصبحَ مطلبَ الحالمين

نادر شهيد*

كلنا نتكلم ونتكلم ونتكلم عن الإصلاح . . ويدور النقاش ويحتدم الصراع حول المصطلحات المستعملة ، والمفاهيم المسموحة والمحرمة للتعريف بهذا الإصلاح . ، والتي بالضرورة يسمح بها أصحاب الشأن والكلمة والنفوذ في النظام السوري .

فمن هو صاحب الشأن والكلمة في هذا النظام ؟

وماذا يريد صاحب الشأن هذا من إطالة أمد النظام الديكتاتوري ، بتبديل الأصباغ والألوان والوجوه ؟

ولماذا الهروب من استحقاقات الإصلاح ، سياسياً أو اقتصادياً أو إدارياً . . . ؟

إنني لا أرى أن رؤوس ورموز هذا النظام من ( أصحاب الشأن والنفوذ والسلطان ) إلا وأنهم يبحثون مذعورين عن مخرج ولو من باطن الأرض ، ليهربوا من استحقاقات التغيير القادم إلى سورية ، ليُنقِذهم مما هم فيه من وضعٍ لا يحسدوا عليه . فالرئيس الشاب الذي أثبتت الأيام أنه وإن كان يحاول أن يفعلَ شيئاً ما ، لا نعرف بالطبع حقيقته أو هويته أو توجهاته ، يحاول أن يُظهِرَ في كل مناسبة ومنذ وراثته لعرش الحكم في سورية ، قدراً متزايداً من الاهتمام بالإصلاح ، الذي يسميه تارةً إدارياً ، وتارةً أخرى اقتصادياً ، وثالثةً يسميه محاربة الفساد ، ولكن تبقى حقيقة الإصلاح المقصود دونَ تسمية أو تعيين ، حتى لا يقع الرئيس في مشاكل مع أيٍ من شرائح المجتمع ونُخبه على اختلاف ألوانها وطيفها .

فلا شك ولا ريب بأن المجتمع السوري ينقسم إلى فئات وشرائح حول موضوع الإصلاح الذي يرفض أن يخرج بولادة طبيعية سمحة ، أو بالأحرى لا يُراد له أن يولد ويرى النور من قبل شريحة قوية متسلطة على مقاليد البلاد ، وآخرين في المقابل يريدون له أن يولد ويرى النور ولو بولادة قيصرية معقدة كيفما جاء وكيفما كان ، ولو على أيدي قوىً تحريرية عالمية جديدة . وفريق ثالث لا يرون ضيراً من انتظار ولادة هذا المولود ولو بعد جيل أو أجيال ، ولو تطلب منهم الانتظار حتى يأتي "حافظ الثاني" وريث الجمهوملكية السورية " ، وفريق رابع . . وخامس . . وعاشر . . وهكذا إلخ .

وفي الحقيقة فإن عملية الإصلاح الجاري تجربتها في سورية بصور وأشكال مختلفة ، لا تتصل ولا بسهم واحد أو بجزءٍ من سهم بمتطلبات وحقيقة الإصلاح المطلوب في سورية ، وبالرغم من ذلك فإنَّ مسرحية الإصلاح الهزيلة الجارية لا تتم برغبة أو رضى ( أصحاب الشأن في النظام ) ، وأن المسؤولين المتمركزين أو المتنقلين على كراسي الوزارات ماهم إلا ظلٌ لفئة تختفي في ظلهم ، وتتستر بهئيات ومؤسسات شكلية وصورية ، وتمارس التسلط والهيمنة والقمع والديكتاتورية من وراء ستار .

إنه بعد أن دغدغت بعض المواطنين قليلاً من مشاعرَ وآمالٍ بالتغيير والإصلاح ، أصبح الحديث في هذا الموضع قضية يعاقب عليها القانون والدستور ، ولم يعد أحدٌ يجرؤ على النطق بها أو التحدث عنها ، بعد أن لاقى معتقلي ربيع دمشق ما لاقوا على أيدي أزلام هذه الفئة ، عندما طالبوا بأن يبدأ الإصلاح في سورية من نقطة صحيحة لا غنى عنها ، وأن يسير سيراً قوياً واحداً تجاه معالجة الوضع السوري الداخلي ، ابتداءً من الدستور الذي يكرس الديكتاتورية ، والقمع والهيمنة لجزء صغير متسلط ، على الكل الكبير المهمّش في سورية . وبدلاً من الخوض في غمار إصلاح وتغيير البنية الفاسدة للنظام التي نشأ عليها ، يحاول رموز النظام اللف والدوران حول هذا الهدف لتمييعه وكسب الوقت ، وتضييع حقيقة الإصلاح المطلوب ، علَّ هذه الأزمة التي نزلت بساحتهم تغرِّبُ أو تشرِّقُ بعيداً عنهم ، وتبقى مكتسباتهم في أيديهم من خلال  ثغرات ينفذوا منها إلى قانون الإصلاح المنتظر ، تضمن استمرارهم على عروشهم ، وتكرِّس هيمنتهم وتسلطهم ولو بأشكالٍ جديدة تتناسب وموجة الإصلاح التي تهب على العالم الثوري والرجعي على حدٍّ سواء . ولطالما بقي أصحاب الشأن والنفوذ في النظام هم من سيتولون مسؤولية التغيير والإصلاح ، فليُبشِرِ المفسدون والمجرمون بطول السلامة والإقامة في مناصبهم ومراكزهم .

وكما قال أستاذنا الشيخ منير الغضبان حفظه الله "إنَّ الله لا يُصلِحُ عمل المفسدين" .

فكيف للمفسد أن يكون مصلحاً ؟

وكيف للحرامي أن يكون أميناً ؟

إن للإصلاح رجاله ووسائله الشريفة والنزيهة ، ولو استعرضنا بعضاً من الأسس القديمة والجديدة للنظام ، نستطيع أن ندرك أننا أمام مسرحية لا يبدو أن فصولها ستنتهي في القريب ، وللتقريب استعرض مايلي:

أولاً : الإصرار على أن تكون الهيمنة على جميع مؤسسات الدولة بلا استثناء لحزب البعث . وبذلك يضمن المتسلطون على النظام عدم وجود قوى يمكنها الوقوف في وجوههم ، وبالتالي عدم وجود طموحات لدى أي مسؤول تهدد وجودهم أو مكتسباتهم ، كما وأنهم يكونون ممسكين بخوانيقه يوم أن يفكر بأن يخرج عن إملاءاتهم وأوامرهم .

ثانياً : أيُّ إصلاح اقتصادي أو إداري هذا الذي يؤمَّلُ أن يكون من وراء عصابات ورموز متسلطة على النظام ، لا يسمحون لأحد أن يتجاوزهم أو يملي عليهم . فكيف وأنه سيُطلب إليهم أن يتنازلوا ولو قليلاً عن مكتسباتهم وإقطاعياتهم لضرورة خدمة مسرحية الإصلاح . ومن سيُجبرهم على هذا التنازل وقد أمسكوا بزمام الأمن والجيش والاقتصاد وحولوها إلى دوائر مغلقةٍ عليهم لحماية مكتساباتهم من موجة الإصلاح القادمة .

ثالثاً : كيف ومن أين سيبدأ الإصلاح الإداري أو الاقتصادي ، وسيطرة القلة القليلة من حزب البعث سياسية مقننة ومثبتة بالدستور والقوانيين القمعية ، ومحمية بتركيبة مجلس الشعب المتأهب دائماً للدفاع عن مكتسباتهم تلك . فكيف سيقبلون بالإصلاح السياسي وهو نفسه الذي يستعينون بقوانينه لحماية أنفسهم ومكتسباتهم ؟

رابعاً : أي إصلاح هذا المنتظر ، والمسؤولين القابعين على كراسيّ الحكم والسلطان يتجاهلون قضايا مئات الألاف من المظلومين والمحرومين والمشردين داخل وخارج سورية ، ولا أحد يحاول أن يفعل شيئاً لرد مظالمهم أو حل مشكلاتهم وتعويض حرمانهم . هذا بالإضافة إلى عشرات الألاف من السجناء والمعتقلين والمفقودين ، الذين لم تبذل السلطات أي جهد للكشف عن مصيرهم .

فأي إصلاح هذا الذي يتحدثون عنه والسلطة ما زالت  ترعى وتحمي الظلم والرشوة والفساد ؟

أظن أن للإصلاح سبيلاً واضحاً لن يكون إلا من خلاله ، مهما توهم المتوهمون وانخدع المخدوعون . وأخشى أن يكون الإصلاح بمفهومه الحقيقي الذي ننتظره قد أصبح مطلبَ الحالمين فقط .

*مهاجر سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ