"
الذهب الابيض "
القطن
عبد
الله الخليل
ورد في العدد/ 198/ صحيفة الفرات
الصادرة يوم الخميس 2/12/2004 تحت
عنوان المجلس الزراعي الفرعي
يستعرض الواقع الزراعي بالرقة
ما يلي :
" . . . بحث الحضور واقع تسويق
محصول القطن الإستراتيجي الهام
في مركزي شراء الأقطان
بالمحافظة حيث تجاوزت الكميات
المسوقة من هذا المحصول المتوقع
السنوي ووصلت إلى نحو 334 ألف طن
حتى الآن نتيجة زيادة المردود
في وحدة المساحة وإتباع معظم
الفلاحين الطرق الحديثة في
زراعة هذا المحصول
. . . "
من يقرأ هذا الخبر يستبشر خيرا ،
ويتبادر إلى ذهنه أن هناك إنتاج
عالٍ لوحدة المساحة ، ولكن
علينا أن نبين النقاط التالية :
- إن المساحة المزروعة بالقطن
فعليا تختلف عن المساحة المرخصة
على الورق . وهناك زيادة بنسبة
تتجاوز 50 بالمئة لدى أغلبية
المزارعين والفلاحين .
فعلى سبيل المثال نجد :
1 ً- أبو أحمد . . .
المساحة المرخصة له لزراعة
القطن هي71 دونم بينما المساحة
المزروعة هي 200 دونم أي بزيادة
تتجاوز الـ150 بالمئة ، وسطي
الإنتاج لديه حوالي 210 كغ للدونم
. الكمية المسوقة من قبله هي 39,500
طن ومن خلال تقسيم الإنتاج على
المساحة المرخصة على الورق , نجد
أن الإنتاجية عالية جدا لأن
الدونم الواحد يصبح
إنتاجه , الوهمي , أكثر من 500
كغ . وبالتالي يصبح المردود
عالياً لديه ، مع الملاحظة أن
التصريح من قبل المزارع
أو الفلاح بزيادة المساحة
غير المرخصة المزروعة فعلا
يجعله يخضع
لتخفيض السعر من 31 ل.س "
السعر الرسمي " إلى 14 ل.س {وهو
سعر الكيلو الواحد المنتج من
الأرض المزروعة بدون ترخيص} ,
وبالتالي نلاحظ مدى مساهمة
الدولة في تطوير
العمل الزراعي
.
2 ً- أبو حسام فلاح أقدم على زراعة
المساحة المرخصة له فعلا
والبالغة 35 دونم تقريبا . كان
انتاجه حول 9 طن فقط لدى سؤاله عن
توريد حوالي 20 طن في المصرف
الزراعي قال :
هناك عدد من الجوار
والأصدقاء ,
يزرعون بدون ترخيص , الأنظمة
واللوائح لا تسمح لهم بذلك , من
الواجب عليَّ مساعدتهم
وحمايتهم من ظلم الحكومة,
لكي لا يتم حساب أقطانهم بـ
14 ل.س . علما إنني غير مستفيد من
هذه الحالة ماديا .
3 ً- أبو علي مزارع وتاجر ويملك
أرضاً ويتاجر بالمواد الزراعية
ويملك محلاً لشراء وبيع هذه
المنتجات . لديه ترخيص لزراعة
مئة دونم من القطن لم يزرع سوى 15
دونماً فقط . سألناه لماذا لا
تزرع كامل مساحتك ؟ قال: التجارة
بها اربح .
سألناه كيف ذلك
؟ قال : " اشتري المحصول (
القطن ) وبأسعار زهيدة لا تتجاوز
22 ل.س للكيلو الواحد وأبيعه
بحوالي 29 ل.س أي بربح يصل إلى 7 ل.س
تقريبا للكغ . كوني أملك
ترخيصاً ويحق لي توريد
القطن الى مؤسسة الاقطان
. وأقوم باستجرار
مستلزمات الإنتاج من بذور
القطن والأسمدة وأبيعها بالسوق
السوداء بأسعار مضاعفة ,
وبالتالي يتحقق لي ربح كبير
منها , وربح آخر من شراء وبيع
القطن". بالمحصلة يحقق الدونم
الواحد ربح 4000 ل.س , دون أن أقوم
بالزراعة سألناه أليس هذا
مخالفاً للقانون ؟ ! قال : عن أي
قانون تتحدث؟! المسؤولون في
محافظة الرقة جميعهم
, أو أغلبهم , يسلكون
الطريق ذاته فهل الامر حلال
عليهم وحرام علينا ؟! ،
يشاركوننا في ربحنا أيضا .
إذا كنت لا تصدق عليك الذهاب إلى
طريق الحسكة الرقة
لتر كمية الأقطان المشحونة
من الحسكة إلى محافظة الرقة .
هناك قاطرات ، سيارات
كبيرة تشحن طيلة الليل .
السعر هناك 20 ليرة للكيلو
والسعر هنا 30 ل.س مع قليل من
البخشيش للمسؤولين
. يا أخي انظر ماذا يفعل
أبو حمادة شريك أبو تيسير
وهو مسنود من
جهات عليا في المحافظة
وخارجها .{كل استثناء بمئة طن من
السماد او من البذار او غيرهما}.
2)- يتم نقل كميات كبيرة من محافظة
الحسكة الى محافظة الرقة , هذه
الكميات منتجة بدون ترخيص وفي
حال توريـدها عـلى اسـم منتجها
سيضطر لبيعها بسعر 14 ل.س وفق
السعر المحدد من قبل الدولة
وبالتالي هو مرغم على بيعها
للتاجر .
3)- هناك مراكز تجميع في محافظة
الحسكة تقوم بشراء مادة القطن
من صغار المزارعين
وتوريدها للتاجر الكبير في
محافظة الرقة . مع ملاحظة أن
أغلبية المزارعين و الفلاحين
الذين يقومون ببيع إنتاجهم
للتجار هم من العرب وليسو من
الأكراد ويعود السبب الى أن
صغار المزارعين من العرب
والأكراد لم يتمكنوا من تأمين
رخص زراعية في المحافظة بينما
المتنفذين من المزارعين ,
ونتيجة لفسـاد الأجهزة هناك
تمكنوا مـن الحصول على تراخيص
نظامية ولمساحات كبيرة . ملاحظة
" أكبر ثلاثة مشاريع كبيرة في
شرق محافـظة الحسكة
تـعود لمواطنين سوريين
اكراد " .نستخلص مما تقدم أن
هذا المحصول الحيوي " القطن
" يمر بأزمة كبيرة وخانقة
تتجلى من خلال:
أولا ً: تحديد سعر مخالف للسعر
العالمي ، واحتكار هذه المادة
من قبل الدولة من خلال الترخيص
وتحديد اسعار مستلزمات الانتاج
والشراء الاجباري له بسعر محدد ,
مع الملاحظ , أن السعر الأخيـر
أي 15 ل.س للكـيلو لا يـسدد نفقات
الإنتاج .
ثانيا ً: رداءة البذور المستخدمة
في الزراعة , نتيجة لفساد
المؤسسة المنتجة والمشرفة على
هذه المادة , ونتيجة المحسوبيات
التي يتم بموجبهـا إنتاج المادة
وعـدم مراقبتـهـا وعـدم
تطـويـر الـبذور ،
والإكـتـفـاء بأصنـاف محـددة
لـفـتـرات طويلـة جـدا ً مثلا ً
" رقه 5 " الذي يزرع في
المحافظة منذ أكثر من خمسة عشر
عاما.
والسؤال : أي نوع من البذور تدوم
مواصفاته الجيدة
خمسة عشر عاما ً ؟ ! .
ثالثا ً: ارتفاع سعر مستلزمات
الإنتاج وفقدانها من السوق
الرسمي وتوافرها في السوق
السوداء , بأثمان عالية وباهظة
جدا على المنتج , من خلال
الشراكة بين التجار والمسؤولين
عن هذه المواد والمسؤولين عن
هؤلاء المسؤولين .
رابعا:ً تكثيف الضغوط على مزارعي
القطـن من خلال تخفيض تراخيصهـم
وعدم السمـاح لهـم بزراعة سوى
نسب منخفضة والتلاعب بهذه الرخص
وفقا ً للأهواء .
خامسا:ً فسـاد المبيدات
المستوردة والمنتجـة من قبل
الدولـة ، وعدم فاعليتها ممـا
أدى إلى تدني
مستوى الإنتاج نتيجة لكثافة
الأعشاب الضارة على سبيل المثال
" مادة التريفلان لعام 2004
ليس لها أية فاعلية وهي
فاسدة مما الحق ضررا ً فادحا ً
بالفلاحين ماديا من خلال قيمة
المـادة المشـتراة ومـن خـلال
المصاريف التي تكـبدوها نتيجـة
لاضطرارهـم تنـظيـف أراضيهم يدويا ً "
إذا ً , القطن السوري يمر بأزمة ،
الحل هو تحرير هذه المادة ورفع
الوصاية عنها ، وتطوير بذورها ،
وتخفيض مستلزمات انتاجها ,
وإلا سنخسر أهم محصول وطني .
ــــــــــــ
هوامش
:
ـ
لا نستطيع نشر أسماء المزارعين
لكي لا نلحق الضرر بهم .
ـ
الأرقام الموجود نسبة صحتها
اكثر من 90 % وأقل من 99,99 %
ـ
لم نتطرق" للخبر " الذي
يزعم ان معظم الفلاحين يتبعون
الطرق الحديثة في إنتاج القطن .
واأسفاه على هذا الكلام على
الرغم من ان حبل الكذب قصير جداً
جداً .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|