أجمل
ما في خطاب الأسد
أمير
أوغلو / الدانمارك
أخيراً وبعد طول
انتظار خرج الرئيس السوري
ليطمئن الشعب السوري والمجتمع
الدولي إلى أنه سينسحب من لبنان,
بعد أن عشنا أسبوعا من البيانات
والبيانات المعاكسة والتصريحات
والتصريحات المعاكسة فَقَدَ
معها الشعب السوري القدرة على
الرؤية المستقبلية, فساعة يسمع
أن أمريكا ستهاجمه قريبا, ثم
يسمع بعد ساعات أن هذا التصريح
كذب وافتراء, ثم يسمع ان جيشنا
سينسحب من لبنان, وبعد ساعات
يأتي التكذيب لهذا الخبر, ثم
يسمع من عمرو موسى أن الرئيس
أخبره بأنه سينسحب, وبعدها يأتي
النفي من مصادر رئاسية, ثم يسمع
الشعب المسكين الحائر أن
السعودية ضغطت على الرئيس ليخرج
من لبنان, وبعدها بساعات يسمع
أنه لا يوجد ضغوط سعودية ولا ما
يحزنون كل الأمر أن اللقاء كان
إيجابيا جدا وأن السعودية مع
سوريا في مواقفها, وأن الرئيس
طار إلى السعودية فقط ليسمع أن
كل شيء طبيعي وعلى أحسن مايرام,
وهكذا إلى آخر المسلسل.
إذا كان خروج الأسد
إلى العلن ضروريا وضروريا جدا,
ولكنه هل كان مطمئنا فعلا؟ هذا
ما سنترك البحث فيه فهو بحاجة
إلى مقال مستقل حول معاني
الخطاب والقسم النظري منه
والقسم العملي وما سيطبق ومالن
يطبق.
نعود إلى عنوان
المقال ما هو أجمل ما في خطاب
الرئيس؟ الحقيقة أن أجمل ما في
الخطاب اليوم كان مشهدا
تلفزيونيا وجملة من جمل الخطاب.
أما المشهد فهو
أعضاء مجلس الكركوزات الذين
انتفضوا واقفين يصفقون كأنما
أصابهم مس من الجن عندما قال
الرئيس "إن الجيش السوري
سينسحب إلى البقاع" الحقيقة
أنني لم أفهم ماذا وجد المصفقون
والمهرجون في هذه الكلمة من
دافع إلى التصفيق؟ كنت أظن أنهم
سيبكون, فقد كان الموقف المعلن
قبل أيام أن سوريا لن تخضع ولن
تنسحب وأن قرارنا وطني خالص
وبيدنا نحن فقط وأن الدنيا كلها
لا تستطيع إملاء مواقف علينا
تخالف منطلقاتنا وأهدافنا! وهنا
أقسمُ غير حانث أننا كنا سنرى
نفس المنظر ونفس الهتافات ونفس
التصفيق لو قال الرئيس "إننا
لن ننسحب من لبنان وقرارنا
نملكه نحن لا غيرنا" فما
رأيكم بمجلس
الشعب هذا؟ أليس هذا أجمل ما
شاهدتموه اليوم على شاشات
التلفاز؟
أما الجملة الرائعة
من الخطاب فكانت بالحرف:
"وكما تلاحظون, فقد كان طبيعيا أن
تؤثر هذه الاحداث المتشابكة
سلبا على أوضاعنا الداخلية وأن
تضغط على أدائنا التنموى وعلى
تفعيل عملية الاصلاح التى نقوم
بها, وذلك لا يعود فقط الى
انشغالنا بهذه الاحداث
وتفاعلاتها فقط, بل يعود أساسا
الى ما تخلقه من توتر فى المناخ
العام, وهو ما يؤدى الى اعاقة ما
نطمح الى القيام به على
المستويات المختلفة"
إذا الإصلاح السوري
الذي مازال مستمرا منذ ربيع
دمشق إلى اليوم توقف فقط لمدة
أسبوعين منذ اغتيال الحريري إلى
الآن وسيعود بعد انسحاب الجيش
السوري فأبشروا أيها المطالبون
بالحرية والديمقراطية وتبييض
السجون وإعادة صفة الدولة إلى
مزرعة العبيد السورية, فلم يبق
سوى أسابيع وتنتهي مشكلة لبنان
وتعود نسائم الإصلاح المنعشة
لتهب في وطنكم السليب. أما توقف
التنمية فلا أدري ماذا يقصد بها
الرئيس هل هي توقف الأتاوات
الواردة من لبنان في الأسبوعين
الأخيرين؟ أم توقف المسروقات
والمنهوبات والمهربات عن
التدفق إلى سوريا عبرالحدود
اللبينانية؟ أم هي توقف عائدات
العمال السوريين المقيمين في
لبنان؟ هذا ما نسي الرئيس أن
يشرحه لنا وهذا ما لن نعرفه أبدا
لأن كل ما يتعلق بالإقتصاد
السوري عبارة عن أسرار لا
يعرفها إلا أقرب المقربين من
سدة الرئاسة والطبقة الأولى من
الناس حول صاحب المزرعة.
هذا في الحقيقة ما
أحببت أن أعلق عليه في مشهد
الديمقراطية السورية
العجيبة التي لم يخلق مثلها في
البلاد, وفي كلام الرئيس الملهم
الشاب الذي سيحقق آمال الشعب في
الحرية والديمقراطية والسيادة,
هذه المبادئ التي رضع لبانها
كما قالوا في بيت والده الملهم
السابق والذي لم تتح له الفرصة
الكافية لتحقيق آمال وتطلعات
هذا الشعب المسكين نظرا لقصر
فترة ولايته علينا فأتحفنا
بابنه الذي يكمل المسيرة والذي
نرجو الله أن يطيل في عمره أكثر
من أ بيه لعل آمالنا تصبح وقائع
لكيلا نضطر لانتظار ابنه حافظ
الثاني .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|