رسالة
عاجلة
إلى
الرئيــس بشـــار
سيدي
الرئـيس : السلام عليكم و رحمة
الله وبعد :
سمعت
أنكم تقفون مع المواطن المظلـوم
، وترددت أخبار تقول أنكم
تسـعون لخير البلد ومصلحتـه ،
ومصلحـة المواطنين جميـعاً دون
تفرقة ، بين طائفة وحـزب ، فأنت
رئيـس سـوريا كلها ، رئيسـاً
لجميع طوائفها ، وقبائلها ،
وأحزابها ، ولست رئيساً لحزب
البعث فقط ، لذلك تشجعت على عرض
حالي وأحوال الألوف أمثالي من
الشـباب السـوريين ، خارج
سـوريا ، راجياً من الله أن
تصلكم هذه الرسـالـة ، وأن
لايخفيها عنك بعض أفراد
البطانـة ، التي نـظن أنهم
ســبب تأخير الإصلاحات التي
وعدت الشعب بها في خطاب القسـم ،
وكلي أمل بالله عزوجل أن أجـد
علاجاً لمشـكلتنا ، نحن أبناء
الجيل الثاني في ديار الغربة ،
ألوف الشباب السوريين خارج
سوريا .
سـيادة
الرئيس : أنا مواطن سوري ، ولدت
عام (1980م) ، وفي ذلك العام هاجر
والدي كما هاجر معه عشرات
الألوف إلى دول الخليج ، هؤلاء
هم الجيل الأول في ديار الغربة ،
وأخرجني والدي مع أسرتي بعد
ولادتي بأربعة شـهور ، عرفت
فيما بعد أن والدي وألوفاً
أمثاله تركوا بلدهم ووظائفهم
خوفاً من بطش المخابرات
العسكرية ، التي كانت تعتقل
أقارب المتهم ، وتزجهم في
السجون ، وتقتل دون محاكمة ،
ومكث بعضهم اثنتي عشرة سـنة ،
فلم يخرجوا حتى عام (1992م) وهم
أقارب المتهمين ، لذلك كله قدر
الله أن يصحبني والدي معـه إلى
بلدان الخليج وأنا رضيـع
، كبرت وسمعت عن بلدي ،
وتمنيت لو زرتـه ودرسـت المرحلة
الجامعية فيه ، وقـد حرمت من
الجامعة لأنني لا أملك جواز
سـفر ، بعد أن حصلت على (95%) في
الشهادة الثانوية ، واضطرت أن
أعمل بعد الثانوية براتب لايزيد
عن (400) دولار ؛ كي أجمع خمسة آلاف
دولار أدفعها بدلاً عن الخدمة
العسكرية .
راجعت
السفارة مرات ومرات يقولون لي :
نعطيك ورقة ( وليس جواز سفر )
تذهب بها إلى سوريا ، وحكومة
البلد حيث أقيم لاتمنح خروج
وعودة على هذه الورقة ، ومعنى أن
أسافر بمثل هذه الورقة أن أخسر
إقامتي وأحرم من رؤية أمي وأبي
وأخوتي ، وزد على ذلك فأنا أعرف
شـباباً سوريين مثلي نزلوا إلى
سوريا فوضعتهم المخابرات
العسكرية في السجن ، ومازالوا
فيه منذ مايزيد على خمس سنوات ،
وأعرف آخرين كثر نزلوا فلم
يسجنوا ولكنهم منعوا من العودة
وحرموا من رؤية والديهم وأخوتهم
في ديار الغربـة .
هذا هو
واقعـي المـر يا سيادة الرئيس ،
أخرجني والدي من سوريا وأنا
رضيع ، وعشت مع أسرتي في ديار
الغربـة ، وتفوقت في درجات
الثانوية لكني حرمت من الدراسة
الجامعية لأنني لا املك جواز
سـفر ، وأخاف
من النزول إلى سوريا لأننى رأيت
ما حل بغيري لما نزل ، ومع هذا
كله فأنا ( ابن متهم ) لست مجرماً
، حتى والدي رجل مسالم ويهمه أن
يربي أولاده وأن يعبد ربـه وحده
لاشريك لـه ، خرج من سوريا خوفاً
على دينـه ودمـه وعـرضه وأطفاله
، وهو متهم لأنه لايعود إلى
سوريا ، هذه جريمته الآن ، لماذا
لايعود إلى سوريا ، لذلك صار
مجرماً هو وأولاده وزوجته ،
هكذا تقول المخابرات العسكرية ،
التي تركت مهمتها في حراسـة
الوطن من أعدائه الخارجيين ،
وانشغلت بأبناء الوطن .
وأخيراً
ماهو الذنب الذي ارتكتبته أنا
والآلاف من الشباب السوريين
أمثالي أبناء الجيل الثاني ،
ومعظمنا ولدوا
في دول المهجر ، في ديار
الغربة ، لم نتنسم من وطننا
نسـمة هواء ولم نشرب منه شربة
مـاء ، ومع ذلك نحن مجرمين كما
ترى المخابرات العسكرية ، لأننا
ولدنا أبناء لهؤلاء الآباء
المساكين .
وحتى لو
سلمنا جدلاً بأن آباءنا ارتكبوا
جرماً ما ، فأنت ياسيدي طبيب
وتعرف أن الجريمة لاتنتقل
بالوراثة ،
ولايمكن أن تنتقل إلينا من
آبائنا عن طريق الصبغيات ،
فلماذا صنفتنا المخابرات
العسكرية مجرمين !!؟
لقد
تابعت مقابلتكم مع فضائية
العربية حيث قلتم في صدد
إجابتكم عن السوريين القابعين
على الحدود مع العراق الجريح
الفارين من قاذفات (ب52) وصواريخ (
توماهوك ) ، والذين أرادوا
اللجوء إلى بلدهم !! ،
وانتظروا هناك أملاً في
السماح لهم :
قلتم كلفنا الجهات المختصة
بدراسة حالة كل فرد منهم ، فأما
الذين لم يرتكبوا جرائم نسمح
لهم بالدخول العادي ، وأما
المجرمون يدخلون إلى المحاكمة ،
ثم سمحتم للعوائل بالدخول ،
واعتقلت المخابرات العسكرية
بعض النساء ، اللاتي مكث بعضهن
من نيسان حتى تمـوز ، أي أربعة
شـهور ، فماذا حل بأطفالها
المساكين ، الذين عاشوا مائة
وعشرين يوماً ينتظرون عودة أمهم
إليهم !! وقد دخلت بلدها مستجيرة
من أهوال الموت والقصف في
العراق الجريح .
وهانحن
ياسيادة الرئيس الذين خرجنا من
سوريا مع أسرنا أطفالاً ،
ورضعاً ، وأجنة ، ونطفاً في
أصلاب آبائنا ، هل ارتكبنا
جرائم !!! لماذا لا تصدر أوامركم
السامية إلى السفارات السورية
في كل مكان بمنحنا جوازات سـفر ،
والسماح لنا بزيارة سوريا
والعودة منها بسلام وآمان ، كما
هو الدستور الذي يسمح للمواطن
باختيار مكان إقامته ، وسفره ،
ولايحرم من ذلك الحق إلا إذا
ارتكب جرماً يقتضي حبسـه ومنعـه
من ذلك . فأي جـرم ارتكبنـاه
ســـيدي الرئيـس !!؟
نحن
آلاف الشباب السوريين ، نحن
أبناء الجيل الثاني في المنفـى
، نطلب القليل ، نطلب جوازات
سـفر فقط ، نتمكن فيها من متابعة
الدراسة الجامعية ، في سوريا أو
غيرها ، وكثير منا دفع خمسة آلاف
دولار بدلاً عن الخدمة العسكرية
؛ ومع ذلك لم يمنح جواز السـفر !!؟
فنحن مواطنون علينا واجبات ،
ولاحقوق لنا ، هكذا تفهم
المخابرات العسكرية حقوق
المواطنة، اللهم وفق رئيس
البجمهورية إلى رفع
ظلم المخابرات العسكرية عنا
، إنك على كل شيء قدير .
والآن
بعد أربـع سنوات من الانتظار
والأمل ، بعد أن سمعنا منكم خطاب
القسم ، مازلنا ننتظر ، ونعدكم
أن نكون جنداً ندافع عن سوريا
الحبيبة ضد أمريكا والصهيونية ،
ونحن آلاف الشباب ، وبعضنا
جامعيون ، ومهندسون وأطباء ،
نحن أبناء الجيل الثاني في ديار
الغربـة ، نحن مع بلدنا دائماً ،
حتى ونحن مظلومين من المخابرات
العسكرية ، نحن مع بلدنا ، مع
سوريا التي قرأنا عنها وسمعنا
من آبائنا وأمهاتنا أنها
قلب العروبة النابض ، وقلعة
الصمود ضد أطماع الصهيونية
والامبريالية .
ودمتم
سيدي الرئيس
المواطن
: راشــد خالد الأحمــد ، مواطن
سـوري من الجيل الثاني من
المنفيين القسريين
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|