رسالة
إلى الماضي!
محمد
غنيم
منذ بدأ التاريخ، بدأنا نعرف بأن
هناك تاريخ، ومنذ بدأنا اللغة
بدأنا نتكلم بكل اللغات، وعندما
بدأت الجريمة بدأنا نعرف بأن
هناك حرب، ومنذ بدأنا نقرأ
عرفنا بأن هناك كتابة وكتاب،
وعندما بدأنا نعرف عرفنا بأن
هناك معرفة.
وإذا كان من المنطقي هو علاقة
السلوك والفكر البشري بزاوية
البدايات، فإذاً هل انتهت
البدايات، ولنقل البدايات
الحديثة، لدرجة أن إيجاد حلول
لبعض قضايا العالم الاجتماعية
الصغيرة لا يجد حلا؟ أو أنها
الإنذار الأول بأن البشرية قد
استنفذت طاقتها في إنتاج بداية
جديدة تفترض حل النزاعات وعلاج
أمراض المجتمعات التي عانت
وتعاني تاريخاً من الصراعات ومن
العنف والعنفوان.
ولعل من المنطقي أيضاً أن نفترض
افتراض النهايات لتكون زاوية
الرؤيا ديمقراطية وسوية
وعادلة، إذ لكل بداية نهاية،
ترى هل اكتشفت البشرية إذاً
نهايات بداياتها أم أن الأمر لا
زال مبكراً على ذلك؟ وإذا كان
الأمر فعلياً مبكراً على ذلك
فإذاً لما كل هذا الضجيج الذي
يعيشه الإنسان يومياً من صباحه
الباكر وحتى آخر يومه باستثناء
المجتمعات والدول الضعيفة جداً
والمنكوبة بالمجاعات والفقر
وانعدام طبيعة نظام المجتمع
بسبب الجوع كالذين يعيشون في
أنحاء متعددة من أفريقيا مثلاً
والتي لم تصلهم بعد أصغر وأقدم
صناعات العالم المعدنية
والكيماوية، ولم تصلهم أيضاً
كلمة صغيرة تدعى "العولمة"
أو مصطلح "تكنولوجيا المعلومات".
ولو افترضنا أيضاً، أن البشرية
بعلمائها ومفكريها ومثقفيها
المتنوعين والمتعددين من كافة
الأطياف والأديان والأعراق
والأجناس، هي الآن في حال
اكتشاف النهايات أو أنها اكتشفت
نهايات كثيرة لبدايات تاريخية
كثيرة، فهل نحن إذاً حقاً في
النهايات أم أننا اكتشفنا
نهايات سيئة، أم أننا على
انتظار موعد مع الحقيقة؟!.
وكبرى سياسات وقيادات العالم
الحديث، وأعلى مراتب قيادات
المجتمع المدني ووعظاء الدين
وكبار العالمين والبروفيسورات
والفلاسفة وأصحاب الفكر
والثقافة، لم
تستطع رغم تطور علوم البث
الفضائي الإعلامي وأدواته
الكثيرة المتعددة مساعدة
الإنسان في هذا العصر الحديث
على اكتشاف حقيقة الأشياء
واكتشاف طبيعتها وثقافتها
العذراء وبلغة الأبجديات لا
بلغة التعقيد، ورغم قوة تلك
السلطات القادر الوحيد في هذا
العالم في مساعدة الناس على
اتخاذ قراراتهم بحياتهم الخاصة
بعيداً عن مضارب السياسة
والثقافة والاقتصاد، إلا أنهم
لم يقوموا بذلك بدليل أن
الإنسان لا زال يبحث عن الحقيقة
رغم انتشار مدرسة المثاليات
ورغم انتشار أيضاً مدرسة الحرب
وجيل المحاربين الذي يتكرر كل
عام أمام رغبة البشر في
انتزاعها.
هذا واقع في ذهن وتصور أي شخص وفي
أي مكان قد تتصوره في العالم،
وحتى المجتمعات التي عرفت وبذخت
في الثراء حصلت على أعلى أرقام
الانتحار والجريمة النوعية في
العالم.
ورغم توسع مطالب المجتمع المدني
في إيجاد مدرسة عالمية موحدة
للأخلاق، إلا أن أخبار العلوم
الحديثة، ومضاربات سوق الأسواق
العالمية، والخوف من حرب أو
تفجير أو محاولة مداهمة واعتقال
وتفتيش تطغى على تلك المطالب
وتضيع ربما كما يقول أغلبية
الساسة والمحللين المختلفين
والمتحاربين بأنها ضاعت في
أدراج الأمم المتحدة، وربما كان
ذلك أو إحدى النهايات التي بدأ
العالم في تلمسها واكتشافها.
لربما هناك حل وسط إذاً بين قوى
السلطات العالمية ومجتمع
البشرية الإنساني، كذلك
مجتمع العلماء والفقهاء
والمفكرين في دراسة وتحليل
الواقع في النهايات، كذلك الواقع في بدايات ظهرت أو قد
تظهر، أو ربما لن تظهر أبداً؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|