الشعب
السوري
وسياسة
الترويض
طريف
السيد عيسى
ضمني لقاء مع طبيب
عراقي يبدو أنه على معرفة جيدة
في الشعب السوري وتاريخ سورية
وطال الحوار بيننا لكن توقفنا
حول نقطة مهمة ألا وهي سؤاله لي :ما
أعرفه عن شعب سورية أنه شعب حيوي
ومثقف ولا يرضى بالظلم وكم
سمعنا عنه من البطولات التي
جعلته أول الشعوب العربية تحررا
من الاستخراب الفرنسي لكنني
أتعجب اليوم كيف لهذا الشعب
يرضى بالظلم والقهر وحكم الفرد
والحزب الواحد ؟؟؟؟
أصابتني الحيرة
فمن أين أبدأ الجواب فهل أبدأ من
الانقلاب البعثي العسكري في
الثامن من أذار عام 1963 أم أبدأ
من تاريخ اقرار قانون الطوارئ
والأحكام العرفية أم أبدأ من
تاريخ الحركة التصحيحية التي
أصلت ورسخت الظلم والقهر
والاستبداد والطائفية ومازالت
الافكار تتوارد سريعا في شريط
الذاكرة حتى أسعفني الشريط بقصة
عن طبيب نفسي قام بدراسة حول
ظاهرة الرضى بالظلم بل الانقلاب
لحالة الدفاع عن الظالم والوقوف
بوجه كل من يريد تعريف الناس
بحقوقهم وخلاصة
هذه الدراسة ( فلقد جاء بستة
قرود ووضعهم داخل قفص ثم علق في
السقف عنقودا من الموز ووضع
تحته سلم ثم وضع صنبورا يتدفق
منه ماء ساخن اذا حاول أحد
القرود الاقتراب من الموز ثم
انصرف وبعد مدة جاء يتفقد الوضع
فوجد أن قردا ما قد أكل من الموز
فما كان من الطبيب الا أن اختار
أحد القرود وقام بضربه ضربا
مبرحا أمام الجميع ثم انصرف ,
وبعد مدة عاد ليتفقد الوضع فوجد
نقص في الموز فاختار هذه المرة
قردين وفتح عليهم صنبور الماء
الساخن ثم أو جعهم ضربا حتى أغمي
عليهم ثم انصرف , ثم جاء بعد مدة
يتفقد الأوضاع فوجد أن هناك
نقصا في الموز وهنا فتح الماء
الساخن على كل القرود ثم أوجعهم
ضربا حتى سالت الدماء منهم ثم
اختار أحدهم ووضعه في قفص
انفرادي لوحده , ثم عاد بعد مدة
يتفقد الأوضاع فوجد القرود لم
يغيروا من اصرارهم وعندها جاء
بالقرد من القفص الانفرادي وقام
باطلاق النار عليه ثم خرج وجاء
بقرد جديد ووضعه معهم وتركهم
وانصرف , عاد بعد مدة واذا به يرى
القرود القديمة تقوم بضرب القرد
الجديد لأنه حاول الاقتراب من
عنقود الموز عندها أدرك الطبيب
أن التجربة نجحت وبدأ بتبديل
القرود كل يومك بقرد جديد حتى
أصبحوا جميعا مروضين على ضرب كل
قرد يريد الاقتراب من عنقود
الموز وبذلك تحولوا جميعا حراسا
وحماة لعنقود الموز وهكذا اكتشف
الطبيب نجاح التجربة ) وبعد أن
أنهيت القصة على الطبيب العراقي
هز راسه وقال فهمت عليك انه
الترويض على قبول الظلم وحتى
لاتتمكن الشعوب من معرفة حقوقها
بل ان هذا الترويض يدفع البعض
لمعاقبة كل من يريد أن يعرفهم
بحقوقهم .
وهكذا فعل نظام
البعث الطائفي مع شعب سورية حتى
توارثت الأجيال الرضى بالظلم
والقهر حتى وصلنا الى ماترى .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|