مجزرة
حي جنوب الملعب
في
حماة
خالد
الأحمد*
كثيرة
هي المجازر في حماة ، ويحتاج
المؤرخ إلى سـنوات في البحث
لجمع مآسـي مدينة أبي الفداء
الصابرة ، التي قرر رفعت الأسـد
أن يقول المؤرخون : كانت هنا
مدينة تسمى حماة . وقال ذات مرة
سيهدم مدينة حماة ويبني بدلاً
منها مراقص وحانات ....وهذه
واحـدة من أبشـع المجازر التي
ارتكبتها قوات حافظ الأسـد في
حماة .
نصيحة
الخبراء السوفييت :
وكانت
هذه المـجـازر الجماعيـة بنـاء
على نصيحـة خبـراء الجريمـة
السـوفييت ، الذين استقدمهم
نظام الأقلية بعـد أن كادت
تسـحقه ضربات الثورة الشعبية
المسلحة التي نشبت في حماة وحلب
وجسر الشغور وغيرها ، عندئذ وصل
خبراء أو (خبثـاء ) الجريمة
السوفييت ، ولاشك انهم (يهود ) ،
وعاينوا مكان وزمان وقوع اغتيال
عملاء النظام ، وعرفوا أن الشعب
متعاون مع الثـوار ، ومتضامن
معهم ، ونصحوا النظام أن يقتل
خمسين مواطناً على الأقل في
مكان وزمان الاغتيال ، عسى أن
يكون القاتل أحدهم ، وعسى أن
يفصلوا الشعب عن الثـوار ،
فيستطيع النظام عندئذ السيطرة
على الطليعة المقاتلـة ، التي
كانت تلقن عملاء النظام دروسـاً
موجعة خلال النصف الأول من عام
(1980) .
ولذلك
نفـذ نظـام الأقليـة مذابح
جماعية كثيرة في حمـاة وغيرها،
أكبرها مأسـاة حماة عام (1982م )
حيث اتضح أن حافظ الأسـد نفسـه
أعطى تعليماته للجيش بأن يقتل
يومياً كذا مواطن من حماة ، مما
جعل يحيى زيدان مدير المخابرات
العسكرية يعترض لأن هذا القتل
الفوري يحرم المخابرات فرصـة
التحقيق وكشف المعلومات
الضرورية واللازمـة ، ولأهمية
ذلك أفردت له فصلاً خاصاً
قادماً إن شاء الله .
حي جنوب
الملعب البلدي :
حي جنوب
الملعب البلدي في حماة ، حي جديد
، يقع شرقي طريق حمص ، فيه شوارع
واسـعة ، وساحات كثيرة ، تسـهل
مرور الدبابات فيـه ،
معظم سـكانه من الريفيين ،
وبعضهم من البعثيين ، ويندر
وجود الإخوان المسلمين فيه ،
كما لايوجد فيه أحد من مقاتلي
الطليعة المقاتلة التي تشن حرب
عصابات ضد وحدات الأمن التي
أجبرتها على ذلك للدفاع عن
نفسـها . لذلك رأى بعض الحمويين
من أهالي الأحياء القديمة في
الحاضر ، الذين يعرفون أن
أحياءهم مستهدفة من قبل سرايا
الدفاع والوحدات الخاصة ؛
رأوا أن يتركوا بيوتهم في
تلك الأحياء ، ويسكنوا مع
أقاربهم في هذا الحي الآمـن .
المـذبـحـة
:
1ـ في
اليوم الثالث من المعارك بدأت
السلطة بتنفيذ مجازر مرعبة في
حماة ، متذكرين مبدأ عنترة ، وهو
ضرب الضعيف ليخاف القوي وقد
بدأت بهذا الحي المسالم ، حيث
أنه جديد فيه شوارع واسعة
وساحات كبيرة ، يستطيع الجيش
العقائدي ( البطل ) أن يحتلها
بسهولة ؛ لذلك ابتعد عنه مقاتلو
الطليعة ولم يتمركزوا فيه أبداً
.ولأن معظم سكانه من القرويين ،
وبعضهم من البعثيين ، لذلك كله
كان حيـاً مسالماً للنظام ،
ومحايداً في هذه المعركة .
2ـ يغلب
على سكان الحي أنهم من القرويين
المهاجرين من الريف ( الســني )
وهم بسطاء ومسالمون ولم يسبق
لهم أن عارضوا الدولة معارضة
علنية ، لذلك تنادى بعض
الحمويين من سكان الأحياء
القديمة ( الخطيرة ) إلى اللجوء
إليه لأنه آمـن .
3 ـ دخلت
السلطة إلى هذا الحي بدون أي
مقاومة تستفزها أو تثير دواعي
الإجرام عندهم . وذلك بسبب سهولة
الانتشار في شوارعه الواسعة ،
وساحاته الكثيرة ، وتمركزت
الدبابات بسهولة ويسـر دون
مقاومة في الساحات الكبيرة .
وبعد أن
دخلت عناصر سرايا الدفاع إلى
الحي نادوا على الناس بمكبرات
الصوت ليجتمعوا في سـاحة الحي ،
ولما تكامل اجتماع الناس من
رجال ونسـاء وأطفـال فتحت
سـرايا الدفاع
أسلحتها الرشاشة على
المواطنين العزل فقتلوا منهم
ماشاء الله أن يقتل ، ثم توجه
الجنود إلى البيوت فقتلوا من لم
يخرج منها ونهبوا وسلبوا ما
وجدوه ، وكانوا يخرجون الأسرة
أمام بيتها ثم يقتلون الأب
أولاً ثم الأم ثم بقية الأولاد ،
ثم يدخلون البيت للنهب والسلب ،
وقد أحصى الأخوان أسماء (98)
شهيداً من الرجال فقط ، منهم
أسرة ( القجية ) ، وهم مجموعة من
سائقي الشاحنات الكويتية ،كما
قتلوا المواطن شحود شيحاوي بعد
أن أظهر لهم بطاقته الحزبية وهو
متفرغ للعمل الحزبي ومعه مسدس
وسيارة من الحزب وأظهر لهم ذلك
كله ولكنه لم يشفع له عندهم لأن
الأوامر عندهم بقتل الحمويين
أياً كانوا ، بعثيين وغير
بعثيين ، وكان ضباط السرايا
يقولون للمواطن إذا قـدم لهم
بطاقتـه البعثية يقولون له : كل
الحمويين إخوان مسلمون ، يجب أن
يقتلوا . كما قتلوا ضابطاً برتبة
رائد ( أحمد عبد الحميد عزيز )
وهو حموي كان إجازة عند أهله في
هذا الحي ، خرج عليهم بلباسه
العسكري ، ظناً منه أن يشفع لـه
لباسـه العسكري ، ولكن جندياً
من السرايا بدلاً من تقديم
التحية العسكرية لـه ، جـذبـه
من كتفيـه ( موضع الرتب ) وشحطه
على الأرض ، ثم رشـه بالرصاص
،فقتلوه ثم أجبروا والده
وهورئيس اتحاد نقبات العمال (
بعثي كبير )
أن يقول قتله الإخوان . كما
أن المواطن فائز عاجوقة نجا من
الموت ، وكان ممن رشـوا في
السـاحة ، وبعد ذهاب الجنود ،
تمكن من الوصول إلى مستشفى حماة
الوطني ، وهو قريب على هذا الحي
، فنقل إلى المستشفى الوطني ،
وهناك رآه أحد عناصر سرايا
الدفاع فبقر بطنه بالسكين وتركه
ينزف حتى مات يرحمه الله .
وانتصرت
سرايا الدفاع بأسلحتها
المتطورة ، ودباباتها الحديثة ،
وصواريخها المرعبة على الشعب
الأعزل ، الشعب الذي اشترى لها
هذه الأسلحة كي تحرر الجولان ،
ومن بعده فلسطين ، ثم كليكية
ولواء اسكندرون وساقية الذهب
وعربستان ـ كما حفظونا ونحن
أطفال في المدرسـة ـ انتصرت
سرايا الدفاع التي لم نسمع أنها
قتلت صهيونياً واحداً ؛ ولكننا
متأكدين أنها قتلت آلاف
المواطنين الأبرياء من خيرة
أبناء الشعب السوري ، قتلتهم في
تدمر (1980) وفي حماة (1982) وفي مجزرة
تدمر المستمرة على مدى بضعة
أعوام في سجن تدمر .
*
كاتب سوري في المنفى
ملاحظة
ورجاء : يرجى كل
من عنده معلومات عن مثل هذه
المجازر الجماعية الكثيرة التي
وقعت في سوريا الحبيبة خلال
الثمانينات ، إرسالها لي على
العنوان التالي ، دون ذكر اسمه ،
وسأجتهد بعدم الإشارة إلى كل
مايدل عليه ، ولكن يجب أن نجتهد
لمعرفة الحقيقة قبل أن تطمس
وتضيع .
Abothaer_s@
hotmail.com
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|