القوة
والمقاومة
الضرورة
والمشروعية
محاضرة
بدعوة من مديرية الثقافة في حلب
مساء
الأربعاء في 12/1/2005
أ.د.
أسعد السحمرانـي
أستاذ
العقائد والأديان في جامعة
الإمام الأوزاعي- بيروت
مسؤول
الشؤون الدينية في المؤتمر
الشعبي اللبناني
القوة
والمقاومة:
الضرورة
والمشروعية
أ.د.
أسعد السحمراني
تمهيــد:
تتعرض
الأمة العربية لغارات معادية،
ومعها العالم الإسلامي ومناطق
أخرى في العالم. وقيادة مشروع
الهيمنة والانفراد بمقدرات
الأمم هي الولايات المتحدة
الأمريكية، تشترك معها بعض
الدول الأوروبية من خلال الحلف
الأطلسي، وتشترك معها
الصهيونية العالمية وأداتها
الكيان الغاصب لفلسطين؛ أي
العدو الإسرائيلي.
هذا
العدوان مارس ويمارس كل أشكال
الاستبداد والظلم وعلى
المستويات كافة من الاحتلال
المباشر، كما هي الحال في
فلسطين والعراق وأفغانستان،
إلى التهديد والوعيد والضغط،
ومنها القرار الأطلسي الأخير ضد
لبنان وسوريا ذو الرقم
۱٥٥٩.يضاف إلى ذلك
قرارات وتقارير لمؤسسات
أمريكية وصهيونية تطرح تهمة
الإرهاب ضد الإسلام، وتشمل كافة
الأقطار العربية والإسلامية كل
مرة بمسمّى أو تحت شعار وعنوان
مزعوم، وفوق ذلك كله، النهب
الاقتصادي، والهجمة الشرسة
الصهيوأمريكية ضد القيم، وفي كل
ذلك يعتمد الأمريكي وشريكه
الصهيوني على قوة عسكرية غاشمة.
ويكفي أن نعلم أن الإنفاق
العسكري الأمريكي قد بلغ في
العام ۲۰۰۳ بحدود
٤٦۱ مليار دولار من أصل
الإنفاق العسكري العالمي
البالغ حوالي ۹٥٦ مليار
دولار، ممّا يجعل نصيب الولايات
المتحدة الأمريكية من الإنفاق
العالمي بحدود ٤٧٪.
ونشير هنا بأنّ هذا الإنفاق
الأمريكي قد ازداد بعد احتلال
العراق وأفغانستان، وبسبب
الدعم الأمريكي للعدو
الإسرائيلي بعد الانتفاضة.
والإحصاءات المتداولة حول
ميزانية العام ۲۰۰٤
المنصرم بالنسبة لميزانية
وزارة الدفاع الأمريكية تقول
بأن الرقم تجاوز ما كان عليه في
العام ۲۰۰۳،
والزيادة مستمرة. وفي مراجعة
بسيطة لإنفاق الدول الأخرى،
نستطيع أن نعرف مدى الاعتماد
المفرط من قبل الولايات المتحدة
في صناعة القوة العسكرية؛
فبريطانيا مثلاً بلغ إجمالي
إنفاقها العسكري في العام
۲۰۰۳ ٥٥ مليار
دولار، وإنفاق فرنسا العسكري مع
تعويضات نهاية الخدمة
للعسكريين بلغ في العام نفسه
حوالي ٤٦ مليار دولار، في
حين كان الإنفاق العسكري الصيني
الرسمي حوالي ۲۲ مليار
دولار، وإنفاق روسيا حوالي
۱٤ مليار دولار، وإنفاق
البرازيل زاد قليلاً عن ٧
مليار دولار.(۱)
وإذ
عرفنا بأن الولايات المتحدة
الأمريكية قد قدّمت للعدو
الإسرائيلي بين دعم للموازنة
وأسلحة، وبشكل رسمي، بما يزيد
عن ۱٤ مليار دولار، هذا
بالإضافة إلى إنفاقها العسكري
الذي يقارب نصف الإنفاق
العالمي، يمكننا عندها أن نعرف
أن الخطر الصهيوأمريكي يستهدف
الأمة العربية والعالم
الإسلامي، كما أنه خطر على
الأمم كلها.
هذا
الأمر يجعل قرار المقاومة Résistance ضرورة توازي أهم الضرورات في حياة الفرد
والأمة.
القوة Force والمقاومة Résistance:
إن الإنسان بطبعه وفطرته يتولد
عنده ميل محوري يتمثل في إرادة
الحياة. لذلك تدفعه الضرورة إلى
الاجتماع البشري ليتعاون مع
قومه ، وتالياً مع الحلفاء
والأصدقاء لتحقيق هذه الإرادة.
والحفاظ يحتاج المدافعة
منهجاً، لذلك كان امتلاك أساليب
وأدوات الدفاع عن الحياة وضد كل
خطر في رأس قائمة اهتمامات
الإنسان، أياً كان موقعه أو
الحال الذي هو عليه. ولم يتجرد
الإنسان في أية جماعة بشرية أو
أمة، أو في أية مرحلة من
التاريخ، من سلاح المدافعة
والمقاومة.
وإذا كان الكلام يزيد أو ينقص
في بعض المراحل عن فرضيات الحرب
والسلام، إلا أن الراجح في هذا
المجال هو أن الحرب كانت وستبقى
ظاهرة دولية، وسمة من سمات
اتجاه الأمم إلى بعضها. وقد قال
الدكتور محمد طه بدوي في خلاصات
بحثه حول هذا الموضوع ما يلي:
"۱- إن الحرب حتمٌ من
حتميات طبيعة البيئة الدولية،
بيئة تعدد القوى الفردية في
غيبة حكم أعلى، ومن ثمّ فإن
اختفاءها مرهون باختفاء جماعة
الدول ذاتها على أثر قيام
امبراطورية عالمية.
۲- إن العلاقات الدولية هي
علاقات ما بين الأعداء.
۳- إن السلام بمفهومه
الأخلاقي والجمالي ليس من عالم
العلاقات الدولية.
٤- إن السياسة الخارجية
لدولة ما لا تعدو أن تكون فن
إدارة علاقاتها مع الأعداء، وهي
لذلك تتردد بين الالتجاء إلى
الحرب أو الالتجاء إلى
المهادنة، وليس السلام،
وكلاهما لحساب الأعداء".(۲)
إن الخلاصة الأولى هي فرضية
مستحيلة، أي أن العالم لن يكون
امبراطورية واحدة، والسلوك
الامبراطوري هو ما تسعى إليه
الولايات المتحدة الأمريكية
التي ليس بمقدورها أن تكون في
يوم من الأيام شرطي ومصرفي
العالم. ولأن الحرب والمجابهة
بين الدول هو في أساس العلاقات
الدولية، فإن المقاومة تصبح
ضرورة، ولهذا يحتاج الأمر إلى
الإعداد وامتلاك القوة.
إن طبيعة الحياة واحتياجات
البشر للبقاء والحفاظ على
الوجود والحقوق يضطرون امتلاك
القوة. والقوة لا يُقصَد بها
القوة الغاشمة غير الموجهة، وهي
ما تُعرَف بنظرية البقاء
للأقوى، والتي تحكمها شريعة
الغاب. وهذا في أساس مفهوم القوة
عند الصهيوأمريكية، وهذا كان
وسيبقى في أساس مفهوم القوة عند
أهل العنصرية Racisme.
ولكن القوة التي تحلّ في موقع
الضروريات هي تلك التي تُحِلّ
الناس منازلها، وتمنع الظلم
والاستبداد، وتردع كيد
المعتدين، وتضع حداً لإجرام؛
إنها القوة التي تُشيع العدل،
وترسّخ الأمان والاطمئنان. إنها
القوة التي تحقّ الحق وتزهق
الباطل، لأن القاعدة هي: "إن
الحق بغير القوة ضائع".
لذلك حضّت كل المفاهيم
والنظريات الناس على الإعداد
والعمل لامتلاك القوة. ومن
الناحية الشرعية الإسلامية،
كان التوجيه الرباني بيّناً في
إطار الأمر بالإعداد قدر
الإمكان. قال الله تعالى:
"وأعدّوا لهم ما استطعتم من
قوة ومن رباط الخيل ترهبون به
عدو الله وعدوكم وآخرين من
دونهم لا تعلمونهم الله
يعلمهم". (٣)
هذا الإعداد للقوة، لأنها
ضرورة لإحقاق الحق ولإزالة
العوائق من أمام نشر الرسالة
ومن أجل بسط مظلة السماحة
والرحمة ودفع الظلم، جاء الأمر
به في موقع آخر ليقرن بين الدور
الرسالي وبين الفصل والحكم بين
الناس، وبين القوة، وكان ذلك في
الخطاب الإلهي الموجه إلى يحيى
عليه السلام؛ قال الله تعالى:
"يا يحيى خُذ الكتاب بقوة
وآتيناه الحكم صبيا".(٤)
إن الإنسان يُعِدّ وينـزع
الضعف ليكون قوياً في مختلف
الوجوه، وليكون مقاوماً يردع
العدوان والظلم، وهذا حق أكّدته
له الشريعة وأكّدته له كل
المواثيق والفلسفات. ويفيد أن
نذكر هنا بأن المسيحية جاءت
نصوصها تؤكد على التمييز بين
الحليف والعدو، وهذا يحتاج إلى
قوة يمتلكها صاحب القيادة
والدعوة، ومن التزم خط
المواجهة، وقد ورد في إنجيل
متّى: "ولا تظنوا أني جئت
لأحمل السلام إلى الأرض، وما
جئت لأحمل سلاماً بل سيفاً. جئت
لأفرّق بين المرء وأبيه، والبنت
وأمها، والكنة وحماتها، فيكون
أعداء الإنسان أهل
بيته".(٥)
المقاومة: الضرورة ومشروعية
الاستخدام:
إن مراجعة تاريخ الأمم والشعوب
يبيّن لنا بشكل واضح أن
المقاومة للعدوان ضرورة رافقت
الإنسان في كل المراحل، وفي كل
المواقع والأمم، سواء مقاومة
الحيوانات والزواحف المؤذية أو
تقلبات الطبيعة وما يحصل فيها
من تحولات طبيعية (زلازل-
براكين- سيول...). وتتنوع
المقاومة والدفاع عن الحياة من
الغذاء إلى الدواء إلى الملبس
والمسكن والزواج، للحفاظ على
النوع وصولاً إلى الدفاع عن
الأوطان وعن الحقوق والمقدسات
والكرامات.
والمقاومة تتنوع أشكال
ممارستها وساحات الحرب فيها
واستخدام القوة. فمن المقاومة
ما تكون سياسية، ومنها
الاقتصادية، ومنها الإعلامية،
إلى غير ذلك من أنواع المقاومة.
وإذا كانت المقاومة ضرورة،
فإنها بذلك تتقدم على سائر
الحاجات أو الأمور الكمالية أو
التحسينية. وضرورة المقاومة في
المفهوم الإسلامي تنبع من مقاصد
الشريعة وهي عند علماء الأصول
خمسة أمور "هي: حفظ الدين
والنفس والنسل والمال
والعقل".(٦)
ويقرر الشاطبي بأن الضروري أصل
لغيره من الأمور كالحاجيات التي
يحتاجها الإنسان للتوسعة ورفع
الحرج والمشقة، أو التحسينيات
التي هي في إطار محاسن العادات
ومكارم الأخلاق وتجنّب
المدنّسات. لأن المقاصد
الضرورية هي الأساس وبفقدانها
واختلالها تضطرب الأحوال،
وينتج ما يمنع تحقيق مقاصد
الشريعة الخمسة التي لا تستقيم
الحياة بدونها.
يقول الشاطبي: "المقاصد
الضرورية في الشريعة أصل
للحاجية والتحسينية. فلو فُرِض
اختلال الضروري بإطلاق، لاختلا
باختلاله بإطلاق. ولا يلزم من
اختلالهما اختلال الضروري
بإطلاق، نعم قد يلزم من اختلال
التحسيني بإطلاق اختلال الحاجي
بوجه ما، وقد يلزم اختلال
الحاجي بإطلاق اختلال الضروري
بوجه ما". (٧)
وإذا كان القتال الذي هو وجه
المقاومة الأساسي أمراً قد لا
ترتاح إليه بعض النفوس، إلا أن
الله قد شرعه وكتبه على عباده،
وقد يكون فيه خير والله أعلم.
جاء في الآية الكريمة: "كتب
عليكم القتال وهو كره لكم وعسى
أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم
وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم
والله يعلم وأنتم لا تعلمون".(٨)
وضرورة المقاومة أمر سلّمت به
الشعوب والمواثيق الدولية.
وصُنِّفت المقاومة بين أنبل
المهام التي يقوم بها شعب أو
أمة. وقد وردت الكلمة Résistance: مقاومة، لأول مرة في المعاجم
الفرنسية في الحرب العالمية
الثانية، وعُرِفت بأنها التصدي
الفرنسي والأوروبي عموماً
للاجتياح الألماني بقيادة هتلر
والنازية، وقيل أنها كانت
مقاومة وطنية لها عدتها
العسكرية وبرنامجها النهضوي
سياسياً واقتصادياً
واجتماعياً.(٩)
وقد مارست فرنسا مدعومة من
حلفائها حقها في المقاومة
وصولاً إلى إخراج المحتلين من
أرضها، وكان تصنيف المقاومة
الفرنسية أنها عمل وطني
بامتياز. والأمريكي نفسه خاض
لسنوات معركة الاستقلال ضد
الاحتلال البريطاني وتحقق لهم
ذلك. وقيل بأن عملهم وطني وأنه
مشروع لهم أن ينالوا استقلالهم
وأن يتحرروا من الاحتلال.
والفييتناميون خاضوا حرب
التحرير في إطار مقاومة شاملة
للمحتل الأمريكي لسنوات،
وأقرّتهم على فعلهم الدول
والهيئات العالمية. وكان لهم
استقلالهم.
والأمر نفسه كان بالنسبة لكل
الأمم ومنها أمتنا العربية حيث
خاضت معارك الاستقلال في كل قطر.
واتخذت المقاومة أشكالاً
متعددة، وكان أبرزها ثورة تحرير
الجزائر من الاستعمار الفرنسي
التي عرفت باسم ثورة المليون
شهيد.
وإذا كنا قد ذكرنا سابقاً بأن
المقاومة حق طبيعي، وأن ممارسة
المقاومة فطرة في الإنسان،
والدين قد شرّع ذلك، فإن ميثاق
الأمم المتحدة لم يخرج عن هذا
السياق بل أكّد عليه في المادة
٥۱، ونصها: "ليس في هذا
الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق
الطبيعي للدول، فرادى أو
جماعات، في الدفاع عن أنفسهم
إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد
أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى
أن يتخذ مجلس الأمن التدابير
اللازمة لحفظ السلم والأمن
الدولي، والتدابير التي اتخذها
الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع
عن النفس تُبلَّغ إلى المجلس
فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير
بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى
سلطته ومسؤولياته المستمدة من
أحكام هذا الميثاق- من الحق في
أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة
لاتخاذه في الأعمال لحفظ السلم
والأمن الدولي أو لإعادته إلى
نصابه".(۱۰)
إن مضمون هذه المادة صدرت على
أساسه قرارات عديدة بشأن حق
الأمم والشعوب في تقرير المصير،
ومنها ما كان بشأن حق
الفلسطينيين في مقاومة
الاحتلال الإسرائيلي صدر عن
الجمعية العامة للأمم المتحدة
المنعقدة بتاريخ
۱۰/۱۲/۱٩٧٥
القرار رقم ۳۳۸۲
وفيه: "تؤكد الجمعية من جديد
شرعية كفاح الشعوب في سبيل
الاستقلال والسلام الإقليمي
والتحرر من السيطرة
الاستعمارية بجميع الوسائل
أيضاً، بما فيها الكفاح
المسلح".
نخلص إلى القول: إن المقاومة
ضرورة لردع
التعديات، وهي حق مشروع
دينياً وإنسانياً وسياسياً
وقانونياً، وفي كل المعايير
والمقاييس. وبالنسبة لنا نحن
العرب، لا خيار في هذه المرحلة
من تاريخنا، وأمام الاحتلال
وسائر أشكال العدوان، إلا أن
ندقّ النفير في حركة مقاومة
شاملة ينخرط فيها الجميع، وتشمل
كل ميادين المواجهة وصولاً إلى
تحرير الأرض واسترداد الحقوق.
المقاومة: الموازين والوسائل:
إن المكون الأساسي للمقاومة هو:
إرادة المقاومة، وبعد ذلك تأتي
المكونات الأخرى من أساليب وخطط
وأدوات.
إن الأمر يبدأ من الذات، ذات
الفرد، والحالة المعنوية عند
أهل المجتمع والأمة. والحرب،
كما هو معلوم في الأصل، هي صراع
الإرادات، والنصر تقرره الحالة
المعنوية لكل فريق وليس حجم
الآليات وعدد الجنود.
فالناس منقسمون إلى صنفين:
۱- ضعاف الإرادات الذين
تحكمهم أفكار الاستسلام
والخضوع، وهؤلاء لا يرتضون
الدونية والصغار والارتزاق.
وأتباع هذا الصنف غير كثيرين
كما دلّت التجارب عند شعوب
كثيرة وفي أمتنا.
۲- أصحاب الإرادات المقاومة
للمحتل والغازي أياً كانت قوته؛
وهؤلاء يستجيبون للتحديات وفق
المنطق الحضاري، ويستنهضون
الهمم غير آبهين بالثمن الذي
يدفعونه متسلحين بالإيمان
الديني وبالإيمان والالتزام
الوطني والقومي. إن المقاومة
قرار لا يقيم وزناً لموازين
القوى العسكرية. فالمقاومة
إرادة مع قوة متواضعة تخطّ
طريقها ومع الوقت تتراكم
الطاقات، وتزداد الخبرات،
وتتولد أساليب في القتال
والمواجهة يبدعها أهل المقاومة.
إن مراجعة حركات المقاومة
والتحرر عبر التاريخ يثبت هذه
القاعدة. وإذا بدأنا مع المراحل
الأولى من التاريخ الإسلامي
يظهر لنا ذلك بوضوح. ففي وقعة
بدر الكبرى ومروراً بكل معارك
الفتح والغزوات وصولاً إلى
اليرموك وغيرها، لم تكن موازين
القوى العامل الحاسم في ساحات
المواجهة. ولا بد أن يأخذ
المقاومون بعين الاعتبار عامل
الإيمان والنصرة الإلهية
والتأييد الرباني وحالة الروح
المعنوية، يضاف إلى ذلك قاعدة:
قوة الحق. فبناء لهذه القاعدة،
يكون حال المعتدى عليه أقوى من
حال المعتدي.
إن الضعف ليس سمة دائمة وليس هو
موروث جيني، وإنما القوة تكتسب،
والمهم أن يوجد مشروع فكري وأن
تتوافر الدوافع الأولى للتحريك.
وبعد ذلك تكون القوة احتمالية
وعناصرها تختلف من جهة لأخرى
ومن واقع لآخر كما أن الفشل في
مشروع إجرائي أو في معركة من
المعارك لا يعني أن حق المقاومة
قد سقط، وأن صناعة النصر باتت
غير ممكنة. ولو راجعنا عند غير
المسلمين أو في الواقع المعاصر
حال المقاومات فإننا نجدها قد
كانت قراراً عبّر عن إرادة ولم
تنطلق أية مقاومة من حشد
الطاقات المطلوب، وإنما انطلقت
كل مقاومة من الحشد الممكن
للطاقات والقوى.
ومن الأمثلة على ذلك الولايات
المتحدة الأمريكية نفسها. فإن
مقاومتها الاحتلال البريطاني
لم تكن بين قوى متكافئة، وإنما
قام شعب مغلوب على أمره لا يمتلك
إلا النذر القليل من القوة،
بفعل المقاومة، بإخراج المحتل
البريطاني الذي كان يوصف بأنه
الامبراطورية العظمى في ذلك
الحين.
وشارل ديغول بعد اجتياح فرنسا
من قبل هتلر والنازية كان خارج
أرضه وانطلق في مقاومته من دون
تكافؤ في الفرص أو توازن في
القوى. وبعد أن حرّر فرنسا أصبح
قوياً. والثورة
الجزائرية لم تمتلك يوماً
طوال مراحلها من العام
۱۹٥٤ حتى تحقيق
التحرير والاستقلال في نهاية
العام ۱٩٦١، ما كانت
تملكه فرنسا من السلاح
والإمكانات والجيش، وخسر
الثوار معارك عسكرية، ولكنهم
وصلوا إلى النصر والتحرير
وربحوا الحرب وانتصرت إراداتهم
على إرادة الاحتلال.
وإذا انتقلنا إلى واقعنا
الراهن وتأملنا وتفحصنا حال
الانتفاضة والمقاومة
الفلسطينية التي انطلقت في
٢٨/٩/٢٠٠٠
والتي حققت إنجازات مهمة على
طريق التحرير، كما أنها تمكنت
من زعزعة كيان العدو الإسرائيلي
المغتصب في ميادين كثيرة تشير
إليها الأرقام والإحصاءات؛ فإن
من يخوضون الكفاح ويمارسون
المقاومة بنماذج متفردة في
التاريخ لم ينطلقوا من مقياس
التوازن الاستراتيجي العسكري،
وإنما استندوا إلى قوة الحق
وإلى الإيمان والإرادة،
فاستمرت الانتفاضة البطلة
وتعمّقت، وبرزت من خلالها
تضحيات وإبداعات في الأساليب،
وهي في كل هذا تمتلك سلاح
الإيمان بالله تعالى وتقوم بما
تقوم به بالاعتماد على قرار
المقاومة ليس أكثر. هذا مع
إمكانات تزيد وتنقص وتنمو مع
الوقت. إن المتسلح بالإيمان
وبالحق هو المنتصر وهو الفائز
مهما طال الاحتلال وتطاول
العدوان. وفي النص القرآني:
"الذين آمنوا يقاتلون في سبيل
الله والذين كفروا يقاتلون في
سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء
الشيطان إن كيد الشيطان كان
ضعيفا".(١١)
وقد وجهّت المسيحية إلى المعنى
نفسه عندما حضّت على مقاومة
الباطل والظلم دونما اعتبار
للثمن الدنيوي طالما أن
المقاومة هي في سبيل الله وهو
وحده الأحق بأن نخشاه. وفي
الإنجيل ورد النص: "ولا
تخافوا الذين يقتلون الجسد ولا
يستطيعون قتل النفس بل خافوا
الذي يقدر على أن يهلك النفس
والجسد جميعاً في
جهنم".(١٢)
ودراسة واقع المقاومة الباسلة
في العراق تفيد الأمر نفسه، حيث
بدأت مقاومة الاحتلال الأمريكي
وحلفائه من اللحظة الأولى
للعدوان والاحتلال بالإمكانات
المتوافرة، ولم ينتظر أهل
المقاومة حتى تكون لهم أسلحة
وتقنيات وتأهيل يوازي ما يملكه
المحتل، فهذا أمر لن يكون كما
أنه لم يُعتمد في أية حركة تحرر
أو مقاومة عبر التاريخ. إن
الانتظار قاتل ولا بد من أن يتم
اتخاذ قرار الانطلاق، وبعدها
تقوى مسألة التعبئة والتحريض
ويفعل النفير فعله بشكل تدريجي
إلى أن تصبح المقاومة حركة شعب،
وإرادة الشعب لا يستطيع أحد أن
يقهرها مهما امتلك من قوة
والدروس والعبر التاريخية
عندنا وعند غيرنا أكثر من أن
تُحصى.
مرتكزات المقاومة الناجحة:
ما دمنا قد سلّمنا بضرورة
المقاومة ومشروعيتها، فإن
الموضوع يستلزم تحديد الأسس
المطلوبة من أجل مقاومة ناجحة.
ونعود هنا إلى موضوع القوة
والنظرة إليها؛ فهي في الحضارة
الغربية وعند الأمريكان
والصهاينة حالياً قوة يعمل
صاحبها من أجل إلغاء سواه، وهي
قوة لا تضبطها قيم ولا مفاهيم
ذات أبعاد إنسانية. لذلك نراهم
يفرطون في الحشد والإنفاق
العسكري، ويبالغون في التسليح
وقتالهم يقوم على مبدأين تنص
عليهما العقيدة القتالية للجيش
الأمريكي هما:
١- القتال دون أرض؛ أي القتال
من خلال أدوات السلاح والآليات
العسكرية، لأن المقاتل عندهم في
الغالب يخرج إلى مشاريع
استعمارية منها الاحتلال. لذلك
يكون جباناً يخاف الموت فيقاتل
بواسطة المعدات الحربية.
٢- القتال دون موتى؛ لأن
الحياة بنظره غلبة دنيوية وليس
عنده مفهوم ديني أخروي ولا
استعدادات للتضحية والفداء
بأبعاد دينية جهادية.
إن كل القوة التي يمتلكونها
والوسائل التقنية لم تولّد عند
جيوشهم الشجاعة المطلوبة. وقد
برز ذلك في مواجهات عديدة، وهذا
ملحوظ الآن في فلسطين والعراق.
أما القتال عندنا فإنه يقوم على
قوة الإيمان بالدرجة الأولى،
والتطلع إلى الاستشهاد في سبيل
الله، لأن القتال أساساً يكون
في سبيل الحق والعدل والقيم وكل
ما يأمر به الله تعالى. وليس في
مفاهيمنا الحربية شيء اسمه
الإلغاء، وإنما المطلوب هو
تحقيق النصر على الأعداء
وإرغامهم على الانصياع لقواعد
العدل، وإذا ما سلّموا وانهزمت
إرادتهم فإنه لا عدوان عليهم
بعد ذلك. والقتال أو المقاومة
عندنا تفهم بأن الموت إحياء
وليس إلغاء، والشخص الذي يستشهد
أو المجموعة إنما يكون
استشهادهم من أجل أن تحيا أمة أو
يتحرر شعب أو يُرفع ظلم
واستبداد عن الناس كافة. لذلك
فإن المقاومة للمعتدي والقتال
عموماً يقوم عندنا على ركيزتين
تناقضان العقيدة القتالية
الصهيوأمريكية، هاتان
الركيزتان هما:
١- القتال على أرض، ومن أجل
تحرير الأرض؛ لأن الجغرافيا
أساس في صناعة التحرير، ومن
ضمنها جغرافيا المقدسات. وفي
الحديث النبوي الشريف: "من
مات دون أرضه فهو شهيد ومن مات
دون دينه فهو شهيد ومن مات دون
عرضه فهو شهيد". لذلك يكون
القتال عندنا من أجل حماية
الإنسان، ومن أجل الحفاظ على
أرض الأمة، وكل ذلك لا يكون بغير
الاستشهاد فلسفة ومنهجاً.
٢- القتال مع طلب الموت لأن
الموت استشهاداً يفتح طريق
الحياة للشهداء عند ربهم في
عالم الآخرة وتحيا ذكراهم بين
أبناء أمتهم في عالم الدنيا.
ولذلك كان ولا يزال الموت في
ساحات الواجب والشرف مطلباً لكل
من تطوع في صفوف المقاومة، فكل
مقاوم في أمتنا هو مشروع شهيد.
إن هذه المنهجية التي تعتمد
الإيمان منطلقاً، وثقافة
المقاومة أسلوباً، وفكر
المواجهة لتأصيل القناعات في
العمل من أجل تحرير الأرض
والمقدسات، لا يمكن أن تهزمها
قوة في الأرض، أياً كانت
أسلحتها وأعدادها لأن صاحب الحق
منتصر في النهاية.
وإذا عدنا إلى محطة تاريخية مضت
عليها قرون هي حرب صلاح الدين
الأيوبي التحريرية ضد الفرنجة
الغربيين الذين اجتاحوا مساحات
شاسعة من أرض الأمة وفي قلبها
القدس وفلسطين في القرن الثاني
عشر الميلادي، والتي سماها
بعضهم لاحقاً الحروب الصليبية،
نجد أن صلاح الدين الأيوبي قاد
المقاومة والمواجهة من خلال
مجتمع ودولة فيهما روح
الجهاد والقناعات بالتضحية
من أجل الوطن والمبادئ، وفيهما
عوامل قوة تؤسس للمقاومة تحصّلت
عند سلفه نور الدين الذي أعدّ
الدولة والمجتمع من أجل القتال,
وإذا أردنا أن نلخص هذه العوامل
فهي ما يلي:
١- الوحدة القومية حيث توحدت
مصر وسوريا في قلب الأمة
العربية والإسلامية لتشكل هذه
الوحدة القاعدة الحاضنة لمسيرة
المواجهة والحرب ضد المحتلين
والمعتدين.
٢- الوحدة الوطنية حيث آمن
الجميع بأن العدوان الافرنجي هو
على أبناء الأمة مسلمين
ومسيحيين، لأن أهداف الغزو
متعددة كما هي الحال الآن في
الاحتلال الإسرائيلي- الأمريكي.
وواجب المقاومة كائن لدى الجميع
وهذه الوحدة الوطنية برزت من
خلال جيش صلاح الدين بنيوياً،
ومن ذلك أن قائد ميمنته في حطين
كان المسيحي عيسى العوام.
٣- الإعداد للمعركة أو
للمعارك تدريباً وتسليحاً
وبناء المؤسسات التي توفر أسباب
الصمود عند بدء المواجهة، حيث
لم يغفل نور الدين عن جانب من
جوانب القوة، ومن ذلك كما هو
معلوم تأسيس المدارس
والمستشفيات ومنها البيمرستان
النوري.
إن المقاومة الناجحة هي تلك
التي تتوافر لها مثل هذه
المقومات، لأن الوحدة الوطنية
والقومية تحققان تماسكاً بين
الشعب والوحدة الشعبية يتولد
عندها حينذاك روح المقاومة
الجماعية وتكون هذه المرتكز
الأساسي لصناعة النصر.
إن هذه الحقيقة: أعني الوحدة،
عامل حاسم في مسيرة المقاومة.
لذلك نجد أن الأعداء الصهاينة
والأمريكان قد عملوا ولا يزالون
من أجل زرع الفتن وروح الانقسام
مذهبياً وطائفياً وعرقياً في
أمتنا معتمدين سياسة قديمة
جديدة عنوانها: فرّق تسد.
لقد صاغت دوائر العدو
الإسرائيلي، ومراكز دراسات
العدو الأمريكي، عشرات
المخططات التآمرية الساعية
لتفتيت الأمة العربية وكل قطر
عربي إلى كيانات ودويلات طائفية
ومذهبية وعرقية كي يتمكنوا من
تثبيت احتلالهم وتحقيق أطماعهم.
وإذا ما رصد الواحد منا مسار
المقاومة الفلسطينية أو
اللبنانية أو العراقية حالياً،
فإنه يلمس بأن شعبنا قد عرف
مخططات الأعداء التآمرية، لذلك
نجده قد خطّ طريق المقاومة
وواصل مسيرتها بوحدة وطنية
راسخة هزمت كيد الأعداء
وتآمرهم. وهذا أمر نؤكد عليه لأن
فكر المواجهة ومعه ثقافة
المقاومة يجب أن يؤصلا للوحدة
ويزجّا ويبعدا كل دعوات الفرقة
والتعصب التي لا تخدم إلا أعداء
الأمة.
إن عمل العداء لضرب الوحدة
الوطنية والقومية يتخذ أشكالاً
متنوعة وأوجهاً عديدة لها
مفرداتها في الخطاب في كل ساحة
أو مرحلة. ففي العراق يعملون
لفتنة على أساس عرقي أو مذهبي
وظّفوا لها بعض الأدوات وحفنة
من المرتزقة، ولكن ملايين الشعب
خرجت مقاومة ولا تزال وحققت ما
يلاحظه الجميع.
وفي الساحة الفلسطينية يعملون
للتفتيت من خلال توظيف أصوات أو
أقلام تزعم بأن عسكرة المقاومة
غير مجدية، علماً أن الانتفاضة
بلا عسكرة غير مجدية، لأن
الانتفاضة المسلحة استطاعت أن
تنشر الرعب والاضطرابات
النفسية في قلوب مئات آلاف
المحتلين وأدى ذلك إلى شبه وقف
للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين
هذا مع فرار مئات الألوف، ومع
الأوضاع الاقتصادية التي ولدت
بطالة تجاوزت الإحدى عشر بالمئة
من القوى العاملة عند العدو
الإسرائيلي. زد على ذلك تكاليف
ونفقات الجيش والتراجع في
الخدمات بفعل العجز المتواصل في
ميزانية كيان العدو. كل ذلك يؤكد
بأن العدو يعمل للفرقة، ولكن
الساحة الفلسطينية تجاوزت ذلك
ولم يعد له فعله أو أثره عليها.
ويعمل العدو الأمريكي ومعه
آخرون لزرع فتنة في الساحة
اللبنانية حالياً وبين لبنان
وسوريا في مسألة القرار الذي
أصدروه تحت الرقم
١٥٥٩، وهو قرار
تدويلي والتدويل في ساحة لبنان
وفق تجارب ماضية مشروع فتنة
وانقسام وسبب اقتتال داخلي، وهو
بذلك تعطيل للحل العربي واقتلاع
للبنان من انتمائه وأمته ليكون
في الحضن الأطلسي تآمراً. وهذا
ما لا يتحقق، لأن ساحة لبنان
بوحدتها الوطنية الراسخة سبق
لها أن أسقطت مشروعاً تآمرياً
كهذا عملوا له من خلال حلف بغداد
سنة ۱٩٥٨، ومشروعاً
بعده أسقطه كذلك الشعب اللبناني
سنة ۱٩٨٤ عرف باسم
مشروع اتفاق ١٧ أيار وهو
مشروع صلح تآمري مع العدو. هذا
الذي ذكرناه يبين بأن الوحدة
الوطنية أو القومية مستهدفة من
قبل أعداء الأمة وهذا ما نتشدد
في الدعوة إليه، فمواجهة
العدوان والمخاطر تستلزم وحدة
الموقف اللبناني داخلياً،
ووحدة الموقف اللبناني السوري
دفاعياً وسياسياً من أجل إسقاط
القرار الأمريكي العدواني.
والأمريكي الذي أصدرت مؤسساته،
ومنها مؤسسة راند، تقارير
مشبوهة تزعم بأن ساحة المملكة
العربية السعودية هي حاضنة
للإرهاب، نجد أن حفنة من
المرتزقة يتسترون بالدين
ويدّعون ما ليس من الدين في شيء
قد استجابوا للتآمر الصهيوني
الأمريكي كي يقوموا بأعمال
تخريبية وتفجيرات تعبث
بالاستقرار والوحدة وتشدّ
الأنظار لغير ساحات المقاومة
العسكرية في ساحات المقاومة
العسكرية في فلسطين والعراق.
ما تمّ استعراضه هو قليل من
كثير فمشاريع التآمر والعدوان
تطال الأمة جمعاء، وفي كل ساحة
يعتمدون أسلوباً يثيرون به
الفتنة ومنها ما هو حاصل في ساحة
السودان في دارفور حيث يظهر
التدخل الأمريكي السافر للنيل
من الوحدة الوطنية السودانية،
لذلك يكون واجب قادة الرأي في
الأمة أن يجندوا الطاقات لحماية
الوحدة الوطنية والقومية.
والمقاومة في أمتنا تحتاج في
مواجهة القدرة العسكرية
الكبيرة للأعداء المحتلين أن
تعتمد فلسفة صناعة الرعب فهي
الجسر الوحيد الذي نعبر عليه
إلى مستقبل أفضل نحقق فيه النصر
والتحرير. إن صناعة الرعب
للأعداء تتمثل اليوم في أن
إنساننا تحوّل قنبلة بشرية
تنفجر عند اللزوم، وقد بدأ ذلك
يؤسس للنصر ويدفع الأعداء إلى
الخروج من أرضنا يجرّون أذيال
الهزيمة والخيبة. وفي تاريخنا
الإسلامي محطة مهمة تعطي درساً
في هذا المجال هي محطة فتح مكة
المكرمة التي انتصر فيها النبي
صلى الله عليه وسلم وصحبه على
المشركين دون قتال. والحديث
النبوي حولها في صحيح البخاري:
"بُعِثت بجوامع الكلم ونِصرت
بالرعب". وهناك حديث نبوي آخر
في كتاب الجهاد من صحيح البخاري
نصّه: "نِصَرت بالرعب مسيرة
شهر".
خاتمــة:
إن المقاومة ضرورة من أجل تحقيق
أهداف الأمة في طرد المحتلين
وردع المعتدين، وهي منتصرة
حكماً لأنها مسلحة بالإيمان
والحق والإرادة والوحدة
والاستعداد للتضحية. ونختم
بطرفة تقول: التقى كلب مرة على
نبع ماء مع أرنب فعرض عليه أن
يتسابقا إلى هدف معلوم عندهما،
والكلب أقوى بنية ومشهور
بالسرعة في الجري، ووافق الأرنب
وانطلقا وفي ذهن الكلب أن الربح
بجانبه فبدأ يلهو في الطريق
ويعبث ويشغل وقته في غير السعي
إلى الهدف. والنتيجة كانت أن
الأرنب قد سبقه وانتصر عليه
فسأله الكلب عن سبب جرأته على
التسابق معه، وكيف أنه تمكن من
الوصول قبله، فأجابه الأرنب:
سابقتك وسبقتك لأنني أسعى
لحسابي وتسعى لحساب صاحبك. إن
النصر حليف أمتنا ومقاومتنا مع
ضعف الإمكانات التي تنمو وستنمو
مع الوقت، لأننا نناضل ونجاهد
من أجل حقوقنا، وأعداؤنا
وأعوانهم مرتزقة يسعون لحساب
غيرهم.
الهوامش:
(1)-
للتفصيل يراجع: الإنفاق
العسكري، مجموعة باحثين في:
التسلح
ونزع السلاح والأمن الدولي،
معهد ستوكهولم لأبحاث السلام
الدولي، مجموعة
مترجمين، بيروت، مركز
دراسات الوحدة العربية،ط1، سنة
2004، ص 463 وما بعدها.
(2)-
الدكتور محمد طه بدوي، فروض
علمية في تفسير علاقات الحرب
والسلام، بيروت، جامعة بيروت
العربية، سنة 1974، ص 62.
(3)-
سورة الأنفال، الآية (60).
(4)-
سورة مريم، الآية (12).
(5)-
العهد الجديد، انجيل متى،
الاصحاح العاشر.
(6)-
الشاطبي، أبو اسحق، الموافقات
في أصول الشريعة، ج2، تحقيق محمد
عبد القادر الفاضلي،
صيدا-بيروت،المكتبة العربية،
سنة 1425هـ- 2004م، ص8.
(7)-
الشاطبي، أبو اسحق،م.س.، ص 11،12.
(8)-
سورة البقرة، الآية (216).
(9)-
dictionnaire
Hachette encyclopedique illustre, Paris, 1996,p 1617
.
(10)-
ميثاق الامم المتحدة، الأمم
المتحدة، نيويورك، إدارة شؤون
الاعلام بالأمم المتحدة، ص 34.
(11)-
سورة النساء، الآية (76).
(12)-
العهد الجديد، إنجيل متى،
الإصحاح العاشر.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|