الإدارة
الأمريكية وإعلام الحرب
خالد
سليمان القرعان*
بعد
مضي سنوات ، على
دحر القوات الأمريكية ،
للجيش العراقي من الكويت ؛ أخذت
الخارجية الأمريكية تشير إلى
مرتكزات مهمة تنتهجها إدارتها
في تطبيق سياساتها الخارجية
تجاه منطقة الشرق الأوسط
والخليج العربي ؛ تفضي إلى
تراجع استراتيجيتها الأمنية
بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط
وما تمليه عليها عملية السلام
من وعود وتغييرات ؛ والتحرك نحو
الخليج العربي ؛ وبصفة خاصة إلى
العراق ، الذي سيكون في مقدمة
الأولويات الإقليمية في منطقة
الشرق الأوسط للاستراتيجية
الأمريكية المفترضة ؛ والتي
كانت تتلخص أهدافها في تقارير
وزارة الدفاع
والخارجية الأمريكيتين ،
على أبعاد مهمة : وهي ؛ البعد
المحلي ( الوطني ) ، والبعد
الدولي . ( بعيد المدى ) ، فيما
يتعلق بالعراق عالميا ؛ والبعد
الإقليمي ( دول الجوار ) ، من
خلال
:
( 1 ) مساندة الدولة العبرية من خلال تشجيع
اتفاقيات السلام ، وتوفير الدعم
المالي والأمني والتكنولوجي ؛
الذي يفعل من التغيرات السياسية
والاقتصادية والاجتماعية ، في
مناطق أقليم الشرق الأوسط
الحيوية ؛ كمدخل في استراتيجية
التحضير ، من أجل شن الحرب على
العراق في منطقة الخليج العربي ، وذلك من اجل تفكيك وشرذمة
التوجهات العربية والإسلامية ،
عن طريق الضغط على الأنظمة
العربية ،
وانصياعها إلى الإرادة السياسة
الصهيونية البراغماتية ، خاصة
في مصر وسوريا والأردن ؛ وبعضا
من بلدان الخليج العربي القريبة
من العراق ، والذي تسعى
الخارجية الأمريكية ، دائما إلى
إبعاد هذه البلدان ، عن التقارب
مع نظامي البعث في العراق
وسوريا
.
( 2 ) إيجاد سياسة ، تضمن الوصول المستقر ، إلى
مصادر البترول الإقليمية دوليا
، مؤمنة بواسطة الوجود العسكري
الأمريكي ؛ والمقصود هو ، بترول
العراق والسعودية ، والضمان
أنما يشير : إلى ضمان إمدادات
البترول المستمرة ، إلى مجموعة
الاتحاد الأوروبي ؛ أو الجيوش
المقاتلة ؛ التي ستتمركز في
مناطق الخليج العربي ، ومناطق
حيوية من الشرق الأوسط
، بما فيها ، تركيا في مرحلة
مستقبلية آمنة ؛ إزاء التهديد
الآسيوي ، والمصالح الاقتصادية
المنبثقة عن بعض الدول الفاعلة
؛ مثل الصين ، ومناطق جنوب شرق
آسيا ، إضافة إلى الدول
المناهضة لمصالح الاتحاد
الأوروبي ، الخاضعة بدورها إلى
السياسات الأمنية والاقتصادية
الأمريكية ؛ من اجل الحيلولة ،
دون توسع هذه المصالح في منطقة
الشرق الأوسط والخليج العربي
.
( 3 ) التعاون الأمني مع البلدان المجاورة
لإسرائيل ؛ إزاء التهديدات
الخارجية ، وهو تعاون استخباري
، يتم بموجبة نقل المعلومات
الاستخبارية ، عن منظومة الدفاع
العسكرية العراقية والسورية
ومواقعها ، إضافة إلى المعلومات
الاقتصادية ، ومدى الحظر البشري
والتجاري ، عن طريق البلدان
المجاورة لإسرائيل وتحويلها
مباشرة إلى وزارة الدفاع
الأمريكية وأجهزة استخباراتها
الإقليمية والدولية ؛ إضافة إلى
متابعة النشاطات التي تتعلق
بالتنظيمات الثورية العربية
التي تتخذ من دمشق وبغداد مقارا
لها ولنفوذها
.
( 4 ) توسيع التجارة والاستثمارات في إقليمي
الشرق الأوسط والخليج ، من خلال
تشجيع إزالة الحواجز التمييزية
في التجارة معها وتنبني سياسات
التحرير الاقتصادي ، من خلال
فتح الأسواق الأمريكية
للصادرات المحدودة إلى هذه
الدول ، وتنشيط الأسواق الحرة
الأمريكية والإسرائيلية على
أراضيها ؛ مقابل المردودات
الضريبية المحدودة ؛
ولقد
اعتمدت الأسواق الحرة
الأمريكية في ترسيخ مفاهيمها
الاقتصادية في البلاد العربية
على التضخيم الإعلامي والدعائي
لهذه الأسواق بينما حقيقتها هي
أنها أحد العوامل الاستعمارية
المعاصرة اقتصاديا
.
( 5 ) تطبيع علاقات
الإدارة الأمريكية مع الدول
التي تخضع للحظر الاقتصادي مثل
ليبيا وإيران والسودان وقد بدا
التطبيع مع إيران بالفعل كخطوة
تمهيدية من اجل التحضير للحرب
على العراق من خلال التعاون
الأمني ضد تهريب وزراعة
المخدرات والقيام بالزيارات
التبادلية بين أعضاء من
الكونغرس الأمريكي وبرلمانيين
إيرانيين ودراسة مدى فعالية
الحصار ومعرفة التكلفة التي
تتكبدها أمريكا نتيجة الحصار
إضافة إلى تحجيم الحظر على
المواد العسكرية وتخفيف
إجراءات الدخول المفروضة على
الإيرانيين الزائرين للولايات
المتحدة الأمريكية مع إعلان
الاتحاد الأوروبي إعادة
العلاقات مع الجمهورية
الإسلامية وتوجهاتها من خلال
الانفتاح الإقليمي بمنح
العلاقات الأوروبية الإيرانية
المزيد من المعطيات الإقليمية
والقضايا الأمنية بما فيها
مكافحة الإرهاب ومجا الطاقة
النووية واقامة التعاون
السياسي والتجاري مع التيار
الإصلاحي إضافة إلى التعاون الأمني بين
أجهزة المخابرات الأمريكية
والإيرانية في مجالات عديدة
منها تفعيل دور المعارضة
الشيعية المناهضة لنظام البعث
العراقي حيث تبع هذه التطورات
مشاورات أمنية مع النظام
السعودي ودول مجلس التعاون
الخليجي من اجل التعاون مجتمعة
وفرادى لردع الأخطار الخارجية (
الخطر العراقي
) ،
أما
في شمال إفريقيا فقد ساعدت
الإدارة الأمريكية بالتخفيف من
التوتر الأمني مع ليبيا جراء
قضية لوكيربي وتفجيرات نوادي
ألمانيا وقبول التعويضات
المالية إضافة إلى الإعداد في
فتح السفارة الأمريكية في
طرابلس وتنشيط التجارة البحرية
بينها وبين الدولة العبرية
وشمال أوروبا
وفي
السودان زادت الفاعلية في تدخل
المنظمات الإنسانية ومكافحة
الفقر والأمراض المميتة
والتصحر والتدخل في حل الصراعات
العرقية مع قوات جون قر نق في
الجنوب
( 6 ) تقوية التعاون مع
وبين دول الإقليم المجاورة
للعراق من اجل محاربة الإرهاب
ومحاربة إنتاج المخدرات
المخلقة أو تهريبها وحماية
البيئة الإقليمية : والمقصود
الدول المجاورة للدولة العبرية
بالإشارة إلى النظام العراقي
والنظام السوري من خلال احتضان
هذه الدول للمنظمات الثورية
العربية وتخصيص تجارة المخدرات
لسوريا حيث سبق وان ادعت
الإدارة الأمريكية بان
المخابرات السورية تشرف على
وتزرع المخدرات في البقاع
والجنوب اللبناني إضافة إلى
تصنيعها مختبريا ومن ثم تصديرها
وهذه ألا ملاءات سوف تظهر مجددا
في مرحلة الأعداد العسكري
للوجود العسكري السوري في
الجنوب اللبناني بمساعدة
الدولة العبرية . ومن ابرز سبل
التعاون العسكري الذي دعت أليه
الإدارة الأمريكية في الشرق
الأوسط بيعها ذخائر اليورانيوم
إلى عشر دول من بينها دولتان في
إقليم الشرق الأوسط هما الدولة
العبرية وتركيا .
ماذا
ننتظر في التقرير الإقليمي
والدولي الأخير إزاء سوريا أو
السعودية وإيران وعلى ماذا
يراهن النظام السوري إزاء
تطورات الإدارة الأمريكية في
إقليم الشرق الأوسط أو ماذا
تبقى من احتياطات سعودية لدى
وزارة الدفاع الأمريكي بعد أن
منحتها كل المعايير الاحتياطية
على
مر تاريخ النظام السعودي وبعد أن تجاهل
نظام البعث العراقي هذه
التقارير المهمة وهذه الأبعاد
واستطاعت الإدارة الأمريكية من
تفعيل مفاهيمها الاستراتيجية
بحذافيرها
هل
أصبحت القوى العربية ساذجة إلى
الحد الأدنى من عمالتها لتتجاوز
متابعة ورصد سياسة وزارة الدفاع
الأمريكي والدولة العبرية
التوسعية ؟
هل
يتوقف الأمر على ضعف البنية
العقلية البشرية في البلاد
العربية الإسلامية ؟..
*
كاتب ومفكر سياسي / الأردن
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|