أسبوع
الدم في حلب
خالد
الأحمد*
ركزت
الطليعة المقاتلة جهودها في حلب
، ثم حماة ، وذات يـوم من أواخر
(1979) وأوائل (1980) صارت الطليعة
توزع مجلة (النذير ) علناً في
الشـارع ، وسيارة الأمن العسكري
تراقب وترى ، ولاتجرؤ على منـع
أفراد الطليعة من ذلك .
وحسـب
نصيحة خبراء الجريمة السوفييت
الذين استقدمهم نظام الأقلية في
سوريا ، وخلاصتها (المذابح
الجماعية ) التي ترهب الشعب ،
لأن معظم الشعب ضـد النظام ،
ويتمنى زوالـه ، وأدرك النظام
أن معظم الشعب ضـده ، لذلك قـرر
أن ينتقم من الشعب ، من معظم
الشعب ، بشتى أديانه ، مسلمين
ومسيحيين ، ريف ومدينة ، المهم
يجبر الشعب على الرضوخ لحكم
الأقلية ، ولاستبداد أسرة
الأسـد .
ولهذا
قام نظام الأقلية بعدة مذابح
جماعية ، في حلب ، وحماة ، وجسر
الشغور ، وجبل الزاوية ، وغيرها
، وكان لحلب نصيبها من هذه
المذابح ، منها مجزرة هـنانـو
يوم العيد ، ومنها هذا الأسبوع
الدامي من التمشيط ، حيث تعدى
جنود ( الجيش العقائدي ) على
الأعراض ، والأموال ، والأرواح .
والتبرير موجود وجاهز كما
ســنرى :
أسبوع
الدم في حلب :
منذ
اليوم الخامس وحتى اليوم الثاني
عشر من نيسان
(1980) احتل عسكر حافظ الأسـد
مدينة حلب ونشروا في أزقتها
التاريخية القديمة وفي
شـوارعها الجديدة عشرات
الدبابات وعشرات المصفحات ،
وصدرت الأوامر بمنع التجول
منعاً باتاً ، فمات بعض المرضى
حيث تعذر إحضار الدواء لهم ،
وشرع عساكر الفرقة الثالثة
بقيادة شفيق فياض بتفتيش البيوت
بيتاً بيتاً ، وكعادة التتار
امتدت أيديهم إلى الحلي
والأموال والأجهزة الكهربائية
والسجاد العجمي والغسالات
والثلاجات ، وإذا اعترض صاحبها
أطلقوا عليه النار وزعموا أنه
من الإخوان المسلمين .
المسيحيون
أعداء للنظام أيضاً :
ولو أن
الأمر وقف عند حـد السرقة
والسلب والنهب لهان الأمر ،
ولكن الناس فجعوا بأعراضهم ،
فقد امتدت العيون الوقحة
والأيدي الآثمة إلى أعراض الناس
، وقد وقعت عدة حوادث اعتداء على
الأعراض ، نذكر منها هذه
الحادثة في حي السليمانية فقد
دخلت مجموعة من الفرقة الثالثة
إلى بيت فيه عجوز قال للملازم :
ياسـيدي سـكان البناية كلهم
مسيحيون وأنتم تبحثون عن
الإخوان المسلمين .
فما كان
جواب الملازم إلا أن يصفع
العجوز كفاً جعله يترنح ويسقط
على الأرض ، ثم يتقدم الملازم (
الهمام ) مع عساكره يدوسون على
جثته ثم يعبثون في البيت ماشـاء
لهم العبث ( وفهمكم كفاية )
والحادثة على لسان كل حلبي .
ويقدر هؤلاء الجنود (
العقائديون ) أن بيوت المسيحيين
مملوءة بالنفائس التي يبحثون
عنها ، والأموال التي يجمعونها
، على مرأى ورضى من قادتهم
الكبار .
وفي حي
العزيزية دخل التتار الأسديون
إلى أحد البيوت لتفتيشه وكان
فيه أبوان عجوزان مع بناتهما
الصبايا الثلاث ، فحجز التتار
الأبوين العجوزين في إحدى الغرف
وأقفلوا عليهما الباب ، وسحبوا
البنات إلى الغرف الأخرى
لاغتصابهن وهن يصرخن ويستغثن
ويولولن ، وكانت أصواتهن تقطع
أقسى القلوب وتمزق أعصاب
الأبوين الكبيرين ، فما كان من
الوالد إلا أن فتح باب الغرفة
المطل على الشـرفة وصار الأبوان
يستنجدان ويصرخان ، وعندها صوب
أبطال الأسـد نيران رشاشاتهم
عليهما فأردوهما قتيلين ، وتكلم
الملازم قائد المجموعة بجهاز
اللاسلكي قائلاً : لقد ظهرت
مقاومة من أحد البيوت يبدو أنه
قاعدة لعصابة الإخوان ، ولكننا
قضينا عليهم ، ولما حضر المقدم (
معلا ) ليشهد بطولة جديدة من
بطولات عساكر أسـد ، لاحظ قطعة
من المرمر على باب البيت
مكتوباً عليها ( أنطون قطوش ) ،
ودخل البيت وشاهد جثتي العجوزين
وشاهد ثلاث صبايا وشعورهن
منفوشة وعليهن آثار اللكمات
والكدمات وهن يولولن ويبكين
أبويهن المغدورين ...
وأسرع
الملازم يقول لقائده : إن هذه
العائلة من الإخوان ، وقد حاولت
منعنا من القيام بواجبنا ...
وحانت التفاتة من المقدم ( معلا )
نحو الجدار فرأى في صدر الصالون
صليباً كبيراً من المعدن الأصفر
، وبجواره صـورة كبيرة لمريم
العذراء ، فقال : فعلاً هذه
العائلة من الإخوان .
فمصطلح [
الإخوان ] صار يعني كل معارض
لنظام الأقلية الفـاشي ، كل
مدافع عن دينـه ، وكل مدافع عن
عـرضـه ، وكل من تتحرك عنـده
بقايـا النخـوة والمـروءة ، حتى
لو كان بعثيـاً ، كل معارض لنظام
الأقلية من [ الإخوان ] . وهذا
وسام شـرف ناله [ الإخوان
المسلمون في سوريا] .
*
كاتب سوري في المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|