بين
حقيقة السيدة ( شعبان ) والسيدة (
رايس )
ضاع
الوطن والمواطن
محمد
فاروق منير*
كنت استمتع
بقراءتي لمقالات الوزيرة بثينة
شعبان وزيرة المغتربين في سورية
وكنت كلما أنهيت مقالا لها أهم
بإمساك القلم لأنصح هذه الوزيرة
المثقفة التي ملأت صفحات
الإعلام المرئي والمقروء
والمسموع بأحاديثها الوطنية
والإنسانية إلى أن استوقفني
مقالها الأخير في صحيفة الشرق
الأوسط بتاريخ 24/1/2005 وتحت عنوان
– يا إلهي .. عن أي حقيقة تتحدث
السيدة ( رايس ) ..؟ - حيث تطالعنا
الوزيرة ( شعبان ) باستغراب
وبدهشة منقطعة النظير عن شهادة
الوزيرة الأمريكية ( رايس ) أمام
لجنة العلاقات الخارجية في مجلس
الشيوخ الأمريكي ، وبخاصة عبارة
السيدة ( رايس )- لم أفقد في حياتي
أبدا احترام الحقيقة هذا ليس من
طبعي وليس من شخصيتي – وتستغرب
السيدة ( شعبان ) من قول رايس هذا
وتقول لنا بعد شروح عن ( الحقيقة
) في شهادة رايس أي السيدة شعبان
تقول ( لقد شعرت وأنا أشاهد
شهادة رايس ومن ثم أقرأها مرات
عدة أن الشرق الأوسط الذي تتحدث
عنه السيدة رايس ليس هو ذاته
الذي أعيش فيه وأتحدث لغته
وأعشق تربته وأفهم قضاياه ،
القتل والعنف والدمار والإرهاب
الناجم عن الاحتلال والاستيطان
والاعتقال والخطف – إن الكلمة
السرية التي تحتاجها البشرية
اليوم هي ( التحرر من الخوف )
وهذه حاجة بشرية للجميع ..!- ،
وتستعرض لنا السيدة ( شعبان ) بعد
كلامها هذا اختلال الموازين في
النظرة الأمريكية لتصرفات قوات
الاحتلال الإسرائيلي (
والمدعومة أمريكيا ماديا
ومعنويا ) على أرض فلسطين وعلى
الشعب الفلسطيني ( الأعزل )
والمآسي اليومية التي يعانيها
هذا الشعب على يد ( المحتل )
والتي لم ير مثيل لها في التاريخ
، وكذلك تستعرض لنا السيدة
شعبان معاناة الشعب العراقي
وأرض العراق وثرواته على يد
المحتل الأمريكي والمآسي
البشعة هناك ، لتخلص السيدة
شعبان من ذلك كله إلى سؤالها
الأول ( عن أي حقيقة تتحدث
السيدة رايس .. ؟ ) . لا شك أن كلام
الوزيرة السورية وحماسها
ووطنيتها بل وإنسانيتها مقدرين
وأنا وكل مواطن سوري نشاطرها
مشاعرها النبيلة هذه ، بل وكل
مواطن عربي ومسلم بل وكل إنسان
شريف على ظهر هذه الأرض . لكنني
أتساءل في نفسي وأنا أقرأ
للسيدة شعبان مقولتها – إن
الكلمة السرية التي تحتاجها
البشرية اليوم هي ( التحرر من
الخوف ) وهذه حاجة بشرية للجميع
– وهذه ( الحقيقة ) التي تقررها
السيدة شعبان مع احترامي لكل
مشاعرها النبيلة هي أحوج من
غيرها لها ، وهي أبعد من غيرها
عنها ، أنا اتمنى على السيدة
شعبان أن تعيد قراءة عبارتها ..
التحرر من الخوف ؟ .مرات ومرات
لتدرك أن وطنها سورية وشعبها
السوري هم بأمس الحاجة إلى ما
تقول وليست السيدة رايس .. لأن
السيدة رايس وإدارتها
الأمريكية دولة احتلال وأطماع
في هذا الوطن .. أما السيدة شعبان
فهي ( بنت الوطن ) . الوطن الذي
تعيش فيه وتتحدث لغته وتعشق
تربته وتفهم قضاياه .. ! كما تقول
؟ .
أنا يا سعادة (
وزيرة المغتربين السورية ) –
مواطن سوري مغترب – مع عشرات
الآلاف من المغتربين الذين
تركوا وطنهم عنوة وقهرا عندما
خفت على نفسي وأهلي من بطش
نظامكم وحزبكم وأجهزة قمعكم منذ
ما يزيد عن الربع قرن من الزمن .
يومها اجتاحت فرق الموت كل مدن
وقرى وطني وأصبح المواطن الحر
الشريف مخيرا بين القتل أو
السجن أو التشرد . يومها تركت
وطني لأبحث عن مكان آمن قبل أن
تدوسني وأهلي بساطير
العسكرتاريا الثورية التي
تسلطت على وطني منذ أربعين عاما
وما زالت ، ولأزيدك وضوحا أنا من
مدينة لعلك تعرفينها جيدا اسمها
( حماه ) في القلب من الوجدان
السوري – والتي تحل ذكرى
مجزرتها الدامية ( الثالثة
والعشرون ) في شهر شباط القادم –
لكن مأساتي لم تنته بمغادرة
بلدي قهرا فلقد تبعني وعشرات
الآلاف غيري من المهجرين
القسريين جنود ( إبليس ) من أجهزة
أمن السلطان لتحرمني من أبسط
حقوقي في الوطن ( جواز السفر ) ،
ومنذ ذلك الحين وأنا وزوجتي
وأولادي وأحفادي – يا سعادة
الوزيرة ( شعبان ) وزيرة
المغتربين – محرومون وعشرات
الآلاف غيري من أبناء سورية من
الورقة الوحيدة التي يقدر
النظام على حرماننا منها ألا
وهي ( جواز السفر ) ولا يقدر على
غيرها والحمد لله .. ! .
ـ حريّ بك يا
وزيرة المغتربين أن تتألمي على
من هم أبناء وطنك ..!
ـ حريّ بك يا
وزيرة المغتربين أن تنصفي
المغتربين السوريين في أقل
حقوقهم ( جواز السفر
ـ حريّ بك يا
وزيرة المغتربين أن تقرئي
وبإمعان نصيحتك الموجهة
للوزيرة الأمريكية رايس وهي ( أن
الكلمة السرية التي تحتاجها
البشرية اليوم هي – التحرر من
الخوف – وهذه حاجة بشرية للجميع
) .
ـ حريّ بك أن
تقرئي هذه النصيحة مرات ومرات
لأنها موجهة لك قبل غيرك
ولوزارتك قبل غيرها .. فهل
تقرئين .. ( الحقيقة ) ..! .
*
كاتب سوري
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|