وقفـة
مع الأستاذ مشاري الزايدي
خالد
الأحمد*
كتب
الأستاذ مشاري الزايدي في الشرق
الأوسط ( 21/12/2004)موضوعاً عنوانه [
حوار الإخوان المسلمين ..ليته
كان مختلفاً ] ، ولدى قراءتي
لهذا الموضوع وجدته مملوءاً
بالمغالطات ، بل وجدت الكاتب
حريصاً على تشـويه سـمعة
الإخوان المسلمين ، كما وجدته
يجهل أساسيات الحركة الإسلامية
عامة وحركة الإخوان المسلمين
خاصة ، وحرصاً مني على تبيين
الحقيقة لـه ولغيره من الكتاب
والقراء أقول مايلي :
1 ـ يبدأ
موضوعه بالغمز واللمز فيقول :
الإخوان المسلمون (فرع
البيانوني ) ، وهذا يدل على عدم
معرفة واقع الحركة الإسلامية
المعاصرة ، فالذي سماه (فرع
البيانوني ) هو تنظيم الإخوان
المسلمين في سوريا ؛ الذي يشمل
معظم الإخوان السوريين الذين
مازالوا في الجماعة وفي ساحة
العمل الدعوي والسياسي . وربما
يقصد الأستاذ مشاري أن الأستاذ
عدنان سعد الدين يحفظه الله
خارج التنظيم حالياً ، وأفيده
علماً بأن هذا الأمر قرار أصدره
التنظيم الدولي للإخوان
المسلمون ،
كما أفيد الأستاذ مشاري
علماً بأن معظم الأخوة الحمويين
ليسوا خارج ساحة العمل حالياً ،
بل في
صلب الجماعة ومنهم الأخ المهندس
محمد فاروق طيفور نائب المراقب
العام الحالي ، والأخ محمد رياض
الشقفة وغيرهم كثيرون .
وأتمنى
أن يعلم الأستاذ مشاري بأن
جماعتنا متلاحمة الصف حالياً ،
وقد توحدت منذ عام (1992م) وذابت
الاجتهادات الشخصية في بوتقة
العمل الواحد والمنهج الأصيل .
وأن خضوع الجميع للمؤسسات صار
بديهية عندنا ، وهذا معناه
الوعي السياسي عند أبناء
الجماعة والحمدلله ،ومما أود أن
يعرفه الأستاذ مشاري وغيره أن
الشيخ مروان حديد يرحمه الله
قام بعمل سياسي عام (1964)م ولكن
النظام قابله بعمل عسكري عنيف
جداً وهو هدم مسجد السلطان على
رؤوس الطلاب المعتصمين فيه ،
مما قلب تفكير ومنهج
مروان يرحمه الله إلى العمل
العسكري الذي لم توافقه جماعة
الإخوان عليه ، وانفرد بـه ،
وأسس الطليعة المقاتلة ، وخلفه
فيما بعد عدنان عقلة الذي أفتى
بقتل قادة الإخوان المسلمين
لأنهم لم يشاركوه في العمل
العسكري .( انظر مقالتي في موقع
مرآة سوريا بعنوان : البعثيون
يهدمون مسجد السلطان في حماة
عام 1964م ، نشرت في 15/12/1425) .
2 ـ يقول
الأستاذ مشاري أنه لاحظ بعد
أحداث (11) سبتمبر تحولاً حقيقياً
في فكر الإخوان المسلمين ..
وأرجو أن يسمع الأستاذ
مشاري أن هذا غير صحيح وأن جماعة
الأخوان المسلمين كما يقول
الأستاذ مشاري نقلاً عن محمد
جمال باروت الذي يرى أن (الطريق
الوحيد لعودة العمل الإخواني
إلى الداخل هو طريق مصطفى
السباعي أي مرحلة العمل غير
المسلح ) هذا هو كلام الأستاذ
باروت وهو خبير بالحركات
الإسلامية ، يؤكد أن منهج الشيخ
مصفى السباعي هو (العمل غير
المسلح ) ، ومصطفى السباعي يرحمه
الله هو مؤسس الإخوان المسلمين
في سوريا ، وكل من قرأ شيئاً في
السياسة السورية عرف أن مصطفى
السباعي يرحمه الله كان عضواً
في المجلس النيابي السوري خلال
عقد الخمسينات ، جنباً إلى جنب
مع النواب الشيوعيين
والاشتراكيين ، بل شكل جبهة مع
الاشتراكيين ضد الشيوعيين سميت
داخل المجلس النيابي الجبهة
الاشتراكية الإسلامية .
3 ـ
اقتبس الأستاذ مشاري من كلام
الأستاذ محمد جمال باروت
مقولتين ينقضان بعضهما ، وهما
الأولى يقول باروت ( قرر التنظيم
الدولي للإخوان المسلمين في
منتصف الثمانينات الانخراط في
الأنظمة القائمة كما حصل في
اليمن والأردن والكويت وفي
العراق الحالي ..) ثم اقتبس
المقولة الثانية وهي أن الأستاذ
باروت يرى أن ( الطريق الوحيد
لعودة العمل الإخواني إلى
الداخل هو طريق الشيخ مصطفى
السباعي أي مرحلة العمل غير
المسلح ) ، فالأستاذ باروت هنا
يؤكد أن منهج السباعي يرحمه
الله هو العمل غير المسلح ، وهو
المشاركة في الأنظمة القائمة
وقد شارك فعلاً هو وإخوانه نواب
الإخوان المسلمين في عدة حكومات
سورية خلال الخمسينات وكانت آخر
مشاركة لهم في آخر مجلس نيابي
حقيقي في سوريا عام 1962م الذي حله
البعثيون بانقلابهم العسكري في
(8/3/1963م) .
فمامعنى
أن يصدر التنظيم الدولي في
منتصف الثمانينات قراراً يعمل
بـه في سوريا والأردن منذ
الخمسينات ، ..
ربما يقصد الأستاذ باروت
معنى لم يأخذه الأستاذ مشاري
على حقيقته وإنما لوى رقبة
المقولة كي يوظفها حسب فهمه في
تسفيه مواقف الحركة الإسلامية
عامة والإخوان المسلمون خاصة ،
ويقصد الأستاذ باروت المشروع
السياسي الذي أصدره التنظيم
العالمي في بداية التسعينات
موضحاً فيه موقف الإخوان
المسلمين من ثلاث قضايا أساسية
وهي : المشاركة السياسية في
الأنظمة القائمة ، ومشاركة
المرأة في الانتخاب وفي المجالس
النيابية ، والتعددية السياسية
.
والتنظيم
العالمي يوضح موقف الإخوان
من هذه القضايا ؛ التي كثر
حولها النقاش
لدى شباب الحركة الإسلامية
عامة ، ولم
يقرها ابتداء وللمرة الأولى ،
وإنما المشاركة السياسية من
منهج الإخوان المسلمين في سوريا
والأردن منذ الخمسينات .
3ـ شرق
الأستاذ مشاري وغرب حتى وصل إلى
المفكر الإسلامي العظيم سيد قطب
يرحمه الله ، وتمنيت لو وقف
الأستاذ مشاري عند الواقع
المعاصر الذي لم يدرك حقيقته ،
بسبب أحكام مسبقة لديـه عن (
الأصولية ) ، تلقنها من أبواق
الدعاية الصليبية والصهيونية ،
وكذلك بسبب الهوى الذي يعمي
ويصم عن إدراك الحقيقة . أما
معرفة فكر سيد قطب وإيجابياته
وسلبياته فإنه من الأمور
البعيدة عن متناول أصحاب
الأحكام المسبقة .
وأخيراً
تحيتي للأستاذ مشاري الزايدي ،
مع إعتذاري عن لهجتي الحادة إن
وجدت ، آملاً أن يسعى كل منا نحو
البحث عن الحقيقة .
*
كاتب سوري في المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|