ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 16/03/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


زمن الاستحقاقات

فريد حداد

تمر على سورية اليوم , ظروف بالغة الخصوصية والدقة . ولا تتأتى خصوصية الظروف تلك ,  ودقتها ,  من ما يسميه الصاخبون الببغائيون بالهجمة الأمبريالية – الصهيونية التي تستهدف النظام  سورية وتواجده في  لبنان . بل تتأتى ,  عن استحقاق تصفية حسابات  نجاح الهجمة الأمبريالية – الصهيونية – الأستبدادية على الشعب العربي , و منه الشعب السوري  , والتي كانت من أهم نجاحاتها , تثبيت وتمكين النظام الأستبدادي في الحكم بسورية عام 1970 . وامثاله  في البلدان العربية الأخرى .

انها مرحلة تصفية الحسابات , بين النظام الأستبدادي الذي ارتضى لنفسه ان يهمش شعبه لمدة 35 سنة ,  باحثاً في الخارج عن مصادر دعمه وحمايته  وشرعيته , وبين تلك القوى التي أمّنت له ذاك الدعم والحماية  في مواجهة شعبه .

انها مرحلة تصفية حسابات بين النظام الأستبدادي الذي نزع السياسة من مجتمعه ودفع شعبه للأنكفاء والأبتعاد عن الشأن العام , وبين المستفيد من هذا الأنكفاء الشعبي -  الغير مباشر -  الذي اسقط عراق ال.27 مليون مواطن بثلاثة اسابيع .

تصفية حساب بين من انهك مجتمعه قمعاً وافقاراً واذلالاً , وبين من أمّن لهم الغطاء لذلك خلال عقود طويلة , والقادم اليوم عبر المحيطات  ليقطف ثمار دعمه السابق للديكتاتوريين ,  الذين نفّذوا مهامهم بنجاح .من خلال تدمير مجتمعاتهم , وارهاق شعوبهم , وتحويلها للقمة سائغة ,  سهّل على الأستعمار ابتلاعها في العراق , كما سيقدمها اليوم في سورية وباقي البلدان العربية الأخرى . .

ولكن لماذا يتم الحساب ؟

لقد أوكلت الولايات المتحدة ,  الى النظام  السوري  ,  منذ مطلع  السبعينات ,  مهمتين  اقليميتن  كبيرتين  ومتداخلتين -  ناهيك عن ترتيب وضع  البيت السوري -   وهما . ترتيب شأن البيتين الفلسطيني واللبناني . ولقد تداخلت هاتين المهمتين ,  بسبب التداخل القائم بينهما بفعل التواجد الفلسطيني المقاوم والمسلح على أرض لبنان  , بعد الضربة الأليمة التي ألمت بالمقاومة الفلسطينية في الأردن على يد النظام الأردني ,  وانتقالها للعمل من خلال الأرض اللبنانية . وقد تلخصت الواجبات المعطاة للنظام السوري  بما يلي :

1  – تدمير العمل العسكري  الفلسطيني ,  أو تحجيمه للحدود الدنيا , وابعاده عن الحدود مع فلسطين المحتلة قدر المستطاع . وقد تم فعلاً تنفيذ هذا العمل بنجاح كبير , حيث تم اخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان بشكل نهائي بعد قتل أكبر عدد ممكن من رجالها .

2 – تأمين الهدوء على الجبهة السورية الأسرائيلية مع ما يستدعي ذلك من انهاء التواجد العسكري الفلسطيني في  الأراضي السورية ,  واقفال معسكرات تدريبهم .  ما عدا تلك التي تنشط تحت أمرة المخابرات السورية ,  لغايات ,  ليس الكفاح الشعبي في سبيل تحرير الأرض أحدها  . ولا يُخفى على أحد بأن جبهة الجولان مغلقة باحكام منذ عام 1973  امام  اي عمل مقاوم سوري اوفلسطيني , رسمي او شعبي .

3 – ضبط المجتمع اللبناني وقواه السياسية ,  بهدف منع قيام اي نظام وطني ديمقراطي ,  متجاوزاً الأنقسام الطائفي الذي كان وما يزال المجتمع اللبناني يعيشه .

وبمقابل تنفيذ تلك المهام , تُطلق يدي النظام ,  في سورية ولبنان ,  نهباً , واستعباداً , واستغلالاً, كما يدخل النظام بحد ذاته تحت مظلة الحماية الأمريكية . على ان يبقى الأمريكي ماسكاً بمفاتيح الملاعب , يفتحها لمن يشاء ويرسم على أرضها حدود الحركة للاعبين والتي لا يجوز عبورها .  في زمن كان للأتحاد السوفيتي دوراً في دعم من يريد الخروج قليلاً عن الحدود المرسومة , حيث كان يهدف  الخروج عن ما هو مرسوم الى  الحصول على بعض المكاسب ومن ثم العودة الى داخل الدائرة . ولم يكن هناك ضيراً من تغليف ذاك الخروج عن المرسوم , بغلاف النضال ,  والتصدي للأستعمار ,  وما شابه

لقد أستمرأ  النظام الحاكم في سورية لعبة  القفز فوق  الحبال بين الكبار, عندما كان كلٍ منهم بحاجته لأهدافه الخاصة , و قد ادمن النظام  هذه القفزات  معتقداً بذلك انها ادخلته نادي الكبار , هذا الأعتقاد الذي دفعه لتصدير نفسه بان دوره في المنطقة هو اكبر من حجم سورية البلد وامكانياتها , وان له  دوراً محورياً لايمكن لأحد ان يتجاوزه .  هذا التبجح الذي ظهر مجدداً على لسان بشار الأسد عندما قال ان " امريكا ستكتشف سريعاً  ان لسورية دور هام في احلال السلام في العراق ولبنان وفلسطين " .  متناسياً بذلك انه بعد انهيار المنظومة الشرقية ,  تقطعت كل الحبال ,  وان لاخيار لديه الا بالسير على الطريق الوحيد , الذي يرسمه الكبير الوحيد في عالم اليوم ,  الذي سئم لعب الصغار ,  ولم يعد بحاجة لخدماتهم . ان القواعد الجديدة للسياسة الأمريكية في منطقتنا تنطلق من تحجيم كل انظمة الحكم فيها وسجنها داخل حدودها القطرية , مع احتمال التضحية مستقبلا بها , تقرباً من شعوب المنطقة , ولتظهر نفسها بانها " محررة الشعوب من الطغيان . وحاملة مشعل الحرية والديمقراطية " .

لماذا الحساب الآن ؟

لقد انجزت الديكتاتوريات العربية ,  ومنها السورية ,  ما تم التعاقد عليه منذ مجيئها الى سدة الحكم .  و منها تدمير البنى الأساسية للمجتمع , واضعاف الوحدة الوطنية , وخلق هوة كبيرة بين الفقراء ولصوص المال العام , وارهاق الناس في عيشها ,  وترويعها ,  واذلالها .  مما أدى بدوره الى وضع الديكتاتورية لنفسها في خانة الأنظمة الكريهة التي لم يعد يحتاجها أحد ,  فاصبحت عالة حتى على من تبناها من البداية ,  فتنكر لها , وسحب غطاءه لها خارج حدودها .

وفي ظل تلك المناخات ,  فقد  اثار النظام السوري العالم عليه ,  عندما نسي او تناسى ,  بانه يعمل بلبنان بموجب عقد عمل , وتصرف وكأنه  يعمل  لحسابه الخاص , فكان التمديد  للحود .  كما كانت مساعيه  لتعميم تجربته اللبنانية  ( في  دعم أطراف ضد أخرى اليوم والعودة الى النقيض غداً في مسعى لتدمير الجميع وفرض سلطته عليهم ) الى  العراق وما ينجم عن ذلك من ازعاجات للمحتل ( رب العمل أو الطرف الآخر في العقد ) . فكان انهاء عقده في لبنان من خلال القرار 1559 . وتركه بدون غطاء حماية امام غضبة الشعب اللبناني في الأيام اللاحقة .

لقد اتى اغتيال الشهيد رفيق الحريري وبغض النظر عن القاتل الفعلي . عملاً منسجماً مع اعمال كثيرة ومتشابهة قامت فيها المخابرات السورية في لبنان على مدار ال. 29 سنة الماضية , والتي لا بد انها كانت تتم  تحت انظار الكبار وبعلمهم  ورضاهم .  فكان ذاك الأغتيال ,  العامل الذي وحد اللبنانيين بغالبية  طوائفهم واحزابهم في معارضتهم للوجود العسكري – الأمني على ارضهم , وكان هذا نجاحاً كبيراً حققه النظام السوري في لبنان ولمصلحة اللبنانيين من دون ان يقصد او يريد ذلك . كما كان  المحرك القوي لكل مشاعر القهر والأستياء المكبوتة في الصدور عبر السنوات الطويلة الماضية من ممارسات الأستخبارات السورية في لبنان , التي لا يمكن وصفها الا بممارسات اجهزة مستعمِرة بكل ما للكلمة من معنى .  ولم يفت الشعب اللبناني وقواه السياسية والأجتماعية ,  فرصة سحب الغطاء الدولي في لبنان ,  عن نظام كريه ومكروه ,   ليتحركوا مطالبين بحريتهم ,  وسيادتهم ,  واستقلالهم ,  بعد ان أخذوا قسطاً عن  اشقائهم السوريين  في  تحمّل استبداد بغيض طيلة هذه السنوات , فكانت انتفاضتهم الحالية للأستقلال التي سيكون فيها للبنانين شرف البداية ,  لأنتفاضة اوسع ,  تكنس كل انظمة الطغيان ,  وتفتح طريق الحرية للشعب العربي في كل اقطاره .

لقد طفح الكيل مع الشعبين العربيين في سورية ولبنان ,  من طروحات مستبديها المدعيّة الوقوف بوجه العدوان الخارجي , وتحرير الأراضي المحتلة , والحفاظ على الوحدة الوطنية , والتقدم والأشتراكية وغيرها وغيرها . بعد ان تبين لهما ,  ان الطغاة انفسهم ,  هم من اداموا العدوان الخارجي على الأمة , وتسلحوا به لقمع الداخل العربي , بعد ان حولوا مجابهة العدو الخارجي , من عمل شعبي وطني بهدف تحرير الأرض , الى عمليات مخابراتية ,  غالباً ماتتم عبر وكلاء ,  وتهدف الى ابتزاز الكبار,  والأغنياء ,  بهدف تحسين المواقع السلطوية وامكانياتها في القمع والسيطرة ,  والحصول على الرشاوي والمغانم . وانهم من دمر الوحدة الوطنية ,  عن طريق سياسة خلق الأزلام ,  وشراء الذمم ,  وتعميم الفساد ,  وتدمير مؤسسات المجتمع المدني .

لقد دأب نظام التضليل في سورية على الربط دائماً  بين كل مطلب جماهيري بالحرية ,  بالتحركات الخارجية التي تستهدف " صموده " وها هو اليوم يعود لهذا الربط بين انتفاضة الشعب اللبناني في سبيل استقلاله وسيادته وحريته والقرار 1559 الذي هو بالفعل قرار انهاء تفويضه في لبنان , وسحب الغطاء الدولي عنه في لبنان . وغداً وفي العاشر من  آذار , ومع اعتصام الشعب السوري  امام القصر العدلي بدمشق  للمطالبة بانهاء الأستبداد وغيره من المطالب الديمقراطية , والتي ستكون امتداداً وتكملة للآنتفاضة اللبنانية .  سيعود النظام لهذه الأسطوانة المشروخة  لهذا الربط متناسياً ان القوى الديمقراطية السورية مازالت منذ 25 سنة تدفع من حياة مناضليها وحياة اسرهم ثمناً  للأنتقال من الأستبداد الى الديمقراطية .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ