الأمانة
العامة لمنظمة المؤتمر
الإسلامي
في
دار الخلافة
عادت
الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر
الإسلامي إلى دار الخلافة، إلى
تركية التي حاول الجاحدون فيها
لقرن خلا أن يقطعوا كل وشيجة
تربطها بالإسلام، وطغوا حتى على
صوت المؤذن يعلن (الله أكبر)
وعلى عمامة تعلو رأس مسلم.
رمزية
الإشارة تتبلور بين الهجمة
الصليبية العارمة التي تشنها
الإدارة الأمريكية وأشياعها
على الإسلام: الدين والثقافة
والإنسان، وبين محاولات تركية
المستميتة والفاشلة للالتحاق
كعربة خلفية في قطار الاتحاد
الأوروبي.
الساسة
الأتراك يحسبون جيداً، ما
يعتبرونه خطأ أستاذهم نجم الدين
أربكان يوم أقدم على الدعوة
للقاء اقتصادي إسلامي لمجموعة (الثمانية). هل كان (الخوجة) أربكان يفكر
بثمانية مقابل ثمانية، وهل كان
في تفكيره نوع من التحدي
الإيجابي المنتج والمحرض في
الوقت نفسه؟
الأصوات
(الغربية ـ الأمريكية) تتهمنا
بالعجز والتخلف ولكن من يقرأ
مذكرات السلطان عبد الحميد، منذ
أواخر القرن الماضي يسمعه يكرر
الاتهامات نفسها، ويسمعه يقر
بها، ولكنه يتساءل: وهل ترك لنا
الغرب فرصة للإصلاح وإعادة
البناء، وهو يحبك ضدنا
المؤامرات، ويحرض علينا
الأقليات، ويجيش ضدنا الجيوش..؟!
ربما
تكون للسلطان عبد الحميد ـ رحمه
الله ـ أخطاؤه؛ ولكنه غادر بلا
شك وهو مصمم على المواجهة آخذ
بأسبابها، قبل أن يتمكن منه
المتآمرون الذين طالما وعدوا
أبناء الأمة (بالحرية ـ العدالة
ـ المساواة). الثالوث نفسه الذي
تحول بعد تمزيق الأمة إلى (وحدة
ـ حرية ـ اشتراكية) أو (حرية ـ
اشتراكية ـ وحدة).
وضع
الأمة اليوم، بعد مضي ما يقرب من
قرن، أسوأ مما كان عليه سنة 1914،
وأسوأ مما كان عليه سنة 1916،
وأسوأ مما كان عليه سنة 1924،
وأسوأ مما كان عليه سنة 1948،
وأسوأ مما كان عليه سنة 1967.
ولكن
يبدو أن صخرة الإسلام، التي
كانت راسية، في شاهق، قد تدحرجت
خلال قرن حتى بلغت في أيامنا
قرارة الوادي. ولم يبق أمامنا
إلا الموات في القاع حيث الوحل
والعفن والأسن، أو الانتهاض من
جديد بأدوات العصر ومعطياته
وروحه لاستعادة المكانة. وأول
الطريق فيما نرى أن نكف عن
التفكير بعقلية التابع، وعقلية
الخائف، أو المستأمن.. وأن نفكر
كأنداد نملك الرؤية ونملك
الخيار.
وإذا
كانت الدول الصغيرة عاجزة في
مداراتها الصغيرة عن اقتحام هذا
الطريق فإن تركية وإيران
وأندونيسيا وماليزيا وباكستان
والقلب العربي بجمعه، هذه الدول
بشعوبها وقادتها، إن أخلصوا،
قادرة على أن تكون رأس الرمح
والموطأ للطريق؛ لنخطو الخطوات
الأولى على طريق (الاستقلال)
استقلال الإرادة واستقلال
القرار. وقديماً قالت العرب: أول
الغيث قطر ثم ينهمر. كانت أول
هزيمة حلت في الأمة من دار
الخلافة، فهل يعقد أول لواء
للنصر فيها؟!
19
/ 6 / 2004
|