العدوان
على القرآن
فاجعة
جديدة للمتحضرين الجدد
زهير
سالم*
الحضارة
ليست ثوبا، ليست (ياقة منشاة)
ولا عقدة عنق منمقة، والحضارة
ليست آلة أو أداة تقطع المسافات
أو تسهل الاتصالات، أو تبيد
الخضراء من هيروشيما وناغازاكي
إلى جنين والفالوجة..
الحضارة
ليست شيئا من ذلك، الحضارة شيء
آخر يستقر في ضمير الانسان ، شيء
كان في نفس عمر بن الخطاب في
مرقعته ، وهو ينسحب من كنيسة
القيامة وقد طلب إليه رجالها أن
يصلي فيها!! فيقول : كيف إذا قال
المسلمون هنا صلى عمر فانتزعوها
منكم؟!..
الحضارة
شيء كان في (درته الصغيرة) يعلو
بها رأس واليه على مصر مقرعا ،
يقول انتصارا لمستضعف مغلوب :
متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم
أمهاتهم أحرارا؟!..
الحضارة
شيء كان في نفس صلاح الدين
المسلم الكردي، يسقي اسراه ماء
مثلجا يوم كانوا يظنون (الثلج)
من صنع الشياطين ، أو يقف على
قدميه لامرأة جاءت إلى ارضنا
محاربة ليرد عليها وليدها ،
الذي ذهبت به بعض رياح الحرب..
الحضارة
في هؤلاء المختطفين والمختطفات
على أرض العراق الذين يجمعون
بعد إطلاق سراحهم على أنهم لم
يكونوا مع خاطفيهم قط كما هو حال
أسرى (أبو غريب) أو غوانتامو على
السواء..
الحضارة
ليست في شعب يوسد أمره إلى عصبة
الشر، أو إلى رئيس لا تزال خرزة
الإدمان على الخمر تطل من
ناظريه ...
الحضارة،
ليست في دولة عظمى تجيش جيوشها
لحرب الوهم في أفغانستان أو في
العراق فتقتل وتدمر شعوبا
مستضعفة وبشرا مساكين من أجل
برميل نفط هنا أو موقع قدم هناك..
الحضارة
ليست فيما جري أو ما يزال يجري
في (أبو غريب) ، أو جرى وما زال
يجري بواسطة الايدي المستأجرة
في حلبجة أو الأهوار أو حماة أو
تدمر..
الحضارة
ليست في مجندة تلطخ بدم حيضها
وجه أسير وقع تحت يدها ، تكتب
العبارة وانت تشعر بالغثيان
يكاد يقتلع وجودك.. ولا أخرى
تمارس ما تربت عليه وسط قومها
على أسراها ولا في رئيس يمارس ما
يستحيا من ذكره على موظفة
متدربة في أحد مكاتبه...
الحضارة
ليست في العدوان على الإنسان
ولا في امتهان المقدس، وليست في
الأشر ولا في البطر..
وعندما
نقول المتحضرون الجدد، فنحن
نعنيها، نعني مدنية رعاة البقر
الذين ما ألفوا حياتهم إلا
الرائحة المثخنة والسوط
والجزمة..
وعلى
العالم أجمع على رواد مدرسة
الحق والخير والجمال فيه أن
يأخذوا على أيدي هؤلاء السفهاء
وأن يعيدوهم إلى بداياتهم
ليعلموهم ألف باء الحضارة كما
علمناهم من قبل ألف باء الهجاء
إن
العدوان على القرآن الكريم لا
يستغرب لا من بوش ولا من تشيني
ولا من رامسفيلد ولا من
كوندليزا رايس وهم هم عصبة الشر
الذين امتهنوا صناعة الكراهية
والحقد والحرب..وإنما المستغرب
هو صمت أمة الحضارة أمة القرآن
امام فعل البربرة الأدعياء .
*
مدير مركز الشرق العربي
15/05/2005
|