إيران...
والدرس العراقي
زهير
سالم
الحقيقة
الأولى التي لا يجوز أن تغيب
أننا أمة مستهدفة، وأن الذرائع
التي تلقى في وجوهنا لكسر
إرادتنا، وحرماننا من حقوقنا،
لن تنتهي أبداً، وأنها لا يشترط
فيها أن تكون أكثر منطقية
وعدلاً من ذريعة الذئب الذي
تعلل على الحمل بأنه أفسد عليه
الماء في أعلى النبع من أسفله!!
وحين
نستهدف كأمة علينا أن نواجه
كأمة، ولا مناص لناsأسفله.
وواجب القيادات والنخب أن تسعى
جادة لصهر الموقف العام في
بوتقة واحدة. والحقيقة الثانية
أن القرار والقوة في هذا العالم
هي بيد (الأشرار)، وأن هؤلاء هم
الذين يحكمون العالم، وأن
المراهنة على الطيبين والعقلاء
والحكماء هي مراهنة خاسرة كما
أثبت قرن مضى من علاقة أقمناها
على الطمع بعدل الأقوياء فما
أصابنا غير قسوتهم.
ثم
كم كنا نحب نحن، مسلمي هذا
العالم، أن تأنس الإنسانية
بالحب، وأن تفيء إلى الرشد، وأن
تضع ركابها في رحاب (العطار) و(الرومي)
و(ابن عربي) فتدين بدين الحب،
وتقيم بنيانها على العدل
والمساواة، وتتوقف عن إنتاج آلة
الرعب، وأدوات الإرهاب
والإكراه، واغتيال الحياة،
فتتخلص من أسلحة الدمار الشامل
التي تكفي لتدمير كوكب الأرض
مئات المرات.
كم
كنا نحب أن تبدأ أمريكا سيدة
العالم، من موقع القوة، ومن
موقع الثقة بالنفس، والثقة
بالمستقبل الحضاري لعلاقة
الإنسان بالإنسان فتعلن عن
سياسة رشيدة لإزاحة كابوس الخوف
من لحظة (الوميض) التي ستذهب بكل
شيء.. إذا كان الصراع مفروضاً
علينا بقوة الأقوياء فهل لنا من
خيار ـ نحن المستضعفين ـ إلا أن
نخوض التحدي حتى آخر مداه..؟!
هذه
حقائق لا بد لنا من الوقوف عندها
ونحن نلحظ الغرب بجمعه،
وبالمؤسسات التي اصطنعها،
والتشريعات التي سنها، يرمي
إيران (الجمهورية الإسلامية)
عن قوس واحدة، مصادراً حقها في
تطور تسير في ركابه دول الغرب
أجمع..
درس
إيران اليوم، يذكرنا بالدرس
العراقي، يوم انساق الرئيس
العراقي السابق مع المتطلبات
الدولية حتى قبل أن يفتح غرفة
نومه استجابة لعنجهية وصلف (هانز
بليكس) الذي لفظه الأمريكان بعد
أن استخدموه ولم ينطلق بكلمة حق
واحدة إلا بعد أن دالت دولته. أو
محمد البرادعي الذي مازال يقوم
بإخلاص بمهمة شاهد الزور في
محكمة الزيف الأمريكية. ومايزال
يردد كما ردد من قبل بشأن العراق
(إن تعاون إيران كان أقل من
المقبول ويجب أن تكون أكثر
تعاوناً وشفافية) وهو يتساءل
دائماً (هل أعلنت إيران كل
نشاطاتها المتعلقة بتخصيب
اليورانيوم ثم يردف لم يطلعونا
على كل الأمور..) وهو أسلوبه ذاته
الذي يجعل يديه مغموستين بدم
أطفال العراق، بينما يساوم
اليوم في سوق النخاسة على أطفال
إيران.
لماذا يحرم على إيران وعلى
دول العالم الإسلامي ما يحل
لإسرائيل، بل لماذا يحرم على
هذه الدول ما يحل لأمريكا
نفسها؟! لماذا تحرم إيران من
حقها في الاستفادة من الطاقة
النووية، ولماذا يفرض على
العالم الإسلامي التخلف
التكنولوجي والتقني ثم يعيرنا
الأغيار به؟!
الشعوب
الإسلامية تتوق إلى رؤية إيران
دولة نووية، تدفع عنها غائلة
الترسانة الصهيونية التي تعتبر
القوة النووية الوحيدة المدمرة
في منطقتنا، وتتهدد وجودنا
الأساس من جذوره. وهي بين يدي
مجرمين أشرار من أمثال شارون
وعصابته.
بل
إن شعوبنا المسلمة لتعتبر تقاعس
حكامها عن السعي إلى امتلاك
السلاح الرادع ثلمة في هؤلاء
الحكام تستوجب المساءلة وتصمهم
بالتقصير.
لماذا
يكتب على شعوبنا الإسلامية أن
تعيش عزلاء محرومة من حقها
الأساس في الدفاع عن النفس
بالسلاح الذي يردع كل من يفكر أن
يعتدي عليها، أو أن يغتال
حضارتها؟!
نكرر
أننا نصبو مع كل الأخيار
والأطهار في العالم إلى عالم
منزوع السلاح، يسوده الحوار
والوئام والتفاهم ولكن إذا كان
من حق بعض الأمم والشعوب أن
تمتلك من الأسلحة ما تهدد به
سلامنا وأمننا، فإننا مطالبون
حسب منطوق ديننا بأن نعد ما
ندفع به عن أنفسنا عدوان
المعتدين وشرور الآثمين.
في
تضامننا مع الموقف الإيراني،
وفي دفاعنا عن حق إيران في تطوير
برامجها النووية، وهو جزء من
حقنا كأمة، لا ينبغي أن نكون
خائفين ولا مترددين.. ونقول
لقادة الجمهورية الإسلامية في
إيران (ولا تهنوا..)
22
/ 6 / 2004
|