إيجابية
الموقف
رؤية
وليس ضعفاً
زهير
سالم
كان
الاستبداد والاستعلاء المدد
الأول لحالات العزلة والتطرف
على الساحة الوطنية. وحين لا
يجدي نداء العقل، ويساء فهم
الطروح الإيجابية والتعامل
معها، يقول لك متطرف: أرأيت؟
وماذا بعد؟!
وحين
تفسر الدعوات المتتالية إلى
ضرورة تجاوز حالات الاحتقان،
وظروف القطيعة، وأشكال
الصراعات البينية في عصر الصراع
العولمي على أنها نتاج ضعف
ذاتي، أو رغبة في هدف قريب، يكون
مشروع العقلاء قد مني بالإخفاق،
ويكونون قد أفسحوا الطريق أمام (العناديين)
من جميع الاتجاهات ليندفعوا في
طريقهم إلى غايته، طريقهم الذي
أوصل الوطن إلى ما هو فيه، والذي
يتحمل كل منهم مسؤوليته بقدر
حظه من (السلطة) ومن (القدرة).
بحت
الأصوات الوطنية على اختلاف
الانتماءات، وهي تنادي بإصلاح
وطني شامل يمر على كافة
الميادين.. ولكننا ومنذ أربع
سنوات نعيش في دوامة من الوعود؛
إصلاح سياسي أو اقتصادي أو
إداري.. وأين تكون الأولوية، وأي
حلقة ستؤدي إلى التي تليها؟!
وإصلاح
بالقطارة لا تكاد تستبين
ملامحه، أو تقول هذا هو حتى
ينفلت، ليس من بين إصبعيك وإنما
من تحت ناظريك، كبرق خلب تغطيه
ظلمات بعضها فوق بعض. وتطمس نوره
حركات ارتدادية، تؤكد أن لا شيء
يستحق التوقف عنده أو الإشارة
إليه.
نعتقد
من رؤية وطنية، وليس ذاتية، أن
ملف العلاقات الوطنية يتقدم على
كل أولوية. ونعتقد أن التفاعل مع
الدعوات الوطنية التي توافقت
عليها القوى الوطنية لوجوب
مباشرة الإصلاح الداخلي عبر
المواثيق والنداءات والوثائق
هو المعبر الأساس للتغيير.
وأن
تجاهل الواقع بكل أبعاده
المأساوية هو نوع من غمس الرأس
في الرمال، وأن هناك حالة شلل
لدى الطرف الذي يقبض على مقادير
القرار الوطني تجعله يعيش حالة (لا
أرى.. لا أسمع..).
في
(الوقت المضيق) تتكاثر الواجبات
بينما ينشغل البعض بما لا يغني
ولا يفيد، مع أن الكثير من
الخطوات الإصلاحية يمكن أن يتم
تنفيذها، والبناء عليها دون أن
يكون لها أي انعكاس مما يحذر منه
المتخوفون.
ملف
المفقودين، الذي يطرح مركز
الشرق العربي موضوعه على الرأي
العام خلال هذا الشهر، لماذا
يظل عالقاً؟! ماذا تكسب السلطة
في سورية من إبقاء مصير عشرات
الألوف من المواطنين في غياهب
المجهول.
لماذا
يصرون على العبث بمشاعر الناس،
وتجاهل آلامهم، واستثمار قلقهم
في خلق حالة من الاحتقان الوطني
لن يكون مردودها إلا المزيد من
التصدع والنقمة؟!
لماذا
يصرون على هدر حيوات مئات من
اللبنانيين والفلسطينيين
والأردنيين في غياهب الزنازين،
وتقديم الذرائع لمن يبحثون عن
ثغرة في الجدار؟!
الإحساس
بالوجع الوطني، وإعطاء
الأولوية للهم الوطني، لا يمكن
أن يكون معبراً للتضييع
والتصديع.
27
/ 6 / 2004
|