المفقود
والعقوبة
الجماعية
زهير
سالم
تركوهم
للعذاب، حتى اليأس الذي هو بعض
السلوى بخلوا عليهم به. بخلوا
بكلمة: مات. تركوهم طوال ربع
قرن، ومايزالون، يتأرجحون بين
الأمل واليأس.. وأطلقوا الصمت
القاتل جواباً لكل التساؤلات:
أين؟ وكيف؟ وهل؟
قلوب
أمهات ذابت، وآباء عضهم القهر،
زوجات معذبات بالانتظار وفاء،
معذبات فيم فعلن بأنفسهن من
معروف. كان التوجيه الرباني
للرجال (فلا تذروها كالمعلقة..)
ولكن حكومة عن عمد وإصرار أرادت
لجيل من الزوجات أن يكن معلقات.
وأولاد كبروا وشبوا تتردد في
أعينهم الدمعة، ويلوب على
ألسنتهم السؤال.. يعيش طرفا
المعادلة المعاناة، وتصب على
الجميع العقوبة، طلباً
للانتقام.
عذاب
وألم وقلق وحيرة، عقوبة جماعية
واجتماعية تتعمق وتتعمق لا
لتزرع الوحدة وتسقي ماء
الإصلاح، والقانون الإنساني
كله يرى في العقوبة أسلوباً من
أساليب الإصلاح، وإنما تتعمق
لتخد الأخاديد في مسارب العقل
الباطن والظاهر على السواء..
تتعمق
المأساة، تضج العاطفة بالأب
المسكين والأم الملوعة،
فينطلقان في بيداء اليأس يبحثان
عن جواب، يدفعان ثمن الكلمة من
ماء الوجه ومن شقاء العمر،
يبيعان أخضرهما ويابسهما،
يقترضان، يستجديان، وتبدأ رحلة
أخرى من العقوبة والعذاب.
ودوامة
العذاب في البحث عن الرجل الذي
يملك كلمة السر، ومصباح علاء
الدين، وليخرجا من كل هذه
الدوامة بقالوا، وبزعموا، أو
بزيارة يتيمة أجمع كل من أتيحت
له أنه تمنى أنها لا تكون..
وبعد
فماذا يمكن أن ينتج هذا الشعور
بالقهر وبالإذلال، ماذا يمكن أن
يخلف هذا العذاب؟! سؤال يجيب
عليه العالمون العقلاء.
29
/ 6 / 2004
|