الآفلـون
زهير
سالم
قرن
مضى.. وهم عبث الوليد في أديم هذه
الأمة؛ في العقيدة والفكر
والهوية، في التاريخ والحاضر
والمستقبل. شرّقوا بنا وغرّبوا،
وركبوا بنا الصعب والذلول، حاولوا أن يخرجونا
من جلودنا، تجمعوا تفرقوا،
ائتلفوا اختلفوا، تمادحوا
تنابزوا، أخرجونا من فضاء الأمة
إلى ضيق (الكانتون)، ومن أفق
المشروع الإنسان إلى الحلم
بالرغيف الذي تفننوا في وصفه
أبيض نقياً طرياً، فصلوا لنا
انتماءات اخترعوها، وأسماء
ابتدعوها، وهويات استوردوها..
ثم قادونا وقد تمكنوا من السوط
والصوت إلى هذا الذي نحن فيه!!
من
المسؤول عن كل هذا، القيادات
التي احتلت مقام المتمكن الأمكن
فاستأصلت وأقصت وانفردت بساحة
القرار والفعل والخطاب، أم
الشعوب التي غُلبت على أمرها،
فما رفعت رأسها لاعتراض أو
مقاومة إلا وقوبلت بسحق مخيف
مارسه أولئك الآفلون وأعانهم
عليه قوم آخرون؟!
من
المسؤول عن التجزئة غير أولئك
الذين فرطوا العقد، ومنوا
أنفسهم بالأماني؟! من المسؤول
عن التخلف غير أولئك الذين ظنوا
المجد تمراً أو قعبين من لبن..؟!
من المسؤول عن فشل التنمية، وعن
هذه الحالة من الجوع الفقر
والجهل والأمية؟! من المسؤول عن
منظومات الفساد والإفساد تحكم
عالمنا من الساس إلى الأساس؟! من
المسؤول عن حالة العجز يعيشها
الفرد، وتعيشها المجموعة
وتعيشها الأمة؟! من المسؤول عن
الواقع الذي وصفته تقارير
التنمية العربية الصادرة عن
الأمم المتحدة؟! أليسوا أولئك
الذين استبدوا بمصير الأمة طوال
قرن، وقادوها وساموها في وقت
معاً.
من
المسؤول عن الضحية غير الجلاد؟!
من
المضحك المبكي أن تجد أولئك
الذين استنفدوا أوقاتهم،
وأضاعوا فرصهم، وضيعوا معهم
أمتهم مازالوا يرطنون بما
يظنونه يخفى على أبناء الأمة
يوزعون التهم، ويميعون
المسؤوليات، دون أن يجد أحدهم
الشجاعة ليقول لأمته عفواً لقد
شاركت في صنع هذا البلاء.
5
/ 7 / 2004
|