سنقول
خطوة إيجابية.. ولكن سورية
تنتظر
عرساً وطنياً
زهير
سالم
أربع
سنوات مرت على تسلم الرئيس بشار
الأسد سلطاته الدستورية. كانت
عملية انتقال السلطة في
احتفاليتها المجردة بحاجة إلى
هزة وطنية إيجابية، تلقي في
رُوْع المواطن أن شيئاً ما قد
تغير، وأنه على أبواب عصر جديد
مع رئيس جديد، وأن الرئيس الابن
لن يكون نفس أبيه، دون أن يعني
ذلك بالطبع انتقاصاً لاحترام
الأب في نفس ولده، أو إدانة
لسياساته وطرائق أدائه..
مرت
عملية انتقال السلطة بائسة
باهتة، لم يستطع الخطاب
الرومانسي الحالم للرئيس الشاب
أن يغير شيئاً من انطباعات
الناس وتوقعاتهم، ولاسيما بعد
أن هبت السموم على ما سمي ربيع
دمشق فأحرقت أزهاره قبل أن
تبرعم.
مرت
بسورية وبالمنطقة أحداث جسام
كان عنوانها احتلال العراق،
وتمركز مئات الألوف من الجند
الأمريكيين بسلاحهم وعتادهم
وأساطيلهم البرية والبحرية
والجوية على الحدود السورية، مع
كل ما يستدعيه هذا الحضور من
تحديات.
ثم
كان أن فتحت الدولة الأعتى في
العالم ملف سورية، وصدرت
قانوناً خاصاً اسمه (قانون
محاسبة سورية)، ووضعته موضع
التنفيذ، وماتزال هذه الإدارة
الأعتى تستدرج سورية، وتراودها
على قضاياها الكبرى، وحقوقها
الأساسية، وثوابتها القومية
والوطنية في صراع مرير، غير
متكافئ، يبعث الريبة والإشفاق
في نفوس الخلص من أبناء سورية
الذين يهمهم المصير الوطني أكثر
مما تهمهم أنفسهم.
وجاءت
الحلقة الثالثة، في إطار
التغيرات الكبرى، في صورة مشروع
الشرق الأوسط الكبير، أو ما
يسمى بمشروع الإصلاح (الأمريكي)
أو (الأوروبي). ولم يخف على عاقل
أن محمول هذه المشروعات جميعاً
هو الذهاب بالهوية الحضارية
والقومية لسورية وللعالم
العربي والإسلامي، وتحويل
الإنسان العربي والمسلم من
شخصية صلبة واعية بذاتها، إلى
شخصية (قابلة) للتشكل والتلون
حسب المطلوب.
إزاء
هذه التحديات الكبرى أنجز الشعب
السوري بقواه الحية، دينيها
ومدنيها، شبكة من التوافقات
العامة، اتسمت حسب شهادات
الجميع بالموضوعية والإيجابية
والوعي والإدراك البعيد لحقيقة
المجريات، وللدور الوطني
المطلوب.
ميز
السواد الأعظم من قوى المعارضة
السورية موقفها عن ذاك الموقف
الذي انغمست فيه بعض فصائل
المعارضة العراقية. أحرقت
المعارضة السورية كل آمال الآخر
في أن تمتد إليها، ولم تبال
بالحبال التي ألقاها، ولقد
أطمعت هذه المواقف النظام
السياسي ليندفع أكثر في إحكام
قبضته على رقاب الناس، وتسوية
مشكلاته مع الآخر على أكثر من
حساب.
كان
الآخر الأقوى، بالنسبة إلى
النظام، هو الأقرب، لم يحظ
الشعب السوري ولا قواه الحية
بأي التفاتة حقيقية، ففي حين
استقبل الرئيس بشار الأسد في
القصر الجمهوري منذ أشهر بضعة
عشر يهودياً أمريكياً من أصل
سوري، كانوا قد هاجروا من وطنهم
بضغوط مكثفة من كريستوفر وزير
الخارجية الأمريكية، في مطلع
التسعينات؛ لم يحظ حتى الآن أي
مواطن سوري أو أي قوة شعبية بشرف
الحضور إلى هذا القصر.
بعد
أربع سنوات من الانتظار داخل
أسوار السجون السورية وخارجها
لمشروع رئاسي يأتي بالإصلاح
وبالتغيير، تنفتح بعض بوابات
السجون على استحياء ليعبر منها
بعض المنهكين من المستضعفين إلى
فضاءات الحرية.
نعم
سنقول خطوة إيجابية..!! ولكن
سورية تستحق أكثر من هذه
الخطوات الخجول.. سورية بحاجة
إلى عرس وطني حقيقي يجمع
أبناءها، ويحشد طاقاتها
ويظللها بالأمن وبالحرية.
21
/ 7 / 2004
|