تدمير
الكنائس ليس من الإسلام
زهير
سالم
الهجمات المشينة التي وقعت بالأمس على
كنائس العراق تعبر عن حالات من
الجهل الفاضح، وتعمد إثارة
الفتن، وضرب مجتمع العراق بعضه
ببعض.
المستفيد الأول من حالة كهذه هو
الاحتلال، والاحتلال وحده،
ولذا لا يستغرب العالمون ببواطن
الأمور أن تكون أصابع الاحتلال
بمؤسساته المريبة التي لا تعرف
أي ضابط أخلاقي أو سياسي أو
إنساني لأفعالها أن تكون هي
المدبر والمنفذ لهذه الأعمال.
التفسير التلقائي والمباشر لاستهداف
الكنائس سيوجه أصابع الاتهام ضد
المسلمين!! كما أن التفسير
التلقائي لاستهداف شيعة العراق
سيوجه أصابع الاتهام إلى (سنته)،
واستهداف السنة سيوجه أصابع
الاتهام إلى (الشيعة)، وهذه هي
اللعبة التي تعمل عليها مؤسسات
الاستخبارات الأمريكية
والعملاء التابعون لها.
المسلمون لا يمكن أن يستهدفوا الكنائس،
لأنهم أولاً يفهمون من قوله
تعالى (ولولا دفع الله الناس
بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع
وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم
الله كثيراً..) أن دور العبادة
هذه قد انتظمت جميعاً في نظام
واحد، وأخذت مكانتها من الحرمة
والقداسة في شرعة الإسلام، وحسب
الآية الكريمة فإن من أهداف
الجهاد حماية هذه الدور، وحراسة
حرية العبادة والذكر فيها.
والمسلمون لا يمكن أن يفعلوا هذا لأنهم
يدركون أن وفد نصارى نجران أقام
صلواته في المسجد النبوي
الشريف، عندما كان هؤلاء
النصارى برهبانهم وقساوستهم في
زيارة للمدينة المنورة في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمسلمون لا يمكن أن يفعلوا ذلك لأنهم
يعلمون أن عمر رفض أن يصلي في
كنيسة القيامة يوم دخل القدس،
لئلا تكون صلاته ذريعة لبعض
الحُمْس من المسلمين فيصلون حيث
صلى عمر، ثم يعملون على تحويل
الكنيسة إلى مسجد.
لا يمكن للمسلمين أن يقوموا بهذا
العدوان المشين على كنائس
العراق وإنما يفعل ذلك الجهلة
والعملاء المستفيدون من تدمير
العراق.. ليس تدمير البلد فقط
وإنما تدمير المجتمع أيضاً.
إن لحمة المواطنة التي تربط أبناء
منطقتنا بوشيجة التسامح
الضاربة الجذور في أعماق
التاريخ، ومنذ بسط الإسلام
السمح جناحه على المنطقة؛ تجعل
كل المحللين والمتابعين يعلمون
أن هذه اللعبة المكشوفة لا يمكن
أن تصدر عن مسلم منتم إلى دينه
ولا عن عراقي شريف.
الاستنكار والإدانة وحدهما لا يكفيان
لإسقاط المؤامرة الدنيئة التي
تحاك لشعب العراق وللمنطقة أجمع
وإنما لا بد من الدعوة الملحة
إلى الفهم ثم الفهم ثم اتخاذ
الموقف القويم.
3
/ 8 / 2004
|