أي
فاتورة يدفعها
المعتقلون
السياسيون ؟!
ملف
الاعتقال السياسي في سورية مثخن
ومزمن. عقود من السنوات مرت،
ومواطنون منسيون في غيابة
الزنازين، وقد تحولوا إلى بقايا
آدمية بفعل ظروف السجن القاسية
والعزلة عن الحياة.
لا
أحد يدري أي فاتورة يدفعها
هؤلاء المعتقلون، بعد هذه
السنوات المتطاولة؟! وحين يعبر
البعض عن رغبة أو أمل في طي صفحة
الماضي، واستئناف حياة وطنية
جديدة، فإن ترتيب الأولويات
يقتضي أن يتقدم الملف الإنساني
في دائرة المعتقلين السياسيين،
والمزمنون منهم بشكل خاص على أي
ملف آخر.
لا
يمكن لأحد أن ينسى أو يتناسى
انتماء هذا الإنسان القابع وراء
القضبان إلى بيئة اجتماعية
مفتوحة الأبعاد، كما لا يمكن
لأحد أن يتجاهل أن بقاء هؤلاء
المواطنين في سجونهم يشكل ثلمة
في البنيان الوطني، وجرحاً يصيح
مشككاً بكل دعوات المصالحة
والسير في طريق الوحدة الوطنية.
ستكون
معالجة هذا الملف بجميع مفرداته
وأبعاده بادرة حسن نية حقيقية،
وخطوة حقيقية في طريق الانتقال
إلى العلاقة الوطنية الأسلم،
وعندها يمكن أن
تتبع هذه الخطوة خطوات من
الأطراف الوطنية الأخرى مواقف
موازية أو مكافئة..
وهل
يمكن لمواطن دبجت بحقه عشرات
الملفات الأمنية ـ بحق أو بباطل
ـ أن يفكر بالعودة إلى وطنه، وهو
يرى إخواناً له مازالوا رهن
الاعتقال؟! وبغض النظر عن
البعدين الإنساني والسياسي
لملفات المعتقلين السياسيين،
فإن أحداً لا يستطيع أن يزعم أن
بقاء هؤلاء المواطنين في السجون
له أي بعد أمني حقيقي في جوهر
العلاقة بين السلطة والمعارضة
أياً كان توجهها. كما أن تعليق
بقاء مواطنين في المعتقلات على
مواقف الآخرين أو قراراتهم
يتجاوز كثيراً قيم الحق وروح
العدالة الإنسانية.
إن
الأوضاع الداخلية التي يعيشها
قطرنا، والظروف الدولية
الخارجية المفروضة عليه؛ تقتضي
مبادرة سياسية حقيقية تتجاوز
الماضي، وتعمد مباشرة إلى خطوات
جريئة في مسح المعاناة عن
الضمير الوطني، ولملمة شعث
الموقف العام لتوظيف كل ذلك في
معادلة الوطن الكبرى.
9
/ 6 / 2004
|