لو
انقطع لهم في صحراء تدمر
شسع
نعل..
زهير
سالم
الشام
تحاصر بنيها، تلفهم بشملة الحب،
تكبلهم بوثاقه، تقهرهم بندى
الفيحاء يتغشاهم، وصريح
الشهباء يأخذ عليهم الدروب،
تقلقهم بلابل ابن الوليد يموت
على فراشه كما..، وصريخ أبي
الفداء ينادي فيختلط نداؤه مع
أنين النواعير الموجَعة،
ويلتئم كل أولئك بالتراب
المجبول بدماء الأبرياء. وحين
ذاب رجال الشام في التراب، درت (الزبّاء)
لماذا قطع قصير أنفه، ولكن بعض
الناس حتى اليوم لا يدرون.
الشام
تربة التكوين الأولى، وربعة
العز، ومنبت الحرف، ومجلاة صوت
الغوث حين يرتفع من بغداد أو من
القدس (يا سامعين الصوت) فتجيب
حتى في أقسى ساعات عسرتها، ولو
بجديلة صباياها يلوح بها خطيب
على منبر الأموي، تقرع رؤوس (المتخاذلين)
و(الصامتين).
الشام
المحاصَرة، هذه الأيام لا تسمع،
ولا تكاد تبين؛ تواطأ أطراف
المعادلة فيها على الصمت، حتى (خطيب
الأموي) توارى بحجاب الفأفأة
واللألأة، وغدا قلب العروبة بلا
وجيب.
الشام
النقية، كنفوس الأخوة الذين
نحب، والذين ذهبت بهم عاصفات
الدبور، وهزات رؤوس من أناس (لا
دروا ولا تلوا..)؛ صامتة حتى في
مأتم بنيها تحبس الدمع، وتمضغ
الكلمة، وهي ترقب بحسرة أبناء (زعموا..)
ثم شغلوا عنها بلعاعات،
واثاقلوا عن داعي الوفاء إلى (فيء)
أملوا منه الدوام.
يتبارى
أبناء الشام، كما الكسائي
وسيبويه، بين حجري رحى التشرد
أو لسعة سوط القهر في أعماق
الزنازين (أهو هي) أو (هو إياها)،
تضيع الموازنة في رطانة عرب
حطمة أو سدنة مسجد ضرار.
الشام
منافي القلب، وهي عند آخرين
بالقلب على مذهب من قال أدخلت
القبعة في رأسي، والخاتم في
إصبعي، أو من أنشد:
ومهمة
مقفرة أرجاؤه
كأن لون أرضه سماؤه
بغاة
يتمنون أن تكون سماء الشام
أرضاً.
الذين
لا يبالون الشام ولا رجال الشام
اليوم هم أناس ليس لهم فيها
خالات ولا عمات، وما انقطع لهم
في صحراء تدمر شسع نعل. ولو كان
لكسروا دائرة الصمت المريب،
ولملؤوا الدنيا نواحاً وعويلاً.
10
/ 8 / 2004
|