أو
أشد قسوة
زهير
سالم
مازلنا
نغدو ونروح في محنة المفقودين،
المحنة التي فقدت كل أبعادها
الأمنية والسياسية، وبقي منها
بعدها الإنساني فقط، بقيت
عذابات الآخرين المرصودة
للاشيء، أو للتشفي!! ومازلنا
ونحن نلح على البعد الإنساني
لملف المفقودين نتساءل: لماذا؟
ولمصلحة من؟!
العفو
الرئاسي الذي صدر في ثنايا
حملتنا لمعالجة ملف المفقودين،
كان يمكن أن يحمل إعلاناً بطيّ
هذا الملف المثخن ولكن..؟ كان
العفو المعلن خاصاً بالجنائيين
فقط !! أما السياسيون الذين
شملهم العفو فقد مررت أوراقهم
تحت (المنضدة) كما يقولون، ولم
يعلن الإفراج عنهم رسمياً، ومرة
أخرى لماذا؟ إذا كان للعفو عن
معتقلي الرأي والضمير
والسياسيين معنى غير معنى العفو
عن (الجنائيين) والمجرمين، فلا
ندري لماذا يخجل بعض الناس في
قطرنا من إعلان (المكرمات)؟! وفي
قانوننا الاجتماعي أن المعصية
هي التي تتطلب الستر (إذا
ابتليتم فاستتروا)، وليست
الكرامة!! هل صحيح ذاك التفسير
الساذج أن الحكومة لا تعلن عن
إطلاق سراح معتقلي الرأي لكي لا
تعترف ضمناً بوجود مثل هؤلاء
المعتقلين في سجونها؟! تفسير لا
يكاد يصدق.
أم
لعل السبب أن ثمة قوى تعارض مثل
هذه الافراجات، فتراعي الحكومة
جانبها، وإن خسرت أكثر مما يمكن
أن تربح في انعكاسات حدث كهذا
على المشهد الوطني العام بكل
تفاصيله وتنوعاته؟!
بل
يقال إن السبب في استتار
الحكومة بصنيعة الإفراج عن
معتقلي الرأي أنها لا تريد أن
يفهم صنيعها هذا على أنه تغيير
في سياساتها أو تراجع عن
مواقفها!!
لقد
أكدت الحملة الإنسانية التي
أطلقناها من أجل المفقودين عمق
المحنة، واتساعها، وإن كان ما
أحطنا به منها حتى الآن لا يبلغ
معشارها.
وكشفت
لنا هذه الحملة القلوب القاسية
التي وصف القرآن الكريم، وأصحاب
هذه القلوب الذين يوظفون آلام
الآخرين في خدمة مصالحهم ليسوا
على ضفة واحدة من ضفاف الحياة
الوطنية في سورية. إن قسوة هذه
القلوب الغافلة والمتغافلة
يشخصها قوله تعالى (ثُمَّ
قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ
ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ
أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ
مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا
يَتَفَجَّرُ مِنْهُ
الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا
لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ
مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ
مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ
خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون)
نعم، وما الله بغافل عما (يعملون)
وعما (تعملون).
11
/ 8 / 2004
|