الإصلاح
في سورية
والسياسات
المربَكة
زهير
سالم
الإصلاح
ليس إجراء أمنياً أو سياسياً أو
إدارياً، والذين يسوقون المنهج
الإصلاحي في سورية، على أنه
تقدم تدريجي يحتاج إلى وقت لا
يميزون أصلاً بين الإصلاح
العقلية والمنهج والإصلاح
الإجراء.
ففي
الحالة الأولى، أي حين يكون
الإصلاح منهجاً صادراً عن رؤية
وموقف تعززهما إرادة، تتقدم
مسيرة الإصلاح باتساق لتنسخ كل
معاقل الظلم والفساد كما تنسخ
شمس الفجر ظلمة الليل، وئيدة
حكيمة، ولكنها في الوقت نفسه
مطردة شاملة.
لا
يبدو الإصلاح في واقعنا السوري
أكثر من إجراء تجميلي محدود
وعابر، يتعلق طوراً بمناسبة،
ويأتي حيناً رداً على موقف
خارجي أو داخلي، وهو مع بطئه
ومحدوديته، متردد خجل، يستحيي
منه من يمارسه حتى يتلمس له
المناسبات والمعاذير، ولذا فلا
يكاد يتقدم صاحبه قيد أنملة،
إلا ويرتد في اتجاهه البنيوي
خطوات!! وهو إن بنى سطراً هدم
قصراً، مما يؤكد غياب الرؤية
والمنهج الإصلاحيين، عن الواقع
السوري بإطلاق، ويجعل من
الإجراءات الإصلاحية الموسمية
العابرة (صلاة عيد!!).
بعد
أربع سنوات مما يسمى مسيرة
الإصلاح (!!) في سورية، لايزال
ملف المفقودين ينتظر!! ولايزال
ملف المعتقلين ينتظر!! ولايزال
ملف المهجرين وحقوقهم المدنية
ينتظر!! وفي الحياة العامة في
سورية مايزال قانون الطوارئ
قائماً!! ومايزال العمل السياسي
في إطار سيادة القانون والحرية
والتعددية والمؤسساتية بحاجة
إلى جهد وعمل وجرأة!! وماتزال
قلاع الفساد السياسي والإداري
والاقتصادي تضرب جرانها،
وماتزال عقلية من قال يوماً (أنا
أحيي وأميت..) هي المنهج
والطريقة، فالبيوت تقتحم،
والحرمات تنتهك، ويساق الناس
إلى المعتقلات بمشيئة عسكري فرد!!
العودة
إلى أسلوب المداهمات،
والاعتقالات وانتهاك الحرمات
هو تكريس لنهج غابت شمسه، وأفلت
أيامه، ولا يمكن أن يولد إلا
المزيد من الإرباك السياسي
لواقع تعمل كل العوامل المعادية
على ضرب بعضه ببعض.
نعلم
أنه لن يجدينا الاستنكار
لعمليات المداهمة والاعتقال
التي تمت في مدينة حماة، ولن
يفيدنا الإدانة ولا الشجب.. ولكن
غياب النهج الإصلاحي عن الواقع
السوري يفرض على المعارضة
السورية بكل أطيافها أن تعيد
قراءة المشهد وتحديد الموقف.
12
/ 8 / 2004
|