ومـرّ
الشهـران
زهير
سالم
ومر
الشهر ، بل مر شهر وشهر ، وظل ملف
المفقودين عالقاً. وظلت معه
قلوب الآباء والأمهات والزوجات
والأبناء كفؤاد أم موسى يوم
قذفته في التابوت ثم قذفته في
اليم. هل كنا ننتظر من الحملة
الإنسانية التي أطلقناها من أجل
المفقودين في السجون السورية أن
تغير من واقع الحال شيئاً؟!
كثيرون سألونا هذا السؤال،
وجوابنا أن جهدنا كان (معذرة إلى
ربنا) فهو غايتنا، ورضاه مقصدنا
الأسمى. وكان معذرة إلى إخواننا
المفقودين ثانياً، إخواننا
الذين مازلنا نعايشهم لحظات
المحنة، والذين من حقهم ومن حق
ذويهم أن يشعروا بالفخر في
صبرهم ومصابرتهم، بينما
يحاصرنا العجز والتقصير في
زنازين الشعور بالذنب..!! شعور لا
يحس به إلا من كان له قلب..!!
مر
الشهران، ولم نستطع أن نوفي
المشروع الذي انتهضنا إليه بعض
حقه.. الرسائل والمشاركات
الكثيرة التي وصلتنا كانت أبلغ
في التعبير من كل ما قدمناه،
الأسماء التي أعلنا عنها كانت
غيضاً من فيض، وقليلاً من كثير.
ولقد
أثبتت هذه الحملة المتواضعة أنه
إلى جانب آلاف المفقودين في
السجون السورية، هناك آلاف
آخرون مفقودون في ذواتهم
الصغيرة، ودوائرهم الضيقة،
ومصالحهم القريبة. وأن هذا
النفر الذي شارك في صنع محنة
شعبنا، مايزال تائهاً في
بيدائه، يعيد تشكيل أوثان التمر
يتعبدها تارة، ويسد بها رمقه
تارة أخرى!!
فالذين
ظنوا أن أصحاب الوجوه الزهر من
أشقاء الروح المفقودين شمس
غربت، ووجه أكله التراب لن
يواجهوه بعد؛ ينسون يوماً يتعلق
فيه المقتول برقبة قاتله يقول:
يارب سل هذا فيم قتلني؟! أو فيم
أعان على قتلي؟! أو فيم تسبب
بقتلي؟! أو لم تلكأ عن نصرتي ولو
بكلمة؟! في ذاك اليوم ستدرك جميع
الرؤوس المنغمسة في الرمال سر
الموقف، وسر السؤال!!
مر
الشهران..
وكان
المرسوم للحملة الإنسانية من
أجل المفقودين في السجون
السورية أن تمضي في برنامجها
أبعد مما فعلت، كان المرسوم
للحملة أن تخرج من إطار النداء
والتنبيه إلى محافل أكثر سعة
وشمولاً ، ولكن أمراً يخص واقع
قطرنا، والظروف المحيطة به،
وتداعي عصابات الشر عليه؛ جعلنا
نمسك عن الاستمرار فيما قصدنا
إليه، فمن أجل وطننا نمسك
أوداجنا المذبوحة عن الاختلاج.
لنعود
ونؤكد أن سورية بلا قانون
طوارئ، ولا سجون ولا معتقلين
ولا مفقودين ستكون أبقى وأقوى.
ونؤكد أن تلك الملفات جميعاً
ينبغي أن تفتح لتغلق على خير.
04
/ 09 / 2004
|